أحمد الخميسي
21/11/2008, 18:24
منع النشر علينا !
د. أحمد الخميسي
نشرت صحيفة الأهرام ووسائل الإعلام الأخرى في يوم السبت 17 نوفمبر أن المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام حظر النشر في القضية المتهم فيها كل من محسن السكري وهشام طلعت مصطفي بالقتل والتحريض علي قتل المطربة سوزان تميم . وشدد بيان النائب العام علي أن الحظر يشمل جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ، ويتعرض من يخالف الحظر لطائلة أحكام المادة 189 من قانون العقوبات. لهذا كله لن أكتب في هذا الموضوع ، أعني موضوع مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم ، والظروف التي أحاطت بمصرعها ، والتشابك المذهل بين المال والقوة والقانون الذي جسدته تلك القصة . لن أتساءل من أين يمكن لمواطن ما أن يعطي مواطنا ما آخر ملايين الدولارات ( لم أحدد كميتها ) لقتل مواطنة ما ؟ لن أسأل ، فهناك قضايا أخرى لا تحصي ولا تعد يمكن للصحفي أن يتناولها شرط أن تكون قضايا أنيقة ، ومهذبة . فإذا أردت أن تكتب في شئون الصحة فلا تكتب عن الوزارة وسياستها ، اكتب عن فوائد التمر المنقوع ، وإذا أردت أن تكتب في السياسة فاكتب عن ذنوب الخديو إسماعيل ، وإذا أردت أن تكتب عن العلم فاكتب ما تشاء لأن كل ما ستكتبه هو في كل الأحوال عديم الجدوى ، أما في الثقافة فإن بوسعك أن تتخير موضوعا مثل " التنوير عهد رفاعة الطهطاوي " على ألا يتجاوز الموضوع عشرين سطرا بخط رقعة . أقول ذلك لأن المادة 189 المذكورة في الدستور ضمن الباب الرابع عشر المعنون ب " الجرائم التي تقع بواسطة الصحف وغيرها " مكتوبة بلغة مطاطة تسمح بتوقيع العقوبة على الصحفي في كل الأحوال . وفيها أنه " يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد عن عشرة آلاف أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر " ماجرى في الدعاوى المدنية أو الجنائية التي قررت المحاكم سماعها في جلسة سرية " . ما الذي دفع المحكمة لحظر النشر في قضية جنائية كتلك التي أشار إليها المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام ؟ . الباب نفسه في الدستور يشير إلي العقاب ذاته لكل من يوزع أو يعرض ملصقات أو مطبوعات " إذا كانت منافية للآداب العامة " فما هي الآداب العامة ؟ . الباب نفسه يشير في مادة أخرى من مواده إلي العقاب بالحبس لكل من صنع أو حاز بقصد الاتجار أو التوزيع أو اللصق أو العرض صورا " من شأنها الإساءة إلي سمعة البلاد " . فما هي سمعة البلاد ؟ . ويشير الباب 14 الخاص بجرائم الصحف وغيرها في مادة أخرى إلي العقاب بالحبس والغرامة لكل من " أهان أو سب " مجلس الشعب أو مجلس الشوري أو غيره من الهيئات النظامية . فما هي الإهانة ؟ وما هو تعريفها القانوني؟ . والسؤال الآن هو : لماذا يمنع النشر حينما يتعلق الأمر بقضية يكون المتهم فيها شخصية سياسية ذات شأن ؟ بينما يصبح النشر مباحا إلي أقصى درجة حين يكون المتهم في قضية مماثلة شخصا من البسطاء ؟ . أذكر أنه في عام 2002 عندما ارتكبت إسرائيل مجزرة مخيم جنين خرج العديدون في مظاهرات احتجاجا على المجزرة ، وتم اعتقال بعضهم وكان من بينهم طبيب معروف صاحب صيدلية ، فلفقت له كبريات الصحف تهمة أنه مروج مخدرات ! في حينه كان النشر بل والتلفيق مباحا ؟! أما الآن عندما يتعلق الأمر بهشام طلعت فإنه يصبح محظورا؟ . والواضح أن " التمييز " وليس القيام بدور الحكم الموضوعي هو جوهر القانون !
والقانون الذي يدعي المساواة السياسية والقضائية بين أفراد المجتمع كافة ، لا يستطيع عمليا القيام بهذا الدور في ظل اللامساواة الفعلية الاقتصادية والاجتماعية. ويظل التحامل على الصحفيين أسهل بكثير من التحامل على أعمدة الثراء غير المشروع في المجتمع ، ويظل منع الصحفيين من النشر أسهل من منع رجال الأعمال من القتل ! القانون الذي يدعي الحياد إزاء الجميع ليس محايدا كما يبدو ، فمن حيث الشكل القانوني يتمتع الفقراء وأيضا رجال الأعمال الأثرياء بالحق ذاته في إصدار صحيفة يتكلف إصدارها ملايين الجنيهات ، وفي الترشح لعضوية البرلمان بكل ما يتكلفه ذلك من نفقات ، أما في الواقع فإن من يملك المال والثروات هو وحده من يتمتع بالحقوق القانونية . إن وهم " القوانين القضائية والسياسية المحايدة " هو جزء من وهم أكبر بنظام " ديمقراطي " فوق الجميع ، تكون الديمقراطية فيه حكما " محايدا " بين مصالح مختلفة لكتل متعارضة . لهذا كله لن أكتب في هذا الموضوع ، أعني موضوع مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم ، والظروف التي أحاطت بمصرعها ، وقصة التشابك المذهل العنيف بين المال والقوة والقانون .
...
