Nihal Atsiz
28/09/2008, 13:46
الأسطورة الأولى:
أسطورة الخلق (ياراديليش دستانى)
الشخصيات في الإسطورة
قره خان: الإله
أرليكك: أول إنسان كان صديق الإله ثم عصاه
دوغاناي: الإنسان الذي أكل من الشجرة المحرمة
أجه: زوجة دوغاناي والتي حرضته على أكل ثمار الشجرة المحرمة
گوك أوغلو: الروح الذي أصبح وسيطاً بين الإله قره خان والبشر
ئولو كيشي : أكثر الأرواح طاعةً للإله قره خان وأحبهم إلى قلبه
گون آشان: أحد الأرواح المسئولين عن الحماية على سطح الأرض
آغجا داغ: الروح المسئول عن حماية أرواح الأموات
ألما آتا: الروح المسئول عن حماية الشمس والقمر
قبل كل شيء كان الماء، لم تكن هنالك الأرض أو السماء ولم يكن القمر أو الشمس، وكان هنالك إلهاً يدعى (قره خان) ومعه إنسانٌ واحد فقط لا غير، وكانا كلاهما – الإله والإنسان – على شكل إوزتين سوداوين، وكانا يطيران على سطح الماء
لم يكن الإله قره خان يفكر وقتها بأي شيء، وقتها قام ذلك الإنسان بإيجاد الرياح مما أدى إلى ظهور الأمواج على الماء، تلك الأمواج التي بدأت تنثر الماء على وجه الإله قره خان، عندما رأى الإنسان ذلك اعتقد أنه يمتلك قوة أكبر من قوة الإله، فأراد أن يطير أعلى وأعلى
لكنه لم يستطع الطيران عالياً فوقع في الماء وبدء يغرق نحو العمق، كان على وشك الإختناق، بدء ينادي ويصيح للإله قره خان كي يساعده وينقذه
أمر الإله قره خان الماء، فطفا الإنسان على الماء قبل أن يختنق، بعدها أمر الإله قره خان فتكونت صخرة صلبة خرجت من أعماق المياه، فجلس الإله قره خان والإنسان على تلك الصخرة، ومن ثم أمر الإله قره خان الإنسان أن يغوص ليأته بحفنة تراب من قاع الماء، فنفذ الإنسان على الفور أمر الإله، وقدم حفنة التراب التي أتى بها من الأعماق للإله قره خان
نثر الإله قره خان التراب الذي أتى به الإنسان على سطح الماء قائلاً: (فلتكن أرضاً) فكانت الأرض، وهكذا تم خلق الأرض، وبعدها أمر الإله قره خان الإنسان مجدداً أن يغوص إلى القاع ويأته بحفنة ترابٍ أخرى، لكن الإنسان هذه المرة وأثناء غوصه إلى القاع فكر بأن يأخذ لنفسه أيضاً حفنةً من التراب، فقام بأخذ التراب بكلتا يديه، ولكي يخفي إحداهما عن الإله قره خان قام بوضع التراب في فمه، وكان هدفه من ذلك هو خلق أرض خاصة به
وهو مستغرق في التفكير بهذا قدّم للإله قره خان التراب الذي أتى به من القاع، فنثر الإله قره خان التراب فوق الماء وأمره بالتوسع، بدء التراب المنثور بالتوسع وبدء التراب الذي في فم الإنسان بذلك أيضاً، لقد خاف الإنسان الذي لم يكن يعتقد أن ذلك قد يكون، وبدأت أنفاسه تتقطع، وكان على وشك الموت، بدء بالركض، لكن أينما ركض فهو يركض داخل مُلكِ الإله قره خان وضمن وجوده، لذا لم يكن يستطيع الهروب منه، لكن وعندما فقد الأمل بدء بالاستغاثة للإله قره خان ليقوم بإنقاذه
سأل الإله قره خان الإنسان: لماذا خبئت التراب في فمك، فأجابه الإنسان (كي استطيع خلق أرض خاصةٍ بي) فأمره الإله قره خان أن يرمي التراب من فمه كي ينجو ففعل الإنسان ذلك، والتراب الذي خرج من فمه تناثر ليكوّن الهضاب على سطح الأرض، عندها قال الإله قره خان للإنسان: من اليوم فصاعداً أصبحت مذنباً، ورغم كل شيء عصيتني وفكرت بالسوء، وابتداءاً من هذا اليوم فالأشخاص الذين سيفعلون مثلما فعلت أنت ويفكرون مثلما فكرّت أنت، سيكون مآلهم وخيم، أما الذين سيعملون على طاعتي فسيكونون ذو فكرٍ سليمٍ راجح، وسيعيشون على ضوء الشمس، وابتداءاً من هذا اليوم أيضاً سيكون اسمك (أرليك) وسيكون رجالك أولائك الذين يقومون بإخفاء ذنوبهم عنّي، وسيكون رجالي أولائك الذين يخفون ذنوبهم عنك
في هذه الأثناء نمت على الأرض شجرةٌ لا تحمل أي أغصانٍ أو عُقَد، لقد سر الإله قره خان عندما رأى هذه الشجرة، لكنه قال: إن النظر إلى شجرة لا يوجد عليها أغصان ليس بالشيء الممتع، فليكن عليها تسعة أغصان، وقبل أن ينتهي كانت الأغصان التسعة قد تفرعت عن الشجرة، وعندما رأى الإله قره خان ذلك قال: فليخلق من كل غصن من تلك تسعة رجال، وليكونوا تسعة شعوب
