lostman1
03/09/2008, 23:44
-1-
ما الذي دفع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، لأن يعزو كل "الانتصارات" التي حققتها إيران عبر برنامجها النووي، كمتحدية للشرعية الدولية، إلى "المهدي المنتظر" ، وليس إلى الله ورسوله مثلاً، أو إلى صمود وتصميم إيران، أو أية جهة أخرى؟ ولماذا ألمح أحمدي نجاد إلى أن يد الإمام "المهدي المنتظر" "تُرى بوضوح في إدارة شؤون البلاد كافة"؟ ولماذا أكد نجاد في الأسبوع الماضي، في خطاب له أمام طلاب الفقه، نقله تلفزيون الدولة، أن "الإمام المهدي"، يدير العالم، ونحن نرى يده المدبرة في شؤون البلاد كافة"؟ هل مُنيت الإدارة الإيرانية - برئاسة نجاد - بخيبات تنموية واقتصادية وسياسية مختلفة، وأراد نجاد أن يبرئ نفسه منها، ويرميها على ظهر "المهدي المنتظر"؟ لقد أجمع الأطباء النفسانيون منذ الستينات من القرن الماضي، أن حالةً كحالة نجاد، هي مرض نفساني يُطلق عليه "الهلوسة السمعية والبصرية". وهو مرض نفساني يصيب البعض الذين يتصورون أن أحداً غير موجود على أرض الواقع يكلمهم، ويرشدهم. وهذا المرض اكتشفه آدم كرابتري الطبيب النفساني الكندي عام 1966، والذي لخصه بحالات مرضية لمرضى يسمعون أصواتاً في رؤوسهم، كما قال الطبيب النفساني الآخر جوليان جاينز.
-2-
تقول آخر التقارير عن حال ومآل إيران في عهد أحمدي نجاد، إن الحرس الثوري الديني الإيراني (باسدران) هو الحاكم الفعلي في إيران، وقد كان أحمدي نجاد أحد ضباطه، يتألف - حسب تقديرات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن- من 350 ألف عنصر. وهو يذيق الشعب الإيراني القهر، إلى الحد الذي أصبح معه الشعب الإيراني أكبر مستهلك لحشيشة الكيف والأفيون في العالم، حسب تقارير الأمم المتحدة، وذلك نتيجة لحجم الظلم والقهر الكبير، الذي تمارسه الدولة ممثلةً بالحرس الثوري. وطبقا لتقرير المخدرات العالمي عام 2005، الذي أصدرته الأمم المتحدة عن مدمني الأفيون في العالم، توجد في إيران أعلى نسبة من المدمنين في العالم. إذ إن 2.8 % من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 15 سنة مدمنون على نوع من المخدرات. وإلى جانب إيران، توجد دولتان فقط في العالم، تتعدى نسبة المدمنين فيهما 2 % وهما موريشيوس وقيرغيزستان.
-3-
وتقول تلك التقارير، إنه إذا ما وضعنا في الاعتبار أن عدد سكان إيران يصل إلى 70 مليون نسمة، وأن بعض الإدارات الحكومية الإيرانية، تعتقد أن عدد المدمنين يصل إلى 4 ملايين شخص، فإن ذلك يضع إيران على قمة عدد السكان المدمنين في العالم على المواد المخدرة، بما في ذلك الهيروين. إلى جانب ذلك، ومن الناحية الدينية، فإن الأرقام التي أذاعها رئيس الشؤون الثقافية في بلدية طهران، الشيخ محمد علي زم، مؤخراً، عن نسبة الالتزام الديني لدى الشعب الإيراني، وخاصة الطلاب والشباب، فيما يتعلق بأداء الصلاة والإباحية والإدمان على المخدرات، أحدثت نوعاً من الصدمة والدهشة والذهول لدى المراقبين والإسلاميين خارج الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأثارت قلقاً شديداً على مستقبل التجربة الإسلامية ، ودفعتهم للتفكير، وإعادة النظر في مخططاتهم الحركية، وبرامجهم للحكم في المستقبل. فقد كان الإسلاميون في أواسط القرن الماضي يتجادلون فيما بينهم حول الطريقة الفُضلى لإقامة المجتمع الإسلامي، وفيما إذا كانت التربية قبل مرحلة السلطة، أم السلطة قبل مرحلة التربية. وجاءت الثورة الإسلامية في إيران في نهاية السبعينات لتحسم ذلك الجدل الطويل، بعد انضمام قطاعات واسعة من الشعب الإيراني إلى المشروع الإسلامي، وخضوعها لقيادة رجال الدين، ودعمهم في إقامة حكم إسلامي.
