dot
11/10/2008, 15:01
بقلم : مــ .فايز فوق العادة
ولد القمر بعد مئتي مليون سنة من تكون الأرض إثر اصطدام هائل وقع بين الأرض وبين كويكب قديم بحجم المريخ. تناثرت شظايا الكويكب الصغير في الفضاء المجاور للأرض وعادت لتجتمع وتكون القمر، بقي كوكب الأرض أثناءه جمرة ساخنة في الفضاء، كان القمر أقرب بكثير للأرض، يمارس القمر فعل مد ثقالي على الأرض يؤدي إلى إبطاء دورة الأرض حول نفسها، ترد الأرض بفعل معاكس يؤدي إلى إبعاد القمر، هكذا يزيد طول اليوم على الدوام، ويترافق ذلك مع الابتعاد التدريجي للقمر عن الأرض. غدا طول اليوم الآن أربع وعشرين ساعة وسيصبح ثماني وستين ساعة في غضون ثلاثين مليون سنة من الآن، حيث يفلت القمر من قبضة الجذب الثقالي للأرض بشكل نهائي. لو لم يكن القمر موجوداً لزاد طول اليوم بفعل المد الثقالي للشمس لكن بمعدلات ضئيلة، بالتالي لاختلفت الساعات البيولوجية لكل الكائنات الحية على أرضنا.
عندما كان القمر على ربع بعده الحالي عن الأرض كان أكبر حجماً في السماء، واقع الأمر أن حجمه الظاهري كان يعادل أربعة أضعاف حجمه الظاهري الحالي. كان القمر يعود إلى الموقع نفسه من السماء بالنسبة لخلفية النجوم البعيدة كل ثلاثة أيام ونصف، تعرف هذه المدة بالشهر القمري النجمي وتساوي حالياً 27.5 يوم تقريباً. أما عودة الشمس والقمر والأرض للتراصف على استقامة واحدة فكانت تحدث كل أربعة أيام مقابل 29.5 يوماً تقريباً في وقتنا الراهن، وهي الشهر القمري الشمسي، كانت أحداث الخسوف والكسوف كثيرة جداً تصل إلى مئتي حدث كل سنة. أما العدد المناظر حالياً لهذه الأحداث فلا يتجاوز عدد أصابع اليدين. كان القرب الشديد للقمر من الأرض يضع القمر في مواجهة القذائف الكونية التي كان معظمها يسقط على القمر. بكلمات أخرى كان القمر خط الدفاع الأول عن الأرض، ولا أدل على ذلك من انتشار الفوهات النيزكية على سطحه بمعدلات عالية. لو كان القمر على المسافة القريبة نفسها منذ مئة مليون سنة تقريباً لما أصيبت الأرض بالنيزك الكبير الذي قضى على الديناصورات، التي ربما كانت بقيت حتى الوقت الراهن!
كانت أمواج المد تصل 64 ضعفاً من الارتفاع الذي تبلغه الآن. بالتالي كانت معدلات حت الشواطئ والقارات مرتفعة جداً. لو كان الجنس البشري موجوداً آنذاك لما استطاع أي إنسان أن يستمتع بالنزهة على الشاطئ وبالسباحة في البحر! كانت قوى المد الهائلة تسحب جبال الجليد من قطبي الأرض وتدفعها صوب خط الاستواء، يعني ذلك أن الطقس كان أكثر اعتدالاً، ولم تكن الفروق كبيرة بين أحوال الطقس في البقاع المتباينة من الأرض.
