-
دخول

عرض كامل الموضوع : قصص ضائعة- غابريل غارسيا مركيز


achelious
08/09/2008, 02:36
هذه هي القصة, كما رووها لي

لم يكن كارلو دي لوكا -وريث امبراطورية صناعية واسعة ورئيسها- واحدا من أكثر الرجال نفوذا في ايطاليا وهو في السادسة ةالثلاثين من عمره وحسب, بل ربما كان أكثرهم أناقة وكياسة كذلك فلم يكن للحفلات في روما أو ميلانو أي طعم دون مشاركتة وفضلا عن كونه محدثا لامعا بخمس لغات يتقنها تماما , كان يعزف البيانو , والجيتار , والساكسفون مثل محترف في العزف , ويغني ويرقص وكان الغناء والرقص مهنته , وكان طيارا مجربا, ورياضيا متعدد الرياضات, وحاويا مذهلا, ومقلدا باهرا للشخصيات المشهورة.
وعلى الرغم من المهمات الكثيرة التي كانت تحاصره, سواء في عمله أو في الحياة الاجتماعية, فقد كانت حياته الزوجية منسجمة ومستقرة وكانت زوجته الجميلة والرشيقة تبدو سعيدة وكان له ابن وحيد, اسمه بيرو , عمره ثمان سنوات.
لقد أثارت شخصية ذلك الرجل الأخاذ, قلقا غامضا في قلب سيلفيو بينالبير, وهو مهاجر أمريكي لاتنيني, خجول وكفؤ جدا , كان قد توصل خلال سنوات قليلة إلى موقع جيد في إحدى شركات كارلو دي لوكا الصغرى كان رب العمل في نظر بينيالبير هو نموذج الرجل السعيد , وقد بدا له ذلك اليقين أمرا لا يطاق , لأسباب من النوع الأخلاقي , لم يستطع هو نفسه تفسيرها.
عند الغروب,وصل بينيالبير إلى شقتة في باريولي, ومعه بيرو الصغير الذي كان يبدو غير متعب لفرط سعادته.كانت زوجته وابنه ينتظرانه لتناول العشاء, بعد أن أمضيا يوم أحد ممتعا كذلك.فسر بينيالبير وجود بير بأبسط طريقة ممكنة : لقد رغب الطفل في أن ينام معهم, لأن أبويه لن يكونا في روما تلك الليلة, وقد ألح الصغير كثيرا حتى أن كارلو دي لوكا نفسه منحة الإذن قبل أن يسافر إلى نيو يورك.
كان عشاء ممتعا, وقد تفاهم ابن بينيالبير وبيرو المحظوظ على أحسن مايرام, وتمكن هذا الأخير, لأول مرة, من أن يأكل ما يشاء ويرفض ما لا يرغب فيه, وأن يخرق جميع قواعد اللياقة دون أن يؤنبه أحد على ذلك.وقد هدأ بينيالبير من روع زوجته:
الأمر كله مجرد مزاح, فهو يرى أنه من غير الأخلاقي أن يكون كارلو دي لوكا سعيدا كل تلك السعادة, ويريد أن يقدم له ولو يوم أحد واحدا من الغم على الأقل, ولفتت زوجته انجيلا نظره إلى أن تلك المداعبة الثقيلة قد تكلفه الطرد من عمله, كان بينيالبير معتمدا على تواطؤ بيرو في عدم اكتشاف أمره, لكنه كان مستعدا مع ذلك للعودة إلى بلاده, حيث بدأت تتبدل الظروف السياسية التي اضطرته إلى الهجرة. وأدركت انجيلا, التي كانت جدية وملهمة, أنه ليس أمامها من طريق آخر, بعد أن وصلت الأمور غلى ذلك المستوى, سوى مشاركة زوجها المصير. ثم طمأنتها نشرة أخبار التلفزيون حين لم ترد كلمة واحدة عن القضية. وانتهت إلى الاتفاق مع زوجها على أن يعيد الطفل إلى بيته سالما ومعافى, وفي صباح اليوم التالي الباكر
لم ينم كارلو دي لوكا لحظة واحدة. كان الجدال مع شركائه طويلا ومضنيا,و لكنهم كانوا على وشك الوصول إلى اتفاق عند الفجر بدأت حقائب المال القادم من مصادر متنوعة تتجمع في المكتب,وكان يجري إعداد الخمسين مليونا لتسليمها. وفي الساعة السابعة صباحا, حين كانوا بانتظار المكالمة الأخيرة لإقرار تفاصيل تسليم الفدية, فوجئ الجميع بالخبر الذي يقول إن بيرو قد رجع.
فعلا, لقد حمله بينيالبير على دراجته النارية حتى الحديقة المجاورة, وودعه هناك بعد أن زوده بتعليمات مفصلة للوصول إلى بيته دون لف ولا دوران. ابتعد الطفل عنه دون حماس, وكان حزينا إلى حد ما, لأن مغامرة حياته الكبرى قد انتهت. لم ينتبه هو, ولا خاطفه اللطيف إلى أن اثنين من رجال الشرطة الكثيرين الذين كانوا يرصدون المنطقة -أحدهما متنكر بزي بائع الحليب والآخر بزي كناس عام- قد اكتشفاهما.
خرج كارلو دي لوكا, المهوك من التوتر والسهر, راكضا لاستقبال ابنه. وفي تلك اللحظة بالذات, توقفت أمامهما سيارة الشرطة التي كانت تحمل بينيالبير سجينا. حينئذ أدرك كارلو دي لوكا الحقيقة, وأفرغ على مستخدمه كل شحنته من الغضب المتراكم خلال نحو عشرين ساعة من الجزع. أما الطفل الذي كان مايزال بين يدي أبيه, فقد مر بلحظة من التشوش. ولكن ما إنطلقت سيارة الدورية بانوارها وصفاراتها, حتى أفلت نفسه من يدي أبيه, وركض وراء السيارة الشرطية, باكيا بصوت عال, ليمنعهم من أن يأخذوا إلى السجن أباه المزيف, الذي منحه يوم الأحد السعيد الوحيد.

غابرييل غارسيا ماركيز:D

suryoyo
08/09/2008, 18:37
يا ريت يتعلم كل الاباء من هذه القصة و لو النزر اليسير :D

i m sam
08/09/2008, 22:20
صعب جدا ان تكون عظيما في أعين الناس صغيرا في أعين أبنائك
رائعة.....:D

achelious
09/09/2008, 00:33
شكرا لمروركم الجميل:D

achelious
09/09/2008, 00:40
لست أدري إذا كانت توجد, ولا
بد من وجودها, كتب تجمع مثل هذه
القصص التي تتكرر في جميع أنحاء
العالم, والتي يؤكد رواتها أنهم كانوا
شهود عيان على وقائعها. وهذا
يعني: إما أن الرواة يكذبون, وهو
أمر محتمل, وإما أن تلك القصص
تحدث فعلا بشكل متشابه في
أوساط ثقافية متباينة, وأزمنة
مختلفة.

