Espaniol
16/08/2005, 11:39
لماذا المخدرات؟
نيافة الأنبا موسى
قرأنا الكثير عن ظاهرة انتشار المخدرات بين الشباب، وعن آثارها المدمرة والرهيبة فى حياة من سقطوا فريسة هذه السمن القاتلة، أن هذا العسل المسموم! ولكنى أحس أن هذه المشكلة بالذات هى من أكثر المشاكل التى ينطبق عليها القول: "الوقاية خير من العلاج"... ذلك ن من سقطوا فى برثنها سقطوا بعد تجربتين أو ثلاث لا أكثر، ثم اكتشفوا - بعد فوات الأوان - أنهم صرعى سم رهيب، سرى فى دمائهم، وأصبح يطلب المزيد كوحش كاسر يبتزهم، إلى أن يقتلهم روحياً (فى علاقتهم مع الله)، ونفسياً (فى اضطرابهم وكآبتهم وعنفهم المؤسف)، وجسدياً (فى الهزال السريع والتدهور الفتاك فى صحتهم الجسدية). بل يكتشفون - ويا للأسف - أن العلاج عسير، وأن الوحش الذى تسلل إلى داخلهم يرفض الخروج قبل أن يقتلهم!!
من هنا نقول... ليتنا ندرس الدوافع التى تقود بعض الشباب إلى هذا الطريق الرهيب...
وهذه بعضها:
1- التذبذب النفسى:
معروف أن الشباب المراهق يشعر بالتذبذب النفسى، بين تفاؤل وتشاؤم، انبساط وانغلاق، أحجام واقدم، فرح وحزن... فهو يود أن ينعم بنعومة الطفولة، وخشونة الرجولة فى نفس الوقت، وهذا بالطبع يحدث توتراً فى داخله (أو داخلها)، فيلجأ إلى ما ينسيه هذا الصراع النفسى، ويتصور أن هذا الطريق يريحه نفسياً، نتيجة التجربة الأولى للمخدر، وما يصحبها من نشوة هى "صنارة" المخدر الرهيبة.
ولاشك أن رعاية المراهق فى حب وصراحة، وإعطاءه فرصة التعبير عن رأيه، والحوار البناء، والمصارحة بالأخطاء، والعاطفة الأسرية المشبعة، وفوق الكل، إمكانية السلام النفسى الداخلى فى المسيح يسوع، مع ارتباط جماعى واجتماعى سينمى شخصيته ويبنيها... هذه أمور ضرورية ليكتسب الشباب راحة نفسية، واستقراراً داخلياً، يغنيهم عن اللجوء إلى الهروب من دائرة الصراع، وعدم استثماره لصالح بنيان نفسه وشخصيته.
2- المشاكل العائلية :
وهى سبب خطير فى انتشر المخدرات، حيث أنها تحزن شبابنا الغض، فيحسون بالفشل الأسرى، ولا يجدون الوسط المنمى، والحنان البناء. وقد لاحظنا هذا السبب كثيراً، إذ يصل بهم إلى حد العزوف عن الزواج، وربما العزوف عن الحياة نفسها.
إن الخلاف العائلى اليومى، فى محيط الأسرة، جريمة خطيرة فى حق الأجيال الصاعدة، وسوف يدفع الآباء والأمهات ثمنها فادحاً من فلذة أكبادهم، هم يرونهم يتدهورون نحو موت محقق، دون أن يستطيعوا إنقاذهم!
3- تفاهة الشخصية :
أن الشخصية التافهة، سهلة الإنقياد، هى التى تخضع سريعاً لأصدقاء السوء، وتخجل من مقاومة هجومهم الشرس على منافذها الضعيفة. فالشاب الذى يحمل فى داخله ثقلاً روحياً ونفسياً وثقافياً، مع إدارة قوية، ومعالم واضحة، وطريق محدد... يستحيل أن يقاوم إغراء "الشلة"، فيقول : لا! أما الشاب الممتلئ حماساً للحياة، وفكراً متنيراً، وروحاً طاهرة مقدسة، وإرادة مجاهدة وأمينة، فيستحيل أن يقع فى براثن شلة مستهترة، ولا حتى يرضى بمسايرتها منذ البداية!
4- وهم التنشيط الجنسى :
وفى بحر التوتر النفسى، والتفاهة الداخلية، والتوتر الخارجى، تنشط الغريزة الجنسية، فيتوهم الشباب أنها تعطيهم لذة تعويضية، عوض الألم النفسى المعاش. ثم يجدون من يقنعهم بأن هذه المخدرات تعطى مزيداً من هذا النشاط. وبالفعل يتم التحقق من هذا الوهم مع بداية المخدر، ثم يكتشف الإنسان أن المخدر أفقده كل طاقة صحية، ودمره جنسياً، فصار أطلالاً. وهاهم أمامنا كأشباح واهية، فقدت كل شئ!! ويا للأسف !!
