-
دخول

عرض كامل الموضوع : رسالتان... وفاتورة كهرباء!


قرصان الأدرياتيك
20/10/2008, 02:45
في شهر أيلولَ الفائت حللتُ منزلَ صديقي ضيفاً، ومنزلُه يقعُ في "حيّ الأرمن" في مدينة حمص السوريّة. كانَ عامٌ قد مضى على آخر لقاءٍ لنا! عرفتُه يومَ التقينا في الجامعة في لبنانَ ودامتْ صحبتُنا حتّى اليوم. كانَ مسروراً جداً لهذا اللقاء وتحدّثنا في أمورٍ شتّى وقصَّ عليّ رواية حبّه الجديد وحلمه في توطيد العلاقة لبناء مستقبلٍ زوجيّ قريب. تسامرنا طوالَ المساء ندخّنُ ونشربُ المتّة "عصير" أهل حمص المُفضَّل.

في اليوم التّالي خرج إلى عملِه وذهبتُ أنا إلى سوق الجمعة! مررتُ في السّوق الملقى على جانبي الطريق طولاً وعرضاً ووقفتُ أمام "بسطةٍ" طويلةٍ لبيع الكتب والمجلات وأشياءَ أخرى كثيرة، وأمام تلّة من "مجلّة العربي" الكويتيّة وضعتُ ركبةً على الأرض وأخرى تسندُ ذراعي الأيسر ورحتُ أقلّبُ في أوراقِ أعدادها التي تعود إلى الستّينات من القرن المنصرم. في أحد الأعداد عثرتُ على رسالتين إحداهما خطّية والأخرى مكتوبة على الآلة الكاتبة وفي آخرها ملاحظة بخطّ اليد. كما وجدتُ بينهما فاتورة عتيقة من فواتير الكهرباء.

هاتان الرّسالتان موجّهتان إلى رجلٍ واحد، ليس فيهما من الثّمين ما يُذكر، وبرغم ذلك شئتُ أن أنقلهما إليكم، لطرافتهما، وذكرى لأولئك الذين تبادلوهما يوماً!

ملاحظة: عدّلتُ قليلاً في إملاء ونحو اللغة دون المسّ بالكلمة أو النصّ، كما أضفتُ طائفةً من علامات التّرقيم لإيضاح المعنى كما ورد.

الرّسالة الأولى (على الآلة الكاتبة):
"الأخ العزيز السيّد عبد الباسط المحترم
تحيّة صادقة، ويكفيها أنّها صادقة. تحيّة شوق، وجمّها أنّها تحيّة شوق. لو تدري معنى الشّوق، لكنتَ غير الذي أنت عليه الآن، ترغبُ لنفسِك، وتدورُ حولَ ذاتِك، ولا ترى إلا بعينِكَ. أتمنّى لكَ أن تسيرَ الأمورُ على وتيرةٍ واحدة، حتّى لا تُفاجأ بغير الذي ترغبُ به، ولكي لا تلفّ ذاتَك حول محاورٍ أخرى لا ترضى عنها، ولكي لا ترى بعيونٍ غير العيون التي ترضى عنها. لكنْ يا صاحبي، الذي أؤمن به غير الذي أتمنّاه لك. هناك رغبات شتّى ومئات من المحاور، كل واحد في اتّجاه معيّن، وألف عين، كلّ واحدة تنظرُ لزاوية خاصّة بها. يجب أن لا نعيشَ لأنفسِنا، ولا تسألني لماذا! فالحياة تسع الجميع، الحياة تمنحنا الكثير، وعلينا أن نردَّ جميلَ الحياةِ. الحياةُ تجمعُ من عطاءات الأفرادِ، وتكون الحياض الفيّاضة، وتوزّعها ترعاً، كلّ واحدٍ يرتوي من ترعة. فإن نحنُ لم نزوّد الحياضَ، ستجفّ يوماً! لا تسألني عن السّبب، أنت تعلم يا أخي عبد الباسط.
عندما تحضرُ والدتي لطرفِك أرجو أن تُسلّمها مبلغ 25 خمسة وعشرين ليرة سوريّة فقط لا غير.
أرجو أن تبلّغ سلامي لجميع من يسأل عنّي بطرفكم. وأخصّ بالذّكر الأخَ السيّد "أبو المجد"، أرجو أن تبلّغه أنّني أبداً لا ولن أدسَّ السّم في الدّسم، لأنَّ هذا يتنافى مع خلقي. وسلامي إلى الإخوة رفيق ورشيد والسيّد صبحي الرّفاعي والأخ طاهر، أتمنّى له التوفيقَ، ولباقي الأصحاب جميعاً ألف تحيّة عطرة.
واسلمْ لأخيك صالح
[الملاحظة التالية مكتوبة بخطّ اليد]:
أخي عبد الباسط، لا أريدُ أن ألفت انتباهَك لموضوع دراسة أهليّة التعليم، ففيها ترك مؤقّت للدراسة الجامعيّة. ثمَّ أنتَ الذي رغبتَ بذلك. أرجو دائماً أن تصلني كافّة المعلومات بما يختصّ بالدّراسة ومواعيد الفحص، لأنّني هنا عامل استعصاء ضمن المؤسّسة.
أصبح لدينا هاتف برقم 27054. خبّرنا في الأمور المستعجلة.