- 4 -
وتتابع هذه التقارير قولها، بأنه كان يُنتظر أن يواصل رجال الدين الذين استلموا السلطة في إيران أسلمة ما تبقى من المجتمع والقضاء على جذور الفساد والانحلال والانحراف، إلا أن الأرقام التي أذاعها المسؤول الثقافي الإيراني، وكشف عنها خلال مؤتمر صحفي، يُعدُّ الأول من نوعه من حيث الشفافية والصراحة والنقد الذاتي، أشارت إلى تراجع نسبة الالتزام الديني لدى غالبية الشعب الإيراني وخاصة الشباب، حيث تجاوزت نسبة غير المصلين 80%، وتجاوزت نسبة الإباحية 60%، وبلغت نسبة المدمنين على المخدرات 20%، وهي أرقام مرعبة حقاً في مجتمع إسلامي تحكمه حكومة دينية، وتسيطر فيه على وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون، ويوجد فيه حوالي نصف مليون رجل دين! ورغم أن الحكومة الإسلامية بذلت عناية فائقة في إعداد برامج دراسية دينية للأطفال منذ نشوئهم في المدارس الابتدائية وغيرها، إلا أن حصيلة تجربة عقدين من الزمن كانت ابتعاد الشباب والطلاب عن الدين بنسبة عالية جداً، كما قال أحمد الكاتب في بحثه (لماذا يتراجع الإيرانيون عن الالتزام الديني؟ مجلة "الوسط"، لندن، 24/7/2007).
-5-
من ناحية أخرى، يقول الكاتب والباحث العراقي جاسم الحلوائي في سلسلة مقالات تحت عنوان (سنوات بين دمشق وطهران)، إن العواقب الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية لسيطرة رجال الدين على السلطة في إيران كثيرة، ومنها بعض المعطيات ذات الدلالة الهامة، وهي مستقاة من دراسة للدكتور أمان الله قرابي، الخبير الاجتماعي والأستاذ الجامعي، تتناول معالجة ظاهرة البغاء التي تشمل 300 ألف من بنات الشوارع في طهران وحدها، وتتراوح أعمارهن بين 11 إلى 18 عاماً. وفي الوقت الذي يؤكد فيه الباحث، أن الظاهرة تشير إلى ضعف القيم الدينية في المجتمع ( في استطلاع أجرته الصحف الرسمية الإيرانية، تبين أن 85% ممن ولدوا بعد الثورة لا يمارسون الشعائر الدينية)، إلا أنه يؤكد أن أسباب الظاهرة اقتصادية بالأساس. فهناك أربعة ملايين عاطل عن العمل. والبلد بحاجة إلى مليون فرصة عمل جديدة سنوياً، في حين أن ما يتحقق هو من 400 إلى 500 ألف فرصة. وتبلغ البطالة من 20 % إلى 27% في أوساط الخريجين. وهناك تسعة ملايين عازب وعزباء، بينهم 5.5 ملايين من العازبات. ويوجد خمسة ملايين مدمن مخدرات، ويعيش مليونان من سكان طهران في ضواحيها حياة بائسة (صحيفة "ميهن"، عدد 96، 2006). والعدالة التي ينادي بها المسؤولون الإيرانيون ليلاً ونهاراً كانت نتيجتها، وهم في قيادة السلطة لأكثر من ربع قرن، زيادة الأغنياء غنى وزيادة الفقراء فقراً في إيران، حيث "يعيش أكثر من نصف الشعب الإيراني تحت خط الفقر، وتفتك البطالة بأكثر من 20% من الشعب الإيراني. ويتعاطى 80% من الشعب الإيراني المخدرات، حسب آخر تقرير دولي نشر، كما ذكرنا سابقاً. تلك هي صورة إيران كما يراها المراقبون قبل عهد أحمدي نجاد، وفي أثناء عهد أحمدي نجاد، فهل هذه الصورة التي يعلمها أحمدي نجاد تمام العلم، هي التي دفعته لأن يُلقي كل هذه الأخطاء - وإن لم يُعلن صراحةً - على ظهر "المهدي المنتظر".
