وصلني رابط مقال يتحدث عن استبدال السيارات الحكومية، فدخلت مسرعاً وقرأت المقال دون الانتباه للعنوان لأن طالب الماء في الصحراء لا يهتم بالإناء فظننت أن قرار استبدال السيارات المدنية القديمة قد صدر وبالطبع وصلت إلى حيث تصل كل أمانينا، لأنه لا توجد أي معوقات تذكر أمام استبدال السيارات الحكومية فالقضية برمتها لا تكلف أكثر من تسطير رغبة على ورقة آي فور عادية أو تكليف سكرتير ما في مكان ما لنقل رغبة ما ... فتجد سيارات الأوبل اوميغا الفاخرة أو الداتسون ساني الحديثة أو البي إم دابليو العتيدة أو المارسيديس العربية الحسب النسب، تجد هذه السيارات وقد صارت في الشوارع (شبيك لبيك عبدك بين يديك) وبلوحات خضراء أنيقة. ماذا يهمني من السيارات الحكومية إن تم استبدالها أو لم يتم، ومن سيطلب مشورتي في أمر يتعلق بهذا الأمر، ومن الذي يقدم ومن الذي يؤخر في أمر لا يتأخر بل يتقدم متقدماً على كل ما تقدم ويعتبر تحصيل حاصل لكل الحواصل. أنا يهمني قرار استبدال السيارات المدنية القديمة ومعي نصف مليون مواطن يقبعون في خانة الانتظار، تلك السيارات التي تم شراؤها بأثمان ابتزازية في ظل قانون الندرة والتي يراد منا رميها كنفاية الآن. وتحضرني حادثة في معرض هذا السرد وهي حادثة ما بين سيارتين الأولى سورية ماركة فيات موديل الستينات والثانية سعودية ماركة سنتها (وهذا الكلام هو في صيف العــ1986ــام ) حيث أقدمت السيارة الماركة سنتها إلى صدم السيارة الفيات بعد إدخالها عنوة بالرصيف نتيجة سياسة تقدير خاطئة لزاوية الانعطاف المطلوبة للولوج من ساحة البطيخة إلى مدخل شارع مخيم اليرموك، وهذا دأبنا ودأب ضيوفنا في كل الدأبونات، وذلك الدأب أدى إلى إعادة تشكيل الجانب الأيمن للسيارة السورية بطريقة تعجز عنها كل مخيلة مصممي السيارات في شبه الجزيرة الجزمة حيث ترقد مصانع فيات نضرة مرهفة منغنغة مدللة ترفد اقتصاد ايطاليا بقيمة عشرة سيارات في كل دقيقة من كل خط إنتاج، ويفتخر الطليان بالمورتاديلا الطليانية والبيتزا وبالقائد غراتزياني وبالدوتشي وبسياراتهم الأنيقة ويفخرون بتزايد الطلب المحلي على هذه الأشياء في حين لا يوجد طلب محلي على سياراتنا المحلية إلاَّ بالحدود الدنيا (علييي الطلاق). نزل السعودي من سيارته لتفقد الأضرار ولم يكلف نفسه بالنظر إلى السيارة الطليانية مع أنه المتسبب بالأذية لعله رأى فيها شموخ عمر المختار رغم الضربة الموجعة ... فعاد بعباءته البيضاء متراجعاً ودخل في سيارته يريد الهروب فاندفع قائد المركبة الطليانية ووضع سيارته في مواجهة سيارة غريمه ليمنعه من الفرار ونزل إلى مواجهة باب غريمه وقال له: ليس من شيم العرب التسبب بالأذية ثم الهرب ـ ماذا تريد ـ أريد استدعاء الشرطة وكتابة ضبط وتدخل رجل نزل من سيارة أخرى، وخاطب السعودي قائلاً: الحمد لله على السلامة حديد بحديد ومالو قيمة ... وأنت المتسبب والحق عليك عوض على الرجل أو صلح له سيارته لإنهاء القصة دون استدعاء الشرطة. واحتد السعودي ونزل من السيارة وقال لا أعرف من سيعوض للآخر وهل عليَّ دفع اجرة تصليح لسيارة نفاية خارجة من مقبرة السيارات بعد الذي حدث لسيارتي التي لم أجد مثلها لديكم. انفعل الطلياني وانفعلت معامل فيات في إيطاليا