الرّسالة الثّانية (مكتوبة باليد):
"دمشقَ في 3- 11- 1965
أخي العزيز عبد الباسط المحترم
تحيّة عطرة وسلامات حارّة وبعد
لقد ظهرتْ نتائجُ الامتحانات البارحة، ولكن يا للأسف العميق، لم أستطع قراءة اسمَكم ولا في أيّة مادّة سوى الإنكليزي. وكلّي أمل أن يكونَ نصيبُكم في المرّة القادمة أحسن وأفضل من ذلك.
إذا كانَ من الممكن أن تُكلّفَ السيّد رشيد بأن يحصلَ لي على كتاب يُشعر بأنّي كنتُ [كلمة غير مفهومة] مع البلديّة من التاريخ الفلانيّ إلى التاريخ الفلانيّ، أو يحصل على صورة مصدَّقة عن العقد وذلك لتقديمها إلى نقابة المهندسين بدمشق، حتّى يُسمحَ لي بمزاولة المهنة، وذلك بعدَ أن تمَّ تأميلُنا.
لقد طلبتُ في هذا اليوم إجازة أسبوع تبتدئ من [كلمة غير مفهومة]، ولكنْ على الأغلب سوفَ لن أحصلَ عليها! آملُ أن آخذَها في الأسبوع المُقبل إن شاءَ اللهُ!
أرجو أن تبلّغ سلاماتي إلى جميعِ الأصدقاء، ودمتم سالمين.
المخلص
[توقيع يبتدئ بحرف العين].

تنتهي الرّسالتان وبالاطّلاع على فاتورة الكهرباء نقرأ الاسمَ "عبد الباسط السـ اج". رقمُه المتسلسل في المؤسّسة العامّة لكهرباء سوريّة (مديريّة المنطقة الوسطى) "8045". ومجموع ما صرفه في شهر كانون الأوّل لعام 1971 يبلغ "6,97" ليرة سوريّة.

نستنتج من محتوى الرّسالتين وهذه الفاتورة أنّ صاحبَ المجلات (التي اشتراها قرصان)، هو عبد الباسط، وقد كانَ كسولاً في دراسته إذ رسبَ في كافّة المواد عدا الإنجليزيّة :shock:.
عمَّ أمزح... ليك ملا استنتاج! إي أينشتاين بعزّ اكتشاف النسبيّة ما طلع معو هيك استنتاج :p.

نسيتُ أن أخبرَكم أنَّ صاحبَ "البسطة" طلبَ ثمناً للنسخة الواحدة خمس عشرة ليرة سوريّة، وبعد "بازارٍ" طويلٍ عريض (بس للحركشة والنكوشة) باعني النسخة بعشر ليرات! العمى شو غليان سوق الجمعة :lol:.

حملتُ ما استطعتُ حملَه من الأعداد وحاولتُ أن أجمعَ منها الأقدم، وسألتُه أن يعطيَني كيساً، إلا أنّه اعتذرَ فنفحتُ صبيّه عشر ليرات فذهبَ يبحثُ لي عن كيسٍ بين الخرائب! عادَ بعدَ قليل وفي يده كيسٌ أزرق مهترئ على شاكلة جيبي. قلتُ في نفسي "لا حولَ ولا قوّةَ إلا بالله" ووضعتُ كنوزي فيه وحاولتُ حملَه إلى أقرب سيّارة أجرة حملتني إلى المنزل، ومكثتُ طوالَ ذاك اليوم موضوعَ سخريةٍ من صديق الدّراسة!!!