عندما خلق الإله قره خان ذلك سمع أرليك ضوضاء شديدة، ما سبب تلك الضوضاء عجباً..؟، فكر أرليك بذلك ثم انطلق إلى الإله قره خان ليسأله، وعندما وصل قال له الإله قره خان: اسمع يا أرليك أنا ملك وأنت ملك، إن الضجيج الذي سمعته صادر عن البشر الذين خلقتهم أنا)، ترجى أرليك الإله قره خان كثيراً ليمنحه ما خلق من بشر، لكن الإله قره خان رفض ذلك بشدة وقال له، (انصرف إلى عملك) ففعل ما أمر لكن أرليك ذهب وهو ممتعضٌ من الإله قره خان، وقال في نفسه أثناء الذهاب (فلأرى أولائك الناس الذين خلقهم الإله) وذهب نحوهم، كان إلى جانب البشر الذين خلقهم الإله الكثير من الحيوانات البرية والطيور ومخلوقات جميلة وكثيرة مما لا يعرفه أرليك، سأل أرليك نفسه: (عجباً كيف يا ترى خلق قره خان هذه المخلوقات؟ ماذا يأكلون هنا يا ترى وماذا يشربون؟) بدء يفكر بتلك الأسئلة، وهو واقفٌ يتأمل ويحاول أن يجد الأجوبة بدء الناس بأكل ثمار الشجر، أمعن أرليك النظر بهم فرآهم يأكلون ثمار الشجرة فقط من طرفٍ واحد تاركين القسم الآخر، ذهب نحو أولائك البشر ليعرف سبب ذلك فكان جوابهم على النحو التالي، (الرب قد منعنا من أكل هذا الجنب من ثمار الشجرة، ونحن لهذا السبب لا نقوم بأكل ثمار هذا الجنب، ولا نأكل إلا الثمار التي هي من جهة شروق الشمس، وذلك الكلب وتلك الأفعى الذين تراهما ها هنا يحرسون ذلك القسم كي لا نأكل منه قط) لقد سر أرليك كثيراً بتلك المعلومات بدلاً من أن يمتعض، وقال لأحد الأشخاص الموجودين حول تلك الشجرة ويدعى دوغاناي (لقد كذب عليكم قره خان، يجب عليكم أن تأكلوا من الثمار التي منعكم أن تأكلوا منها، فتلك الثمار أطيب من تلك التي تأكلون، كلوا منها وسترون ذلك) وقام أرليك بالدخول إلى فم الأفعى التي كانت نائمة وطلب منها الصعود إلى الشجرة، وبالفعل صعدت الأفعى على الشجرة وأكلت من تلك الثمار التي كان الإله قره خان قد منعهم من أكلها، وتبعت الأفعى في الأكل زوجة دوغاناي وتدعى (أجه)، لقد أصر أرليك على دوغاناي كي يأكل من تلك الثمار، لكن دوغاناي ورغم اصرار أرليك عليه لم يأكل من تلك الثمار فيما لم تستطع زوجته أجه ان تقاوم، لقد كانت تلك الثمار لذيذة للغاية، فحملت أجه ثمرة ودهنتها على فم دوغاناي، وعندما تذوقها دوغاناي بدء الشعر يتساقط من على أجساد الناس الذين اكلوا من تلك الثمار، فبدؤوا ينظرون إلى بعضهم خجلين ثم ركضوا ليجد كل واحد منهم شجرة يختبئ خلفها وقتها وصل الإله قره خان إلى ذلك المكان، كان الناس كلهم قد هربوا وكل واحدٍ منهم قد وجد لنفسه زاوية يختبئ فيها، بدء الإله قره خان يصيح وينادي .... دوغاناي .. دوغاناي .. أجه.. أجه.. أينكم فأجاب كلٌ من دوغاناي وأجه: نحن خلف بين الأشجار، لكننا لا نستطيع أن نظهر إليك لأننا خجلين للغاية وبدؤوا يقصّون عليه ما حدث، غضب الإله قره خان عندما سمع أحداث القصة التي هو عالمٌ بها وفرض عقوبة على كل واحد منهم، وقال لهم (وأنتم أيضاً أصبحتم منذ الساعة جزءاً من أرليك) وأول عقوبة كانت بحق الأفعى إذ قال لها الإله: منذ اليوم سيكون البشر أعداؤك، كلما رأوك فليضربوك وليميتوك ثم أتى دور أجه فقال لها: لقد صدقتي ما قاله أرليك، وأكلت من تلك الثمرة التي منعتكم من أكلها، لذا ستنالين عقابك، سيكون عقابك أن تلدي الأطفال، وأثناء الولادة سترين أشكالاً وألواناً من الأذى والآلام، وفي النهاية ستموتين لتذوقين طعمة الموت ثم نظر إلى دوغاناي وقال له: لقد أكلت مما عرضه عليك أرليك، ولم تصغي إلى ما أمرتك به، وبما أنك صدقت ما قاله أرليك إذاً من اليوم فصاعداً ستكون من رجاله وستعيش في بلاده، بلاد الظلام بعيداً عن نوري، ولو كنت قد أصغيت إلي لكنت قد صرت مثلي، ولأنك لم تمتثل لأوامري فسيكون لديك تسعة أولاد ذكور وتسعة أولاد إناث، وبعد ذلك لن أخلق أي إنسان، فالناس سيتكاثرون من نسلك، وقتها افعل ما يحلوا لك ثم سال الإله قرخان أرليك غاضباً: لماذا خدعت رجالي يا أرليك فأجاب أرليك: لقد طلبتهم منك ولم تمنحني إياهم، فقمت بسرقتهم منك، وسأبقى أسرقهم منك، وإذا هربوا على الخيول سأوقعهم من عليها وأقوم بسرقتهم، وإذا شربوا الخمر سأصنع بينهم الخلاف وأجعلهم يتشاجرون، وإذا دخلوا إلى الماء، أو تسلقوا الأشجار سأقوم بسرقتهم فنظر إليه الإله قره خان وقال له: إذا كان على هذا النحو فإني مرسلك إلى تحت الأرض بثلاث طبقات، إلى عالم مظلم لا يصل إليه نور الشمس أو القمر، وهذه ستكون عقوبتك وبعد أن انتهى من هؤلاء التفت الإله قره خان إلى بقية الموجودين وقال: من اليوم فصاعداً ستحصلون على طعامكم بتعبكم أنتم، وبقوتكم وجهدكم، لن تأكلون من طعامي قط، ولن أظهر لكم بعد اليوم وجهاً لوجه وسيكون محرمٌ عليكم رؤيتي، وعندما أريد منكم أي شيء سأرسل لكم گوك أوغلو
