-
دخول

عرض كامل الموضوع : فيما يتعلق بحرية الرأي و الفتنة المذهبية


sona78
01/09/2008, 18:18
مازن كم الماز
في الحقيقة يبدو أن الطائفة ستكون هي الشكل الاجتماعي و ربما العقيدي الفعلي الذي علينا أن نعيش في ظله جميعا لبعض الوقت و من المؤكد أن هذا الواقع سيشكل قاعدة أساسية لحياة الناس و تفكيرها حتى استكمال عملية مخاض ولادة سلطات و أنظمة جديدة تعيد تحجيم الطائفة و مؤسساتها في إعادة إنتاج علاقة معقدة كانت فيها السلطة دائما هي مركز الفعل و فرضت على المؤسسة الدينية دور التابع الهامشي أو باتجاه إقامة مؤسسات فوق طائفية تكون حاملة لمشروع حالة سياسية اجتماعية عقيدية تقوم على حرية البشر العاديين.
..إن إعلان الهدنة بين حزب الله و من سموا بالتيارات السلفية و التراجع السريع عنه و من ثم زيارة السفير السعودي لطرابلس ، ما هو إلا دلالة على ما علينا أن ننتظره من هذه المركزية المفروضة للطائفة و زعاماتها و مؤسساتها على حياتنا كإطار وحيد ممكن لحياة الأفراد اليوم مع الانهيار الذي يصيب الحالة الاجتماعية و الاقتصادية جراء فعل و وجود الأنظمة الاستبدادية و المشروع الأمريكي للهيمنة على المنطقة و العالم..لا شك أن هذا التطييف لا يقتصر على مجتمعاتنا ، إن البرجوازية نفسها تنكص إلى الوراء إلى ما قبل صراعها ضد الإقطاع لتستحضر أرواح الماضي وصولا إلى محاكم التفتيش التي نصبت لمسلمي و يهود إسبانيا لتنصبها من جديد في شكل القوانين الاستثنائية الجديدة و مختلف أنواع السجون التي تقيمها لضحاياها المعاصرين ، لا تستطيع البرجوازية أن تعرف نفسها إلا بشخصية عدوها ، الإقطاع أولا ثم الاشتراكية خاصة الماركسية بعد أن ظهرت الحركات العمالية كقوة هامة بعد منتصف القرن التاسع عشر ، و أخيرا الأصولية الإسلامية ، هذا مع الإصرار على تعميم شخصية كوزموبوليتية تشبه تماما ما جرى في أيام الإمبراطورية الرومانية عندما جرى تعميم نمط حياة و آلهة و قوانين المركز على الأطراف المحتلة..
بوش في الصين يدعو القيادة الصينية "الملحدة" لعدم الخوف من الأديان ، لكن إدارته في نفس الوقت تدعم أنظمة استبدادية وفق النموذج الأتاتوركي و تفرض تغييرات على دول كالسعودية مثلا باتجاه تحجيم الدور الكبير تاريخيا للمؤسسة الدينية الإسلامية مثلا..يجري هذا في إطار هدم أو إضعاف الدول القومية التي عبر قيامها عن انتصار البرجوازية التاريخي ، إن مركزة السلطة العالمية بيد أمريكا و ما تمثله من مركز للنظام الرأسمالي العالمي تؤدي لتغيير عميق في بنية الأنظمة المحلية في أطراف هذا النظام ، أنظمة أوروبا الشرقية كمثال أساسي ، هذا يعيد أيضا تعريف هذه الدول ، حتى في دول المركز كان تعريف المواطن حتى وقت قريب ، قانونيا أو نظريا على الأقل ، مفتوح لجميع أعضائها ، بينما يعتبر هذا التعريف اليوم المسلمين في الغرب طابورا خامس داخل البلد و يعطى هذا التحديد الإيديولوجي الإعلامي بعدا قانونيا عبر قوانين استثنائية موجهة أساسا ضد المسلمين في الغرب ، وفق هذا النسق يعتبر الإسلاميون أيضا كل المسلمين في الغرب قوة احتياطية للإسلام ( محمود الزهار مثلا تحدث مؤخرا عن أن نسبة النمو السكاني في أوساط الجاليات الإسلامية ستجعلها تحتل مكانة أكبر مع الوقت في بلدانها و أن هذه النسبة المرتفعة نفسها مقارنة بنسبة التوالد في بقية المجتمعات ستعني أن الأرض ستكون ذات أكثرية إسلامية بعد وقت ما متناسيا أن أقلية ما تحتكر السلطة و القوة و الثروة كانت قادرة تاريخيا على أن تفرض إرادتها على أكثرية تستخدم كخدم لتلك الأقلية ) و أن الشيعة مثلا في كل مكان يوجدون فيه فإن ولاءهم الحقيقي هو لإيران أما المسيحيون في المجتمعات الإسلامية فهم احتياطي للغرب – خطاب القوات اللبنانية و الكتائب و الأصوليون الإسلاميون في نفس الوقت..قد يمثل البلقان و من ثم القوقاز مثالا على طريقة استخدام القوى الكبرى المسيطرة في العالم لهذه الاختلافات والتناقضات الدينية و الأثنية و المذهبية بما ينسجم مع مصالح و خطاب نخب محلية بعضها "متنور"..يجب هنا ألا نهمل دور أساسيا للأنظمة البيروقراطية الاستبدادية التي استخدمت الطائفة أو العشيرة حاملة و درعا لها..هنا يمكننا حتى دون التطرق إلى قرارات التكفير المتبادلة التي تتبادلها المؤسسات الدينية للطوائف و المذاهب و الأديان أن نحاول أن نحدد ملامح موقف إنساني من قضية الحرية الإنسانية ، و الاختلافات الطائفية و المذهبية و حتى قضية التكفير..