غابرييل غارسيا ماركيز
:mimo:

يتبع..

achelious
09/09/2008, 02:26
قصص ضائعة

شاب من تشيكوسلوفاكيا , غادر موطنه مدفوعاً بالرغبة في جمع ثروة .
وبعد مرور خمس وعشرين سنة , وكان قد تزوج وأثري , رجع الى مسقط رأسه,
حيث كانت أمه وأخته تملكان فندقاً .
ولمجرد مداعبتهما , ترك المسافر زوجته في فندق أخر في البلدة , واستأجر لنفسه غرفة في فندق الام والاخت , اللتين لم تتعرفا عليه بعد سنوات الفراق الطويلة . كان ينوي , كما يبدو , أن يفصح عن شخصيته في اليوم التالي , اثناء تناول الفطور . ولكن في منتصف الليل , وفيما هو نائم , قامت الام والاخت بقتله لسرقة أمواله .

هذه هي حبكة(سوء التفاهم) , العمل المسرحي المعروف الذي كتبه البير كامي , واستوحاه من واحدة من تلك القصص التي لا يعرف أصلها , والتي تتناقلها التقاليد الشفوية – مع بعض التعديلات الطفيفة - , ليس في المكان وحسب , بل وفي الزمان أيضاً . في الطبعة الصادرة عن سلسلة بلياد لمسرحية كامي , يقول كاتب ملاحظاتها وهوامشها روجيه كييو : إن للقصة عدة روايات , وفي بلدان عديدة . وانها تظهر منذ العصور الوسطى في التقاليد الشفوية أو في الصحافة . ويكتب روجيه كيبو قائلاً : "وقد دلني م – بول بينكاو على أغنية قديمة حول – الجندي الذي قتلته أمه – كما ان القصة ذاتها ترد لدى لويس كلود دي سانت مارتين على أنها قصة بوليسية , وقعت في (تورس) في شهر حزيران 1796 . وأخيراً , فإن الكاتب الأمريكي اللاتيني دومنغو سارمينتو , يؤكد : ان الاسطورة نفسها معروفة جيداً في تشيلي , وانها تتطابق تماماً مع موضوع المأساة التي تحمل اسم (الرابع والعشرين من شباط) لثاكارياس ويرنير".

achelious
09/09/2008, 02:42
واحدة من تلك القصص , وقد تحدثت عنها في هذه الزاوية من قبل , هي قصة السيارة التي تلتقط من الطريق امرأة متوحدة , ما تلبث أن تختفي من مقعدها أثناء الرحلة . ولكن هناك تفصيل ثابت في القصة : ففي جميع روياتها التي تروي في مختلف البلدان , يكون قد وقع حادث مروع في المكان الذي تركب منه المرأة , وتكون قد قضت نحبها في الحادث امرأة ترتدي ملابس مماثلة .

وفي المرة الاخيرة التي كتبت فيها عن هذه القضية , تلقيت رسائل كثيرة , أخبرني مرسلوها ان الواقعة ذاتها قد جرت في أماكن متعددة , ووصل الأمر بهم في بعض الأحيان إلى ذكر أسماء أبطالها .
وقد أرسل لي أحدهم صوراً لعدة صفحات من كتاب لصديقي الكاتب الكتلاني فاثكيث مونتالبان , وهو منشور قبل وقت طويل من نشر الصحف الفرنسية للواقعة كما جرت في الصيف الماضي .


إنني أعود إلى الموضوع اليوم , لأن صديقا من مكسيكو , لا يمكن الشك بكلمته , روى لي : أنه قد عاش القصة ذاتها في أحد أيام الأسبوع الماضي , وفي عز النهار , أثناء عودته من تاكسكو إلى مدينة مكسيكو , على طريق اوتوستراد تسير عليه السيارات بكثرة تجعل المرء يتساءل أحياناً لماذا لم يضعوا شارات ضوئية عند بعض تقاطعاته .

لكن أغرب تلك القصص , وأكثرها رعباً وتعقيداً , هي تلك التي يعتقد انها قد وقعت في مكان ما من أفغانستان , منذ سنوات طويلة . إنها قصة رجل التقى مصادفة , في أحد الأسواق , امرأة بدت له أجمل إمرأة في العالم .

يتبع..

achelious
10/09/2008, 01:42
..تماشياً مع العادات المحلية , لم يحاول الرجل إغواء الجميلة بالأساليب الغربية السلمية , وإنما اتفق مع أبويها , ولكنها فرضت على زوجها شرطاً , لا يقتضي نومهما في غرفتين منفصلتين وحسب , وانما الإمتناع كذلك عن أية علاقة جنسية , اللهم إلا في بعض المناسبات القليلة التي تكون مستعدة فيها لذلك .

وقد خضع الزوج لتلك القواعد المخالفة للطبيعة , إلى أن اكتشف في إحدى الليالي أن زوجته تهرب من البيت فيما هو نائم , وتذهب لزيارة عشيق سري , في كوخ غير بعيد عن بيتها , وانتظر إلى أن خرجت من البيت الغريب لترجع الى بيتها , فدخل وقطع رأس العشيق بضربة من سيفه .

بعد ذلك مسح السيف ونظفه بحذر شديد , حتى ان الزوجة حين فحصته – وهي تحاول معرفة مرتكب الجريمة – لم تجد أي أثر يتيح لها إتهام الزوج . واستطاع هذا الاخير من جهته , ان يتوج أخيراً طموحه بالنوم مع أجمل امرأة في العالم , التي انتهت بدورها الى الشعور بالسعادة معه , ومنحته ثلاثة أبناء . وبعد سنوات طويلة , وأثناء أن تواري اضطرابها , وطلبت من زوجها أن يبتعدا عن ذلك المكان بأسرع ما يمكن .

حينئذ أقدم الزوج على التهور الذي كشف أمره حين قال لها : "لكنك ما كنت تتعجلين كثيراً في تلك الأزمنة" .
لم تبد المرأة أية علامة تكشف عما تكنه , ولكن حين رجع الزوج إلى بيته في تلك الليلة , وجد أبناءه الثلاثة مقطوعي الرؤوس , بالسيف ذاته الذي قطع به رأس خصمه , ولم يعد يعرف منذ ذلك الحين أي شيء عن أجمل امرأة في العالم .

تتكرر هذه القصة , بأشكال متنوعة , في كل مكان . لكن أخر من رواها هو بروفسور جامعي , أكد انه كان في أفغانستان , وأنه تعرف على بطلها .
وأضاف اليها امراً حاسماً : كانت في ظهر الرجل ندبة , سببتها زوجته ذاتها بسيفه المتعطش إلى الدماء , حين حاولت أن تقطع رأسه هو أيضاً . وهذا الكلام يجعل من القصة قصة معاصرة بعد أن كان يعتقد انها قديمة جداً , وانها ترجع الى الزمن الذي سبقت فيه السيوف الأسلحة النارية في الجرائم العاطفية , وحين لم يكن ممكناً تصور قصة ذات نهاية سعيدة , من هذه القصص التي تعتبر اليوم كارثة أدبية .