جلس الإله قره خان وعلم گوك أوغلو على الكثير من الأشياء، وعلم بدوره گوك أوغلو الناس ذلك، فصنع لهم العربة، وعلمهم أيضاً أي النباتات يأكلون وكيف يكون أكلها وفي تلك الأثناء كان أرليك يقوم بالتوسل إلى گوك أوغلو ويقول له: يا گوك أوغلو.. ساعدني، أطلب لي إذناً من الإله قره خان، وأبلغه عن رغبتي بالصعود إلى جنبه، أرجوك ساعدني، نقل گوك أوغلو ما طلبه أرليك للإله قره خان، لكن الإله قره خان لم يلتفت حتى إلى ما قاله، بقي أرليك أربعون عاماٌ يتوسل دون أن يكل أو يمل من ذلك، وبعد ستين سنة أرسل الإله قره خان إلى أرليك خبراً فحواه: أنهي معاداتك للبشر وعدني أنك لن تقوم تجاههم بأي عمل سيء وأنا سأسمح لك وقتها ان تأتي لتسكن عندي، قام أرليك ووعد الإله قره خان بذلك وصعد إلى جنب الإله، وانحنى له، وقال له: باركني، وامنحني إذنك كي أخلق لنفسي أيضاً سماوات، قال ذلك مفرطاً في الترجي وافق الإله قره خان على ذلك ومنحه الإذن، أرليك الذي استطاع انتزاع ذلك الإذنت من الإله قره خان خلق سموات خاصة به قام بجمع رجاله فيها وأصبح زعيماً عليهم، تكاثروا هناك بشكلٍ كبير، الأمر الذي أحزن (ئولو كيشي) كثيراً، وئولو كيشي هو أكثر عبيد الإله قره خان طاعةً وأحبهم إلى قلبه، وبدء ئولو كيشي بالتفكير رغم ما عليه من حزن وقال: إن البشر الذين يحبون ومرتبطون بنا يعيشون حياةً قاسية على الأرض فيما أتباع أرليك يسرحون ويمرحون في السماء، إن هذا الأمر لا يشبه أي أمر سمعت به من قبل، مستغرقاً في ذلك التفكير الحزين، قرر أن يعلن الحرب على أرليك وذلك من غيرته على الإله قره خان، لكن أرليك كان أقوى من أن يهزمه ئولو كيشي، تضاربوا بالنار واستطاع أرليك أن يرغم ئولو كيشي على الفرار، توجه بعدها ئولو كيشي فوراً إلى حضرة الإله قره خان، فسأله الإله: من أين أن آتٍ يا ئولو كيشي، فرد ئولو كيشي، إن جلوس رجال أرليك في السماء يسرحون ويمرحون وجلوس أتباعنا على الأرض يعيشون حياة شقاءٍ وبؤس قد أثارت في نفسي الضغينة، فرأيت ضرورة إنزال أرليك وأتباعه إلى الأرض ليعيشوا هناك ونقلب سماواتهم على رؤوسهم فقمت بإعلان الحرب عليهم، لكنني لم أستطع هزيمتهم، لقد استطاع أرليك أن يهزمني، قال تلك الكلمات وهو بمنتهى الحزن والدمعة ترسم طريقها على وجنتيه
طلب الإله قره خان من ئولو كيشي أن لا يحزن أبداً، وقال له: لا يستطيع أحدٌ أن يهزم أرليك غيري، فأنا الوحيد الذي أقوى على هزيمته، إن قوة أرليك أكبر من قوتك يا ئولو كيشي، لكن سيأتي اليوم الذي تصبح فيه قوتك أكبر من قوة أرليك يا ئولو كيشي ، بعد أن سمع ئولو كيشي هذه الكلمات طار من الفرح وارتاح قلبه واستطاع أن ينام بأمان وهدوء جاء اليوم الذي شعر فيه ئولو كيشي أنه أصبح على قدر من القوة تسمح له بمقارعة أرليك، وفي اليوم نفسه دعا الإله قره خان ئولو كيشي كي يأتي إليه، وعندما وصل إلى حضرة الإله قال له الإله: هيا اذهب إليه الآن، فأنت أصبحت قوياً بما يكفي، لقد منحتك قوة تستطيع من خلالها أن تهدم سماوات أرليك على رأيه، اليوم ستستطيع أن تصل إلى مرادك ذلك أني أعطيتك قوة من قوتي أنا
لقد ذهل ئولو كيشي من ذلك، وقال: أنني لا أمتلك قوساً ولا سهماً، ولا حتى حربة أو سيفاً محدباً، وساعدي ساعدٌ مُتَرَهّل، إن بقوة ساعدي لوحدها لن استطيع أن أهزم أرليك أبداً
قام الإله قره خان ومنح ئولو كيشي حربة، فحمل ئولو كيشي تلك الحربة وذهب لمقاتلة أرليك، استطاع هزيمة أرليك، فهرب أرليك بعيداً، خرّب له سماواته محطماً فيها كل شيء، لقد تحطمت سماوات أرليك وأصبحت قطعاً متناثرة وتم رميها على الأرض، قبل تلك الأحداث كان سطح الأرض مستوياً تماماً وبعد ذلك اليوم أصبح سطح الأرض مليئاً بالصخور بسبب رمي أنقاض مملكة أرليك على سطح الأرض، لقد امتلأت الأرض بالجبال والتلال الصغيرة، الأرض التي خلقها الإله بعناية وجمال أصبح سطحها متشققاً ممتلئ بالنتوءات، أما أنصار أرليك فقد تم رميهم أيضاً على سطح الأرض، فمن سقطوا على البحار ماتوا غرقاً، واللذين سقطوا على الأشجار لفظوا أنفاسهم الأخيرة عليها، والذين سقطوا على الأحجار والصخور ماتوا عليها أيضاً، والذين سقطوا على الحيوانات ماتوا تحت أقدام تلك الحيوانات وبعد كل هذه الأحداث ذهب