كان الفعل المد القمري قوياً إلى حد تأثيره في اليابسة مما تمخّض عن زلازل عنيفة أدت إلى صدوع هائلة في القشرة الأرضية، وكانت إضاءة القمر أشد من إضاءته الحالية فقد كانت تكافئ 16 ضعفاً الإضاءة الحالية على الأقل، لذا كانت سماء الأرض تبدو زرقاء في الليل كما تظهر الآن في لانهار! إن الناظر من الأرض في ذلك الوقت لم يكن ليلاحظ أي جسم سماوي باستثناء القمر! فلو وجد علماء فلك في ذلك الوقت لما اكتشفوا الكون المعروف ولاقتصرت معرفتهم على الشمس والقمر وحسب! يعني ذلك أن ظهور علم الفيزياء كان سيتأخر بدوره! لقد برز علم الفيزياء كما هو معروف على خلفية المعلومات التي تراكمت بمراقبة الأحداث السماوي، فعلى سبيل المثال وليس الحصر أدت الأعداد الكبيرة من الأرصاد الفلكية التي أجراها تيخو براهة إلى اكتشاف قانون الجذب الثقالي، فقد أخذ كبلر هذه الأرصاد وبنى على أساسها قوانينه الثلاثة الخاصة بحركة الكواكب حول الشمس، انتهت قوانين كبلر إلى نيوتن الذي لم يجد تفسيراً لها إلا قانونه التاريخي في الجذب الثقالي.
من جانب آخر كان اكتشاف الكهرباء سيتأخر بدوره.. ذلك أن انفصال ظاهرة الصواعق وتفردها وارتباطها بحركات الغيوم أتاح المجال لاعتبارها ظاهرة مستقلة، عندما كان القمر قريباً من الأرض كانت قوى المد المؤثرة في اليابسة تزيد من عدد البراكين المتفجرة والتي كان لهيبها يبلغ ارتفاعات كبيرة، الأمر الذي كان من الممكن أن يربط ظاهرة الصواعق بها على نحو غير صحيح.
تفيدنا الأرصاد الفلكية المعاصرة بوجود أحزمة أفقية من الرياح في كوكبي المشتري وزحل، يعزى ذلك إلى عاملين: الأول السرعة الكبيرة لدورة كل من الكوكبين حول نفسه، والثاني الأثر المهمل لفعل المد الثقالي لتوابع كل من الكوكبين على البنية الفيزيائية للكوكب هكذا لو كان القمر غير موجود لسادت على الأرض ريح شرقية غربية أفقية شديدة جداً. في كوكب كهذا لا تستطيع الأشجار أن ترتفع عالياً، وقد تنقلب معظم الأشجار، كما أن الأوراق العريضة مستحيلة ولا شك. إن الأوراق ستكون إبرية مما يخفض إجمالي مساحات أوراق الأشجار الأمر الذي يفضي إلى معدلات واطئة لإطلاق الأوكسجين في الغلاف الجوي
هكذا تغدو الحياة الحيوانية صعبة، وقد تتأخر في الظهور لفترات طويلة نظراً لأن التنفس يضطرب ويربك في الريح الشديدة فإن العضلات الصدرية ستكون أقوى بكثير لتوفر الحركة الحرة المطلوبة للرئتين، ستكون بحوزة الكائنات مخالب قوية تسمح بالتشبث في وجه الريح الشديدة..
قلا لا تظهر على أرض بلا قمر كائنا من ذوات الدم الحار!! فالسرعة الكبيرة للريح تضمن المبادلات الحرارية بسهولة ويسر بين الكائن وبين المحيط، يتعقد سماع الأصوات بدوره للسبب نفسه، إذ تلغي الريح القوية كثيراً من الأصوات التي يمكن سماعها، ولا بد من تصميم مغاير للآذان تتوجه الآذان بموجبه وتسدد نحو مصدر صوتي محدد دون غيره! وقد تكون هناك أجهزة حس مختلفة تتبادل الكائنات المعلومات بواسطتها، قد تعمد الكائنات إلى بث الموجات الراديوية أو إلى استخدام الترميز الضوئي اللوني في الليل كما هو حال الأسماك المضيئة على كوكبنا الآن، ربما أن الحماس للرحلات الفضائية سيخف في البدء لفقدان هدف كوني قريب يسهل الوصول إليه. كما سيفتقد المستقبل البعيد قاعدة تعدم الغلاف الجوي وتفتح آفاق الأبحاث الكونية، ذلك أن العلماء يخططون لاستخدام القمر قاعدة علمية أثناء القرن القادم..
في أرض بلا قمر لن يتغنى الشعراء بالقمر وسيتحول الجميع إلى مرجع آخر لمقايسة الجمال.