لقد قرأت (ألف ليلة وليلة) حين بدأت أعي الدنيا , وربما كان ذلك واحداً من الاسباب التي تجعلني اعتبره كتابي الذي لا ينسى . ولكنني كلما سمعت أحداً يروي قصة مقطوع الرأس , تنبعث في انفعالات هاجعة من قراءات طفولتي الضبابية , لكنني أعجز عن العثور على القصة في الطبعات المختلفة التي أملكها من حكايات شهرزاد الخيالية . وأصطدم دائماً مع ذلك بقصة مماثلة ومروعة : قصة المرأة التي لا تأكل في بيتها إلا حبات الأرز , تلطقتها من الطبق حبة حبة بواسطة دبوس , إلى أن إكتشف زوجها انها لا تأكل لكي تهرب من البيت ليلاً , وتذهب لتأكل جثثاً في المقبرة . واصطدم كذلك بقصة أخرى هي من أجمل ما قرأت في حياتي : قصة الصياد الذي يطلب من جار له رصاصاً لشبكته , ويعده بأن يعطيه مقابل ذلك أول سمكة يصطادها في ذلك اليوم . ينجز وعده , وحين تشق زوجة الجار السمكة لتنظفها , تجد في بطنها ماسة بحجم حبة البندق . أجد هاتين القصتين وقصصاً كثيرة أخرى مذهلة , ولكنني لا أتواصل الى أصل القصة الاخرى , قصة أجمل إمرأة في العالم , تلك التي جرت رؤوس اولادها الثلاثة , لأن زوجها قطع رأس عشيقها فهل هناك قارىء رحيم يساعدني في العثور عليه؟

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

achelious
10/09/2008, 19:41
أشباح الدروب

كان شابان وشابتان يسافرون معاً في سيارة رينو /5/, وقد توقفوا في الطريق لالتقاط امرأة ترتدي ملابس بيضاء , كانت قد استوقفتهم عند تقاطع طريق , بعيد منتصف الليل . كان الجو صافياً , وكان الشبان الأربعة – كما تم التأكد حتى الثمالة فيما بعد – يتمتعون بكامل قواهم العقلية .رافقتهم السيدة في الرحلة لعدة كيلو مترات وهي تجلس صامتة في وسط المقعد الخلفي , إلى ما قبل جسر "كاتري كامو" بقليل , حينئذ أشارت إلى الأمام بإصبع مرتعشة وصرخت (حذار , هذا منعطف خطر) واختفت في الحال .

حدث ذلك على الطريق العام , بين باريس و مونبليه . ومفوض شرطة هذه المدينة الأخيرة الذي أيقظه الشبان الأربعة ليرووا له الحادث , وصل به الأمر إلى القبول بأن ما قالوه ليس مزاحاً ولا هذياناً , لكنه حفظ القضية , لأنه لم يعرف ما عليه أن يفعل بها . وقد تناولت الحادث في الايام التالية جميع صحف فرنسا . وهرع عدد من علماء النفس , وأطباء العيون , ومحررو الريبورتاجات الماورائية الى مكان الرؤيا ليدرسوا ظروف وقوعها , زانهلكوا باستجواباتهم العقلانية الشبان الاربعة الذين اختارتهم السيدة ذات الملابس البيضاء . لكن النسيان طوى الامر برمته بعد عدة أيام , ولاذ العلماء والصحافة بتحليل واقع اكثر بساطة : ووافق اكثرهم تفهماً على أن الرؤيا قد تكون صحيحة , ولكن حتى هؤلاء فضلوا نسيانها امام استحالة تفسيرها .

أما أنا – وأنا مادي راسخ – فلا يراودني أي شك في ان ذلك الحادث , ما هو الا فصل آخر , ومن أجمل الفصول , في تاريخ تجسيد الشعر الغني . والعيب الوحيد الذي وجدته في القصة هو حدوثها ليلاً , بل وعند منتصف الليل , مثلما يحدث في أسوأ أفلام الرعب وبإستثناء ذلك , لا وجود لعنصر واحد فيها لا يتفق مع ميتافيزيقية الدروب , تلك التي شعرنا بها جميعنا قريبة منا اثناء إحدى رحلاتنا , لكننا نرفض الاستسلام امام حقيقتها التي تبعث القشعريرة في الجسم . لقد انتهينا الى القبول بأعجوبة السفن الشبحية التي تطوف جميع البحار باحثة عن هويتها الضائعة, لكننا ما زلنا نرفض منح هذا الحق لأرواح كثيرة بائسة ومحزومة , بقيت منثورة دون معنى على جوانب الدروب ففي فرنسا وحدها , سجل منذ بضع سنوات موت مئتي شخص أسبوعياً في أشد شهور الصيف جنوناً , وهكذا لا يمكن لنا أن نـفاجأ بوقوع حدث مفهوم تماماً , مثل حادث السيدة ذات الملابس البيضاء , الذي سيتكرر دون ريب حتى نهاية العصور . والعقلانيون الذين بلا قلب هم وحدهم من سيعجزون عن فهم ظروف تلك الاحداث .

لطالما فكرت و أثناء رحلاتي الطويلة على الدروب العالم الكثيرة , أننا معظم بني البشر في هذه الأزمة , لسنا إلا ناجين من الموت عند احد المنعطفات . وكل منعطف منها ما هو إلا تحد خاضع للحظ . ويكفي أن تصيب السيارة التي أمامنا أية محنة بعد المنعطف , حتى تضيع منا وإلى الأبد فرصة رواية ما حدث . لقد أصدر الانكليز , في السنوات الأولى لاختراع السيارة , قانوناً خاصاً(The Locomotive Act) يفرض بموجبه على كل سائق أن يرسل أمامه شخصاً راجلاً يحمل راية حمراء ويرن جرساً , لكي يتاح للعابرين الوقت الكافي للابتعاد من امام السيارة . وفي أحيان كثيرة , وبينما انا أضغط على دواسة البنزين لأغرق في اسرار احد المنعطفات الغامضة , كنت أتأسف في أعماق روحي لأن مرسوم الانكليز الحكيم ذاك قد الغي , وقد أحسست بذلك على نحو خاص في إحدى المرات , منذ خمسة عشر عاماً , أثناء رحلة كنت أقوم بها من برشلونة الى بيربينيان ومعي مرسيدس والطفلان , وكنت أسير بسرعة مئة كيلومتر في الساعة حين راودني فجأة إلهام لا تفسير له , يدعوني الى تخفيف السرعة قبل ان اصل المنعطف . ومثلما يحدث دوماً في مثل هذه الحالات , فقد تجاوزتنا السيارات التي كانت وراءنا . لا يمكننا نسيان تلك السيارات أبداً : شاحنة صغيرة بيضاء , وفوكس فاجن حمراء , وفيات زرقاء . بل إنني مازلت أذكر الشعر المجعد الأشقر للهولندية الأنيقة التي كانت تقود الشاحنة الصغيرة . وبعد ان تجاوزتنا تلك السيارات الثلاث في نظام كامل , اختفت عن أعيننا في المنعطف , لكننا ما لبثنا أن التقينا بها بعد لحظة , وبعد اختلطت ببعضها بعضاً , في ركام من الخردة المدخنة , مصطدمـة بشاحنة ضخمة كانت قادمة من الاتجاه المعاكس . الناجي الوحيد في ذلك الحادث كان طفلاً عمره ستة شهور , وهو ابن الزوجين الهولنديين .

لقد عدت للمرور من ذلك المكان مرات كثيرة , وفي كل مرة كنت أعود للتفكير في تلك المرأة الجميلة . التي تحولت الى كومة من اللحم الوردي في عرض الطريق . لقد كانت هارية تماماً بفعل الصدمة , وقد منح الموت رأسها الجميل الذي يشبه رأس امبراطور روماني , مسحة من وقار . وليس مستغرباً ان يلتقي بها أحد المسافرين يوماً في مكان محنتها , حية وتامة, تشير له أن يتوقف مثلما أشارت سيدة مونبليه ذات الثياب البيضاء , ليخرجها أحد من سباتها للحظة , ويمنحها الفرصة لتحذره بالصرخة التي لم يطلقها أحد لتحذيرها : (حذار , هذا المنعطف خطير) .

