-
دخول

عرض كامل الموضوع : يوم أصبحت سوبر..مثقف


ابو نجبو
15/11/2008, 09:33
بالتأكيد أن جميعنا يعرف من هو المثقف ..
ومن المؤكد أن لكل واحد منا تعريف ( خاص به ) عن المثقف ..

لا توجد مشكلة في هذا .. لنعتبر اختلاف تعريف المثقف ضمن حرية الرأي والتعبير .. فمن غير المعقول أن نمسك في خناق بعضنا البعض من أجل خلاف بسيط كهذا ، خاصةً إذا كنا مثقفين حقاً !..

لكن هل تعرفون ما بعد المثقف ؟ .. المثقف الحداثيّ .. يعني سوبر مثقف !

بما أنني غائب عن المحور الثقافي بسبب ما يجري في المحور السياسي ، وبما أنه جرت العادة في مثل هذه الظروف أن استعين بصديقي ربيع الذي بدأت مواضيعه القديمة تتآكل بانهيار المنتديات التي يكتب فيها ولم يتبق منها إلا القليل هنا في الشبكة وكذلك في ملتقى القسام ومن بينها هذا الموضوع الذي سيحدثكم فيه عن ....
الأفضل أن تتابعوا لتعرفوا ..


- هل تعرفون صاحبي ؟؟
هو أشهر من نار على علم .. فهو مثقف جداً .. يعرف كل زاوية من زوايا الثقافة و كل دهليز من دهاليز الحداثة و كل حركة و سكنة لكبار المثقفين و المفكرين ( الغربيين طبعاً ) .. فإن سألته فلسفة .. أفاض في مدح سارتر حتى تخاله من أبناء عمومته .. و إن عن على بالك فن القصة ذكّرك بألبير كامو و سومرست موم حتى تظنه كان يشرب قهوته معهما .. و إن تحدثنا بالرسم بكى من شدة تأثره بدالي و مونيه حتى تحسب أنه شيعهما إلى مثواهما الأخير .

ألم أقل لكم … هو مثقف جداً .

قلت له ذات يوم :
- أريد أن أصبح مثقفاً .

تأملني ملياً من رأسي إلى قدمي .. و ابتسم ابتسامة الواثق المستهزىء .. و قال :
- يطعمك الحج و الناس راجعة .

– لماذا ..؟؟ هل أصبحت الثقافة موضة قديمة ..؟؟

- ياعزيزي .. الآن تخطينا مرحلة الحداثة إلى ما بعد الحداثة .. و بالتالي لم يعد يكفي أن يصبح المرء مثقفاً .. بل يجب أن يساير هذا التطور فيصبح ( بعد مثقف ) .

- إذاً .. أريد أن أصبح بعد مثقف ( بإصرار و إلحاف و إلحاح ) .

- لا أعتقد أنك تصلح لذلك ..؟؟

- - لمَ لا ..؟؟ و الله إني من هواة الفن و الشعر و الأدب .. فوالله إني لا أترك قصاصة ورق من كتاب أو جريدة دون أن ألتهمها التهام الجائع بعد مسغبة .. و والله إني لا أبارح معارض الفن دون أن أملي عيني بروائع الألوان و جمالات الفنون و بدائع الأعمال .. فماذا ينقصني ؟؟

- - ينقصك حسك الثقافي .. أنت لا تتطور أبداً .

- - طورني يا أخي .. طوّرني و لك الشكر مني و الثواب من الله .

فكّر مليا" و هو ينظر لي نظرة ازدراء و استخفاف .. لكنه في النهاية .. خبط على كتفي بحنان .. و قال مشفقا" :
- تكرم .. تكرم عيونك .. سأتبناك أيها الجاهل .. و سأجعل منك ما بعد مثقف حقيقي .. و سأفتح أمام عينيك الجاهلتين تلك عوالم الحداثة و الثقافة الحقيقية .