5- عدم الرضا عن الواقع :
وهذا سبب يمكن أن يدفع الشباب إلى الهروب للحظات من الواقع، تحت تأثير المخدر، الذى سرعان ما يزول أثره، فيعود الشباب إلى واقع أسوأ مما كانوا فيه. وهنا يصيرون ضحايا حلقة جهنمية مفزعة، يدورون فيها إلى ما لانهاية، أو قل إلى نهاية مهلكة دنيوياً، ونهاية تعيسة أبدياً.
وهل هذا طريق الرجال؟! أو طريق النفوس الصاعدة؟! بدلاً من الهروب من الواقع، لماذا لا نواجهه بالإيمان بالله، والإصرار والاجتهاد البشرى؟!
إن المجهود الذى يبذله المدمن، تحت تأثير المخدر، لهو أعنف بكثير من المجهود المطلوب منه، ليغير واقعة المرفوض، ويبنى مستقبله المأمول ! فلماذا الهروب المريض، الذى يؤدى إلى غياب العقل العامل، والإرادة المجتهدة، والإيمان بالله؟!
-6 القلق على المستقبل :
وهو يشبه عدم الرضا عن الواقع، فى أن هذا القل يفقد الذهن قدرة التفكير والتحرك والابتكار بعكس الإيمان بالله، الذى ينير العقل، ويدفع الإنسان نحو حماس واع، وجهد إنسانى ناجح، فى ثقة كاملة فى إلهنا المحب، الذى يفتح لنا الأبواب المغلقة، ويقودنا فى طريق النجاح الزمنى والأبدى.
إن شعار الشاب المسيحى هو: "يسوع المسيح، هو هو، أمساً واليوم وإلى الأبد" ( )، "وأن الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة النصح" ( ).
لذلك يا أخى الشاب، ويا أختى الشابة... تعالوا إلى لحظة صدق، وقدموا للرب حياتكم، واجتهدوا فيما يبنيكم، بدل هذا الطريق الحزين المدمر. تعالوا نسكب الإيمان والحماس فى حياة أخوتنا. تعالوا ننتشل من سقطوا فى هذه الهوة التعسة، ونحذر من لم يسقطوا فيها ليظلوا أحياء بالرب، وبالجهد، وبالحب.
نيافة الأنبا موسى
قرأنا الكثير عن ظاهرة انتشار المخدرات بين الشباب، وعن آثارها المدمرة والرهيبة فى حياة من سقطوا فريسة هذه السمن القاتلة، أن هذا العسل المسموم! ولكنى أحس أن هذه المشكلة بالذات هى من أكثر المشاكل التى ينطبق عليها القول: "الوقاية خير من العلاج"... ذلك ن من سقطوا فى برثنها سقطوا بعد تجربتين أو ثلاث لا أكثر، ثم اكتشفوا - بعد فوات الأوان - أنهم صرعى سم رهيب، سرى فى دمائهم، وأصبح يطلب المزيد كوحش كاسر يبتزهم، إلى أن يقتلهم روحياً (فى علاقتهم مع الله)، ونفسياً (فى اضطرابهم وكآبتهم وعنفهم المؤسف)، وجسدياً (فى الهزال السريع والتدهور الفتاك فى صحتهم الجسدية). بل يكتشفون - ويا للأسف - أن العلاج عسير، وأن الوحش الذى تسلل إلى داخلهم يرفض الخروج قبل أن يقتلهم!!
من هنا نقول... ليتنا ندرس الدوافع التى تقود بعض الشباب إلى هذا الطريق الرهيب...
وهذه بعضها:
1- التذبذب النفسى:
معروف أن الشباب المراهق يشعر بالتذبذب النفسى، بين تفاؤل وتشاؤم، انبساط وانغلاق، أحجام واقدم، فرح وحزن... فهو يود أن ينعم بنعومة الطفولة، وخشونة الرجولة فى نفس الوقت، وهذا بالطبع يحدث توتراً فى داخله (أو داخلها)، فيلجأ إلى ما ينسيه هذا الصراع النفسى، ويتصور أن هذا الطريق يريحه نفسياً، نتيجة التجربة الأولى للمخدر، وما يصحبها من نشوة هى "صنارة" المخدر الرهيبة.
ولاشك أن رعاية المراهق فى حب وصراحة، وإعطاءه فرصة التعبير عن رأيه، والحوار البناء، والمصارحة بالأخطاء، والعاطفة الأسرية المشبعة، وفوق الكل، إمكانية السلام النفسى الداخلى فى المسيح يسوع، مع ارتباط جماعى واجتماعى سينمى شخصيته ويبنيها... هذه أمور ضرورية ليكتسب الشباب راحة نفسية، واستقراراً داخلياً، يغنيهم عن اللجوء إلى الهروب من دائرة الصراع، وعدم استثماره لصالح بنيان نفسه وشخصيته.
