saba n
29/10/2008, 21:56
من بانوراما الوطن
في احدى السيارات المتعبه والتي لم تنفك التعبير عن حالها المزري بنوبات السعال الدخانيه التي تنتابها بين الحين والحين .. كان المذياع الصغير يحاول ان يجد له فسحه يبث بها ذبذباته ولكن عبثا كان يحاول فحتى السائق لم يتمكن من ابلاغ ركابه عن النقص الذي يدعيه في الجره .. اذ ان الجو كان صاخبا بضوضاء الركاب وشكواهم وفوضى ارائهم وتصرحاتهم المسلوقه في مطبخ الديمقراطيه والتي كانت .. وكالمعتاد-على اوجها .. في المسيره الشاقه والتي تكاد تبدو طويله حين يقطعها المرء في مثل هذه السياره الهرمه بصحبة سائقها الفتي الاخرق وهو يشق طريقه بصعوبه بالطرق المزدحمه والانعطافات المصطنعه واللانظاميه ..
مع استمرار المسيره حل هدوء نسبي ...ووجد المذياع فرصه ليعلو بازيزه الذي بدا مزعجا لولا ان صوت (نانسي)فيه انعش الجو التموزي اللافح بحرارته الوجوه البائسه.. وحاول بخفته ان يفتح المسامات المغلقه على حزنها
_&انت مين في الهوى وفي الشوق.. هو انت حبك ده ايه &اعزائي المستمعين معكم اذاعة (4u) من بغداد .. وعلى رأي نانسي.. نقول للاخ المتصل انت مين؟.!...ورجاءا ارفع صوتك كي نسمعك جيدا..
_الو..الو..الان هل تسمعوني جيدا.. اه.. ها..
_الو.. نعم.. الصوت واضح .. العفو الاسم الكريم جوابك على السؤال ..
_الو انا اياد.. اخ علي عرفتني..مستمعكم الدائم اياد .. ان شاء الله تذكرتني .. ليس لدي جواب على السؤال .. لكن عندي طلب.. منك اريده.. ها..اه.. اه..
_عفوا" اخ اياد .. الطلبات ستكون في الفقره القادمه .. ونحن مضطرين لقطع الاتصال..
_لا..لا..بحق الحسين انتظر .. اترجاك.. انا مجروح وانزف.. واترجاك ان توصل صوتي.. هذا هو طلبي منك اريد المساعده , اه.. ساعدوني يا اخوان..,انا واحد من مجموعة ركاب سياره (كيه) فوجئنا بمسلحين يقطعون علينا الطريق .. اه.. ويرموننا بالرصاص رميا عشوائيا ..واعتقد انني.. الوحيد الذي..اه..اه..لاازال مجروحا لان كل من حولي قد استشهدوا اما فورا او بعد لحظات .. من الاصابه.. اه.. اخ..علي.. هل تسمعني.. اعاني من نزف حاد واحتاج الماعده والا اموت.., وانا .. اخشا ان اموت ..لا ازال صغيرا على الموت .. لا ازال شابا .. لم ارى من متعة الحياة شئ ..اه..اه.. صدقني يا اخ علي .. باالامس القريب حينما كنت عاطلا عن العمل .. كنت اتمنى الموت الف مره .. اما الان .. فقد صارت لي وضيفه وراتب جيد ..ما عدت اريد الموت .. اه.. لا اريد ان اترك عائلتي.. فهم بحاجه لي .. صحيح انني لست ابنهم ..اه.. البكر الحيد ..لكنهم .. بالتاكيد بحاجه لي.. على الاقل خطيبتي .. تحتاجني ..اه.. رجاءا لا تتركوني اموت .. ساهدوني.. ارسلوا لي من يوقف هذا النزيف .. المتدفق من كتفي اه.. ها..ها.. يا عراقيين .. يانخوه ..يامسلمين.. اه.. ياعرب..اه.. وين الغيره.. تسمعوني .. ها..اه..هذا صوت رضيع بجانبي يرفس في حضن امه ..لم يصب باذى لكنه سابح بدماء امه التي ماتت وما عادت تسمع صراخه ..واحشا ان تكونوا انتم ايضا ما عدتم تسمعونني ..ارجوكم .. انني ارى شبح الموت يحوم حولي واخشاه..اه..اه..اه..
باالآهات انقطع الاتصال ..وانقطعت معه نداءات اياد الذي صار مصيره مجهولارغم انه متوقعا ولايختلف كثيرا عن مصير رفاقه ممن انهت حياتهم الايادي الاثمه ..انقطع الاتصال ..ساد الجو صمتا رهبيا ..وكأن شبح الموت قد انتقل مع موجات الاثير..ليذكر انه لا يزال الغائب الحاضر في المشهد العراق..مهما اختلفت الطرق او المدن.. مهما اختلفت .. الوجهات او التوجهات .. ايا كان الركاب .. ايا كانت ماركة السياره .. ستبقى هناك عيون.محرجة بتسائلاتها المدهوشة.. وسيبقى هناك ..ثمة اصوات تنضم الى صوت الساهر في مطاليبه ..-
احبيني بعيدا عن بلاد القهر والكبت ..بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت ..
احبيني..
احبيني ..