مع تحيّات قرصان القراصنة وزعيم سفن الأدرياتيك :D.

stormsmaker
20/10/2008, 10:50
لذيذي مشكور زعيم
حلوين :clap:

satoman
20/10/2008, 10:56
حلوه ومبروك عليك الكنز ايها القرصان

Aaron
20/10/2008, 12:12
هيهيهيهيهي مبروك عليك الرسائل ومبروك ع الولد حق الكيس

الصمت الناطق
20/10/2008, 17:24
كم يعجبني ولعك بسوق الجمعة لدرجة أصابني الفضول لأرى ماتراه هناك
أصبحت أعرفه من خلالك وسأذهب اليه ربما مغمضة العينين ولو بعد سنين
طريقتك في السرد رائعة تجعلني ابتسم عند كل فاصلة ولا أريد الوقوف عند
النقطة ......
تحياتي لك يااااا زعيم

suryoyo
20/10/2008, 21:52
يعني هي رسالة خاصة بين الاخ عبدالباسط و صديقه ...... صارت رسالة عامة للكل :?


يا اخي اكيد نحنا ولاد عم .... نظل نشتري كتب و مجلات !

قرصان الأدرياتيك
21/10/2008, 01:14
لذيذي مشكور زعيم حلوين :clap:
ديّاتك خال... شكراً عالكلمة الحلوة!

حلوه ومبروك عليك الكنز ايها القرصان
علينا وعليك وبالرفاء والبنين.

هيهيهيهيهي مبروك عليك الرسائل ومبروك ع الولد حق الكيس
إي والله مبروك عليه عشر ورقات :lol:.

هشام ابو شرار
21/10/2008, 01:18
لقطه مرتبة........بس لاتنسى تدفع فاتورة الكهربا

Reemi
21/10/2008, 01:23
فيني اتوقع هلا انو شي كتاب من كتبي الي معد اعرف وينها صارت ع شي بسطه .. ووحده من الملاحظات الكتيره الي كنت اكتبها صارت منشورة ع شي منتدى :cry:..او عم يقراها هلا شخص ما مدري وين وعم يضحك عليي:oops:

VivaSyria
21/10/2008, 01:25
علينا وعليك وبالرفاء والبنين.
.

حكيلي قصة الرفاء :larg:

قرصان الأدرياتيك
21/10/2008, 01:28
كم يعجبني ولعك بسوق الجمعة لدرجة أصابني الفضول لأرى ماتراه هناك
أصبحت أعرفه من خلالك وسأذهب اليه ربما مغمضة العينين ولو بعد سنين
طريقتك في السرد رائعة تجعلني ابتسم عند كل فاصلة ولا أريد الوقوف عند
النقطة ......
تحياتي لك يااااا زعيم
ولعي يعودُ إلى محبّتي لها وللتاريخ ولأشياءَ مرّت بها أجيالٌ سابقة!
عليَّ أن أبحثَ كثيراً لأحصلَ على شيءٍ أو شيئين أو لا شيء،
وأحياناً يعودُ المرءُ بخفّي حنين!
أشكرُك على كلمتك الطيّبة ومرورك العابق :D.

يعني هي رسالة خاصة بين الاخ عبدالباسط و صديقه ...... صارت رسالة عامة للكل :?
يا اخي اكيد نحنا ولاد عم .... نظل نشتري كتب و مجلات !
الرّسالة قديمة وأكيد خاصّة، وعموماً ما فيها شي يحرز لحتى أنشرها أو ما أنشرها!
ونحن أخوة مو ولاد عم :D.

لقطه مرتبة........بس لاتنسى تدفع فاتورة الكهربا
إي والله... شلون فاتتني هي وأنا بحمص!

قرصان الأدرياتيك
21/10/2008, 01:34
فيني اتوقع هلا انو شي كتاب من كتبي الي معد اعرف وينها صارت ع شي بسطه .. ووحده من الملاحظات الكتيره الي كنت اكتبها صارت منشورة ع شي منتدى :cry:..او عم يقراها هلا شخص ما مدري وين وعم يضحك عليي:oops:
ألك عليّ يمين إذا وقع كتاب من كتبك تحت إيدي لأنشرو بكل الشبكة العنكبوتيّة!
عمَّ أمزح... لما الأشيا فيها أسرار خاصّة مو معقول الواح يطجها هون وهون.
ولو أمّ الريم :D.

حكيلي قصة الرفاء :larg:
شو با قصّة "الرفاء" خاي... ليكون مو عاجبتك؟!
إذا إي قدّم اعتراض ونتناقش :p.

