كنت أنظف مرآة الحمام كما أفعل كل يوم ..
لكني اليوم تأملت الصورة المعكوسة في المرآة ..
وشعرت للحظة أنّ هذه المرآة التي أنظر إليها كل يوم .. لم استخدمها منذ عشرون عاما ..
متى رسمت هذه الخطوط حول عيني .؟,متى ذابت ملامحي مع عجلة الزمن ,متى تراكمت أفعال الأيام في وجهي ..
متى تغيّرت التفافات جسدي ..؟ ..
لعلها مرآة كاذبة ..
وكأنها ومضة ..أعادتني عشرون عاما ....


نعم بدأت أذكر ...

هذه التشققات في بطني .. آثار العملية القيصرية التي أنجبت بها ابني ساهر
.. آه كم اشتقت إليك يا ساهر ..
مرت خمسة أعوام .. ألم تشتاق لأمك؟ .. ألم تحاول أنا تسأل عني ؟
سرقتك الغربة .. ونسيتني بين أحضان زوجتك ..
بني ..
يبدو عليّ العناد .. أقسمت ألف يمينا أني لا أريدك بعد أن نهرتني وهجرتني ..
لكن .. كلمة " أمي " واحدة من شفتيك .. سأكفر بأيماني .. وأعلم أن الإله سيغفر كفراني..
لكنك لم تحاولها ..بني .. وفققك الله أينما كنت لكن ..
الأمر ليس بيدي ..وليته اقتصر على جرح العملية القيصرية في جسدي ..
جرحي منك في قلبي .. أدمى مما يعكسه جلدي...

أغمضت عيني كي أعصر الدمعة التي حُبست بين جفني ..كي تنهمر , ويتسنى لي النظر للمرآة من جديد ..


يتبــــع

نعم ..
أعلم تماما متى حيكت هذه الخطوط حول عيني ..
منذ عامين ..
عندما كانت حنان - أختي الوحيدة -
تعاني من بعض الآلام فذهبنا للاطمئنان .. وكنا على يقين بأن الأمر لا معنى له..
لكن الجو كان ربيعي .. واعتبرنا زيارة الطبيب نزهة في هذا الطقس الدافئ ..
نعم لازلت أذكر ذلك الطقس الخانق ..
أذكر حين علمنا بعد انتظار جلسناه على أعصابنا أن التحاليل والخزعات جمدتنا في ذلك الربيع
وبأن حنان تعاني سرطان الثدي
أذكر أني كرهت الربيع .. ولازلت أكرهه !
أذكر ذلك العام القاسي من اللا علاج ..
نعم كانت حنان ترفض الجرعات الكيماوية ..ترفض أن تقايض بضعة أيام بالكثير من الآلام.. والكثير الكثير من نظرات الناس
ولأنها ترفض الشفقة أدمتني وحدي في سرها الكبير ..
رفضت أن يعلم أحدا ما لديها .. ووكان الجميع يعلم أنها مجرد آلام عظمية عصبية .. لا تحتاج إلا بضع مسكنات ..
جميع الأحداث تتكرر يوميا وباستمرار ..
يتكرر يوم عملية استئصال الثدي ..
وحدنا كنا بالمستشفى .. وحدي كنت أنتظر خروجها .. وحدي كنت أبكي لأني لا أقوى مهما فعلت أن أساعد امرأة تفقد من صحتها .. من أنوثتها ..من قوتها ..
مرّ عام طويل من المسكنّات , من الأنّات ,
عام وأنا أشاهدها في ذوبان ..عام انتهى بالفقدان ..
رحمك الله يا أختي ..
غيابك لم يترك الخطوط على خدي وحسب .. مو يترك الدمعة في عيني وحسب ..
غيابك تركني وحدي .. بلا صديق أو قريب ..
تركني والأرق والذكريات ..
كاذب من يؤمن بالنسيان ..
حنان ..
غيابك غير المفاهيم .. حيث لم أعد أرغب في الجدال حول أي مفهوم
أختي لم يعد هناك مفاهيم..



يتبـــع :D

ناطرين اليتبع...لحد هلق ناقشتي فكرتين بالقصة والتنيتين متعبات كتير ....
بانتظار التتمة اوبز:mimo:

تسجيل متابعة ,:D

كمان انا عما استنى ال يتبع

نعم لعلي عندما تأملت انعكاسي , تعست قليلا.. أوربما كثيرا... لا أدري
و لماذا قد تهمني هذه المرآه ..في حين أني لطالما لم أشعر بوجودها ,,
لم أشعر بها لأنك جعلت من عينيك مرآتي .., فكلما نظرت بهما لأرى انعكاسي أشعر كأني أميرة من روايات الخيال ..
دوما كنت تنظر إلي وكأني الوحيدة التي تراها..
نعم أذكر كيف التقينا في تلك الرحلة .. كيف أحاطتني عينيك من كل اتجاه لم تترك لي حيزا كي أنظر إليه ..
أذكر كم مشينا وكم ملت الأرصفة من خطواتنا ونحن ما مللنا ..
كم تكلمنا .. كم ضحكنا ..
كيف حاربنا لنكون معا .., كيف فقرنا معا .. واغتنينا معا .. أذكر أنك شريك حياتي
ولا أنسى كم تشجارنا .. وكم امتنعنا عن الكلام ..,وكيف عدنا بعد أن تعبنا مكابرة الأشواق..
ومهما نسيت لا أنسى يديك..
يدك التي كانت بيدي حين التقينا.. حين مسحت شعري بها
حين حبلت بابننا ..
يدك التي مافارقتني ..عند انجابي له..
يدك التي شدّت على يدي عند وفاة أحبائي ..التي مسحت دمعتي ..
أبا ساهر .. لطالما عشقتك أنت وكان عشقي لعينيك ويديك عشقا منفصلا ..