اغرورقت عينيّ بالدموع شاكراً المولى عز وجل أن من علي بمثل هذا الصديق الطيب .. و وعدته أن أكون طالباً مطيعاً و تلميذاً نجيباً .
أمسكني من يدي .. طالباً مني أن أسرع .. فنجمة حظي مبتسمة هذا الصباح ...
هناك معرض تشكيلي لفنان حديث جداً .. و علي أن أبدأ من هناك ..

في معرض الرسم ....


دلفنا إلى بهو المعرض الهادىء .. و لم يكن يقطع الصمت سوى همهمات خافتة من الرواد .. أو طرقات مثيرة مختالة لكعب نسائي مفرط الدقة و العلو .. و على الجدران تتناثر اللوحات ..
لوحة بيضاء من غير سوء .. لم تمسها يد إنس أو جان .. و أخرى مطموسة بلون أحمر فاقع مع بعض ضربات من فرشاة غليظة شئزة باللون الأصفر .. و ثالثة تأملتها طويلا" .. فما رسمه هذا الفنان كان غريباً حقاً :
امرأة لها من الأثداء خمسة و بعين واحدة .. و على ساقيها تتناثر العديد من الشفاه القانية .. تضطجع على خلفية من الخطوط المتقاطعة كأنها أسلاك شائكة .. و يد تبقر بطنها لتخترق ظهرها من الخلف منتهية بجذع شجرة غليظ .
تأملتها طويلاً دون جدوى .. و أيقنت أني مازلت في بداية مشواري الثقافي .. و أنه علي أن أستعين بأستاذي النحرير .

استدعيته متسائلا" .. فأجاب ( بعد أن مدح أطنب و أشاد بالعبقرية و الفن و الإلهام الذي يكمن في كل ركن من أركان هذه اللوحة ) :
- المرأة يا صديقي هي النفس البشرية التواقة للإخصاب و التكاثر .. و العين الواحدة هنا تعني أن هذه النفس مسيطرة مهيمنة بحيث لا ترى في الوجود إلا ما تريد أن تراه .. أما الأثداء الخمسة فهي تعبير عن عناصر الطبيعة المنطوية ضمن هذه النفس ( الماء – الهواء – التراب – النار ) و ربما كان الخامس هو الروح .. و الشفاه هي تعبير عن النزعة إلى .................................................. .................
استمر يفند و يشرح و يوضح الأبعاد و يسلط الأضواء على هذه اللوحة العبقرية .. استمعت إليه باهتمام و أنا أتساءل عن هذا الصديق العجيب الذي استطاع بنظرة واحدة أن يستخرج كل هذه الأسرار من تلك الشخبطة التي أسموها لوحة .
لكني لن أستسلم .. فأنا مازلت في بداية الطريق إلى الحداثة .. و علي أن أبذل ما يسعني ..

و الآن .. إلى معرض النحت ..

في معرض النحت ..

منذ أن تفتح الباب متوكلاً على الله لتدخل إلى المعرض تصطدم عيناك بصخرة كبيرة .. تشبه إلى حد بعيد حبة عملاقة من البطاطا المبعجرة .. لكنك عندما تتأملها قليلاً تكتشف أنك كنت مخطئاً .. فحبة البطاطا هذه ما هي إلا بطن امرأة حامل غاض وجهها و جذعها و كل جسدها بحيث لم يتبق منها إلا هذا البطن العملاق الذي يتسع لشعب كامل من الأجنة .. و قد اكتشفت ذلك لوحدي ( لا بد أني أتطور بسرعة ) و دون معونة من أحد عندما لاحظت شيئا" يشبه الجنين منحوتا" على هذا البطن العملاق .. لكن ما حيرني هو تلك الصخرة الصغيرة التي تنتأ من الجانب الأيسر كأنها ورم طفيلي ...
اممممممم .. لا بد أن في الأمر سراً .. ماذا يعني ذلك التمثال ..؟؟
و بعد التمحيص و التفكير و اعتصار الدماغ و استمطار السماء إلهاماتها .. قررت أن هذا التمثال يوضح علاقة الإنسان بالطبيعة .. فهي أم في النهاية .. و نحن أجنتها التي ترعانا و نكلأ من خيراتها ثم ندفن في ترابها .. و ربما كان هذا الورم هو نزعة الإنسان الأبدية للخروج من سجن أمه الطبيعة متطلعاً إلى آفاق معرفية جديدة ..