ليست حكايات الدروب السرية اكثر شعبية من حكايات البحر , لأنه ليس هناك من هم اكثر شروداً من السائقين الهواة . اما المحترفون - الذين هم أشبه بالبغالين القدماء – فهم مصدر لا ينضب للحكايات العجيبة . ففي استراحات الطرق العامة , مثلما كان الامر في محلات استبدال أحذية البهائم القديمة , لا ينقطع السائقون المجربون , الذين يبدون انهم لا يؤمنون بشيء , عن رواية الاحداث الماورائية لمهنتهم . وخصوصاً ما يحدث منها في عز النهار , بل وفي الدروب المطروقة أكثر من سواها . في صيف عام 1974 , وفيما انا مسافر مع الشاعر الفارو موتيس وزوجته على الطريق ذاته الذي ظهرت عليه السيدة ذات الملابس البيضاء , رأينا سيارة صغيرة تخرج من رتل السيارات الطويل المتوقف بسبب الازدحام , وتتقدم نحونا من الاتجاه المعاكس بسرعة جنونية . تمكنت من تفاديها بصعوبة شديدة , لكن سيارتنا طارت في الفضاء وهوت في قاع الحفرة التي الى جانب الطريق . وقد تمكن عدة شهود من تثبيت صورة السيارة الهاربة في مخيلتهم : كانت سيارة بيضاء اللون , من طراز سكودا , وقد سجل رقم لوحتها ثلاثة شهود مختلفين . قدمنا الشكوى المناسبة في مفوضية الشرطة الس أن بروفانس , وبعد بضعة شهور ثبت للشرطة الفرنسية دون مجال للشك , ان السيارة السكودا البيضاء , ذات اللوحة المذكورة , موجودة بالفعل . ولكن ثبت لهم كذلك انها ساعة وقوع الحادث في أقصى فرنسا من الجهة الاخرى , محفوظة في المرآب , بينما كان صاحبها وسائقها الوحيد يحتضر في مستشفى قريب .

من هذه التجربة , وغيرها كثير , تعلمت ان احترم الطرق العامة احتراماً أقرب الى الخشوع . ومع ذلك , فإن اكثر الحوادث التي أذكرها إثارة للقلق هو ما حدث لي منذ سنوات طويلة , في مركز مدينة مكسيكو . كنت قد انتظرت سيارة أجرة لمدة نصف ساعة تقريباً , عند الساعة الثانية بعد الظهر , وكنت على وشك التخلي عن الانتظار عندما رأيت سيارة تقترب , وقد بدت لي للوهلة الاولى فارغة الا من سائقها , والعلامة التي تشير الى ذلك كانت مرفوعة ايضاً . ولكنها ما ان اقتربت بعض الشيء حتى رأيت , دون أي ريب , ان ثمة شخصاً يجلس الى جوار السائق . وعندما توقفت السيارة , دون ان أشير اليها , انتبهت الى خطأي : لم يكن يوجد اي راكب الى جانب السائق . واثناء الطريق , رويت له عن ذلك الخداع البصري , فأصغى إلي بكل تلقائية , ثم قال لي : " هذا يحدث على الدوام . في بعض الأحيان أقضي النهار كله في اللف والدوران , دون أن يوقفني أحد , لأن الجميع تقريباً يرون راكباً وهمياً في المقعد الذي إلى جانبي " . وحين رويت هذه القصة لدون لويس بونويل , بدت له طبيعية جداً مثلما بدت للسائق , وقال لي أنها بداية موفقة لفيلم سينمائي" .
:D

achelious
14/09/2008, 20:45
ساعات غراهام غرين العشرين في هافانا

توقف غراهام غرين في هافانا لمدة عشرين ساعة , فقدم مرسلو الصحافة الاجنبية جميع أنواع التأويلات للحدث . وكان لا بد من ذلك : فقد وصل على متن طائرة خاصة , قدمتها له الحكومة النيكاراغوية , وكان يرافقه خوسيه دي خيسوس مارتينث , وهو شاعر وأستاذ رياضيات بَنَمي , كان واحداً من أقرب المقربين الى الجنرال عمر توريخوس . وقد استقبلهما في المطار موظفون من المراسم , وجرى ذلك وسط تكتم شديد , بحيث لم يعلم أي صحفي بأمر الزيارة الا بعد أن انتهت . وقد نقل كلاهما الى البيت مخصص لكبار الضيوف , وخصوصاً لرؤساء البلدان الصديقة : ووضعت تحت تصرفهما سيارة مرسيدس بنز سوداء مهيبة , من تلك التي استخدمت في الاجتماع السادس لقمة بلدان عدم الانحياز , قبل تسع سنوات . والحقيقة انهما لم يستخدما السيارة , لأنهما لم يخرجا من البيت الذي زارهما فيه بعض الاصدقاء الكوبيين القدماء ممن علموا بخبر الزيارة , لأن الكاتب نفسه أخبرهم بذلك . أما الرسام رينيه بورتوكاريرو , الذي تربطه بغراهام غرين صداقة ترجع الى الزمن الذي جاء فيه الكاتب الى هافانا لدراسة أجواء روايته (رجلنا في هافانا) , فقد تلقى الخبر متأخراً , وحين جاء لزيارة الكاتب , كان هذا قد غادر عائداً من حيث اتى . لم يكد يأكل سوى مرة واحدة خلال تلك الساعات العشرين , ملتقطاً لقمة من كل طبق , مثل عصفور مبلل , لكنه تناول وهو على المائدة زجاجة كاملة من نبيذ اسباني أحمر جيد , واستهلك خلال اقامته الخاطفة في البيت سبع زجاجات من الويسكي .

وعندما مضى , تركنا مخلفاً في ذهننا انطباعاً غريباً بأنه هو نفسه لا يعرف سبب مجيئه , مثلما قد يحدث فقط لأحد شخصيات رواياته المعذبة من تردد الرب .

ذهبت اليه في بيته بعد ساعتين من وصوله , لأنه اتصل بي فور علمه بأني موجود في المدينة , وقد سعدت بذلك سعادة كبيرة , ليس للتقدير القديم والكبير الذي اكنه له ككاتب , وكإنسان وحسب , وانما لأن سنوات طويلة قد انقضت منذ التقينا أخر مرة . كان ذلك اللقاء الأخير – كما يتذكره هو نفسه – حين سافرنا معاً الى واشنطن , ضمن الوفد البنمي للتوقيع على اتفاقيات القنال . وقد ذهبت بعض الصحف يومها الى القول ان دعوتنا كانت مناورة من توريخوس لتزيين وفده بإسمي كاتبين مشهورين لا علاقة لهما بتلك المهمة .

