phoenixbird
13/08/2008, 10:25
مقدمة :
كتب كثير من رجال السياسة السوريين مذكراتهم، كخالد العظم رئيس وزراء سورية لأكثر من خمس مرات، أو عفيف البزري أحد قادة الانقلاب على مصر، أو سامي الجندي، البعثي المرتد، أو جمال الأتاسي المعارض الديمقراطي أو مصطفى طلاس وزير الدفاع الأسبق، أو غيرهم...
ربما لا يتحمّس الشباب كثيراً لقراءتها، ليس لأنهم لا يهتمون بتاريخ بلدهم السياسي، بل لأنهم سيجبرون على مواجهة السؤال غير الضروري:
ماذا سنكتب في مذكراتنا عندما نكبر؟
فعلى عكس جيل الخمسينات والستينات، لا يصنع اليوم الشباب تاريخهم الخاص، بل إن أغلبهم لا يشارك في صياغة تاريخ بلده وحاضرها.
يتحدث تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003 عن "الاكتئاب السياسي" في صفوف الشباب الناجم عن "قتل الرغبة في الإنجاز والسعادة والانتماء" على يد "التهميش"من جهة، واصطدام الشباب بصمود المكانة الموروثة وغلبتها على الكفاءة المكتسبة من جهة أخرى، ومن هنا تهيمن "ثقافة الإحباط والرفض".
لقد استقال جيل الشباب من العمل السياسي، عندما تبلورت درجتان من المواطنة، وعندما أصبح لها اشتراطاتها، وتقسيماتها وولاءاتها، وهي التي لا تقبل التقسيم والتوزيع.
فالمواطنة تمثل رباطاً سياسياً بين المواطن والدولة، يكون من شأنه ترتيب مجموعة من الحقوق والواجبات العامة لعل أهمها انفراد المواطنين بالحق في اختيار ممثليهم من خلال انتخابات دورية حرة ونزيهة، وأن يكون لهم دورهم في الرقابة من خلال الرأي العام والمنظمات والأحزاب وهيئات المجتمع المدني، وأن يكون لهم حق في الانتماء لمجموعات تدافع عن مصالحهم.
إن المواطنة تمثل العنصر الجوهري المشترك بين كل الأفراد المنتمين إلى وطن واحد حيث تعبّر عن القدر المشترك الذي ينبغي أن يتحكم بسلوك الجميع من حيث هم كائنات سياسية، فهي تعبير عن وعي راقٍ يتجاوز كل أشكال الوعي الطائفي والعشائري والقبلي والعائلي والمناطقي والعرقي، أي إنها التجربة السياسية والاجتماعية لتمتع الفرد بحقوق مع غيره من المواطنين وتأديته لواجبات متساوية معهم.
ولعلنا في البحث عن معنى "المواطنة" نبحث عن حلم جيلنا بحياة مؤسسة على قيم أخلاقية في صُلبها، وأن نكون جزءاً فاعلاً في الجماعة، وفي الوقت ذاته أفراداً مستقلين قادرين على التفكير الحر دون شروط مسبقة أو قوالب مسبقة الصنع.
الحزبية كمدخل لتكريس المواطنة
هل تثق أحزاب الجبهة الوطنية بنفسها..وهل يثق بها أحد؟!!