طرت فرحاً بهذا الاكتشاف ( فهاأنذا مثقف حداثوي حقيقي ) و طرت إلى صديقي أخبره بأن تلميذه بدأ يتعلم .. سألني عن أي تمثال أتحدث .. فأجبته :
- ذاك الذي يتصدر القاعة .. الذي يشبه البطاطا ..

- ذاك ..؟؟؟ و أشار إليه ..

- نعم هو ذاك ..

بدأ يقهقه و يخبط بقدميه الأرض من الضحك حتى دمعت عيناه .. وبين الضحكات و الشهقات قال :
- يا صديقي .. هذا تجريد .

- تجريد ..؟؟

- نعم .. تجريد .. أي أنه بلا معنى ..

- بلا معنى ..؟؟ و لماذا يكلف الفنان خاطره لنحت شيء لا معنى له ..؟؟؟

- تجرييييييييد .. كيف أستطيع أن أفهم هذا الجاهل ..؟؟ تجريد يعني بلا معنى .. مجرد اكتشاف لجمال الحجر عندما تتلاعب به يد النحات المبدعة فتجعله خلقاً آخر ..

- لكن هذا الخلق بلا معنى ....؟؟؟؟

- نعم .. و هذا هو الجمال فيه .. هو يعطيك الشكل و يترك لك حرية اكتشاف المعنى .. لا تبالِ يا صديقي .. مازلت غضاً في الحداثة .. لكنك ستتعلّم قريباً .. لا تقلق ..

حسن .. لن أقلق .. فما زال المشوار في بدايته ..

إلى أين الآن ..؟؟؟

ندوة ثقافية


ندوة فكرية ...
تطور العقل العربي وفق المنهج البنائي ..

أخذ مفكرنا العلامة نفساً عميقاً من غليونه المدبب كرأس أفعى .. ففاحت رائحة التبغ الكوبي الفاخر في أرجاء القاعة الصغيرة .. خلع قبعته الإنكليزية الأنيقة .. ألقى نظرة شامخة علينا - نحن الرعاع - .. ثم ابتسم :
- ثانكيو ... يو آر هير .. أوك .. ليتس أس ستارت ...
أخرجت ورقة بيضاء و قلماً لئلا تفوتني قطرة من سيل العلم العرمرم الذي سوف يفيض بعد قليل ...

وبدأ يتحدث ..
- إن من يتأمل تطور العقل العربي عبر المراحل الطويلة التي استغرقها تطور هذا العقل كبنية - ليست عضوية فحسب - و إنما ابتنائية أيضاً.. سيكتشف أن هذا العقل مميز في الحقيقة .

و يأتي هذا التميز عندما ندرك أن العقل العربي يبدو كأنه خارج عن منظومة العقل الإنساني عموما .. فالتاريخ يثبت أن هناك فجوة زمنية تقدر بأربعة آلاف عام عاش فيها العرق العربي مجهولا" تماما" دون أي نشاط إنساني ملحوظ .. مما يعني بالضرورة أنه لم يمر بكل المراحل التي قطعها العقل البشري عموماً للوصول إلى النمط الإنعتاقي من التفكير الموضوعي ..
و هنا علينا أن نتساءل :
ما هي طبيعة التفكير العربي بناءً على معطيات التاريخ و التطور الديالكتيكي للمجموعات البشرية ..؟؟
في الحقيقة فإن معظم الباحثين يعتقدون أن العقل العربي مسكون بنمط واحد من ردود الأفعال .. الصوتية خصوصاً .. و في أحسن الأحوال فإن رد الفعل هذا يندرج تحت ما يسميه علماء البيولوجيا ( الحيوان الشوكي ) أي أن رد الفعل يكون محصوراً بالأعصاب الذاتية دون أي تدخل من الدماغ الواعي .. مما يفرض نمطاً لاواعياً لهذه الاستجابات .. و يفرض على العربي نوعاً واحداً من ردود الأفعال .
و في دراسة حديثة أجريت في جامعة ( ….. ) تم تعريض 100 عربي لصدمات كهربائية تزداد تدريجياً حتى تصل إلى حد الألم المبرح .. و في كل الأحوال كانت الاستجابة واحدة .. و هي التصويت بكلمة ( آه ) في حين أنه يفترض أن تختلف التعابير الصوتية من حالة لأخرى ( آه – أوه – آخ …… ) , و قد تم استبعاد وجود خلل في أعضاء التصويت العربية .. مما يعني في النهاية أن المشكلة تكمن في الدماغ نفسه .. و في حجم السيالات العصبية التي تحدد نمط الاستجابة و سرعتها .. حيث تبن أن هذه السيالات هي أبطأ بحوالي 50 % عن الحد البشري المعروف .