والآن حين يتحدثون عن أكبر النعم التي قد تمنح للإنسان ..
يخطر ببالي اثنتين ...
الأولى تلك التي تسمح للمرء بأن يكلم نفسه في سره دون أن يسمعه أحد ..
فلو سمع أحد كلماتي عنك .. لاتهمني بالجنون والجهل ..فلقد تجاوزت الخمسين ولازلت أتحدث عن الحب وأطيل الوصف والتأمل ..
لكنت وصفت بالمراهقة ..
ولكنت ما عتبت ..لأنهم لا يدرون أن المرأة في الخمسين أشد حاجة للحب والحنان من فتاة العشرين..
لأنهم يعتبرون أن المرأة في هذه اعمر أم تطبخ وتعمل ولكن لا تملك احتياجات ومشاعر
وأنت من علمتني حين أواجه الصعاب ألا أعتب على الجاهلين ..
أبا ساهر .. وحدك تعلم أن المرأة في عمري تبدأ بالذبول و الانكسار.. وتحتاج الرعاية أكثر وأكثر ..

وحدك تعلم أن النعمة الأخرى التي أحتاجها
هي نعمة النسيان .. التي أرجو أن تساعدني كي أنسى ذلك اليوم الذي فقدتك فيه ..وفقدت مرآة عينيك
ذلك اليوم الذي أفجعني وجعلني وحيدة وشائبة.. مع مرآة الحمام..



تمت..:D

ناطرين اليتبع...لحد هلق ناقشتي فكرتين بالقصة والتنيتين متعبات كتير ....
بانتظار التتمة اوبز:mimo:
القصة حزينة فما بعرف بتمنى ما تدايقكن
بس هي جانب انساني موجود بحياتنا اليومية
شكرا لمرورك كتير:D

تسجيل متابعة ,:D
شكرا للمتابعة :D

كمان انا عما استنى ال يتبع
شكرا للمتابعة:D

اوبز رائعة القصة جد رائعة كتير حنونة ....بالنسبة لحكياتها عن ذكرياتها معو حسستيني باغاني فيروز والاحاسيس يللي بتزرعها فينا
وبالنسبة لمشاعرها والنعم يللي ربنا انعم فيها عليها ولا أروع,,,
الجانب الانساني فيك كتير رائع ,,,

المـــــرآة
كاميرا حية تكبر فيها الصور
والمــرآة نافذة علينا وموقدُ للذكريات
وربما لو لم تكون في البيت مرايا لفقدت الكثير من حزنها
هل نستطيع السُكنى ببيتٍ لا مرايا فيه

جميل جدا يا"ooopss",:D


لأنهم لا يدرون أن المرأة في الخمسين أشد حاجة للحب والحنان من فتاة العشرين..


..محاولة موفقة في التعبير عن إمرأة الخمسين..
.. مع مرآة الحمام..
بس "أمام" مرآة الحمام.. أفضل!!..
:mimo:

لما بشوف حالي بالمراية بتذكر حالي وأنا وصغير ، بعدين بطلع وبفكر ، لعما شو هالراس الي ناتعو أنا:larg:

اوبز رائعة القصة جد رائعة كتير حنونة ....بالنسبة لحكياتها عن ذكرياتها معو حسستيني باغاني فيروز والاحاسيس يللي بتزرعها فينا
وبالنسبة لمشاعرها والنعم يللي ربنا انعم فيها عليها ولا أروع,,,
الجانب الانساني فيك كتير رائع ,,,
بيسعدني أنو عجبتك
شكرا كتير مرة تانية:D
المـــــرآة
كاميرا حية تكبر فيها الصور
والمــرآة نافذة علينا وموقدُ للذكريات
وربما لو لم تكون في البيت مرايا لفقدت الكثير من حزنها
هل نستطيع السُكنى ببيتٍ لا مرايا فيه

مافينا نستغني عن المرآة لأننا دايما بحاجة للصورة الحقيقية
شكرا للمتابعة:D

جميل جدا يا"ooopss",:D



..محاولة موفقة في التعبير عن إمرأة الخمسين..[/right]
بس "أمام" مرآة الحمام.. أفضل!!..
:mimo:


شكرا بيسعدني أنو عجبتك
اخترت " مع " وليس " أمام " للدلالة على الرفيق الوحيد البقيان للجلوس مع هذه المرأة وهو المرآة
شكرا للاهتمام
:D