تحقيق : راما نجمة
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
- قليل من الأحزاب تتكابر على الاعتراف أنها لا تجد شباباً ينضمون إليها
-مع فقدان علاقة أحزاب الجبهة مع الشباب، صارت نخباً سياسية جامدة تعيش على الماضي وتفقد القدرة على التجدد
- الأكثرية اختارت الانضمام لحزب قمنا نحن بخلقه وهو حزب اللامبالاة أو الانتماء السلبي
على امتداد جسر الرئيس في قلب دمشق، يمكن أن تتسوّق يومياً "سلعاً سياسية" يُسمح لها بالتواجد هناك، رغم أن القانون لا يسمح لها بافتراش الأرصفة، إلى جانب بعض تاجرات "أوروبا الشرقية"... بسطات من الصور والسيديات والأشرطة، وبعض "علاقات المفاتيح"، سيديات البورنو بالقرب من أفلام عمليات المقاومة، وأشرطة علي الديك، تزاحم أشرطة الداعية عمرو خالد، وصور هيفاء ومروى، إلى جانب صور السيد الرئيس وحسن نصر الله وغيفارا، و"بورتكليه" عليها اسم الحبيبة، مع ما كتب عليه "بحبك يا فلسطين"، وأعلام فريق الوحدة البرتقالية، إلى جانب علم سورية، وحول هذه البسطات يتزاحم بعض الشباب، من الصعب حقاً معرفة ما الذي يشترونه، لكن لا غرابة بالفعل أن يشتروا هذين الصنفين من السلع معاً.
صورة فوتوغرافية لإحدى هذه البسطات، التقطها سائح عابر في شارع ساروجة بدمشق، تربّعت على غلاف كتاب صادر في فرنسا يتحدث عن "سورية اليومية"، التي اختلطت فيها السياسة بالحياة، دون أن تنتج فعلاً سياسياً يومياً...
تبدو الخلطة الغريبة، أقل غرابة كل يوم، فالتسييس من حيث هو لا سياسة، يصبح شرطاً أكثر حدّة يوماً بعد يوم في حياة الشاب السوري، حتى أن حدود الجماعة السياسية السورية لم تتقاطع حتى الآن مع حدود المواطنة السورية، إلا في هوامش ضيقة.
كثير من الجماعات السياسية سواء كانت أحزاب أو تيارات أو حركات، سلطوية أو معارضاتية، موجودة سراً أو علناً، على أرض هذا الوطن، لكن وإن كان الشباب ورثوا عن آبائهم تناول حديث السياسة كفنجان القهوة الصباحي، إلا أنهم كانوا محصنين ضد أي "عدوى" من ممارسة السياسة كفعل يومي، فكان هناك، ومازال، الكثير من النميمة السياسية والقليل من النشاط السياسي.
جاءت الإجابة سريعة من شاب يقف تحت جسر الرئيس، ينتظر باص النقل الداخلي الذي تأخّر نصف ساعة، "لست سبب المشكلة، لكني نتيجتها حتماً... السياسة تكرس مبدأ اللامشاركة منذ عقود... والآن لن أفكر أن أنتظر باصاً لم يسمح لي بصعوده سابقاً".
لا يفكر معظم الشباب السوري بالالتحاق بالموكب السياسي الذي تأخر كثيراً بالوقوف في محطتهم، عزوفٌ قسري من جانب البعض، وعزوف ذاتي من آخرين، لكنه في كل الأحوال له مبرراته الكثيرة...
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
كان أحد أساسيات ميثاق "الجبهة الوطنية التقدمية" حرمان القوى السياسية من العمل في صفوف الطلبة "المكون الأساسي لفئة الشباب" وكان هذا مفصلاً هاماً في تاريخ علاقة الشباب بالسياسة في سورية، وتنصّ الفقرة التاسعة من ميثاق الجبهة على (تحاشي أي نوع من أنواع التنازع بين الطلبة ومن أجل خلق الجو الإيجابي الملائم لوحدة التوجيه، وبالتالي وحدة القاعدة والأداء، فإن أطراف الجبهة من غير البعث تتعهد على أن تعمل على وقف نشاطاتها التنظيمية والتوجيهية في هذا القطاع بدءاً بإيقاف امتدادها والتنسيب لها)، وعلى مدى أربعين عاماً تبلورت نتائج هذا القرار في تجفيف الدم الشاب من أحزاب الجبهة، وابتعاد الشباب عن ممارسة النشاط السياسي من خلالها، أما حزب البعث فقد أخذ يزداد ويتضخم بضم العدد الأكبر من أبناء الجيل، خاصة من خلال ما سميّ بإعداد الجيل العقائدي، ليصل إلى أكثر من مليون ونصف مليون شخص.