الخلاصة :
إن الارتعاض الابتنائي للعقل العربي يمثل حالة فريدة في تطور الارتعاض الانساني العام .. و هو يتيح تشكيل صورة مبدئية عن العقل البشري في مرحلة ما قبل التاريخ .. و يعطينا فرصة لتكوين علاقة بين الإنسان / الكائن الحي و الإنسان/ الإنسان .. و رغم كون هذه العلاقة ديماغوجية أصلاً إلا أنها إرهاصية بحق .. و تشكل مفتاحاً لتحديد النمط التليباثي الذاتي من الصيرورة المعرفية و الانحدار العرقي عموماً
ثانكيو .

شرح المفردات ( على ذمة صديقي ) :
الارتعاض : الارتعاش التعويضي .
إرهاصية : إستشرافية .
التليباثي : هششششش .

انتهت المحاضرة بين شكر و تعقيب و تعليق .. أجمعت كلها أن هذا البحث يعبر عن فهم دقيق لفسلجة العقل العربي .. و أنه يخطو خطوة مهمة في معرفة تشريح هذا الكائن الغريب.

و مما فهمت من هذه المحاضرة الشيّقة – و هو قليل بطبيعة الحال – أنني أتمتع بنسب قردي رفيع كابراً عن كابر .. و أنني قرد أيضاً و سأبقى كذلك .. و سأملأ الدنيا بقرود صغار تهدّد مدنية العالم و تعيده إلى عصر الغاب و وحوشه و مغاوره .
لن أبالِ .. قرداً أو إنساناً .. سأصبح مثقفا" رغما" عني ..


يتبع.....

حنين.
15/11/2008, 10:44
ادا كان هيك بداية مبعد المثقف
انا اعتزلت الثقافة واتبنيت البساطة اكتر واكتر مما كنت عليه
الله يصبرك وتصير مثقف حداثي تطلع على البسطاء امثالي باستخفاف واستهزاء
سلامي:D

ابو نجبو
16/11/2008, 05:40
أمسية شعرية ....

اتركوه .. فهو شاعر ..
لا تهتمّوا بمظهره الذي تأنف منه الهوام و الدواب .. فهو ليس من عالمكم هذا ..
لا تبالوا بقميصه المتسخ .. و لا بذقنه الشئزة .. و لا بوجهه الذي لم يعرف الماء منذ دهور
أتحسبوه مثلكم يهتم بهذه الصغائر و السفائف ..؟؟
إنه يُحلق في عوالم أخرى .. ملاك أهدته السماء إلى هذه الأرض يغني لها أفراح الملكوت الأعلى ..