الحقيقة انه كانت لنا نحن الاثنين علاقة بمفاوضات الاتفاقية اكثر مما تظنه الصحافة بكثير . ولكن ليس لهذا السبب ولا ذاك دعانا الجنرال توريخوس لمرافقته الى واشنطن , وانما لأنه لم يستطع مقاومة إغراء الاقدام على السخرية سخرية حميمة من صديقه الرئيس جيمي كارتر . القضية وما فيها هي ان غراهام غرين , وأنا كذلك – مثلنا مثل كتاب وفنانين أخرين كثيرين في العالم – ممنوعان من دخول الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة لأسباب لم يستطع حتى الرؤساء انفسهم ان يجدوا لها تفسيراً على الاطلاق . كان الجنرال تويخورس قد وعد بحل هذه المشكلة , فطرح القضية على عدد كبير من كبار الموظفين الامريكيين الذين كانوا يزورونه في ذلك الوقت , ثم نقلها في أخر الأمر الى الرئيس كارتر بالذات . الذي أبدى استغرابه ووعد بحل المسألة بأقصى سرعة . لكن فترة رئاسته انتهت دون ان يتمكن من تقديم أي رد . وحين كان توريخوس يشكل الوفد للذهاب الى واشنطن , خطرت له فكرة إدخالنا – انا وغراهام غرين – الى الولايات المتحدة تهريباً . كان الأمر هاجساً بالنسبة له : فقبل ذلك بزمن قصير , اقترح على غراهام غرين ان يتنكر بزي كولونيل من الحرس الوطني البنمي , ويذهب الى واشنطن في مهمة خاصة لدى الرئيس كارتر , وذلك لمداعبة هذا الأخير بإحدى مداعباته المعتادة . لكن غراهام غرين , الاكثر رصانة مما يبدو عليه في بعض كتبه , لم يشأ إعارة جسده المجيد لحادث , لو انه وقع لكان دون شك واحداً من أطرف الأحداث في مذكراته . ومع ذلك , حين عرض علينا الجنرال توريخوس حضور مراسم توقيع الاتفاقيات بهويتنا الصريحة , ولكن بجوازات سفر بنمية رسمية وكأعضاء في وفد هذا البلد , وافقنا كلانا على الامر بشيء من الفرح الطفولي . وهكذا وصلنا معاً الى قاعدة اندروس العسكرية . كنا نرتدي سرويل رعاة البقر , والقمصان وسط وفد كاريبي يرتدي أعضاؤه الملابس السوداء ويخيم عليهم الذهول من فرقعة قذائف المدفعية الترحيبية الاحدى والعشرين , ومن الموسيقى الحربية للنشيد الوطني الامريكي , والتي بدت وكأنها جزء من الدعابة . وقد همس غراهام غرين في أذني ونحن نهبط سلم الطائرة , وكان مدركاً للشحنة الأدبية التي تحملها تلك اللحظة : "رباه , ياللأشياء التي تحدث للولايات المتحدة " . ولم يستطيع كارتر نفسه الا أن يضحك مبدياً اسنانه البراقة الشبيهة بأسنان المعلنين في التلفزيون , حين حدث الجنرال توريخوس عن لعبته الماكرة .

بعد كل تلك السنوات عدت للقاء غراهام غرين المتجدد الشباب , والذي ما يزال وضوحه الذهني هو اكثر صفاته مفاجأة وثباتا , وتحدثنا كالعادة , قليلاً من الحديث في كل امر , لكن اكثر ما لفت انتباهي هو النبرة الساخرة التي كان يشير بها الى المحاكمات الأربع التي عليه مواجهتها في محاكم فرنسية مختلفة , وذلك بسبب الكتيب الاتهامي الذي نشره ضد مافيا مدينة نيس . ان من يعرفون العالم السفلي للشاطىء الأزرق الفرنسي , يدركون ان ما كشف عنه غرين لا يعلن شيئاً جديداً و ولكننا نحن اصدقاء الكاتب , كنا قلقين على حياته . اما هو , فلم يتأثر , بل واصل حملته التشهيرية , وقال : "اذا كنت سأموت بسرطان البروستات , فأنني أفضل الموت برصاصة أتلقاها في رأسي" . وقد قلت ذلك في ذلك الحين , ولست اذكر أين , ان غراهام غرين يلعب بحملته تلك لعبة الروليت الأدبي , مثلما لعب في شبابه بمسدس من طراز سميث , عيار 23 , كما روى في مذكراته . وقد تذكر هو تصريحي هذا خلال الزيارة , واتخذ منه نقطة انطلاق ليروي لنا تفاصيل محاكماته الاربع .

achelious
14/09/2008, 20:49
وفي حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل , جاء فيدل كاسترو لزيارته . لقد تعارفا منذ بداية الثورة , منذ بدايتها المبكرة , حين حضر غراهام غرين تصوير فيلم (رجلنا في هافانا) , وقد التقيا بعد ذلك عدة مرات , خلال رحلات غراهام غرين المتتالية , ولكنهما لم يلتقيا على ما يبدو في الرحلتين الاخرتين , لان غراهام غرين قال حين تصافحا : "لم نلتق منذ نحو ست عشرة سنة" . بدا لي انهما هائبان بعض الشيء , ولم يكن من السهل عليها بدء الحديث , لذلك سألت غراهام غرين عن حقيقة حادثة الروليت الروسي التي يرويها في مذكراته . شعت عيناه الزرقاوان – وهما اكثر العيون الزرق التي أعرفها صفاء – وقال : "حدث ذلك وأنا في التاسعة عشرة من عمري , حين احببت مدرسة أختي" . وروى أنه قد لعب فعلاً في ذلك الحين لعبة الروليت الروسي بمسدس قديم لأخيه الأكبر , وفعل ذلك في اربع مناسبات مختلفة .
كان يفصل بين المرتين الأوليين مدة أسبوع تقريباً , أما المرتان الاخريان فكانتا متتاليتين لا يفصل بينهما الا دقائق معدودة , فسأله فيدل كاسترو الذي لا يستطيع المرور مروراً عابراً على أمر كهذا دون أن يستنزفه حتى أدق التفاصيله , سأله : كم طلقة كانت تتسع طاحونة المسدس . فأجابه غراهام غرين : "ست طلقات" . حينئذ أغمض فيدل كاسترو عينيه وراح يهمس أرقاماً مضروبة ببعضها بعضاً , ثم نظر اخيراً الى كاتب وقال له : "استناداً الى حساب الاحتمالات , يجب ان تكون ميتاً " . ابتسم غراهام غرين بالهدوء الذي يبتسم به جميع الكتاب حين يشعرون انهم حدثاً من أحداث كتبهم , وقال : "لحسن الحظ أنني كنت كسولا في الرضيات دوماً" . وربما لأن الحديث كان يدور حول الموت , سرعان ما انتبه فيدل كاسترو الى بنية الكاتب المتينة وجسمه السليم فسأله اية تمارين يمارس , وكان سؤالاً لا يمكن ان يفوت فيدل كاسترو الذي يعتبر التربية البدنية احد الامور الاساسية في الحياة , فهو يمارس التمارين الرياضية لعدة ساعات كل يوم , وبالنسبة الكبيرة ذاتها التي يمارس بها جميع مهامه , وهو ينصح جميع اصدقائه باتباع نظام تمارين مماثلة . انه يتمتع بصحة بدنية استثنائية بالنسبة لرجل في مثل سنه, وهو يعزو اليها حسن سلامته الذهبية , ولهذا فوجىء كثيراً عندما رد عليه غراهام غرين قائلاً إنه لم يمارس أية تمارين في حياته على الاطلاق , انه رغم ذلك يشعر بصفاء ذهني تام ولا يعاني أية اضطرابات صحية وهو في التاسعة والسبعين من العمر , وكشف كذلك عن انه لا يلتزم بأي نوع من الحمية الغذائية الخاصة , وانه ينام من سبع الى ثمان ساعات يومياً , وهو امر مفاجىء بالنسبة لعجوز ذي عادات ثابتة , وقال قد يشرب في بعض الاحيان زجاجة كاملة من الويسكي في اليوم , وليتراً من النبيذ مع كل وجبة طعاماً , دون ان يعاني مطلقاً من عبودية الإدمان على الكحول .
ولبرهة , بدا على فيدل كاسترو أنه أخذ يرتاب بفعالية نظامه الصحي , لكنه سرعان ما ادرك ان غراهام غرين هو استثناء عجيب ... استثناء وحسب . وعندما ودعنا بعضنا بعضاً , كان قد بدأ يؤرقني اليقين بأن ذلك اللقاء
سيذكر عاجلاً او أجلاً , في كتاب مذكرات واحد منا , او ربما في مذكراتنا نحن الثلاثة .