لانفعاله وأورد عبارات لا يمكن ايرادها كلها هنا، إلاّ المغزى وهو: اعلم أيها السيد إن سعر دواليب هذه السيارة يوازي سعر سيارتك ... وكان الرجل يقول الحقيقة لأن قانون الندرة يبيح المحظورات ويرفع سعر كأس الماء في الصحراء ولصاحب الحاجة من قرش إلى ألف دينار. ألم يصل سعر المازدا 929 إلى المليون ونصف في ظل قانون الندرة وهي تعرض اليوم بثلاثمائة ألف دون أن يشتريها أحد، ألم يصل سعر الأوبل آسكونا إلى حدود المليون أيضاً وتعرض اليوم بـ200 ألف دون أن يلتفت إليها أحد. طيب... ولكن لماذا تريدون منا رمي سياراتنا التي دفعنا أثمانها في ظل قانون الندرة، ودفعنا كل ضرائبها وكل مخالفاتها وكل ترسيماتها وكل كشكشاتها وكل تبديل لوحاتها وكل تشويه لوحاتها وكل المتوجبات تجاه شرطتها وعسسها والمعسعسين علينا ودفعنا كل أثمان وقودها وزيوتها وشحومها ومحروقاتها بكل صنوف الأسعار التي أحرقت قلوبنا ودفعنا غرامات تلويثها للبيئة واستفاد الجميع من الغرامات عدا البيئة.... والآن تريدون منا رميها كنفاية!!! (حدا يجاوبني كرامة لكل الأنبياء)!!! في بلد شقيق مجاور يعفى مستبدل السيارة القديمة من الجمارك وكل الضرائب الأخرى لأنه سبق له أن خاض في هذه المعمعة وبالتالي فإنه يأخذ لوحاته ليضعها على سيارة جديدة معفاة من أي إضافة أما عندنا فيجب أن ننتظر ليصدر قرار لن يفيدنا في شيء وسيتحجج مفبركوا القرار بأن سياراتنا القديمة يجب ملاحقتها وأصحابها بالأنتربول لتسببهم عنوة وعن سابق إصرار وترصد بتلويث البيئة وبالتالي يجب معاقبتهم أشد العقاب بحيث لا يكفي تكليفهم بترسيم مرتفع ليكفوا عن تلويث البيئة علماً بأن هذا الترسيم المرتفع لم ينفع البيئة في شيء كما ذكرنا ولكن قدم جزيل الفائدة لجهات لا تعرف إلاَّ تأمين المال بأي طريقة لصرف أوامر صرف عشرات المصروفات ومنها الرواتب لأناس لا عمل لهم باتوا يشكلون تهديداً خطيراً لموازنة الدولة بعد رفع رواتبهم ورفع تعويضاتهم لأنهم سبق توظيفهم دون الالتفات إلى الأعداد الواجب توظيفها بالفعل والتي تكفي لتسيير العمل ضمن قانون الحاجة فتم توظيف أعداد هائلة لا حاجة لنا بها، فحدثت تخمة مروعة زادت بعد رفع المستحقات، دون أي إمكانية للتراجع لأن الكل محمي (ليس بالمعنى الطبي ـ حميةـ)... إلاَّ نحن لأننا نحتاج إلى التحمية بعد الحمية دون أن تقدم لنا أية تسهيلات تذكر عدا استكانة تجار السيارات الذين لم يكلفوا أنفسهم بتحريك ساكن بالرغم من أنه لهم كل المصلحة بتحريك كل السواكن. وعلينا أن ندفع وندفع ثم ندفع ونحن نصغي أفلا يكفي أننا نلوث البيئة الوادعة. ترى وبعد هذا المقال الذي لن يفيد في شيء، وبعد ذوبان الشمعة التي يتم إشعالها في كل مرة دون أن تضيء، ترى هل سيتم في المرة التالية استلام رابط يفيد بصدور قرار استبدال السيارات القديمة ... فهناك نصف مليون سيارة قديمة بعضها يعود للخمسينات وأصحابها يكابرون حيث لعل وعسى ... تشفق عليهم الجهات الحكومية... وتصدر قرار الاستبدال ويتخلصون بالتالي من الابتزاز في الصيانة والرسوم القسرية القيصرية ونفقات الإصلاح المتعبة والبنزين وفي آخر سلم الأولويات... تلويث البيئة Ara Souvalian ////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// .