يقول الأمين العام المساعد بحركة الاشتركيين العرب (خارج الجبهة)، المحامي إدوارد حشوة "علاقة الأحزاب السياسية بالشباب تدهورت منذ أن احتكر حزب البعث هذه العلاقة، حيث قرر في ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية، أن يكون النشاط السياسي في قطاعي الجيش والطلاب حكراً عليه، وكل الأحزاب تأخذ من جيل الشباب والطلاب أبرز مريديها، وبهؤلاء تنمي كوادرها حركةً وتنظيماً وفكراً، وحين لا يكون هذا الأمر متاحاً، فإن هذه الأحزاب ستصاب بالضعف وتعيش على كوادرها القديمة، التي تساقطت بالتقادم وبالانقسامات، فلم تعد هذه الأحزاب قادرة على التوسع وتحولت تنظيمياً إلى ديكور تماماً كما تحولت في إطار الجبهة إلى ديكور سياسي".
ومع فقدان علاقة أحزاب الجبهة مع الشباب، صارت هذه الأحزاب نخباً سياسية جامدة تعيش على الماضي وتفقد القدرة على التجدد، إلا أن أحزاب الجبهة ترفض اتهامها بأنها اقتاتت خلال العقود السابقة على "الفتات السياسي" بهذا الشكل الإقصائي، وتقول إنها حاولت خلال حوالي ثلاثين عاماً التأقلم مع الظروف السياسية التي كانت في كثير من الأوقات ضاغطة، بدل اختيار "الموات السياسي".
تقول الأمين العام للحزب الشيوعي السوري (أحد الأحزاب المؤسسة للجبهة) وصال بكداش "لقد استمر الحزب يعمل، وكنا نعمل حتى في أوساط الطلبة، وتوجهنا لفئات شبابية أخرى في الأرياف والقطاعات العمالية، لم نكن سلبيين، واليوم لدينا قاعدة شبابية كبيرة، تظهر في مؤتمراتنا التي يأتي إليها آلاف من الشباب، ويمكن اليوم رؤية نشاطنا العلني بشكل جيد".
وكما هو معروف تم التراجع عن الفقرة التي تمنع أحزاب الجبهة من العمل بين الطلاب عام 2000، ومن ثم تم تعديل ميثاق الجبهة "رسمياً" قبل حوالي سنتين.
ويعقّب على ذلك إدوارد حشوة بالقول "حين سمحت السلطة بالنشاط السياسي بعد ربع قرن من المنع وجدت الشبيبة منصرفة عن السياسة وبعضهم فقدوا معرفتهم تاريخ البلد ورجالاتها والتيارات السياسية فيها، كأنهم طلّقوا العمل العام، وبعضهم تم الحاقه بجماعات متطرفة".
أما الشباب الكثيرين الملتحقين بالبعث، فلا يمكن الحديث عن نشاطهم وفاعليتهم السياسية دون كثير من إشارات الاستفهام، فحزب البعث اتخذ في عدة مراحل أفضلية للتنسيب الكمي على التنسيب الكيفي، ويعترف في حولياته بوجود تنسيب عشوائي واعتباطي أحياناً، كما كان للامتيازات التي مُنحت للبعثيين، في الجامعات وفي الوظائف الحكومية والنقابات أثر كبير في زيادة البعثيين بينما تراجع الإيمان الإيديولوجي والنضالي، وبالتالي المليون والنصف الموجودين في البعث لا يعكسوا درجة الفاعلية بل درجة الاستيعاب والتعبئة، وكان أن أصيب أبناء الجيل بأمراض اللامبالاة والانتهازية والفقر الفكري، والتشويش السياسي.
