yass
16/11/2008, 03:17
كلمات جميلة, و تعهدات بإجراءات, و وداع على أمل اللقاء مطلع الربيع المقبل..
كانت هذه نتيجة قمة العشرين في العاصمة الأميركية, بعد أسابيع من التحضيرات, و آمال متفاوتة و تطلّعات أغلبها خارج مكانها و بغير سياقها الطبيعي, فالمواقف تراوحت ما بين الأمل بإعادة إنشاء العالم من جديد, إلى الرغبة ببقاء الأمور على ما هي مع تعديل بعض التفاصيل البسيطة و الرتوش الخفيفة.
لا أدري ماذا كان العالم ينتظر من هذه القمة, لكنني شخصيا لم أكن أنتظر شيئا, بل أنهم حققوا أكثر مما كنت متوقعا, لأنهم أثبتوا أنه بالإمكان إنشاء محفل دولي أكثر تفاهة من اجتماعات القمة العربية, و بهذا ينتزعون منّا انجازنا السبّاق الوحيد.
مجموعة العشرين, كأختها الصغرى- الكبرى مجموعة الثمانية, هي عبارة عن محفل للدول الرأسمالية الرئيسية في العالم, أو بالأحرى, هي محفل الدول الرأسمالية التي يرضى عنها مستر دانجر (المدعو جورج بوش في بعض الأحيان), فرغم أنه يدّعي غيرته على أن يكون رأس المال حرّا, إلا أنه يتصّرف أحيانا عكس ذلك, و أعني بذلك موقفه من مشاركة اسبانيا في هذه القمة.
بصراحة لم يكن يهمني وجود اسبانيا من عدمه في قمة لا تعني شيئا من حيث أهمية هذا الوجود بالنسبة لاقتصاد اسبانيا, لكنني أتفهّم جدا موقف الحكومة الاسبانية في تحدّيها لحظر جورج بوش عليها, فالأرقام تدل على أنها بجدارة من الدول العشرين الأولى, و تجاوزت ايطاليا في مستوى الدخل القومي منذ سنوات. و لكن حقد بوش الشخصي على ثاباتيرو لأسباب أهمها سحب الحكومة الاشتراكية للقوات الاسبانية من العراق فور استلامها الحكم في أيار 2004 و وقف التعاون الأمني و التغطية الأمنية للمخابرات الأميركية, جعله يقف بشدة ضد وجود اسبانيا, و الحكومة الاسبانية بدورها ترد على التحدّي بإصرارها على الحضور نكاية به. و بسبب هذا الشد و الجذب فقد كانت القمة حاضرة في الإعلام الاسباني منذ أكثر من شهر. فبينما يدافع الحزب الاشتراكي عن موقفه, يرد اليمين باتهامه للحكومة بعزل اسبانيا عن المحيط الدولي و معاداة "الحلفاء" و الالتفات نحو مشاريع حوارات حضارية لا تجدي.
بعض تصريحات زعماء اليمين الاسباني تجعلني أردد أحد أمثالي المفضلة: "إن لم تستحِ فافعل ما شئت", لكن هذا حديث آخر.
المحصلة, أن اسبانيا حضرت القمة بعد تسوية قادها ساركوزي أدت إلى فبركة مقعد تمثيلي للاتحاد الأوربي تشغله اسبانيا. و كان حلا يبدو أنه أرضى الجميع.
و المحصلة الأهم.. أن الحياة تستمر على منوالها الرأسمالي, فجورج بوش, عكس توقعات البعض, لم يقر الإعلان الشيوعي دستورا للولايات المتحدة, و لم يأمر بطبع ورقة الدولار مع صورة لينين في وسطها.
و كان ما توقّعت.. للأسف..
سينقذون حيتان البنوك و فقط.. و الباقي سيبقى على حاله..
سيستمر الجوع.. و المرض.. و البؤس
لكن هذه ليست أزمات.. إنها "خسارات عرضية"
وا انسانيتاه...
...
منذ أيام, بعد أسابيع من التخمة الإعلامية حول القمة, سألتني زميلة بينما كنا نتناول قهوة الصباح في مقهى المستشفى الجامعي حول رأيي فيما سوف يحدث في القمة, و أجبتها أنني أتوقع شيئا و آمل شيئا آخر
أتوقع أن يستمر جنون المال عاصفا بكل شعور نبيل لا يجدي "اقتصاديا".
أما أملي, فهو أن يقرر المجتمعون, في نوبة جنون جماعية, أن يدمروا أنفسهم و يختفوا من على وجه الأرض. كي نستطيع أن نطبع الإعلانات و نلصقها في كل الأسواق الشعبية في كل دول العالم الثالث, حيث لا تجد خريجي هارفارد و كامبريدج و أكسفورد و يال.
حتى أنني تخيلت نص الإعلان.. و كتبته على ورقة نتائج تحليل قديمة لشخص يدعى كاميلو غونثالث:
للجاديــــــــــن فقط
نظام عالمي اقتصادي-سياسي قيد الإنشاء بحاجة إلى ناس أسوياء طبيعيين بكامل قواهم العقلية و النفسية ليتحملوا مسؤولية إدارته.
المواصفات المطلوبة:
-حد أدنى من المنطقية و الموضوعية.
-حد أدنى من الإحساس بدموع طفل أو بآلام أم.
-لا داعي لمعرفة اللغات, ما عدا لغة العدالة و الإنسانية.
-مطلوب خبرة سابقة في المجالات التالية: الجوع, الظلم, القهر.
ترسل الطلبات و السير الذاتية إلى العنوان التالي: (عنوان أول ملجأ أيتام أجده في دليل هاتف.. جمهورية أفريقيا الوسطى).