ألقى علينا نظرة ذابلة متكاسلة من عينين منتفختين حمراوين كعيني عاشق بليد .. مسح مخاط أنفه بكم قميصه الكالح .. و خطر بهدوء العباقرة .. و أناة الملهمين .. تحمله نظرات المعجبين و آهات المعجبات .. إلى حيث استقر أمام الميكروفون :
الليل ..
الليل السواد ..
الليل السواد القتام ..
الليل السواد القتام يأخذني …
الليل السواد القتام يأخذني ينبشني ..
الليل السواد القتام يأخذني ينبشني من فغر قبر ..
الليل السواد القتام يأخذني ينبشني من فغر قبر يسفحني ..
الليل السواد القتام يأخذني ينبشني هباء الريح ..
الليل السواد القتام يأخذني هباء الريح ..
الليل السواد القتام هباء الريح ..
الليل السواد هباء الريح ..
الليل هباء الريح ..
هباء الريح ..
الريح ..
الريح ..
و تبقى الريح ..
داعرون قوادون ..
تفو .. نقطة …….

قفزت من مقعدي كمن لسعه عقرب .. فالشتيمة واضحة لا لبس فيها .. و إن كنت مصراً على أن أصبح مثقفاً فهذا لا يعني على الإطلاق أن يسبني الرائح و الغادي بدون أن أطبق على زمارة رقبته و أفهمه أن في الدنيا رجال .

انتابني شعور بالفرح عندما وجدت معظم الحاضرين قد قفزوا معي متراكضين نحو المنصة .. و رثيت لحال هذا الشاعر الذي سوف يأكل علقة لم يأكلها حرامي في مولد .. لكنه تمادى و سبنا جميعاً .. و ذنبه على جنبه .

إلا أن فرحتي لم تدم .. فقد حُمل الشاعر على الأكتاف .. و تعالى الهتاف .. و تحول الجمع إلى زفة بهيجة تنادي بحياة هذا الشاعر الذي قلب نواميس الشعر و كاد أعداء الحداثة فأصابهم في مقتل .

استدرت إلى صديقي مستنجداً أن يفهمني ما يحدث .. فوجدته يمسح دموع التأثر و الانفعال .. و هو يهمس :
- روعة .. مذهل ..

- ما هو المذهل ؟؟

- القصيدة يا أخي .. ألم تسمعها ؟؟

- نعم .. و سمعت الشتيمة أيضاً ..

- أي شتيمة هذه ..؟؟ يا صديقي هذه قصيدة سريالية ..
- لكني لم أفهم منها حرفاً ..

- و لا أنا .. ليس من الضروري أن تفهم .. و هنا تكمن العبقرية . هذا الشاعر أسس الآن لنمط جديد من الشعر هو القصيدة المثلثية ..

- مثلثية ..؟؟؟

- نعم .. فلم يعد من المقبول الآن أن تنشد القصائد العمودية .. لتكن أفقية .. أو متزوية .. لكن هذه القصيدة المثلثية جديدة تماماً . يا للإعجاز .. يا للروعة .. اتبعني ..

سرت وراء صديقي مطرقاً و أنا أتخيل كيف ستكون القصيدة اللولبية أو الحلزونية أو الاسطوانية .. نعم .. لمَ لا .. هذا أمر في غاية السهولة .. سأصبح عبقرياً مغرقاً في الحداثة ذات يوم .. انتظروني أيها المثقفون ..

إلى أين الآن ....؟؟

إلى المسرح ..

توم و جيري
16/11/2008, 05:48
غدا في تمام الساعة الثانية ظهرا سوف تشيع الثقافةالى مثواها الاخير في قرية الادب
للثقافة الرحمة ولكم الاجر والثواب......:yahoo:

ابو نجبو
16/11/2008, 05:51
انتظر تكملة القصة و سترى ...
لايصح الا الصح
100:D

اسبيرانزا
16/11/2008, 22:21
ليس عيب حداثة او ما بعد الحداثة
انما عيب فى معدتنا الثقافية
اصبحنا نعانى عسر هضم يا ابو نجبو:pos:

personita
18/11/2008, 13:20
الليل ..
الليل السواد ..
الليل السواد القتام ..
الليل السواد القتام يأخذني …
الليل السواد القتام يأخذني ينبشني ..
الليل السواد القتام يأخذني ينبشني من فغر قبر ..
الليل السواد القتام يأخذني ينبشني من فغر قبر يسفحني ..
الليل السواد القتام يأخذني ينبشني هباء الريح ..
الليل السواد القتام يأخذني هباء الريح ..
الليل السواد القتام هباء الريح ..
الليل السواد هباء الريح ..
الليل هباء الريح ..
هباء الريح ..
الريح ..
الريح ..
و تبقى الريح ..
داعرون قوادون ..
تفو .. نقطة …….