achelious
21/09/2008, 04:53
أبهة الموت

كثيراً ما قلت إن قلبي لا يتحمل مشاركتي في دفن أصدقائي . ولكنني في الثاني من شهر تشرين الثاني الماضي , وهو يوم جميع الموتى , أردت مرافقة زوجة شخص عزيز جداً لحضور مراسم احراق جثته . كان الجسد قد امضى تلك الليلة في النزل الجنائزي التابع لوكالة غايوسو لدفن الموتى , في جادة فيلكس كويفاس بمدينة مكسيكو . وكانت الوكالة المذكورة قد انجزت جميع المعاملات الخاصة بالاحراق والنقل الأخير الى محرقة أجساد الموتى . كان الموعد المحدد هو الساعة الحادية عشر صباحاً , وجميعنا كنا نظن ان العملية ستكونت مجرد امر تقني , بلا طقوس من اي نوع , ويمكن لها ان تستغرق نحو ساعتين . عندما وصلنا الى المكان , أرونا جثثاً أخرى تنتظر الدور , وقالوا ان جثة صديقنا ستنتظر حتى الساعة الخامسة مساء على الأقل . في صالة الانتظار الكئيبة والمثلجة , التي لا وجود فيها لوردة واحدة ولا لمقعد بائس واحد يمكن الجلوس عليه , كانت توجد مجموعة من التوابيت المستعملة , مصفوقة على الجدار بوضع عامودي , وكانت تلك التوابيت قد استخدمت ممن اتخذوا الاحتياطات وماتوا مبكرين . فقد باعتها وكالات الدفن واستخدمت للسهر على الموتى ولنقلهم , انما كان واضحاً ان الاقرباء الذين دفعوا ثمنها ذهباً , لم يعودوا بحاجة اليها , لذلك كان هناك من سيتولى بيعها ثانية الى الموتى مستقبليين . قال لنا سائق العربة التي حملت جثمان صديقنا : "لماذا لا ترجعوا غداً وتحاولوا ان تكونوا اول من يصل ؟" . ان هذا السؤال وحده صاغه شخص يعرف دون ريب خيراً منا مأسي البيروقراطية الماتمية جعلنا ندرك نوعية اليوم الذي ينتظرنا .

تولت الأمر أنا ماريا بيكانيناس , وروت تلك التجربة للصحافة في رسالة يجب الا تمر مرور الكرام , لأنها ليست الا عينة صغيرة من الخذلان الذي يجد فيه الأحياء أنفسهم أمام الوكالات الجنائزية , بعد ان يكونوا قد دفعوا نفقات الخدمة كاملة . ومنذ بضعة شهور , روى فيرناندو بينيتس لاحدى الصحف كذلك كيف عاملت وكالة غارسيو أسرة كاتب لم تكن تملك المال لدفع تكاليف الجنازة , وهي نفقات ربما تكون اكبر من كل ما تقاضاه الصديق الميت طوال حياته من حقوق التأليف . كما اهتمت مجلة (الهيئة الوطنية للمستهلك) , وفي عدة مناسبات بأسعار الموت الباهظة في المكسيك , لكن موعظتها مثل غيرها من المواعظ حول موضوعات فانية ضاعت الى الأبد في البرية . حتى لكأن وكالات دفن الموتى في العالم بأسره, تتمتع بامتياز خاص يضعها بمنجى من أية عقوبة قد تتخذ ضد استغلالها .

روت أنا ماريا بيكانيناس ان الموظف الوحيد الذي وجدته في محرقة الجثث قدم لها تفسيراً واقعياً لدرجة انه بدا أقرب الى تفسير خباز , فقد قال لها : "الفرن مشغول , والفران في الداخل وهو لن ينتهي من (التفرين) قبل ثلاث ساعات" . ولم تكن هنالك أية معلومات اخرى حينئذ اتصلت أنا ماريا بيكانيناس بوكالة غايوسو , وهي تظن انها قد تحصل على مساعدة خاصة بعد ان دفعت للوكالة جميع التكاليف كاملة , فأعلمها موظف قال ان اسمه ريكاردو لوبيث بأن مسؤولية الوكالة تنتهي لحظة خروج الجثة من المبنى الجنائزي وأغلق الهاتف . عادت أنا ماريا بجسارتها الكتلانية الى طلب الرقم ذاته فرد عليها عندئذ موظف أخر , أوضح لها بصوت له نبرة أصوات تجار الموت ذات التلاوين قائلاً إنه لا يستطيع عمل أي شيء لتعجيل الاحراق . وربما دون ان يدري اخترع مثلاً كئيباً حين قال لها : "لسوء الحظ , ان المحظوظ هو من يصل أولاً" . ولم يكن ممكناً عمل أي شيء بالفعل . أما الخدمة والمساعدة والتفهم المتعاقد عليه مع بائعي الموت الذين يصل بهم الامر الى الوعد بإدخال المتوفي الى السماء بصحبة أبواق ملائكية, فقد ذهبت كلها أدراج الرياح .

لقد كانت تلك مأساة اخرى , لكنها ربما كانت الأقل خطورة بين ما يحدث من مأسي في كل لحظة في العالم بسبب جشع وكالات الدفن وفظاظة قلوبهم الحجرية . ففي المكسيك , حيث تجارة الموت هي احدى اقسى التجارات واكثرها ازدهاراً , وحيث اعتاد الاستغلال على غزو اكثر مناطق الادب الخيالي نفوراً تقول نشرة دعائية لاحدى وكالات الدفن : "الخدمة كلها لا تكاد تستغرق عشر دقائق أو خمس عشرة دقيقة في أقصى الحدود . وهي ليست بالامر المحزن بل يمكن الذهاب اليها وكأن المرء ذاهب الى نزهة . والمكان جميل , فهو ليس مدفناً تقليدياً , وانما هو ضريح حديث مفروش بالسجاد , ومزود بالانارة , والتكيف , وفيه أيضاً فتحات لتهوية السراديب" .
لقد قدرت هيئة المستهلك انه يوجد في المكسيك 195 وكالة دفن نظامية مسجلة , و110 وكالات اخرى تعمل بطريقة شبه سرية . وهذه الاخيرة على وجه الخصوص محكومة بقوانين العرض والطلب الآنية , وتدخل في منافسة وتدافع على الجثث مرعبين أمام أبواب المشافي وفي ممراتها . ولكن حتى في جنازات الأثرياء , فإن الوكلاء البياعين يفتقرون لأي قاعدة محددة لاسعار خدماتهم انهم يتصرفون في أغلب الاحيان بناء على مظهر الزبون وحالته في لحظة عقد الصفقة . وسعر التابوت هو الذي يحدد نوعية الخدمة كلها اذ لا يمكن الجمع بين تابوت غالي الثمن وخدمة متواضعة او العكس . والموت في نهاية الامر ليس الا رحلة مهما كانت أبدية والوكالات لا تجد سبباً يمنعها من تنظيم خدمات الموت كما لو كانت رحلة سياحية جميع الخدمات فيها مضمونة بما في ذلك احتمالات الحب العابر . انها تجارة خرافية : ففي عام 1976 بلغت أرباح وكالات الدفن الشرعية وحدها في المكسيك 175 مليون بيزو .

