أداد
20/08/2005, 10:43
طنافس
بالرغم من تعدُّد وتنوع الحراسة الميدانية المباشرة, والمراقبة بأحدث الوسائل, التقنيّة على الحدود بين لبنان وإسرائيل,
تمكنَّت «حمارة» المزارع اللبناني الجنوبي «أبو حسن» المدعوَّة «طنافس» من اجتياز الشريط الفاصل باتجاه الأراضي
المحتلة, وذلك في غفلةٍ من كل العيون.
هكذا, ومن دون سابق انذار, انطلَقَتْ بعيداً واختَفَتْ بين الأشجار والمزروعات, مما حدا بصاحبها أن يتقدم بشكوى عاجلة
من مركز قوات الأمم المتحدة, يطالب فيها بحقِّه باستعادة حمارته, وذلك بموجب اتفاق الهدنة, وتحديداً البند المتعلق
بالحالات «الحيوانية»!!
وكان صاحبنا قد أُصيبَ باحباط شديد على أثر هروب الآنسة «طنافس», ونكرانها المفضوح لمرعى طفولتها, حيث انها
ضَرَبَت عرض الحائط بكل الجهود التي بُذِلت من أجل نشأتها ورعايتها وتربيتها! هذا, إذا لم نقل تخلِّيها عن هوِّيتها!!
وكانت «طنافس» أثيرة «وعزيزة» عليه, ومُفَضَّلَة على كل الحمير لديه, ولحقها الكثير من العطف والغنج والدلال,
ونالت عن حب ورضى كل العطايا والتمييز في المأكل والمشرَب والمبيت! لذلك عزَّ الأمر عليه, وراعه ما حَدَث, خاصة
أنَّها هَرَبَت الى «العدو»!! وهو الفلاح المعروف من كل أهل القرية بحسه الوطني وسيرته النظيفة!
بعد مرور أسبوعين على تقديم الشكوى الى قوات الطوارئ الدولية, جاء الجواب من الأمانة العامة للأمم المتحدة في
نيويورك يقول بأن مهمة منظمة الأمم المتحدة هي البت * فقط* في النزاعات الحدودية... والقضايا العالقة بين
كائنات «بشرية»!! أما قضية اجتياز حمارة المواطن اللبناني «أبو هَسَن»* كما وَرَدَ الاسم في التقرير* للحد الفاصل,
دون إكراه, وبملء إرادتها ورغبتها فيمكن اعتبار هذا الفعل لجوءاً سياسياً!!! وذلك, نظراً لواقع العداء, وللحالة غير
السلميّة بين البلدين!!
وبعد مضي سنة بالتمام والكمال على غياب الست «طنافس» اشترى أبو هَسَن* عفواً أبو حسن * حماراً جديداً.
وفي الساعة الرابعة من بعد ظهر يومٍ ربيعي جميل سَمِعَ «أبو الحَساسين» ضجة و«طحشة» وبجانب منزله. فَتحَ الباب,
ففوجئ بالحمارة «طنافس» بقدِّها الميّاس ومن دون «برذعة» واقفة مطأطئة الرأس يلفها الخجل وبجانبها «جحش»
صغير في عمر الزهور! وكان نسخة طبق الأصل عنها!!!
ذُهِل, وأصابه الاضطراب, وكاد أن يُغشى عليه من هول الصدمة الرهيبة التي جَمَعت: مسألة هروب الحمارة, وجريمة
تدنيسها لشرفها بالخيانة الموصوفة! وعودتها الملتبسة وانفجار الفضيحة المدوّية!!
وبسرعة بدأت الشكوك والظنون والحيرة والتساؤلات الحراقة تدور في رأسه وتشغل باله. وخاطب نفسه وروحه: هل من
الحكمة والعقل والمنطق ان يستقبل «طنافس» مع جحشها الصغير؟, ثم, هل هي حامل من جديد؟ كيف سيغفر لها ويبرر
للناس هذه «العودة» بعد أن هَرَبَت وحَمَلَتْ وولدت «هناك»! ورَجعَت مكلَّلة وعلى رؤوس الأشهاد بالخزي والعار
والشنار؟! وما هو الموقف الاستراتيجي والايديولوجي تجاه ذلك «الجحش» الوافد مع كل ما يحمله من
اشكالات وعلامات استفهام!؟
وهكذا, لم يُفق السيد أبو حسن من ذهوله وحيرته إلاَّ على هدير موتير سيارة «جيب» عسكري تابعة للأمم المتحدة, وَقَفَت
أمام المنزل, ونزل منها ضابط فنلندي مع مترجم, ليبلغه بأن الجانب الاسرائيلي يطلب اجراء مفاوضات عبر الصليب
الأحمر بشأن استعادة «الجحش» الصغير!! وذلك تحسباً ومنعاً لحدوث «اجتياح» عسكري جديد!!
تماسك «أبو حسن» للحظات, ثم أجاب بإيجاز شديد: حفاظاً على المصلحة العامة وتصدياً لجميع أنواع الاختراقات
المعلوماتية و«الاستحمارية» الجديدة على أرضنا, فإنني أقول, خذوا «الجحش» الصغير, ومعه أمّه «طنافس»!! اللي
فينا بيكفينا!!
وكانت قهوتنا بلا هيييييييل
صبو قهوة ليسهر معنا حدودنا اللامتناهية
محبتي
أداد . . .