هذه القصيدة استفزت ثقافتي "الماقبلحداثية"، يبدو أنني سأرافقك في رحلتك مع صديقك المثقف جدا، حتى أتطور بدوري وأتأقلم مع العصر،فلا أخفي عليك أن ثقافتي بدأ يعلوها شيء من الصدأ..
لعلني أنال قسطا من هذا الثواب الذي قد نلته..
ولا تقل "لن تطيقي مع صديقي صبرا" لأنك "ستجدني إن شاء الله من الصابرين" :lol:
:D

ابو نجبو
18/11/2008, 15:49
في المسرح :

عنوان المسرحية التراجيدية : لماذا لم يأتِ العشاء بعد ..؟؟

جلسنا صامتين واجمين كأن على رؤوسنا الطير فالحدث جلل .. و استنتجت أن الأمر أكبر مما أتوقع عندما رأيت نظرات صديقي القلقة .. و عيونه الحائرة .. و جبينه الذي يتفصد عرقاً .. و من الجو العام للمسرح الذي يسوده هدوء مطبق رغم كثرة الحضور .

و ما أن دنا موعد العرض .. حتى أمسك صديقي بيدي و نظر إلي نظرة توسل مشوبة بشيء من التحذير و التهديد:
- لا أريد أي كلمة أثناء العرض .. هل فهمت .. ؟؟ و لا كلمة .
وعدته أن أطبق فمي تماما .. ماذا أفعل ..؟؟ طالب الحاجة ذليل ..
ها قد بدأ العرض ..

انكشف الستار عن خشبة فارغة تماماً اللهم إلا من كرسي وحيد يتوسط القاعة الكالحة الكئيبة .. لا يوجد أي ممثل أو صوت أو موسيقى ..
و بدأنا ننتظر ..
خمس دقائق ..
لا شيء ..
عشر دقائق ..
لا شيء ..
شعرت بالملل يأكلني أكلاً .. و بالنعاس يداعب أجفاني .. و بدأت أتململ ..
و يبدو أن صديقي شعر بتململ أعضائي .. فنظر إلي نظرة متوعدة هائلة جعلتني أسكن تماماً لا أريم .

و بعد ردح من الدهر .. سمعنا صرخة مدوية هائلة تقشعر لها الأبدان تصدر من طرف القاعة ..
صحت مرعوباً : يا لطيف ... الطف يا رب .
عصر صديقي على يدي بعنف أن اصمت .
و ما أن هدأت الصرخة قليلاً حتى وقف الرجل الأصلع الذي كان يجلس أمامي .. و صرخ :
- عليك اللعنة يا إيزابيل ... فلتذهبي إلى الجحيم .

تطلعت في القاعة بحثاً عن إيزابيل هذه التي لعنها الأخ الكريم .. لكني فوجئت بمن كان يجلس على يساري يقفز كالملدوغ و هو يصيح :
- نعم .. هي إيزابيل .. ألم تحضر العشاء بعد .. تلك العاهرة ..؟؟
فقام آخر من طرف القاعة صارخاً :
- فلتستعر نيران الجحيم .. و لتوقظ الآلهة وحوشها النهمة .. و لتلتهم جسدك المقزز يا إيزابيل الملعونة .
و صخبت القاعة بصيحات الحضور و صرخاتهم تلعن سنسفيل أجداد إيزابيل .. و تتوعدها بالويل و الثبور و سوء العاقبة .