أرليك إلى الإله قره خان طالباً منه أن يمنحه أرضاً خاصةً به إذا قال له: أنت يا إله من وافقت على تدمير سماواتي، ولم يعد اليوم لي أي ملجئ ألجئ إليه، فقام الإله قره خان وأمر بنفي أرليك إلى تحت الأرض حيث بلاد الظلمة، وضرب فوقه سبعة طبقات وسبعة أقفال، وقال له: هنا لن تستطيع أن ترى ضوء الشمس أو ضوء القمر، فإذا أصبحت شخصاً جيداً سأعود وآخذك إلى حظيّتي، أما إذا بقيت على ما أنت عليه فلن تجد مني إلا أن أغمق لك مقامك في درك الأرض، فكان جواب ارليك: إذا امنحني يا إله أرواح من مات من البشر، فأبدانهم تكون لك أما أرواحهم فستلزمني، فرد عليه الإله قره خان وقال: لا حتى هذه الأرواح لن أمنحك إياها، إذا كنت تريد مثلها فاخلقها بنفسك، وهكذا وبعد أن أخذ أرليك إذناً من الإله قره خان بالخلق أخذ غلى يده مطرقة وكيراً وسندانا وبدء بالطرق، ومع كل طرقة كان يخلق حيواناً، وكانت تلك الحيوانات بالترتيب هي: الضفدع، الأفعى، الدب، الخنزير والجمل، كما قام بعدها بملء الأرض أرواحاً شريرة، عندها أتى الإله قره خان وأخذ المطرقة والكير والسندان من يدي أرليك وألقى بهم إلى النار، فأصبح الكير امرأة وأصبحت المطرقة رجلاً، أمسك الإله قره خان المرأة وبصق على وجهها، فأصبحت طائراً لا يؤكل لحمه ولا يُنتَفع من ريشه ابداً ويدعى بطائر القورداي وطارت بعيداً، ثم امسك الإله قره خان بالرجل وبصق أيضاً على وجهه فأصبح طائراً يسمى يالبان، طار هو الأخر وابتعد
وبعد هذه الأحداث التفت الإله قره خان إلى البشر مخاطباً إياهم: أنا الذي أعطيتكم المال، ومنحتكم الطعام، وأعطيتكم أيضاً كل ما هو نظيفٌ وجميل على سطح الأرض، وكنت على الدوم مساعداً لكم، لذا عليكم أن تكونوا جيدين وتعملوا كل ما هو جيد، أنا ومنذ الحين سأنسحب نحو سماواتي، ولا أظن بأني سأعود إلى هنا ثانيةً، ثم التفت إلى الأرواح التي تساعده قائلاً: أنت يا گون آشان، ينبغي عليك أن تحمي أولائك الذين يشربون الخمر ويضيعون عقولهم وأن تحمي الأولاد الصغار ومهور الخيل وعجول البقر، لا يجب أن يمسهم أحد بسوء، وكل من يساعدهم أيضاً يجب أن تأخذ روحه بعدما يموت إلى السعادة، أما الذين ينتحرون فلا تأخذ أرواحهم إلى السعادة، ولا تحمي من ينظر إلى أموال الأثرياء بحسد ولا السارقين ولا الذين يقومون بنشر العداوات بين البشر، واحمي الملوك الذين يحاربون من أجل أهلهم وأوطانهم، وخذ أرواح من مات في تلك المعارك مدافعاً عن وطنه إلى السعادة، وأحضره إلى نعيم حضرتي، أيها الناس إني قد ساعدتكم، وأبعدت عنكم الأرواح الشريرة، فإذا اقتربت تلك الأرواح من البشر فليمنحها البشر القليل من الطعام، لكنني آمركم أن لا تأكلوا أبداً من طعام تلك الأرواح، فإن من يأكلها سيصير منهم، إنني الآن سأترككم لكننا سنلتقي فلا تنسوني، ولا تظنوا أبداً بأنني لن ألقاكم مجدداً، لكن في اللقاء التالي سوف يكون هنالك حساب بيننا عما فلعتوه من حسناتٍ وسيئات، والآن سيكون مكاني كلاً من آغجا داغ، ئولو كيشي وگون آشان، وسيكونون عوناً لكم، أنت يا آغجا داغ، إنتبه وكن يقظاً فأرليك يريد أن يسرق أرواح الأموات من بين يديك، إذا حاول ذلك أخبر ئولو كيشي، فهو قوي، وأنت يا گون آشان أصغي إلي، احذر أن تسمح لأي من الأرواح الشريرة التي تسكن في بلاد الظلام تحت الأرض أن تصعد إلى سطحها، وإذا استطاع أحدهم الخروج إلى سطح الأرض اذهب مباشرتاً إلى گوك أوغلو وأخبره بذلك، فأنا قد أعطيته قوة تكفيه لهذه المهمة، فهو قادر على طرد تلك الأرواح الشريرة
ألما آتا عليك أن تحرس الشمس والقمر، وتبعد كل السيئين الذين يحاولون الاقتراب من ئولو كيشي و گوك أوغلو الذين يقومون بحماية الأرض والسماء
وبعد أن قال هذه الوصايا ابتعد الإله قره خان
قام بعدها ئولو كيشي بتنفيذ أوامر الإله قره خان حرفياً، وصنع الفأس وصاد السمك وخلق البارود فالبنادق
وفي أحد الأيام حدّث ئولو كيشي نفسه قائلاً: اليوم ستأتي رياحٌ تحملني وتذهب
وبالفعل حصل ذلك، فأتت رياحٌ قوية حملت ئولو كيشي إلى البعيد، عندها قال آغجا داغ للناس لقد أخذ الإله قره خان ئولو كيشي إلى مقامه، فلن تستطيعون أن تروه بعد الآن، وأنا أيضاً سيأتي اليوم الذي يستدعيني فيه الإله وسأذهب حيث يأمرني، لذا عليكم أن لا تنسوا ما تعلمتموه منّا، هذه هي إرادة الإله قره خان
وبعد ذلك ترك الناس لوحدهم وذهب هو أيضاً.