لقد جاءنا هذا المفهوم للدفن من الولايات المتحدة , وهو أمر في منتهى البساطة هناك : فأبهة الموت هي ضرورة أولية . والامريكي المتوسط لا يتمتع في أية لحظة من حياته بمستوى حياة أرقى من مستوى موته , ولا يكون في أية لحظة أجمل مما يكون عليه وهو في التابوت : حتى ان افراد اسرته بالذات يصابون بالذهول لمدى مناسبة التحنيط له , ولمدى الرقة التي يتسم بها, ولمظهر التفهم والمحبة التي يبديها وهو يسند رأسه الى وسادة الموت , وربما تألموا في سرهم لأنه لم يتم التوصل بعد الى امكانية تحنيط من هم قساة المعشر وهم على قيد الحياة . لكنه وهم باهظ الثمن تزدهر من ورائه تجارة من أقسى التجارات واكثرهم قذاره في العالم . لقد قرأت منذ سنوات عديدة حكاية مرعبة في كتاب مذهل حول التجارة الجنائزية في الولايات المتحدة . فأرملة من الطبقة المتوسطة انفقت كل مدخراتها لتقدم لزوجها الميت جنازة اكثر ابهة من امكانياتها الواقعية . وكان كل شيء يبدو محكماً الى ان اتصل بها احد موظفي الوكالة تلفونياً ليقول لها ان الجثة أطول مما هو وارد في العقد , وأنه عليها بالتالي ان تدفع مبلغاً اضافياً . لم يكن قد بقي في حوزة الأرملة سنت واحد . فقدم لها الموظف حينئذ الحل بصوته الرخيم الذي يشبه اصوات جميع ابناء مهنته قائلاً : "في هذه الحالة أرجو منك ان تمنحينا تفويضاً لننشر قدمي الجثة" . لكن الأرملة المسكينة وجدت كيفما اتفق المال الذي لم يكن تملكه كي تمنحها زكالة الدفن الرحمة وتدفن زوجها كاملاً .