لكنّ ما صعقني أن صديقي قام بدوره و صرخ :
- إيزابيل .. فلينهش تنين النار أحشاءك بأنيابه النحاسية .. و ليحفر على وجهك القذر وشم العار و المذلة إلى الأبد.
إذاً فالأمور سائبة هنا .. فصديقي هذا لم يكن ممثلاً في يوم من الأيام .. و لم يخبرني أنه سيشارك بهذه الملحمة التراجيدية .
و بصفتي مثقف حديث .. و بما أنه ( ما في حدا أحسن من حدا ) .. فقد قمت بدوري صارخاً :
- لعن الله أباك و أمك و جدك و كل أصول عائلتك و فروعها يا إيزابيل .. أين العشاء أيتها المأفونة ؟؟

جلست و أنا أشعر بمتعة لا تضاهيها متعة .. خصوصاً و أن صديقي رمقني بنظرة الإعجاب و عدم التصديق .. ها أنذا قد دخلت عالم الحداثة من أوسع أبوابه ..

ربت صديقي على كتفي بإعجاب بعد أن انتهت هذه التراجيديا ( و بعد أن شتمنا إيزابيل بكل لغات الأرض الحية و الميتة ) قائلا" :
- أنا فخور بك .. حقاً أنت تتطور بسرعة كبيرة .

شكرته من أعماقي معترفاً بفضله علي .. و مقراً بأن كل إحداثياتي الثقافية و مواهبي الحداثية التي بدأت بالتبرعم كانت من صنعه و برعايته .. ثمّ سألته :
- صديقي .. أخبرني أرجوك .. من إيزابيل هذه ..؟؟

فغر فاه مدهوشا" كمن أسقط في يده .. أطرق قليلا" .. ثم قال :
- حسبي الله و نعم الوكيل ... امش يا أخي امش ... ما زلت شرغوفا" صغيرا" ..

تبعته و أنا أتساءل عم تغير ..
ألم يكن سؤالي مشروعاً .؟؟ .. بالله عليكم ..

إلى أين الآن ..؟؟؟


أمسك صاحبي بيدي .. و قال ادخل ..
بدلة السموكن الأنيقة ترتديني كمشنقة سوداء .. و الياقة المنشاة .. و المنديل الأزرق يرسم مساحة غريبة من الصدر ليست منه.. هكذا دخلت إلى قدس الأقداس .. محراب الحداثة .. صالون المثقفين .

كل شيء حولي جميل ولين ..
نساء من بللور صاف رقيق ...
ألحان تطير وراء الغمام ..
عطور تملأ الأجواء غموضاً و سحراً ..
همسات كمناجاة العاشق حين الوصل ..
ضحكات رشيقة كصهيل أنثى ..

كلهم يرطنون بكل لغات الأرض .. إنكليزية .. فرنسية .. روسية .. ألمانية ..
كلهن يلثغن بالراء الفرنسية فتطير الغين من بين الشفاه الخمرية كعصفور يزقزق ..
كل شيء يسيل عذوبة و رقة .. الأشياء الصغيرة .. التفاصيل التي لا ينتبه إليها أحد .. طعم الماء بماء الورد .. آلاف أقواس قزح تبرق من ثريات صغيرة .. لون الشفاه القانية .. الخدود المملوءة صحة و حبوراً .. النظرات المختلسة التي تقول كل شيء دون أن تقول شيئاً ..
كل شيء .. كل شيء ..

همسات هنا و هناك :
- علينا أن نراجع تاريخنا .. فكله عنف و دماء و أولاد سفاح ..
- علينا أن نرسم ديننا من جديد .. فلا يمكن أن نتطور إن بقي هذا الدين يسيطر على ضمير هذه الأمة ..
- أتدرون .. نحن أمة عنصرية ..
- اسمعوا .. لديّ فكرة ... رجال الدين متخلفون جميعاً .. فلمَ لا ننشىء فقهاً جديداً ..؟؟؟
- التاريخ ... عودوا إلى التاريخ .. حوادث الفتنة قريبة ..
- يا سيدي هذه أمة صنعتها الصدفة .. الصدفة البحتة .. لا مكان لها تحت الشمس ..
- أعتقد أننا قد نستفيد من التجربة الأوربية في هذا المجال ..
- لا .. الصينية ملائمة أكثر ..
- الألمانية نموذج ملائم ..