اه..اه.. احبيني
في احدى السيارات المتعبه والتي لم تنفك التعبير عن حالها المزري بنوبات السعال الدخانيه التي تنتابها بين الحين والحين .. كان المذياع الصغير يحاول ان يجد له فسحه يبث بها ذبذباته ولكن عبثا كان يحاول فحتى السائق لم يتمكن من ابلاغ ركابه عن النقص الذي يدعيه في الجره .. اذ ان الجو كان صاخبا بضوضاء الركاب وشكواهم وفوضى ارائهم وتصرحاتهم المسلوقه في مطبخ الديمقراطيه والتي كانت .. وكالمعتاد-على اوجها .. في المسيره الشاقه والتي تكاد تبدو طويله حين يقطعها المرء في مثل هذه السياره الهرمه بصحبة سائقها الفتي الاخرق وهو يشق طريقه بصعوبه بالطرق المزدحمه والانعطافات المصطنعه واللانظاميه ..
مع استمرار المسيره حل هدوء نسبي ...ووجد المذياع فرصه ليعلو بازيزه الذي بدا مزعجا لولا ان صوت (نانسي)فيه انعش الجو التموزي اللافح بحرارته الوجوه البائسه.. وحاول بخفته ان يفتح المسامات المغلقه على حزنها
_&انت مين في الهوى وفي الشوق.. هو انت حبك ده ايه &اعزائي المستمعين معكم اذاعة (4u) من بغداد .. وعلى رأي نانسي.. نقول للاخ المتصل انت مين؟.!...ورجاءا ارفع صوتك كي نسمعك جيدا..
_الو..الو..الان هل تسمعوني جيدا.. اه.. ها..
_الو.. نعم.. الصوت واضح .. العفو الاسم الكريم جوابك على السؤال ..
_الو انا اياد.. اخ علي عرفتني..مستمعكم الدائم اياد .. ان شاء الله تذكرتني .. ليس لدي جواب على السؤال .. لكن عندي طلب.. منك اريده.. ها..اه.. اه..
_عفوا" اخ اياد .. الطلبات ستكون في الفقره القادمه .. ونحن مضطرين لقطع الاتصال..
_لا..لا..بحق الحسين انتظر .. اترجاك.. انا مجروح وانزف.. واترجاك ان توصل صوتي.. هذا هو طلبي منك اريد المساعده , اه.. ساعدوني يا اخوان..,انا واحد من مجموعة ركاب سياره (كيه) فوجئنا بمسلحين يقطعون علينا الطريق .. اه.. ويرموننا بالرصاص رميا عشوائيا ..واعتقد انني.. الوحيد الذي..اه..اه..لاازال مجروحا لان كل من حولي قد استشهدوا اما فورا او بعد لحظات .. من الاصابه.. اه.. اخ..علي.. هل تسمعني.. اعاني من نزف حاد واحتاج الماعده والا اموت.., وانا .. اخشا ان اموت ..لا ازال صغيرا على الموت .. لا ازال شابا .. لم ارى من متعة الحياة شئ ..اه..اه.. صدقني يا اخ علي .. باالامس القريب حينما كنت عاطلا عن العمل .. كنت اتمنى الموت الف مره .. اما الان .. فقد صارت لي وضيفه وراتب جيد ..ما عدت اريد الموت .. اه.. لا اريد ان اترك عائلتي.. فهم بحاجه لي .. صحيح انني لست ابنهم ..اه.. البكر الحيد ..لكنهم .. بالتاكيد بحاجه لي.. على الاقل خطيبتي .. تحتاجني ..اه.. رجاءا لا تتركوني اموت .. ساهدوني.. ارسلوا لي من يوقف هذا النزيف .. المتدفق من كتفي اه.. ها..ها.. يا عراقيين .. يانخوه ..يامسلمين.. اه.. ياعرب..اه.. وين الغيره.. تسمعوني .. ها..اه..هذا صوت رضيع بجانبي يرفس في حضن امه ..لم يصب باذى لكنه سابح بدماء امه التي ماتت وما عادت تسمع صراخه ..واحشا ان تكونوا انتم ايضا ما عدتم تسمعونني ..ارجوكم .. انني ارى شبح الموت يحوم حولي واخشاه..اه..اه..اه..
باالآهات انقطع الاتصال ..وانقطعت معه نداءات اياد الذي صار مصيره مجهولارغم انه متوقعا ولايختلف كثيرا عن مصير رفاقه ممن انهت حياتهم الايادي الاثمه ..انقطع الاتصال ..ساد الجو صمتا رهبيا ..وكأن شبح الموت قد انتقل مع موجات الاثير..ليذكر انه لا يزال الغائب الحاضر في المشهد العراق..مهما اختلفت الطرق او المدن.. مهما اختلفت .. الوجهات او التوجهات .. ايا كان الركاب .. ايا كانت ماركة السياره .. ستبقى هناك عيون.محرجة بتسائلاتها المدهوشة.. وسيبقى هناك ..ثمة اصوات تنضم الى صوت الساهر في مطاليبه ..-
احبيني بعيدا عن بلاد القهر والكبت ..بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت ..
احبيني..
احبيني ..
اه..اه.. احبيني