ولد القمر بعد مئتي مليون سنة من تكون الأرض إثر اصطدام هائل وقع بين الأرض وبين كويكب قديم بحجم المريخ. تناثرت شظايا الكويكب الصغير في الفضاء المجاور للأرض وعادت لتجتمع وتكون القمر، بقي كوكب الأرض أثناءه جمرة ساخنة في الفضاء، كان القمر أقرب بكثير للأرض، يمارس القمر فعل مد ثقالي على الأرض يؤدي إلى إبطاء دورة الأرض حول نفسها، ترد الأرض بفعل معاكس يؤدي إلى إبعاد القمر، هكذا يزيد طول اليوم على الدوام، ويترافق ذلك مع الابتعاد التدريجي للقمر عن الأرض. غدا طول اليوم الآن أربع وعشرين ساعة وسيصبح ثماني وستين ساعة في غضون ثلاثين مليون سنة من الآن، حيث يفلت القمر من قبضة الجذب الثقالي للأرض بشكل نهائي. لو لم يكن القمر موجوداً لزاد طول اليوم بفعل المد الثقالي للشمس لكن بمعدلات ضئيلة، بالتالي لاختلفت الساعات البيولوجية لكل الكائنات الحية على أرضنا.
عندما كان القمر على ربع بعده الحالي عن الأرض كان أكبر حجماً في السماء، واقع الأمر أن حجمه الظاهري كان يعادل أربعة أضعاف حجمه الظاهري الحالي. كان القمر يعود إلى الموقع نفسه من السماء بالنسبة لخلفية النجوم البعيدة كل ثلاثة أيام ونصف، تعرف هذه المدة بالشهر القمري النجمي وتساوي حالياً 27.5 يوم تقريباً. أما عودة الشمس والقمر والأرض للتراصف على استقامة واحدة فكانت تحدث كل أربعة أيام مقابل 29.5 يوماً تقريباً في وقتنا الراهن، وهي الشهر القمري الشمسي، كانت أحداث الخسوف والكسوف كثيرة جداً تصل إلى مئتي حدث كل سنة. أما العدد المناظر حالياً لهذه الأحداث فلا يتجاوز عدد أصابع اليدين. كان القرب الشديد للقمر من الأرض يضع القمر في مواجهة القذائف الكونية التي كان معظمها يسقط على القمر. بكلمات أخرى كان القمر خط الدفاع الأول عن الأرض، ولا أدل على ذلك من انتشار الفوهات النيزكية على سطحه بمعدلات عالية. لو كان القمر على المسافة القريبة نفسها منذ مئة مليون سنة تقريباً لما أصيبت الأرض بالنيزك الكبير الذي قضى على الديناصورات، التي ربما كانت بقيت حتى الوقت الراهن!
كانت أمواج المد تصل 64 ضعفاً من الارتفاع الذي تبلغه الآن. بالتالي كانت معدلات حت الشواطئ والقارات مرتفعة جداً. لو كان الجنس البشري موجوداً آنذاك لما استطاع أي إنسان أن يستمتع بالنزهة على الشاطئ وبالسباحة في البحر! كانت قوى المد الهائلة تسحب جبال الجليد من قطبي الأرض وتدفعها صوب خط الاستواء، يعني ذلك أن الطقس كان أكثر اعتدالاً، ولم تكن الفروق كبيرة بين أحوال الطقس في البقاع المتباينة من الأرض.