أسطورة الخلق (ياراديليش دستانى)
الشخصيات في الإسطورة
قره خان: الإله
أرليكك: أول إنسان كان صديق الإله ثم عصاه
دوغاناي: الإنسان الذي أكل من الشجرة المحرمة
أجه: زوجة دوغاناي والتي حرضته على أكل ثمار الشجرة المحرمة
گوك أوغلو: الروح الذي أصبح وسيطاً بين الإله قره خان والبشر
ئولو كيشي : أكثر الأرواح طاعةً للإله قره خان وأحبهم إلى قلبه
گون آشان: أحد الأرواح المسئولين عن الحماية على سطح الأرض
آغجا داغ: الروح المسئول عن حماية أرواح الأموات
ألما آتا: الروح المسئول عن حماية الشمس والقمر
قبل كل شيء كان الماء، لم تكن هنالك الأرض أو السماء ولم يكن القمر أو الشمس، وكان هنالك إلهاً يدعى (قره خان) ومعه إنسانٌ واحد فقط لا غير، وكانا كلاهما – الإله والإنسان – على شكل إوزتين سوداوين، وكانا يطيران على سطح الماء
لم يكن الإله قره خان يفكر وقتها بأي شيء، وقتها قام ذلك الإنسان بإيجاد الرياح مما أدى إلى ظهور الأمواج على الماء، تلك الأمواج التي بدأت تنثر الماء على وجه الإله قره خان، عندما رأى الإنسان ذلك اعتقد أنه يمتلك قوة أكبر من قوة الإله، فأراد أن يطير أعلى وأعلى
لكنه لم يستطع الطيران عالياً فوقع في الماء وبدء يغرق نحو العمق، كان على وشك الإختناق، بدء ينادي ويصيح للإله قره خان كي يساعده وينقذه
أمر الإله قره خان الماء، فطفا الإنسان على الماء قبل أن يختنق، بعدها أمر الإله قره خان فتكونت صخرة صلبة خرجت من أعماق المياه، فجلس الإله قره خان والإنسان على تلك الصخرة، ومن ثم أمر الإله قره خان الإنسان أن يغوص ليأته بحفنة تراب من قاع الماء، فنفذ الإنسان على الفور أمر الإله، وقدم حفنة التراب التي أتى بها من الأعماق للإله قره خان
نثر الإله قره خان التراب الذي أتى به الإنسان على سطح الماء قائلاً: (فلتكن أرضاً) فكانت الأرض، وهكذا تم خلق الأرض، وبعدها أمر الإله قره خان الإنسان مجدداً أن يغوص إلى القاع ويأته بحفنة ترابٍ أخرى، لكن الإنسان هذه المرة وأثناء غوصه إلى القاع فكر بأن يأخذ لنفسه أيضاً حفنةً من التراب، فقام بأخذ التراب بكلتا يديه، ولكي يخفي إحداهما عن الإله قره خان قام بوضع التراب في فمه، وكان هدفه من ذلك هو خلق أرض خاصة به
وهو مستغرق في التفكير بهذا قدّم للإله قره خان التراب الذي أتى به من القاع، فنثر الإله قره خان التراب فوق الماء وأمره بالتوسع، بدء التراب المنثور بالتوسع وبدء التراب الذي في فم الإنسان بذلك أيضاً، لقد خاف الإنسان الذي لم يكن يعتقد أن ذلك قد يكون، وبدأت أنفاسه تتقطع، وكان على وشك الموت، بدء بالركض، لكن أينما ركض فهو يركض داخل مُلكِ الإله قره خان وضمن وجوده، لذا لم يكن يستطيع الهروب منه، لكن وعندما فقد الأمل بدء بالاستغاثة للإله قره خان ليقوم بإنقاذه
سأل الإله قره خان الإنسان: لماذا خبئت التراب في فمك، فأجابه الإنسان (كي استطيع خلق أرض خاصةٍ بي) فأمره الإله قره خان أن يرمي التراب من فمه كي ينجو ففعل الإنسان ذلك، والتراب الذي خرج من فمه تناثر ليكوّن الهضاب على سطح الأرض، عندها قال الإله قره خان للإنسان: من اليوم فصاعداً أصبحت مذنباً، ورغم كل شيء عصيتني وفكرت بالسوء، وابتداءاً من هذا اليوم فالأشخاص الذين سيفعلون مثلما فعلت أنت ويفكرون مثلما فكرّت أنت، سيكون مآلهم وخيم، أما الذين سيعملون على طاعتي فسيكونون ذو فكرٍ سليمٍ راجح، وسيعيشون على ضوء الشمس، وابتداءاً من هذا اليوم أيضاً سيكون اسمك (أرليك) وسيكون رجالك أولائك الذين يقومون بإخفاء ذنوبهم عنّي، وسيكون رجالي أولائك الذين يخفون ذنوبهم عنك
في هذه الأثناء نمت على الأرض شجرةٌ لا تحمل أي أغصانٍ أو عُقَد، لقد سر الإله قره خان عندما رأى هذه الشجرة، لكنه قال: إن النظر إلى شجرة لا يوجد عليها أغصان ليس بالشيء الممتع، فليكن عليها تسعة أغصان، وقبل أن ينتهي كانت الأغصان التسعة قد تفرعت عن الشجرة، وعندما رأى الإله قره خان ذلك قال: فليخلق من كل غصن من تلك تسعة رجال، وليكونوا تسعة شعوب