-6-
لقد استنكر رجال دين إيرانيون كُثر، توريط أحمدي نجاد للمهدي المنتظر، فيما تفعله إيران اليوم بقيادته. وأورد سيافوش قاضي، مراسل وكالة الأنباء الفرنسية في طهران، في مقاله (أحمدي نجاد: يدُ المهدي المنتظر تدير الشؤون الإيرانية، موقع Middle East On Line "، أن عدداً كبيراً من رجال الدين الإيرانيين انتقدوا أحمدي نجاد، لقوله "إن يد المهدي المنتظر تُرى بوضوح في إدارة شؤون البلاد كافة." وقال حجة الإسلام غلام رضا مصباحي المتحدث باسم جمعية رجال الدين المقاتلين المحافظة المتشددة: "إذا كان أحمدي نجاد، يريد أن يقول، إن الإمام الغائب يدعم قرارات الحكومة، فهذا ليس صحيحاً". وأضاف: "من المؤكد أن المهدي المنتظر، لا يُقرُّ التضخم الذي بلغ 20% وغلاء المعيشة، والكثير من الأخطاء التي ترتكبها الحكومة." كما اعتبر رجل الدين المحافظ حجة الإسلام علي أصغري عضو كتلة "حزب الله" في البرلمان الإيراني أنه "من الأفضل لأحمدي نجاد الاهتمام بمشاكل المجتمع مثل التضخم والتركيز على الشؤون الدنيوية". ونصحه في تصريحات نقلتها صحيفة "اعتماد مللي" بـ"عدم التدخل في الشؤون الدينية، والإيحاء بأن إدارة البلاد يتولاها الإمام الغائب". وكان أحمدي نجاد منذ أن تولى الحكم وهو يهجس بـ "المهدي المنتظر"، إلى حد أنه قال "إن الإمام المنتظر يزوره أسبوعياً." وقال أمام العالم كله، في خطابه في الأمم المتحدة في خريف 2005، إنه "شعر بهالة من النور تحيط به." وتحدث طويلاً عن عودة المهدي المنتظر، مما دعا رجل دين إيراني كبير كالإصلاحي آية الله يوسف سعاني إلى انتقاد "اللجوء المتزايد إلى الخرافات" بحدة، وذلك في نقد مبطن لنجاد. فهل يستمر أحمدي نجاد في الاستنجاد بالمهدي المنتظر لكي يغطي المزيد من أخطاء حكومته، وفشلها في إنقاذ إيران من الكوارث؟
.
ما الذي دفع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، لأن يعزو كل "الانتصارات" التي حققتها إيران عبر برنامجها النووي، كمتحدية للشرعية الدولية، إلى "المهدي المنتظر" ، وليس إلى الله ورسوله مثلاً، أو إلى صمود وتصميم إيران، أو أية جهة أخرى؟ ولماذا ألمح أحمدي نجاد إلى أن يد الإمام "المهدي المنتظر" "تُرى بوضوح في إدارة شؤون البلاد كافة"؟ ولماذا أكد نجاد في الأسبوع الماضي، في خطاب له أمام طلاب الفقه، نقله تلفزيون الدولة، أن "الإمام المهدي"، يدير العالم، ونحن نرى يده المدبرة في شؤون البلاد كافة"؟ هل مُنيت الإدارة الإيرانية - برئاسة نجاد - بخيبات تنموية واقتصادية وسياسية مختلفة، وأراد نجاد أن يبرئ نفسه منها، ويرميها على ظهر "المهدي المنتظر"؟ لقد أجمع الأطباء النفسانيون منذ الستينات من القرن الماضي، أن حالةً كحالة نجاد، هي مرض نفساني يُطلق عليه "الهلوسة السمعية والبصرية". وهو مرض نفساني يصيب البعض الذين يتصورون أن أحداً غير موجود على أرض الواقع يكلمهم، ويرشدهم. وهذا المرض اكتشفه آدم كرابتري الطبيب النفساني الكندي عام 1966، والذي لخصه بحالات مرضية لمرضى يسمعون أصواتاً في رؤوسهم، كما قال الطبيب النفساني الآخر جوليان جاينز.