اللامنتمي
21/10/2008, 01:35
وَ تبقى للرسائل ِ مُتعة ٌ خاصة وَ ذكرى عَتيقة

مَنْ كانَ يَعلمُ يا صاحِبي أنَ هذهِ الرسائل سَتقعُ يَوما ً بـِ يدِ قـُرصان :lol:

أتبيعُهُما ؟

مَنْ يَفتتح المَزاد ؟

VivaSyria
21/10/2008, 01:39
شو با قصّة "الرفاء" خاي... ليكون مو عاجبتك؟!
إذا إي قدّم اعتراض ونتناقش :p.
أخي مابها شي... بس هيك يعني درجت العاده على قول الرفاه وليس الرفاء.. مع العلم ان الصحيح قول الرفاء... بس على اعتبار درجت العاده هيك فصار سماعياً في قبول للرفاه أكتر من الرفاء...:larg:

مشان هيك قلتلك حكيلي هالقصة وماقلتلك اني معترض :sly:

قرصان الأدرياتيك
21/10/2008, 01:47
وَ تبقى للرسائل ِ مُتعة ٌ خاصة وَ ذكرى عَتيقة
مَنْ كانَ يَعلمُ يا صاحِبي أنَ هذهِ الرسائل سَتقعُ يَوما ً بـِ يدِ قـُرصان :lol:
أتبيعُهُما ؟
مَنْ يَفتتح المَزاد ؟

نوّار يا كفَّ المتع عندَ أقدام الذكريات!
تريدُ الشّراء إذاً؟! أهبهما إليك دون عناء!
كلّ المودّة :D.

اللامنتمي
21/10/2008, 01:56
أَيُّهَا القـُرصانُ السَّخيُ ،.

جعَلتَني أبْتسِـمُ كَثيراً , حَدَّ شُـعوري بـِ رائِحَةِ الجَنةِ تطوفُ بي سَـبعاً

أحتاجُ فنجانَ قهوة ٍ آخر ٍ مَعك , فـَ رغيفُ الشَـوق ِ يأمُرُني

َقَبصٌ أنتَ مِنَ النـُبل ,.

قرصان الأدرياتيك
21/10/2008, 02:01
أخي مابها شي... بس هيك يعني درجت العاده على قول الرفاه وليس الرفاء.. مع العلم ان الصحيح قول الرفاء... بس على اعتبار درجت العاده هيك فصار سماعياً في قبول للرفاه أكتر من الرفاء.
مشان هيك قلتلك حكيلي هالقصة وماقلتلك اني معترض :sly:
نعم يا صديقي، تقولُ العامّة: "بالرّفاه والبنين"، وفي هذا خطأ مبين!
فالمصدر "الرّفاه" لا وجود له في اللغة العربيّة، والصَّواب أن يُقال: "بالرَّفاهةِ" أو "بالرّفاهِيَة والبنين". للدلالة على رغد العيش.
ولهذا فالأصوب أن يُقال: "بالرّفاء والبنين". ويعني بالالتئام، والاتّفاق، واستيلاد البنين.
و"الرّفاء" من رفأ الثّوبَ، أي لأمَ خرْقَه وخاطَه. فالحياة الزوجيّة تحتاج إلى رَفءٍ كما يُرفأ الثّوب الممزّق.

وبلا تكشيرة الله يرضى عليك :D.

قرصان الأدرياتيك
21/10/2008, 02:07
أَيُّهَا القـُرصانُ السَّخيُ ،.

جعَلتَني أبْتسِـمُ كَثيراً , حَدَّ شُـعوري بـِ رائِحَةِ الجَنةِ تطوفُ بي سَـبعاً

أحتاجُ فنجانَ قهوة ٍ آخر ٍ مَعك , فـَ رغيفُ الشَـوق ِ يأمُرُني

َقَبصٌ أنتَ مِنَ النـُبل ,.


ربُّ الأكوانِ يهبُ الإنسانَ والحياةَ وكلّ خليقةٍ تدبُّ على الأرضِ من طيبِه ورحمته،
لا بل يهبُ آدمَ من ذاته وكيانِه!
فكيفَ لبشرٍ فقيرٍ مثلي أن يمنعَ صديقاً حبيباً عن قشّة من تلال هذا العالم الماديّ الكبير؟!
وأنا مثلُك، وقد أطارَ الشّوقُ لبّي وذهبَ بما تبقّى من عقلي، أحتاجُ إلى قهوةٍ ولفافةٍ من لفافات "ميترا"!
أحتاج إليها معك لا أكثر.

شايفلك يا أبو النّور الرّسالتين والفاتورة رح يضيعوا بين الرجلين :lol:.