عندما خلق الإله قره خان ذلك سمع أرليك ضوضاء شديدة، ما سبب تلك الضوضاء عجباً..؟، فكر أرليك بذلك ثم انطلق إلى الإله قره خان ليسأله، وعندما وصل قال له الإله قره خان: اسمع يا أرليك أنا ملك وأنت ملك، إن الضجيج الذي سمعته صادر عن البشر الذين خلقتهم أنا)، ترجى أرليك الإله قره خان كثيراً ليمنحه ما خلق من بشر، لكن الإله قره خان رفض ذلك بشدة وقال له، (انصرف إلى عملك) ففعل ما أمر لكن أرليك ذهب وهو ممتعضٌ من الإله قره خان، وقال في نفسه أثناء الذهاب (فلأرى أولائك الناس الذين خلقهم الإله) وذهب نحوهم، كان إلى جانب البشر الذين خلقهم الإله الكثير من الحيوانات البرية والطيور ومخلوقات جميلة وكثيرة مما لا يعرفه أرليك، سأل أرليك نفسه: (عجباً كيف يا ترى خلق قره خان هذه المخلوقات؟ ماذا يأكلون هنا يا ترى وماذا يشربون؟) بدء يفكر بتلك الأسئلة، وهو واقفٌ يتأمل ويحاول أن يجد الأجوبة بدء الناس بأكل ثمار الشجر، أمعن أرليك النظر بهم فرآهم يأكلون ثمار الشجرة فقط من طرفٍ واحد تاركين القسم الآخر، ذهب نحو أولائك البشر ليعرف سبب ذلك فكان جوابهم على النحو التالي، (الرب قد منعنا من أكل هذا الجنب من ثمار الشجرة، ونحن لهذا السبب لا نقوم بأكل ثمار هذا الجنب، ولا نأكل إلا الثمار التي هي من جهة شروق الشمس، وذلك الكلب وتلك الأفعى الذين تراهما ها هنا يحرسون ذلك القسم كي لا نأكل منه قط) لقد سر أرليك كثيراً بتلك المعلومات بدلاً من أن يمتعض، وقال لأحد الأشخاص الموجودين حول تلك الشجرة ويدعى دوغاناي (لقد كذب عليكم قره خان، يجب عليكم أن تأكلوا من الثمار التي منعكم أن تأكلوا منها، فتلك الثمار أطيب من تلك التي تأكلون، كلوا منها وسترون ذلك) وقام أرليك بالدخول إلى فم الأفعى التي كانت نائمة وطلب منها الصعود إلى الشجرة، وبالفعل صعدت الأفعى على الشجرة وأكلت من تلك الثمار التي كان الإله قره خان قد منعهم من أكلها، وتبعت الأفعى في الأكل زوجة دوغاناي وتدعى (أجه)، لقد أصر أرليك على دوغاناي كي يأكل من تلك الثمار، لكن دوغاناي ورغم اصرار أرليك عليه لم يأكل من تلك الثمار فيما لم تستطع زوجته أجه ان تقاوم، لقد كانت تلك الثمار لذيذة للغاية، فحملت أجه ثمرة ودهنتها على فم دوغاناي، وعندما تذوقها دوغاناي بدء الشعر يتساقط من على أجساد الناس الذين اكلوا من تلك الثمار، فبدؤوا ينظرون إلى بعضهم خجلين ثم ركضوا ليجد كل واحد منهم شجرة يختبئ خلفها وقتها وصل الإله قره خان إلى ذلك المكان، كان الناس كلهم قد هربوا وكل واحدٍ منهم قد وجد لنفسه زاوية يختبئ فيها، بدء الإله قره خان يصيح وينادي .... دوغاناي .. دوغاناي .. أجه.. أجه.. أينكم فأجاب كلٌ من دوغاناي وأجه: نحن خلف بين الأشجار، لكننا لا نستطيع أن نظهر إليك لأننا خجلين للغاية وبدؤوا يقصّون عليه ما حدث، غضب الإله قره خان عندما سمع أحداث القصة التي هو عالمٌ بها وفرض عقوبة على كل واحد منهم، وقال لهم (وأنتم أيضاً أصبحتم منذ الساعة جزءاً من أرليك) وأول عقوبة كانت بحق الأفعى إذ قال لها الإله: منذ اليوم سيكون البشر أعداؤك، كلما رأوك فليضربوك وليميتوك ثم أتى دور أجه فقال لها: لقد صدقتي ما قاله أرليك، وأكلت من تلك الثمرة التي منعتكم من أكلها، لذا ستنالين عقابك، سيكون عقابك أن تلدي الأطفال، وأثناء الولادة سترين أشكالاً وألواناً من الأذى والآلام، وفي النهاية ستموتين لتذوقين طعمة الموت ثم نظر إلى دوغاناي وقال له: لقد أكلت مما عرضه عليك أرليك، ولم تصغي إلى ما أمرتك به، وبما أنك صدقت ما قاله أرليك إذاً من اليوم فصاعداً ستكون من رجاله وستعيش في بلاده، بلاد الظلام بعيداً عن نوري، ولو كنت قد أصغيت إلي لكنت قد صرت مثلي، ولأنك لم تمتثل لأوامري فسيكون لديك تسعة أولاد ذكور وتسعة أولاد إناث، وبعد ذلك لن أخلق أي إنسان، فالناس سيتكاثرون من نسلك، وقتها افعل ما يحلوا لك ثم سال الإله قرخان أرليك غاضباً: لماذا خدعت رجالي يا أرليك فأجاب أرليك: لقد طلبتهم منك ولم تمنحني إياهم، فقمت بسرقتهم منك، وسأبقى أسرقهم منك، وإذا هربوا على الخيول سأوقعهم من عليها وأقوم بسرقتهم، وإذا شربوا الخمر سأصنع بينهم الخلاف وأجعلهم يتشاجرون، وإذا دخلوا إلى الماء، أو تسلقوا الأشجار سأقوم بسرقتهم فنظر إليه الإله قره خان وقال له: إذا كان على هذا النحو فإني مرسلك إلى تحت الأرض بثلاث طبقات، إلى عالم مظلم لا يصل إليه نور الشمس أو القمر، وهذه ستكون عقوبتك وبعد أن انتهى من هؤلاء التفت الإله قره خان إلى بقية الموجودين وقال: من اليوم فصاعداً ستحصلون على طعامكم بتعبكم أنتم، وبقوتكم وجهدكم، لن تأكلون من طعامي قط، ولن أظهر لكم بعد اليوم وجهاً لوجه وسيكون محرمٌ عليكم رؤيتي، وعندما أريد منكم أي شيء سأرسل لكم گوك أوغلو