-2-
تقول آخر التقارير عن حال ومآل إيران في عهد أحمدي نجاد، إن الحرس الثوري الديني الإيراني (باسدران) هو الحاكم الفعلي في إيران، وقد كان أحمدي نجاد أحد ضباطه، يتألف - حسب تقديرات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن- من 350 ألف عنصر. وهو يذيق الشعب الإيراني القهر، إلى الحد الذي أصبح معه الشعب الإيراني أكبر مستهلك لحشيشة الكيف والأفيون في العالم، حسب تقارير الأمم المتحدة، وذلك نتيجة لحجم الظلم والقهر الكبير، الذي تمارسه الدولة ممثلةً بالحرس الثوري. وطبقا لتقرير المخدرات العالمي عام 2005، الذي أصدرته الأمم المتحدة عن مدمني الأفيون في العالم، توجد في إيران أعلى نسبة من المدمنين في العالم. إذ إن 2.8 % من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 15 سنة مدمنون على نوع من المخدرات. وإلى جانب إيران، توجد دولتان فقط في العالم، تتعدى نسبة المدمنين فيهما 2 % وهما موريشيوس وقيرغيزستان.
-3-
وتقول تلك التقارير، إنه إذا ما وضعنا في الاعتبار أن عدد سكان إيران يصل إلى 70 مليون نسمة، وأن بعض الإدارات الحكومية الإيرانية، تعتقد أن عدد المدمنين يصل إلى 4 ملايين شخص، فإن ذلك يضع إيران على قمة عدد السكان المدمنين في العالم على المواد المخدرة، بما في ذلك الهيروين. إلى جانب ذلك، ومن الناحية الدينية، فإن الأرقام التي أذاعها رئيس الشؤون الثقافية في بلدية طهران، الشيخ محمد علي زم، مؤخراً، عن نسبة الالتزام الديني لدى الشعب الإيراني، وخاصة الطلاب والشباب، فيما يتعلق بأداء الصلاة والإباحية والإدمان على المخدرات، أحدثت نوعاً من الصدمة والدهشة والذهول لدى المراقبين والإسلاميين خارج الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأثارت قلقاً شديداً على مستقبل التجربة الإسلامية ، ودفعتهم للتفكير، وإعادة النظر في مخططاتهم الحركية، وبرامجهم للحكم في المستقبل. فقد كان الإسلاميون في أواسط القرن الماضي يتجادلون فيما بينهم حول الطريقة الفُضلى لإقامة المجتمع الإسلامي، وفيما إذا كانت التربية قبل مرحلة السلطة، أم السلطة قبل مرحلة التربية. وجاءت الثورة الإسلامية في إيران في نهاية السبعينات لتحسم ذلك الجدل الطويل، بعد انضمام قطاعات واسعة من الشعب الإيراني إلى المشروع الإسلامي، وخضوعها لقيادة رجال الدين، ودعمهم في إقامة حكم إسلامي.
- 4 -
وتتابع هذه التقارير قولها، بأنه كان يُنتظر أن يواصل رجال الدين الذين استلموا السلطة في إيران أسلمة ما تبقى من المجتمع والقضاء على جذور الفساد والانحلال والانحراف، إلا أن الأرقام التي أذاعها المسؤول الثقافي الإيراني، وكشف عنها خلال مؤتمر صحفي، يُعدُّ الأول من نوعه من حيث الشفافية والصراحة والنقد الذاتي، أشارت إلى تراجع نسبة الالتزام الديني لدى غالبية الشعب الإيراني وخاصة الشباب، حيث تجاوزت نسبة غير المصلين 80%، وتجاوزت نسبة الإباحية 60%، وبلغت نسبة المدمنين على المخدرات 20%، وهي أرقام مرعبة حقاً في مجتمع إسلامي تحكمه حكومة دينية، وتسيطر فيه على وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون، ويوجد فيه حوالي نصف مليون رجل دين! ورغم أن الحكومة الإسلامية بذلت عناية فائقة في إعداد برامج دراسية دينية للأطفال منذ نشوئهم في المدارس الابتدائية وغيرها، إلا أن حصيلة تجربة عقدين من الزمن كانت ابتعاد الشباب والطلاب عن الدين بنسبة عالية جداً، كما قال أحمد الكاتب في بحثه (لماذا يتراجع الإيرانيون عن الالتزام الديني؟ مجلة "الوسط"، لندن، 24/7/2007).