بالرغم من تعدُّد وتنوع الحراسة الميدانية المباشرة, والمراقبة بأحدث الوسائل, التقنيّة على الحدود بين لبنان وإسرائيل,
تمكنَّت «حمارة» المزارع اللبناني الجنوبي «أبو حسن» المدعوَّة «طنافس» من اجتياز الشريط الفاصل باتجاه الأراضي
المحتلة, وذلك في غفلةٍ من كل العيون.
هكذا, ومن دون سابق انذار, انطلَقَتْ بعيداً واختَفَتْ بين الأشجار والمزروعات, مما حدا بصاحبها أن يتقدم بشكوى عاجلة
من مركز قوات الأمم المتحدة, يطالب فيها بحقِّه باستعادة حمارته, وذلك بموجب اتفاق الهدنة, وتحديداً البند المتعلق
بالحالات «الحيوانية»!!
وكان صاحبنا قد أُصيبَ باحباط شديد على أثر هروب الآنسة «طنافس», ونكرانها المفضوح لمرعى طفولتها, حيث انها
ضَرَبَت عرض الحائط بكل الجهود التي بُذِلت من أجل نشأتها ورعايتها وتربيتها! هذا, إذا لم نقل تخلِّيها عن هوِّيتها!!
وكانت «طنافس» أثيرة «وعزيزة» عليه, ومُفَضَّلَة على كل الحمير لديه, ولحقها الكثير من العطف والغنج والدلال,
ونالت عن حب ورضى كل العطايا والتمييز في المأكل والمشرَب والمبيت! لذلك عزَّ الأمر عليه, وراعه ما حَدَث, خاصة
أنَّها هَرَبَت الى «العدو»!! وهو الفلاح المعروف من كل أهل القرية بحسه الوطني وسيرته النظيفة!
بعد مرور أسبوعين على تقديم الشكوى الى قوات الطوارئ الدولية, جاء الجواب من الأمانة العامة للأمم المتحدة في
نيويورك يقول بأن مهمة منظمة الأمم المتحدة هي البت * فقط* في النزاعات الحدودية... والقضايا العالقة بين
كائنات «بشرية»!! أما قضية اجتياز حمارة المواطن اللبناني «أبو هَسَن»* كما وَرَدَ الاسم في التقرير* للحد الفاصل,
دون إكراه, وبملء إرادتها ورغبتها فيمكن اعتبار هذا الفعل لجوءاً سياسياً!!! وذلك, نظراً لواقع العداء, وللحالة غير
السلميّة بين البلدين!!
وبعد مضي سنة بالتمام والكمال على غياب الست «طنافس» اشترى أبو هَسَن* عفواً أبو حسن * حماراً جديداً.
وفي الساعة الرابعة من بعد ظهر يومٍ ربيعي جميل سَمِعَ «أبو الحَساسين» ضجة و«طحشة» وبجانب منزله. فَتحَ الباب,
ففوجئ بالحمارة «طنافس» بقدِّها الميّاس ومن دون «برذعة» واقفة مطأطئة الرأس يلفها الخجل وبجانبها «جحش»
صغير في عمر الزهور! وكان نسخة طبق الأصل عنها!!!
ذُهِل, وأصابه الاضطراب, وكاد أن يُغشى عليه من هول الصدمة الرهيبة التي جَمَعت: مسألة هروب الحمارة, وجريمة
تدنيسها لشرفها بالخيانة الموصوفة! وعودتها الملتبسة وانفجار الفضيحة المدوّية!!
وبسرعة بدأت الشكوك والظنون والحيرة والتساؤلات الحراقة تدور في رأسه وتشغل باله. وخاطب نفسه وروحه: هل من
الحكمة والعقل والمنطق ان يستقبل «طنافس» مع جحشها الصغير؟, ثم, هل هي حامل من جديد؟ كيف سيغفر لها ويبرر
للناس هذه «العودة» بعد أن هَرَبَت وحَمَلَتْ وولدت «هناك»! ورَجعَت مكلَّلة وعلى رؤوس الأشهاد بالخزي والعار
والشنار؟! وما هو الموقف الاستراتيجي والايديولوجي تجاه ذلك «الجحش» الوافد مع كل ما يحمله من
اشكالات وعلامات استفهام!؟
وهكذا, لم يُفق السيد أبو حسن من ذهوله وحيرته إلاَّ على هدير موتير سيارة «جيب» عسكري تابعة للأمم المتحدة, وَقَفَت
أمام المنزل, ونزل منها ضابط فنلندي مع مترجم, ليبلغه بأن الجانب الاسرائيلي يطلب اجراء مفاوضات عبر الصليب
الأحمر بشأن استعادة «الجحش» الصغير!! وذلك تحسباً ومنعاً لحدوث «اجتياح» عسكري جديد!!
تماسك «أبو حسن» للحظات, ثم أجاب بإيجاز شديد: حفاظاً على المصلحة العامة وتصدياً لجميع أنواع الاختراقات
المعلوماتية و«الاستحمارية» الجديدة على أرضنا, فإنني أقول, خذوا «الجحش» الصغير, ومعه أمّه «طنافس»!! اللي
فينا بيكفينا!!
وكانت قهوتنا بلا هيييييييل
صبو قهوة ليسهر معنا حدودنا اللامتناهية
محبتي
أداد . . .