جلس الإله قره خان وعلم گوك أوغلو على الكثير من الأشياء، وعلم بدوره گوك أوغلو الناس ذلك، فصنع لهم العربة، وعلمهم أيضاً أي النباتات يأكلون وكيف يكون أكلها وفي تلك الأثناء كان أرليك يقوم بالتوسل إلى گوك أوغلو ويقول له: يا گوك أوغلو.. ساعدني، أطلب لي إذناً من الإله قره خان، وأبلغه عن رغبتي بالصعود إلى جنبه، أرجوك ساعدني، نقل گوك أوغلو ما طلبه أرليك للإله قره خان، لكن الإله قره خان لم يلتفت حتى إلى ما قاله، بقي أرليك أربعون عاماٌ يتوسل دون أن يكل أو يمل من ذلك، وبعد ستين سنة أرسل الإله قره خان إلى أرليك خبراً فحواه: أنهي معاداتك للبشر وعدني أنك لن تقوم تجاههم بأي عمل سيء وأنا سأسمح لك وقتها ان تأتي لتسكن عندي، قام أرليك ووعد الإله قره خان بذلك وصعد إلى جنب الإله، وانحنى له، وقال له: باركني، وامنحني إذنك كي أخلق لنفسي أيضاً سماوات، قال ذلك مفرطاً في الترجي وافق الإله قره خان على ذلك ومنحه الإذن، أرليك الذي استطاع انتزاع ذلك الإذنت من الإله قره خان خلق سموات خاصة به قام بجمع رجاله فيها وأصبح زعيماً عليهم، تكاثروا هناك بشكلٍ كبير، الأمر الذي أحزن (ئولو كيشي) كثيراً، وئولو كيشي هو أكثر عبيد الإله قره خان طاعةً وأحبهم إلى قلبه، وبدء ئولو كيشي بالتفكير رغم ما عليه من حزن وقال: إن البشر الذين يحبون ومرتبطون بنا يعيشون حياةً قاسية على الأرض فيما أتباع أرليك يسرحون ويمرحون في السماء، إن هذا الأمر لا يشبه أي أمر سمعت به من قبل، مستغرقاً في ذلك التفكير الحزين، قرر أن يعلن الحرب على أرليك وذلك من غيرته على الإله قره خان، لكن أرليك كان أقوى من أن يهزمه ئولو كيشي، تضاربوا بالنار واستطاع أرليك أن يرغم ئولو كيشي على الفرار، توجه بعدها ئولو كيشي فوراً إلى حضرة الإله قره خان، فسأله الإله: من أين أن آتٍ يا ئولو كيشي، فرد ئولو كيشي، إن جلوس رجال أرليك في السماء يسرحون ويمرحون وجلوس أتباعنا على الأرض يعيشون حياة شقاءٍ وبؤس قد أثارت في نفسي الضغينة، فرأيت ضرورة إنزال أرليك وأتباعه إلى الأرض ليعيشوا هناك ونقلب سماواتهم على رؤوسهم فقمت بإعلان الحرب عليهم، لكنني لم أستطع هزيمتهم، لقد استطاع أرليك أن يهزمني، قال تلك الكلمات وهو بمنتهى الحزن والدمعة ترسم طريقها على وجنتيه
طلب الإله قره خان من ئولو كيشي أن لا يحزن أبداً، وقال له: لا يستطيع أحدٌ أن يهزم أرليك غيري، فأنا الوحيد الذي أقوى على هزيمته، إن قوة أرليك أكبر من قوتك يا ئولو كيشي، لكن سيأتي اليوم الذي تصبح فيه قوتك أكبر من قوة أرليك يا ئولو كيشي ، بعد أن سمع ئولو كيشي هذه الكلمات طار من الفرح وارتاح قلبه واستطاع أن ينام بأمان وهدوء جاء اليوم الذي شعر فيه ئولو كيشي أنه أصبح على قدر من القوة تسمح له بمقارعة أرليك، وفي اليوم نفسه دعا الإله قره خان ئولو كيشي كي يأتي إليه، وعندما وصل إلى حضرة الإله قال له الإله: هيا اذهب إليه الآن، فأنت أصبحت قوياً بما يكفي، لقد منحتك قوة تستطيع من خلالها أن تهدم سماوات أرليك على رأيه، اليوم ستستطيع أن تصل إلى مرادك ذلك أني أعطيتك قوة من قوتي أنا
لقد ذهل ئولو كيشي من ذلك، وقال: أنني لا أمتلك قوساً ولا سهماً، ولا حتى حربة أو سيفاً محدباً، وساعدي ساعدٌ مُتَرَهّل، إن بقوة ساعدي لوحدها لن استطيع أن أهزم أرليك أبداً
قام الإله قره خان ومنح ئولو كيشي حربة، فحمل ئولو كيشي تلك الحربة وذهب لمقاتلة أرليك، استطاع هزيمة أرليك، فهرب أرليك بعيداً، خرّب له سماواته محطماً فيها كل شيء، لقد تحطمت سماوات أرليك وأصبحت قطعاً متناثرة وتم رميها على الأرض، قبل تلك الأحداث كان سطح الأرض مستوياً تماماً وبعد ذلك اليوم أصبح سطح الأرض مليئاً بالصخور بسبب رمي أنقاض مملكة أرليك على سطح الأرض، لقد امتلأت الأرض بالجبال والتلال الصغيرة، الأرض التي خلقها الإله بعناية وجمال أصبح سطحها متشققاً ممتلئ بالنتوءات، أما أنصار أرليك فقد تم رميهم أيضاً على سطح الأرض، فمن سقطوا على البحار ماتوا غرقاً، واللذين سقطوا على الأشجار لفظوا أنفاسهم الأخيرة عليها، والذين سقطوا على الأحجار والصخور ماتوا عليها أيضاً، والذين سقطوا على الحيوانات ماتوا تحت أقدام تلك الحيوانات وبعد كل هذه الأحداث ذهب أرليك إلى