2- المشاكل العائلية :
وهى سبب خطير فى انتشر المخدرات، حيث أنها تحزن شبابنا الغض، فيحسون بالفشل الأسرى، ولا يجدون الوسط المنمى، والحنان البناء. وقد لاحظنا هذا السبب كثيراً، إذ يصل بهم إلى حد العزوف عن الزواج، وربما العزوف عن الحياة نفسها.
إن الخلاف العائلى اليومى، فى محيط الأسرة، جريمة خطيرة فى حق الأجيال الصاعدة، وسوف يدفع الآباء والأمهات ثمنها فادحاً من فلذة أكبادهم، هم يرونهم يتدهورون نحو موت محقق، دون أن يستطيعوا إنقاذهم!
3- تفاهة الشخصية :
أن الشخصية التافهة، سهلة الإنقياد، هى التى تخضع سريعاً لأصدقاء السوء، وتخجل من مقاومة هجومهم الشرس على منافذها الضعيفة. فالشاب الذى يحمل فى داخله ثقلاً روحياً ونفسياً وثقافياً، مع إدارة قوية، ومعالم واضحة، وطريق محدد... يستحيل أن يقاوم إغراء "الشلة"، فيقول : لا! أما الشاب الممتلئ حماساً للحياة، وفكراً متنيراً، وروحاً طاهرة مقدسة، وإرادة مجاهدة وأمينة، فيستحيل أن يقع فى براثن شلة مستهترة، ولا حتى يرضى بمسايرتها منذ البداية!
4- وهم التنشيط الجنسى :
وفى بحر التوتر النفسى، والتفاهة الداخلية، والتوتر الخارجى، تنشط الغريزة الجنسية، فيتوهم الشباب أنها تعطيهم لذة تعويضية، عوض الألم النفسى المعاش. ثم يجدون من يقنعهم بأن هذه المخدرات تعطى مزيداً من هذا النشاط. وبالفعل يتم التحقق من هذا الوهم مع بداية المخدر، ثم يكتشف الإنسان أن المخدر أفقده كل طاقة صحية، ودمره جنسياً، فصار أطلالاً. وهاهم أمامنا كأشباح واهية، فقدت كل شئ!! ويا للأسف !!
5- عدم الرضا عن الواقع :
وهذا سبب يمكن أن يدفع الشباب إلى الهروب للحظات من الواقع، تحت تأثير المخدر، الذى سرعان ما يزول أثره، فيعود الشباب إلى واقع أسوأ مما كانوا فيه. وهنا يصيرون ضحايا حلقة جهنمية مفزعة، يدورون فيها إلى ما لانهاية، أو قل إلى نهاية مهلكة دنيوياً، ونهاية تعيسة أبدياً.
وهل هذا طريق الرجال؟! أو طريق النفوس الصاعدة؟! بدلاً من الهروب من الواقع، لماذا لا نواجهه بالإيمان بالله، والإصرار والاجتهاد البشرى؟!
إن المجهود الذى يبذله المدمن، تحت تأثير المخدر، لهو أعنف بكثير من المجهود المطلوب منه، ليغير واقعة المرفوض، ويبنى مستقبله المأمول ! فلماذا الهروب المريض، الذى يؤدى إلى غياب العقل العامل، والإرادة المجتهدة، والإيمان بالله؟!
-6 القلق على المستقبل :
وهو يشبه عدم الرضا عن الواقع، فى أن هذا القل يفقد الذهن قدرة التفكير والتحرك والابتكار بعكس الإيمان بالله، الذى ينير العقل، ويدفع الإنسان نحو حماس واع، وجهد إنسانى ناجح، فى ثقة كاملة فى إلهنا المحب، الذى يفتح لنا الأبواب المغلقة، ويقودنا فى طريق النجاح الزمنى والأبدى.
إن شعار الشاب المسيحى هو: "يسوع المسيح، هو هو، أمساً واليوم وإلى الأبد" ( )، "وأن الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة النصح" ( ).
لذلك يا أخى الشاب، ويا أختى الشابة... تعالوا إلى لحظة صدق، وقدموا للرب حياتكم، واجتهدوا فيما يبنيكم، بدل هذا الطريق الحزين المدمر. تعالوا نسكب الإيمان والحماس فى حياة أخوتنا. تعالوا ننتشل من سقطوا فى هذه الهوة التعسة، ونحذر من لم يسقطوا فيها ليظلوا أحياء بالرب، وبالجهد، وبالحب.