كان الفعل المد القمري قوياً إلى حد تأثيره في اليابسة مما تمخّض عن زلازل عنيفة أدت إلى صدوع هائلة في القشرة الأرضية، وكانت إضاءة القمر أشد من إضاءته الحالية فقد كانت تكافئ 16 ضعفاً الإضاءة الحالية على الأقل، لذا كانت سماء الأرض تبدو زرقاء في الليل كما تظهر الآن في لانهار! إن الناظر من الأرض في ذلك الوقت لم يكن ليلاحظ أي جسم سماوي باستثناء القمر! فلو وجد علماء فلك في ذلك الوقت لما اكتشفوا الكون المعروف ولاقتصرت معرفتهم على الشمس والقمر وحسب! يعني ذلك أن ظهور علم الفيزياء كان سيتأخر بدوره! لقد برز علم الفيزياء كما هو معروف على خلفية المعلومات التي تراكمت بمراقبة الأحداث السماوي، فعلى سبيل المثال وليس الحصر أدت الأعداد الكبيرة من الأرصاد الفلكية التي أجراها تيخو براهة إلى اكتشاف قانون الجذب الثقالي، فقد أخذ كبلر هذه الأرصاد وبنى على أساسها قوانينه الثلاثة الخاصة بحركة الكواكب حول الشمس، انتهت قوانين كبلر إلى نيوتن الذي لم يجد تفسيراً لها إلا قانونه التاريخي في الجذب الثقالي.
من جانب آخر كان اكتشاف الكهرباء سيتأخر بدوره.. ذلك أن انفصال ظاهرة الصواعق وتفردها وارتباطها بحركات الغيوم أتاح المجال لاعتبارها ظاهرة مستقلة، عندما كان القمر قريباً من الأرض كانت قوى المد المؤثرة في اليابسة تزيد من عدد البراكين المتفجرة والتي كان لهيبها يبلغ ارتفاعات كبيرة، الأمر الذي كان من الممكن أن يربط ظاهرة الصواعق بها على نحو غير صحيح.
تفيدنا الأرصاد الفلكية المعاصرة بوجود أحزمة أفقية من الرياح في كوكبي المشتري وزحل، يعزى ذلك إلى عاملين: الأول السرعة الكبيرة لدورة كل من الكوكبين حول نفسه، والثاني الأثر المهمل لفعل المد الثقالي لتوابع كل من الكوكبين على البنية الفيزيائية للكوكب هكذا لو كان القمر غير موجود لسادت على الأرض ريح شرقية غربية أفقية شديدة جداً. في كوكب كهذا لا تستطيع الأشجار أن ترتفع عالياً، وقد تنقلب معظم الأشجار، كما أن الأوراق العريضة مستحيلة ولا شك. إن الأوراق ستكون إبرية مما يخفض إجمالي مساحات أوراق الأشجار الأمر الذي يفضي إلى معدلات واطئة لإطلاق الأوكسجين في الغلاف الجوي
هكذا تغدو الحياة الحيوانية صعبة، وقد تتأخر في الظهور لفترات طويلة نظراً لأن التنفس يضطرب ويربك في الريح الشديدة فإن العضلات الصدرية ستكون أقوى بكثير لتوفر الحركة الحرة المطلوبة للرئتين، ستكون بحوزة الكائنات مخالب قوية تسمح بالتشبث في وجه الريح الشديدة..
قلا لا تظهر على أرض بلا قمر كائنا من ذوات الدم الحار!! فالسرعة الكبيرة للريح تضمن المبادلات الحرارية بسهولة ويسر بين الكائن وبين المحيط، يتعقد سماع الأصوات بدوره للسبب نفسه، إذ تلغي الريح القوية كثيراً من الأصوات التي يمكن سماعها، ولا بد من تصميم مغاير للآذان تتوجه الآذان بموجبه وتسدد نحو مصدر صوتي محدد دون غيره! وقد تكون هناك أجهزة حس مختلفة تتبادل الكائنات المعلومات بواسطتها، قد تعمد الكائنات إلى بث الموجات الراديوية أو إلى استخدام الترميز الضوئي اللوني في الليل كما هو حال الأسماك المضيئة على كوكبنا الآن، ربما أن الحماس للرحلات الفضائية سيخف في البدء لفقدان هدف كوني قريب يسهل الوصول إليه. كما سيفتقد المستقبل البعيد قاعدة تعدم الغلاف الجوي وتفتح آفاق الأبحاث الكونية، ذلك أن العلماء يخططون لاستخدام القمر قاعدة علمية أثناء القرن القادم..
في أرض بلا قمر لن يتغنى الشعراء بالقمر وسيتحول الجميع إلى مرجع آخر لمقايسة الجمال.