أحمد الخميسي . كاتب مصري
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
د. أحمد الخميسي
نشرت صحيفة الأهرام ووسائل الإعلام الأخرى في يوم السبت 17 نوفمبر أن المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام حظر النشر في القضية المتهم فيها كل من محسن السكري وهشام طلعت مصطفي بالقتل والتحريض علي قتل المطربة سوزان تميم . وشدد بيان النائب العام علي أن الحظر يشمل جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ، ويتعرض من يخالف الحظر لطائلة أحكام المادة 189 من قانون العقوبات. لهذا كله لن أكتب في هذا الموضوع ، أعني موضوع مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم ، والظروف التي أحاطت بمصرعها ، والتشابك المذهل بين المال والقوة والقانون الذي جسدته تلك القصة . لن أتساءل من أين يمكن لمواطن ما أن يعطي مواطنا ما آخر ملايين الدولارات ( لم أحدد كميتها ) لقتل مواطنة ما ؟ لن أسأل ، فهناك قضايا أخرى لا تحصي ولا تعد يمكن للصحفي أن يتناولها شرط أن تكون قضايا أنيقة ، ومهذبة . فإذا أردت أن تكتب في شئون الصحة فلا تكتب عن الوزارة وسياستها ، اكتب عن فوائد التمر المنقوع ، وإذا أردت أن تكتب في السياسة فاكتب عن ذنوب الخديو إسماعيل ، وإذا أردت أن تكتب عن العلم فاكتب ما تشاء لأن كل ما ستكتبه هو في كل الأحوال عديم الجدوى ، أما في الثقافة فإن بوسعك أن تتخير موضوعا مثل " التنوير عهد رفاعة الطهطاوي " على ألا يتجاوز الموضوع عشرين سطرا بخط رقعة . أقول ذلك لأن المادة 189 المذكورة في الدستور ضمن الباب الرابع عشر المعنون ب " الجرائم التي تقع بواسطة الصحف وغيرها " مكتوبة بلغة مطاطة تسمح بتوقيع العقوبة على الصحفي في كل الأحوال . وفيها أنه " يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد عن عشرة آلاف أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر " ماجرى في الدعاوى المدنية أو الجنائية التي قررت المحاكم سماعها في جلسة سرية " . ما الذي دفع المحكمة لحظر النشر في قضية جنائية كتلك التي أشار إليها المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام ؟ . الباب نفسه في الدستور يشير إلي العقاب ذاته لكل من يوزع أو يعرض ملصقات أو مطبوعات " إذا كانت منافية للآداب العامة " فما هي الآداب العامة ؟ . الباب نفسه يشير في مادة أخرى من مواده إلي العقاب بالحبس لكل من صنع أو حاز بقصد الاتجار أو التوزيع أو اللصق أو العرض صورا " من شأنها الإساءة إلي سمعة البلاد " . فما هي سمعة البلاد ؟ . ويشير الباب 14 الخاص بجرائم الصحف وغيرها في مادة أخرى إلي العقاب بالحبس والغرامة لكل من " أهان أو سب " مجلس الشعب أو مجلس الشوري أو غيره من الهيئات النظامية . فما هي الإهانة ؟ وما هو تعريفها القانوني؟ . والسؤال الآن هو : لماذا يمنع النشر حينما يتعلق الأمر بقضية يكون المتهم فيها شخصية سياسية ذات شأن ؟ بينما يصبح النشر مباحا إلي أقصى درجة حين يكون المتهم في قضية مماثلة شخصا من البسطاء ؟ . أذكر أنه في عام 2002 عندما ارتكبت إسرائيل مجزرة مخيم جنين خرج العديدون في مظاهرات احتجاجا على المجزرة ، وتم اعتقال بعضهم وكان من بينهم طبيب معروف صاحب صيدلية ، فلفقت له كبريات الصحف تهمة أنه مروج مخدرات ! في حينه كان النشر بل والتلفيق مباحا ؟! أما الآن عندما يتعلق الأمر بهشام طلعت فإنه يصبح محظورا؟ . والواضح أن " التمييز " وليس القيام بدور الحكم الموضوعي هو جوهر القانون !
والقانون الذي يدعي المساواة السياسية والقضائية بين أفراد المجتمع كافة ، لا يستطيع عمليا القيام بهذا الدور في ظل اللامساواة الفعلية الاقتصادية والاجتماعية. ويظل التحامل على الصحفيين أسهل بكثير من التحامل على أعمدة الثراء غير المشروع في المجتمع ، ويظل منع الصحفيين من النشر أسهل من منع رجال الأعمال من القتل ! القانون الذي يدعي الحياد إزاء الجميع ليس محايدا كما يبدو ، فمن حيث الشكل القانوني يتمتع الفقراء وأيضا رجال الأعمال الأثرياء بالحق ذاته في إصدار صحيفة يتكلف إصدارها ملايين الجنيهات ، وفي الترشح لعضوية البرلمان بكل ما يتكلفه ذلك من نفقات ، أما في الواقع فإن من يملك المال والثروات هو وحده من يتمتع بالحقوق القانونية . إن وهم " القوانين القضائية والسياسية المحايدة " هو جزء من وهم أكبر بنظام " ديمقراطي " فوق الجميع ، تكون الديمقراطية فيه حكما " محايدا " بين مصالح مختلفة لكتل متعارضة . لهذا كله لن أكتب في هذا الموضوع ، أعني موضوع مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم ، والظروف التي أحاطت بمصرعها ، وقصة التشابك المذهل العنيف بين المال والقوة والقانون .
...
أحمد الخميسي . كاتب مصري
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////