دوار .. دوار .. دوار ..

و هناك .. تماماً هناك .. في زاوية صغيرة حيث يلتقي الظل مع الظل .. حيث لا أحد يبالي .. حيث لا أحد هناك ..
وجدته ..
نعم .. أقسم أنه هو ..
متربعاً كعملاق من زمن مضى .. بلحيته الكثة البيضاء .. و عينيه الشامختين الطيبتين كنسر عجوز ..
نعم .. هو ..
يديه القويتين في مكانهما تماماً ... فمه المبتسم دوماً ... عطر شيخوخته .. رائحة أنفاسه .. لمعة عينيه حين يريدك أن تفهم فقط .
لم يتغيّر ... كما رأيته آخر مرة ..

جثوت أمامه .. لمست ركبتيه الطاهرتين .. همست ..
- جدي ..
مس شعري بيديه المعروقتين فأهداني سماء من حنين ..
- جدي ..
لم ينبس ببنت شفة .. أدار جبهتي نحو الشرق .. و أشار أن انظر ..

تعريشة الياسمين على سطح بيتنا .. عروسة الزيت و الزعتر حين الصباح.. صوت نقرات المطر تغني على بلاط حارتنا .. قبلة أمي قبل النوم .. سعال أبي حين يعود في المساء .. زغاريد جارتنا حين نجحت .. تراتيلنا اللذيذة بعد صلاة العشاء .. قنديل الجامع و رائحة السجاد القديم .. عصا جدي الغليظة و عباءته ... صياح جارنا بعد أن نقطف زهرة فل من حديقته و نسارع بالفرار .. عينا أخي الضاحكتين .. أسرار الطفولة التي تشاركناها سوياً.. ضحكاتنا الخافتة حين نختبىء في السرير لنوهمهم أننا نمنا.. دفاتر المدرسة .. أقلام التلوين .. .. حبي الأول .. قصيدتي الأولى الساذجة .. دمعتي حين الفراق .. أذكار أبي بعد صلاة الفجر .. فنجان القهوة الصباحية ..



- انظر ...
سماء من العشق انفتحت أمام عينيّ .. سماوات أليفة بسيطة زرقاء .. تطير فيها سنونوات رقيقة .. و شيء من غمام ... رذاذ ناعم من ندى .. زهرات ترتعش حباً حين عانقها ضوء صباحي بهي ..
يا إلهي ... هذا هو عالمي ..
يا إلهي .. إلى هنا أنتمي ..

نظرت إليهم ...
كائنات مخاطية دبقة من أمكنة لا أعرف عنها شيئاً .. يرتدون وجوهاً غريبة .. كلماتهم غريبة .. أسماؤهم غريبة .. أصواتهم .. أحلامهم .. أنفاسهم .. رائحة سيجاراتهم .. أشواقهم الآثمة .. نظراتهم القاسية ..
كائنات هلامية بلا أي ملامح أو سمات .. أين عيونهم ..؟؟

دوار .. دوار .. دوار ..
كل شيء يدور من حولي ..
جدي .. جدي أين أنت ...؟؟؟

استدرت إليهم ..
و بكل ما في عروقي من دماء .. و بكل ما في أنفاسي من حياة .. و بكل ما تبقى من بكاء .. صرخت :
أخرجوني من هنا ... أخرجونيييييييييي

تمت..

achelious
19/11/2008, 13:26
أمسية شعرية ....
:lol::lol:
جميل يعطيك العافية,
-يستطيع أي أحمقٍ جعل الأشياء تبدو أكبر وأعقد، لكنك تحتاج إلى عبقري شجاع لجعلها تبدو عكس ذلك.
-الثقافة هي مايبقى بعد أن تنسى كل ماتعلمته في المدرسة.
ألبرت اينشتاين

بانتظار جديدك:D