achelious
24/09/2008, 19:49
شيخوخة لويس بونويل الشابة

السيرة الذاتية الرائعة التي كتبها لويس بونويل تبدأ بفصل باهرعن الملكة الانسانية التي تتحكم بنا و تقلقنا اكثر من سواها : الذاكرة . ويروي "دون لويس " ان امه قد فقدت هذه الملكة تماما في السنوات العشر الاخيرة من حياتها وانها كانت تقرأ المجلة ذاتها مرات كثيرة بالمتعة الاولى ذاتها ,لأنها كانت تبدو لها جديدة في كل مرة ويقول : "وصل بها الامرالى عدم التعرف على ابنائها , وعدم معرفة من نحن , ومن تكون هي نفسها . وكنت ادخل عليها فاقبلها واجلس بعض الوقت الى جانبها,ثم اخرج واعود للدخول ". فكانت تستقبله بالابتسامة ذاتها وتدعوه للجلوس وكانها تراه لاول مرة ودون ان تتذكر ما هواسمه.
ما لم يقله دون لويس , ربما ما لا يعلمه احد علم اليقين, هوإذا كانت امه واعية لمحنتها . قد لا تكون كذلك . وربما كانت حياتها تبدا في كل لحظة وتنتهي في الحظة التالية في ومضة وعي ودون ألم لاختفاء ذكرياتها... ليس ذكريات السيئة وحسب, وإنما ذكرياتها الطيبة أيضاً , وهذه الأخيرة هي الأسوأ في نهاية الامر , لأنها تشكل نواة الحنين . ومع ذلك لم تكن هذه الاحجية هي اكثر ما فتنني في ذلك الكتاب الرائع , وانما القوة التي تدفعني فيها الى التفكير , للمرة الاولى , بشيء يبقى على الدوام بعيدا عن اهتماماتنا : وأعني يقين الشيخوخة . لقد قرأت في حينه . وبتقدير كبير , كتاب سيمون دو بوفوار حول الموضوع - وربما كان الكتاب الأكثر دقة وتوثيقاً بين كتبها - لكنه لم يثر بي , في أي صفحة من صفحاته , مثل ذلك الاحساس بالكارثة البيولوجية التي يتحدث عنها لويس بونويل. ففي الستين من عمره - كما يقول - لم يعد يتذكر أسماء الأشخاص بالسهولة التي كان يتذكرها بها في السابق . ثم بدأ ينسى بعد ذلك المكان الذي ترك فيه ولاعته , وأين وضع المفاتيح , وكيف كان اللحن الذي سمعه في مساء يوم ماطر في بياريتز واصبح ذلك يقلقه في الثانية والثمانين , لأنه رأى فيه بداية تحول سينتهي به الى ليمبوس (*) النسيان الذي عاشت فيه امه سنواتها الأخيرة ويقول : " لا بد من البدء بفقدان الذاكرة لكي ننتبه الى أن هذه الذاكرة هي التي تكوّن حياتنا " . ولحسن الحظ , فإن كتاب لويس بونويل يثبت أن مأساته لم تكن في فقدان الذاكرة , وإنما من الخوف من فقدانها .
انه في الحقيقة كتاب الذكريات , وامتلاك القدرة على اعادة بناء الذكريات بمثل تلك الطريقة المعاشة لهو ماثرة ترفض مباشرة أي تهديد بفقدان الذاكرة الشيخوخي . ولقد قلت منذ وقت قريب لأحد أصدقائي انني استعد لكتابة مذاكراتي , فرد علي بالقول انني لم ابلغ السن المناسبة لذلك . فقلت له : "أريد ان ابدأ وأنا ما أزال اتذكر كل شيء . لأن معظم المؤلفات تكتب حين لا يتذكر مؤلفوها شيئاً" لكن هذا الكلام لاينطبق على لويس بونويل . فدقة ذكرياته عن اسلوب حياة القرون الوسطى في "كالاندا" وعن المدينة الجامعية في مدريد - التي كان لها اثر كبير في جيله - وعن المرحلة السوريالية , وبشكل عام عن لحظات بارزة كثيرة في هذا القرن , تؤكد انه كان دوماً في ذلك الشيخ الذي لا يهرم بذرة من الشباب لا تنطفىء أبداً . صحيح انه فقد حاسة السمع مما حرمه متعة الموسيقى التي لاتضاهى . وأنه كان عليه أن يقرأ بمشقة مستخدماً عدسة مكبرة وشعاع نور خاص لأن بصره كان يضمحل , وكان يقول كذلك انه فقد الرغبة الجنسية . وقد انجز فيلمه الاخير : (هذا الشي الغامض في الشهوة) , منذ عشر سنوات , وقدر هو نفسه انه سيكون الفلم الاخير . مما يعني أنه كان مريضاً حقاً , وضجراً لتوقفه عن العمل , إضافة الى احساسه بان اصدقاءه قد هجروه . وتفكيره بالموت بشكل متزايد وأكثر حدة. لكن رجلاً كان قادرا على تحليل حياته بالطريقة التي فعلها بمذكراته , وترك شهادة مثل شهادته عن عالمه وعصره , لا يمكن له أن يكون ذلك الشيخ العاجز الذي ظن نفسه انه صار اليه .
ان المرء ليشعر بالسلوى حين يفكر بأن الشيخوخة ليست سوى حالة معنوية . وعندما نرى مرور شيخ مثقل بروحه نميل الى الاعتقاد بانها محن تصيب الأخرين فقط ونفكر - وعسى أن يكون ذلك صحيحاً - أن ارادتنا غيرقادرة على منع الموت , ولكنها قادرة على سد الطريق امام الشيخوخة . لقد التقيت منذ سنوات في قاعة انتظار احد مطارات كولومبيا بزميل دراسة في مثل عمري , وكان يبدو اكبرمن سنه الحقيقي بمرتين . وكانت نظرة متفحصة سريعة كافية لاكتشاف ان شيخوخته المبكرة ليست واقعاً بيولوجياً بقدر ماهي مجرد اهمال من جانبه . ولم استطع يومها كبح نفسي , وقلت له اضافة الى أشياء اخرى كثيرة , ان سوء حالته ليس من الرب , وانما منه هو نفسه . وان لي الحق بتأنيبه لان اهماله لا يجعله يشيخ وحده . وانما يجعل جيلنا كله يشيخ . ومنذ زمن قريب , طلبت من صديق ان ياتي الى مكسيكو . فرد علي في الحال : "لن اذهب الى هناك أبداً , لاني لم اذهب الى مكسيكو منذ عشرين سنة , ولا اريد ان ارى شيخوختي في وجوه أصدقائي" . فأدركت فوراً أنه يتبع القاعدة نفسها التي اتبعها : عدم تسهيل أي سبيل امام الشيخوخة ووالدي الذي توفي عن اثنتين وثمانين سنة , كان يتمتع بحيوية ومظهر استثنائيين وكنا نحن اولاده , نعلم ان سره ضد الشيخوخة كان شديد البساطة : لم يفكر بها .
ثمة استثناءات بالطبع استثناءات جيدة وسيئة , والافضل في مثل هذه القضية عدم التفكيرالا بالاستثناءات الجيدة . لقد كتب الكاتب الكوبي ميغيل بارنيت سيرة حياة عبد قديم . وأثناء المقابلة تمكن بارنيت من التأكد فعلاً أن عمر ذلك العبد الشيخ هو المئة واربع سنوات التي يدعيها , وكانت ذاكرته على خيرما يرام حتى لتبدو وكأنها ارشيف حي لتاريخ بلاده . من جهة اخرى فإن الدكتور غريف ي . بيرد - الذي تستشهد به سيمون دي بوفوار - قد اجرى , دراسة على اربعمئة شخص تتجاوز اعمارهم المئة سنة , وكانت نتائجه مواسية , فالدراسة تنتهي الى القول : "ولدى معظمهم مشاريع محددة للمستقبل , وهم يهتمون بالقضايا العامة , ويبدون حماساً شبابياً ويتمتعون بشهية متينة ومزاج شديد المرح , ومقاومة استثنائية . انهم متفائلون ولا يبدون خوفا من الموت " . أما فيما يتعلق بالنشاط الجنسي للمسنين , فهناك يقين في هذا المجال , بأن فترة مراهقة ثانية تبدا منذ سن التسعين . ويبدو ان الشرط الوحيد في هذا الشأن هو ان يكون الشخص المعني قد امضى حياته السابقة كلها نشيطاً . فلا شيء يسبب البرود مثل التواني وعدم المبالاة . ولدي صديق عمره /85/ سنة , اتهمه احدهم بانه عجوز ذو نفس خضراء لانه يحب الفتيات ذوات الاربعة عشرعاماً . وقد كان رده ساحقاً : الفتيان الذين في الرابعة عشرة يحبونهن كذلك , وليس هناك من يقول عنهم انهم شيوخ ذوو نفوس خضراء .
المشكلة هي ان المجتمع الذي يتكلف التقدير والاحترام , يجعل منا شيوخا بالقوة , ويقول مثل فلاحي : "بالهندية الاكبر سناً تجرب السهام " . ومنذ بعض الوقت عندما اقترحت على منتج سينمائي نقل (ليس لمدى الكولونيل من يكاتبه) الى السينما رد عليّ مباشرة : "الشيوخ لا يبيعون انفسهم" . وفي فرنسا - حيث كانت نسبة المسنين عام 1970هي أعلى نسبة في العالم - تم التوصل الى اقرار التقاعد في سن الستين . انها فضيحة . وأفضل دليل على عدم عدالة هذا القرار هو انه لا توجد كائنات اشد عدوانية في هذا العالم من المسنين الفرنسيين ؛ فهم ينازعون الشباب على السيارات التكسي بضربهم بالمظلات , ويخرقون صفوف انتظار الدور مستخدمين مرافقهم , وهم مستعدون لاقتراف وقاحة مدمرة في أي شجار في الشارع . ولقد كنت أتساءل على الدوام اذا ما كان هؤلاء الشيوخ يعلمون أنهم شيوخ . لست ادري . لكنني اعرف ان رجلا في الستين من عمره , يشعر انه ما زال في اوج الحياة , اعطى في الاسبوع الماضي لطفل في الخامسة من عمره ورقة نقدية من فئة الخمسين بيزو . فهرع الطفل سعيداً ليري أباه الورقة النقدية , ويقول له : "لقد اعطاني اياها ذاك العجوز الذي هناك" . والعجوز الذي كان هناك...هو أنا طبعاً .
_________________________________________________
(*) هو المكان اوالمرحلة الانتقالية التي تبدا بعد الموت حيث يستقر فيها من لم يرتكب, خطيئة مميتة, يستحق عليها عقاب الجحيم , قبل انتقاله الى نعيم الله .حسب ايمان الكنيسة الكاثوليكية

*Marwa*
24/09/2008, 21:24
حـلو الموضوع..:D

شاب من تشيكوسلوفاكيا , غادر موطنه مدفوعاً بالرغبة في جمع ثروة .
وبعد مرور خمس وعشرين سنة , وكان قد تزوج وأثري , رجع الى مسقط رأسه,
حيث كانت أمه وأخته تملكان فندقاً .
ولمجرد مداعبتهما , ترك المسافر زوجته في فندق أخر في البلدة , واستأجر لنفسه غرفة في فندق الام والاخت , اللتين لم تتعرفا عليه بعد سنوات الفراق الطويلة . كان ينوي , كما يبدو , أن يفصح عن شخصيته في اليوم التالي , اثناء تناول الفطور . ولكن في منتصف الليل , وفيما هو نائم , قامت الام والاخت بقتله لسرقة أمواله .

بعتقد هالقصة انعمل عليها فيلم مصري..بس ما كملتو للآخر فما بعرف ازا بالاخير الام بتقتل ابنها او لأ ..لأنو متل ما بتعرف أفلامنا العربية لازم تنتهي دايما نهايات سعيدة :lol:

achelious
25/09/2008, 18:26
شكرا لمرورك مروة:D