أما الأحزاب خارج السلطة سواء كانت معارضة أم لا، فتقول أنها اقتحمت قطاع الشباب ولكن بصعوبة وضمن قطاعات ضيقة، فلا يوجد أي سقف قانوني لعملها، بل إنه قانونياً يعتبر "غير شرعي"، ويمكن ملاحقة ومقاضاة أي شاب ينتمي لأحد هذه التنظيمات، وبالطبع فإن هذا الوضع المستمر حتى الآن لم يشجّع على حراك شبابي فعلي، وأدى غياب الشباب عن العمل السياسي إلى تمركز الممارسة السياسية لدى القيادات التقليدية في أحزاب الجبهة، ولدى النخبة السياسية في أحزاب المعارضة، ولدى قادة الصف الأول في البعث، ونظرة بسيطة تكفي لملاحظة أن أي دوران للنخبة المسيطرة في هذه الأحزاب، لم يحدث، فأغلب قيادات هذه الأحزاب السياسية هرمة، مما قاد بشكل فعلي إلى أزمة ثقة وانعدام تواصل مع الشباب إضافة إلى انعدام القدرة على تجدد الدم وتجديد الروح النابضة للحراك السياسي، ومع عدم توافر مساحة معقولة من حرية الرأي وبسبب الخوف، فإن اختراق لامبالاة الشباب بالعمل السياسي بقي محدوداً.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
يقول حسن عبد العظيم الأمين العام للاتحاد الاشتراكي الديمقراطي ورئيس التجمع الوطني الديمقراطي المعارض "إعادة دور الشباب والطلاب للحياة السياسية كما كان الأمر في الخمسينات، لا يمكن أن يتم إلا بصدور قانون للأحزاب ديمقراطي وعصري، بحيث تتوفر الحرية في العمل العام، في إطار قانون لا يعاقب على العمل بالوسائل السياسية، ويشجع على دفع الشباب للاهتمام بشؤون بلدهم وقضاياهم، والعمل من خلال إطار الأحزاب وهو الإطار الأفضل للعمل السياسي".
ويعتقد التجمع الوطني الديمقراطي أن "الأزمة التي تراكمت عناصرها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأخلاقية وتشابكت، أضحت أزمة عامة وشاملة، والمخرَج منها لا يمكن أن يكون إلا مخرجاً سياسياً، يعيد بناء الحياة السياسية في البلاد على أساس المواطنة التي لا تقبل التفاضل والتفاوت".
وتشترك كثير من الأحزاب في اعتبار أن إصلاح الشكل القانوني للأحزاب في إطار من الإصلاح السياسي، سيعيد الشباب لساحة العمل السياسي، ويتيح لهم ممارسة حقهم بالانتماء وومارسة مواطنتيهم دون أسقف من الخوف أو اللامبالاة أو التسلق، وسيبقى سقف الوطن هو المحدد لآفاق هذا العمل، وكما يصف الأمر ادوارد حشوة فإن "العطالة الموجودة في قطاع الشباب هي عطالة مؤقتة، ما إن يتاح لها حرية العمل حتى تنطلق لتكون تياراً سياسياً مثقفاً ومعتدلاً ومؤمناً بالحرية كقاعدة لعمل الجميع".
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
بينما يرى قدري جميل (حركة قاسيون) أن أحد أسباب ابتعاد الشباب عن الأحزاب هو في جزء كبير منه مسؤولية هذه الأحزاب نفسها؛ "هذه الأحزاب لا تحدد هدفها وبالتالي لا يمكن أن تتواصل مع المجتمع، ولا تستطيع تشكيل حلقة الوصل بين الفكر والسياسة، فالفكر يتحول إلى إنشاء والسياسية تصبح تبريرية، الشباب سيأتون عندما تقدم لهم عمقاً في الرؤية، وصدقاً بالطرح، هم يريدون أجوبة على أسئلتهم، على إحساسهم بالاغتراب، على رغبتهم المعلقة بالاندماج، على حاجتهم للشحنات الإيجابية وليس السلبية، وحاجتهم لتكوين وعي معرفي بالدرجة الأولى". والحقيقة أن قليلاً من الأحزاب تتكابر على الاعتراف أنها لا تجد شباباً ينضمون إليها ويعملون فيها، فعملياً شرعية أي حزب الواقعية، تأتي من قاعدته الاجتماعية، وهذه القاعدة تعتمد على الشباب حتماً، إلا أن أغلب الشباب يقرّون ببساطة، أنهم لا يلهثون خلف أي حزب، دون أن يعني هذا أن "عدم ممارسة حقهم بالعمل السياسي، لا يشغلهم":
(منير-21سنة) طالب في كلية الآداب، غير منتمٍ ولا يفكر بالانتماء "لم أشهد تجربة سياسية ناجحة، قابلة للاستمرار، جيلي لا يعرف من العمل السياسي إلا هذا النموذج الفاشل من الأحزاب، التي كانت تعتمد في نشر أفكارها على الثقافة التعبوية، بمعنى تعبئة الجماهير، وتحشيدها، كرعية لها وظيفة قد تتلخص بالتصفيق".