-5-
من ناحية أخرى، يقول الكاتب والباحث العراقي جاسم الحلوائي في سلسلة مقالات تحت عنوان (سنوات بين دمشق وطهران)، إن العواقب الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية لسيطرة رجال الدين على السلطة في إيران كثيرة، ومنها بعض المعطيات ذات الدلالة الهامة، وهي مستقاة من دراسة للدكتور أمان الله قرابي، الخبير الاجتماعي والأستاذ الجامعي، تتناول معالجة ظاهرة البغاء التي تشمل 300 ألف من بنات الشوارع في طهران وحدها، وتتراوح أعمارهن بين 11 إلى 18 عاماً. وفي الوقت الذي يؤكد فيه الباحث، أن الظاهرة تشير إلى ضعف القيم الدينية في المجتمع ( في استطلاع أجرته الصحف الرسمية الإيرانية، تبين أن 85% ممن ولدوا بعد الثورة لا يمارسون الشعائر الدينية)، إلا أنه يؤكد أن أسباب الظاهرة اقتصادية بالأساس. فهناك أربعة ملايين عاطل عن العمل. والبلد بحاجة إلى مليون فرصة عمل جديدة سنوياً، في حين أن ما يتحقق هو من 400 إلى 500 ألف فرصة. وتبلغ البطالة من 20 % إلى 27% في أوساط الخريجين. وهناك تسعة ملايين عازب وعزباء، بينهم 5.5 ملايين من العازبات. ويوجد خمسة ملايين مدمن مخدرات، ويعيش مليونان من سكان طهران في ضواحيها حياة بائسة (صحيفة "ميهن"، عدد 96، 2006). والعدالة التي ينادي بها المسؤولون الإيرانيون ليلاً ونهاراً كانت نتيجتها، وهم في قيادة السلطة لأكثر من ربع قرن، زيادة الأغنياء غنى وزيادة الفقراء فقراً في إيران، حيث "يعيش أكثر من نصف الشعب الإيراني تحت خط الفقر، وتفتك البطالة بأكثر من 20% من الشعب الإيراني. ويتعاطى 80% من الشعب الإيراني المخدرات، حسب آخر تقرير دولي نشر، كما ذكرنا سابقاً. تلك هي صورة إيران كما يراها المراقبون قبل عهد أحمدي نجاد، وفي أثناء عهد أحمدي نجاد، فهل هذه الصورة التي يعلمها أحمدي نجاد تمام العلم، هي التي دفعته لأن يُلقي كل هذه الأخطاء - وإن لم يُعلن صراحةً - على ظهر "المهدي المنتظر".
-6-
لقد استنكر رجال دين إيرانيون كُثر، توريط أحمدي نجاد للمهدي المنتظر، فيما تفعله إيران اليوم بقيادته. وأورد سيافوش قاضي، مراسل وكالة الأنباء الفرنسية في طهران، في مقاله (أحمدي نجاد: يدُ المهدي المنتظر تدير الشؤون الإيرانية، موقع Middle East On Line "، أن عدداً كبيراً من رجال الدين الإيرانيين انتقدوا أحمدي نجاد، لقوله "إن يد المهدي المنتظر تُرى بوضوح في إدارة شؤون البلاد كافة." وقال حجة الإسلام غلام رضا مصباحي المتحدث باسم جمعية رجال الدين المقاتلين المحافظة المتشددة: "إذا كان أحمدي نجاد، يريد أن يقول، إن الإمام الغائب يدعم قرارات الحكومة، فهذا ليس صحيحاً". وأضاف: "من المؤكد أن المهدي المنتظر، لا يُقرُّ التضخم الذي بلغ 20% وغلاء المعيشة، والكثير من الأخطاء التي ترتكبها الحكومة." كما اعتبر رجل الدين المحافظ حجة الإسلام علي أصغري عضو كتلة "حزب الله" في البرلمان الإيراني أنه "من الأفضل لأحمدي نجاد الاهتمام بمشاكل المجتمع مثل التضخم والتركيز على الشؤون الدنيوية". ونصحه في تصريحات نقلتها صحيفة "اعتماد مللي" بـ"عدم التدخل في الشؤون الدينية، والإيحاء بأن إدارة البلاد يتولاها الإمام الغائب". وكان أحمدي نجاد منذ أن تولى الحكم وهو يهجس بـ "المهدي المنتظر"، إلى حد أنه قال "إن الإمام المنتظر يزوره أسبوعياً." وقال أمام العالم كله، في خطابه في الأمم المتحدة في خريف 2005، إنه "شعر بهالة من النور تحيط به." وتحدث طويلاً عن عودة المهدي المنتظر، مما دعا رجل دين إيراني كبير كالإصلاحي آية الله يوسف سعاني إلى انتقاد "اللجوء المتزايد إلى الخرافات" بحدة، وذلك في نقد مبطن لنجاد. فهل يستمر أحمدي نجاد في الاستنجاد بالمهدي المنتظر لكي يغطي المزيد من أخطاء حكومته، وفشلها في إنقاذ إيران من الكوارث؟
.