sona78
01/09/2008, 18:19
هنا للموضوع بعدان ، الأول يتصل بحرية المؤسسات الدينية في اتهام الآخرين و فرض آرائها على الآخرين كمحتكرة للحقيقة ، أو في استخدام هذا الموقف كفزاعة و مبرر لحصر هذا الحق ، أي تحديد الصح و الخطأ و معاقبة الناس ، بالدولة البيروقراطية ، و يتصل الثاني بحرية البشر أنفسهم حتى على الضد من مواقف و فتاوي هذه المؤسسات الدينية و بالتأكيد السلطة..طبعا سيكون علينا هنا مواجهة نكتة أن الحرية الإنسانية مقيدة بالضرورة و أن هذه القيود تحددها أساسا السلطة حرصا على المجتمع نفسه الذي تقمعه و المؤسسات الدينية المسؤولة عن ضمير الإنسان و عن روحه..أحد الأسئلة الأساسية اليوم هي تنافس القوى الإسلامية و السلطات التي تدعي العلمانية على السلطة مثلا ، و بالتالي "حدود" حرية المؤسسة الدينية التي لا بد أن تكون حريتها هذه على حساب حرية الناس أنفسهم ، لأن أساس ما تقوم به هو تحديد حدود حرية تفكير و تعبير البشر ، حدود المسموح و الممنوع ، و قبل هذا و ذاك تكريس السلطة المطلقة بالفعل للدولة في مواجهة الجميع ، مع عدم نسيان الدور المركزي الذي يلعبه رجال دين القصور في تكريس هوية طائفية خاصة للدولة و لمواطنيها "المخلصين الجديرين" أو "المثقفين العلمانيين" في تكريس تهميش المؤسسة الدينية و اضطهادها لحساب الدولة المطلقة حسب الظروف الخاصة بكل دولة و مجتمع..
بالعودة إلى الوثيقة التي وقعها حزب الله و السلفيون اللبنانيون لا أجد مشكلة ، انطلاقا من حرية كل البشر في اعتناق ما يريدون و التفكير كيفما يشاؤون ، في أن يمارس رجال الدين السنة أو الشيعة ، أو من يشاء ، تكفير الآخر ، بل إنني أرى أن من حق أي إنسان أن يعلن كفره و إيمانه بما يشاء ، القضية هنا أن هذا "الكافر" هو إنسان يمارس حقه في التفكير و استخدام عقله ، و على الجميع أن يكفوا عن اعتبار هذه جريمة تستحق العقاب ، إنها موقف يستمد مشروعيته من حقيقة أن الإنسان كائن عاقل..يجب تضمين هذا في الوثيقة ، و لكي تكون كاملة يجب التأكيد أيضا على أن أي إنسان و فكر قابل للنقد ، نبيا كان أو رجل دين أو سلطان أو مفكر ، أي أن يكون حق الانتقاد و الاتهام محفوظ للطرفين على قدم المساواة دون أن يفرض أيا منهما عصمته على الآخرين بقوة التدمير المقنعة..قد يكون هذا بداية لتوثيق مختلف عن حرية الناس ، كل الناس ، في استخدام عقولهم دون تابوهات بما يعني إعادة ترتيب المشهد الحالي للخطابات الإقصائية للقوى المسيطرة و الموجهة أولا ضد الآخر المختلف و في الواقع ضد الإنسان نفسه ، كمقدمة للدفاع عن هذا الإنسان في وجه القوى التي تهيمن على حياته و تحوله إلى آلة لتوليد الثروة و لتحقيق هيمنتها بقتله للآخر…..

موقع سورية الان