الإله قره خان طالباً منه أن يمنحه أرضاً خاصةً به إذا قال له: أنت يا إله من وافقت على تدمير سماواتي، ولم يعد اليوم لي أي ملجئ ألجئ إليه، فقام الإله قره خان وأمر بنفي أرليك إلى تحت الأرض حيث بلاد الظلمة، وضرب فوقه سبعة طبقات وسبعة أقفال، وقال له: هنا لن تستطيع أن ترى ضوء الشمس أو ضوء القمر، فإذا أصبحت شخصاً جيداً سأعود وآخذك إلى حظيّتي، أما إذا بقيت على ما أنت عليه فلن تجد مني إلا أن أغمق لك مقامك في درك الأرض، فكان جواب ارليك: إذا امنحني يا إله أرواح من مات من البشر، فأبدانهم تكون لك أما أرواحهم فستلزمني، فرد عليه الإله قره خان وقال: لا حتى هذه الأرواح لن أمنحك إياها، إذا كنت تريد مثلها فاخلقها بنفسك، وهكذا وبعد أن أخذ أرليك إذناً من الإله قره خان بالخلق أخذ غلى يده مطرقة وكيراً وسندانا وبدء بالطرق، ومع كل طرقة كان يخلق حيواناً، وكانت تلك الحيوانات بالترتيب هي: الضفدع، الأفعى، الدب، الخنزير والجمل، كما قام بعدها بملء الأرض أرواحاً شريرة، عندها أتى الإله قره خان وأخذ المطرقة والكير والسندان من يدي أرليك وألقى بهم إلى النار، فأصبح الكير امرأة وأصبحت المطرقة رجلاً، أمسك الإله قره خان المرأة وبصق على وجهها، فأصبحت طائراً لا يؤكل لحمه ولا يُنتَفع من ريشه ابداً ويدعى بطائر القورداي وطارت بعيداً، ثم امسك الإله قره خان بالرجل وبصق أيضاً على وجهه فأصبح طائراً يسمى يالبان، طار هو الأخر وابتعد
وبعد هذه الأحداث التفت الإله قره خان إلى البشر مخاطباً إياهم: أنا الذي أعطيتكم المال، ومنحتكم الطعام، وأعطيتكم أيضاً كل ما هو نظيفٌ وجميل على سطح الأرض، وكنت على الدوم مساعداً لكم، لذا عليكم أن تكونوا جيدين وتعملوا كل ما هو جيد، أنا ومنذ الحين سأنسحب نحو سماواتي، ولا أظن بأني سأعود إلى هنا ثانيةً، ثم التفت إلى الأرواح التي تساعده قائلاً: أنت يا گون آشان، ينبغي عليك أن تحمي أولائك الذين يشربون الخمر ويضيعون عقولهم وأن تحمي الأولاد الصغار ومهور الخيل وعجول البقر، لا يجب أن يمسهم أحد بسوء، وكل من يساعدهم أيضاً يجب أن تأخذ روحه بعدما يموت إلى السعادة، أما الذين ينتحرون فلا تأخذ أرواحهم إلى السعادة، ولا تحمي من ينظر إلى أموال الأثرياء بحسد ولا السارقين ولا الذين يقومون بنشر العداوات بين البشر، واحمي الملوك الذين يحاربون من أجل أهلهم وأوطانهم، وخذ أرواح من مات في تلك المعارك مدافعاً عن وطنه إلى السعادة، وأحضره إلى نعيم حضرتي، أيها الناس إني قد ساعدتكم، وأبعدت عنكم الأرواح الشريرة، فإذا اقتربت تلك الأرواح من البشر فليمنحها البشر القليل من الطعام، لكنني آمركم أن لا تأكلوا أبداً من طعام تلك الأرواح، فإن من يأكلها سيصير منهم، إنني الآن سأترككم لكننا سنلتقي فلا تنسوني، ولا تظنوا أبداً بأنني لن ألقاكم مجدداً، لكن في اللقاء التالي سوف يكون هنالك حساب بيننا عما فلعتوه من حسناتٍ وسيئات، والآن سيكون مكاني كلاً من آغجا داغ، ئولو كيشي وگون آشان، وسيكونون عوناً لكم، أنت يا آغجا داغ، إنتبه وكن يقظاً فأرليك يريد أن يسرق أرواح الأموات من بين يديك، إذا حاول ذلك أخبر ئولو كيشي، فهو قوي، وأنت يا گون آشان أصغي إلي، احذر أن تسمح لأي من الأرواح الشريرة التي تسكن في بلاد الظلام تحت الأرض أن تصعد إلى سطحها، وإذا استطاع أحدهم الخروج إلى سطح الأرض اذهب مباشرتاً إلى گوك أوغلو وأخبره بذلك، فأنا قد أعطيته قوة تكفيه لهذه المهمة، فهو قادر على طرد تلك الأرواح الشريرة
ألما آتا عليك أن تحرس الشمس والقمر، وتبعد كل السيئين الذين يحاولون الاقتراب من ئولو كيشي و گوك أوغلو الذين يقومون بحماية الأرض والسماء
وبعد أن قال هذه الوصايا ابتعد الإله قره خان
قام بعدها ئولو كيشي بتنفيذ أوامر الإله قره خان حرفياً، وصنع الفأس وصاد السمك وخلق البارود فالبنادق
وفي أحد الأيام حدّث ئولو كيشي نفسه قائلاً: اليوم ستأتي رياحٌ تحملني وتذهب
وبالفعل حصل ذلك، فأتت رياحٌ قوية حملت ئولو كيشي إلى البعيد، عندها قال آغجا داغ للناس لقد أخذ الإله قره خان ئولو كيشي إلى مقامه، فلن تستطيعون أن تروه بعد الآن، وأنا أيضاً سيأتي اليوم الذي يستدعيني فيه الإله وسأذهب حيث يأمرني، لذا عليكم أن لا تنسوا ما تعلمتموه منّا، هذه هي إرادة الإله قره خان
وبعد ذلك ترك الناس لوحدهم وذهب هو أيضاً.