Yass
كانت هذه نتيجة قمة العشرين في العاصمة الأميركية, بعد أسابيع من التحضيرات, و آمال متفاوتة و تطلّعات أغلبها خارج مكانها و بغير سياقها الطبيعي, فالمواقف تراوحت ما بين الأمل بإعادة إنشاء العالم من جديد, إلى الرغبة ببقاء الأمور على ما هي مع تعديل بعض التفاصيل البسيطة و الرتوش الخفيفة.
لا أدري ماذا كان العالم ينتظر من هذه القمة, لكنني شخصيا لم أكن أنتظر شيئا, بل أنهم حققوا أكثر مما كنت متوقعا, لأنهم أثبتوا أنه بالإمكان إنشاء محفل دولي أكثر تفاهة من اجتماعات القمة العربية, و بهذا ينتزعون منّا انجازنا السبّاق الوحيد.
مجموعة العشرين, كأختها الصغرى- الكبرى مجموعة الثمانية, هي عبارة عن محفل للدول الرأسمالية الرئيسية في العالم, أو بالأحرى, هي محفل الدول الرأسمالية التي يرضى عنها مستر دانجر (المدعو جورج بوش في بعض الأحيان), فرغم أنه يدّعي غيرته على أن يكون رأس المال حرّا, إلا أنه يتصّرف أحيانا عكس ذلك, و أعني بذلك موقفه من مشاركة اسبانيا في هذه القمة.
بصراحة لم يكن يهمني وجود اسبانيا من عدمه في قمة لا تعني شيئا من حيث أهمية هذا الوجود بالنسبة لاقتصاد اسبانيا, لكنني أتفهّم جدا موقف الحكومة الاسبانية في تحدّيها لحظر جورج بوش عليها, فالأرقام تدل على أنها بجدارة من الدول العشرين الأولى, و تجاوزت ايطاليا في مستوى الدخل القومي منذ سنوات. و لكن حقد بوش الشخصي على ثاباتيرو لأسباب أهمها سحب الحكومة الاشتراكية للقوات الاسبانية من العراق فور استلامها الحكم في أيار 2004 و وقف التعاون الأمني و التغطية الأمنية للمخابرات الأميركية, جعله يقف بشدة ضد وجود اسبانيا, و الحكومة الاسبانية بدورها ترد على التحدّي بإصرارها على الحضور نكاية به. و بسبب هذا الشد و الجذب فقد كانت القمة حاضرة في الإعلام الاسباني منذ أكثر من شهر. فبينما يدافع الحزب الاشتراكي عن موقفه, يرد اليمين باتهامه للحكومة بعزل اسبانيا عن المحيط الدولي و معاداة "الحلفاء" و الالتفات نحو مشاريع حوارات حضارية لا تجدي.
بعض تصريحات زعماء اليمين الاسباني تجعلني أردد أحد أمثالي المفضلة: "إن لم تستحِ فافعل ما شئت", لكن هذا حديث آخر.
المحصلة, أن اسبانيا حضرت القمة بعد تسوية قادها ساركوزي أدت إلى فبركة مقعد تمثيلي للاتحاد الأوربي تشغله اسبانيا. و كان حلا يبدو أنه أرضى الجميع.
و المحصلة الأهم.. أن الحياة تستمر على منوالها الرأسمالي, فجورج بوش, عكس توقعات البعض, لم يقر الإعلان الشيوعي دستورا للولايات المتحدة, و لم يأمر بطبع ورقة الدولار مع صورة لينين في وسطها.
و كان ما توقّعت.. للأسف..
سينقذون حيتان البنوك و فقط.. و الباقي سيبقى على حاله..
سيستمر الجوع.. و المرض.. و البؤس
لكن هذه ليست أزمات.. إنها "خسارات عرضية"
وا انسانيتاه...
...
منذ أيام, بعد أسابيع من التخمة الإعلامية حول القمة, سألتني زميلة بينما كنا نتناول قهوة الصباح في مقهى المستشفى الجامعي حول رأيي فيما سوف يحدث في القمة, و أجبتها أنني أتوقع شيئا و آمل شيئا آخر
أتوقع أن يستمر جنون المال عاصفا بكل شعور نبيل لا يجدي "اقتصاديا".
أما أملي, فهو أن يقرر المجتمعون, في نوبة جنون جماعية, أن يدمروا أنفسهم و يختفوا من على وجه الأرض. كي نستطيع أن نطبع الإعلانات و نلصقها في كل الأسواق الشعبية في كل دول العالم الثالث, حيث لا تجد خريجي هارفارد و كامبريدج و أكسفورد و يال.
حتى أنني تخيلت نص الإعلان.. و كتبته على ورقة نتائج تحليل قديمة لشخص يدعى كاميلو غونثالث:
للجاديــــــــــن فقط
نظام عالمي اقتصادي-سياسي قيد الإنشاء بحاجة إلى ناس أسوياء طبيعيين بكامل قواهم العقلية و النفسية ليتحملوا مسؤولية إدارته.
المواصفات المطلوبة:
-حد أدنى من المنطقية و الموضوعية.
-حد أدنى من الإحساس بدموع طفل أو بآلام أم.
-لا داعي لمعرفة اللغات, ما عدا لغة العدالة و الإنسانية.
-مطلوب خبرة سابقة في المجالات التالية: الجوع, الظلم, القهر.
ترسل الطلبات و السير الذاتية إلى العنوان التالي: (عنوان أول ملجأ أيتام أجده في دليل هاتف.. جمهورية أفريقيا الوسطى).
Yass