(أكرم-32سنة) مهندس كانت له تجربة الانضمام لأحد الأحزاب الجبهوية "تركت الحزب، بعد سبع سنين، سحرتني في بدايتها أفكار النضال الطبقي، حتى اكتشفت فساد الطبقة السياسية التي تدير الحزب المناهض للفساد، هذا عدا عن غياب الحياة الديمقراطية الداخلية، وغياب مفهوم النقد والنقد الذاتي في الممارسة السياسية"
(فادي-سنة18)، طالب بكالوريا، ابن أحد القيادات المعارضة "الأكثرية اختارت الانضمام لحزب قمنا نحن بخلقه وهو حزب اللامبالاة أو الانتماء السلبي، وأنا منهم وحتى ما تسمى بالمعارضة بقيت أسيرة فئات محددة مقصيّة عن المجتمع، متعلقة بالكاريزما الشخصية لبعض رجالاتها أكثر ما تتعلق ببرامج العمل، مثلما تنطلق من مواقع معارضة أكثر مما تنطلق من مواقف معارضة".
(عبد الله-29سنة) بعثي لا يحضر الاجتماعات "اعترف أني انتمي لجيل تربى على رؤية أحادية للواقع قائمة في كثير من جوانبها على مجموعة شعارات وقوالب، ترتكز معرفته على الأدلجة أكثر من المعرفة، وعلى نفعية العمل السياسي أكثر ما تستند على الانتماء والمواطنة، أعترف لكني أرفض الإدانة".
على الضفة الأخرى وبعيداً عن المكتئبين والمتشائمين، هناك شباب مهتمون بالفعل بالشأن العام ولديهم رغبة بالانخراط به، لكنهم لا يجدون الأطر المناسبة، ورغم وجود منظمات شغلها تسييس الشباب، إلا أن هناك شعوراً عاماً بأن الشباب غير مسيسين وبعيدون عن الحياة السياسية.
وهناك منظمات شبيبة حزبية، مثل "اتحاد شبيبة الثورة" و"الاتحاد الوطني لطلبة سورية"، "اتحاد الشبيبة الشيوعية السورية ــ شبيبة خالد بكداش"، و"اتحاد الشباب الديمقراطي"، إلا أن هذه المنظمات تنتمي إلى صيغة سياسية لإدارة المجتمع مرتبطة بالسلطة الحزبية، فهي منظمات بلا فعالية ذاتية، دون الرجوع إلى المرجعية الحزبية ولإنجاز أي فعالية ضمن المؤسسة يجب الإحالة للمرجعية الأعلى...
وبسبب عدم وجود أي حماية قانونية لأي مبادرات شبابية، لا يتمكن الشباب من إيجاد أطرهم الخاصة، بالإضافة لموضوع انعدام الخبرة لأن الشباب سيبدؤون من نقطة الصفر، في غياب التواصل مع تجربة سابقة لهم.
إلا أن المؤكد أن هناك شباباً ينتظرون فرصة حقيقية للمشاركة، وسيصعدون المراكب التي تمرّ بهم، إلا أنهم يبحثون اليوم عن نواة صلبة غير متوافرة في الاحزاب الشائخة، هذا الشباب لا يبحث فقط عن حزب يوفر له إطار للعمل السياسي بل يبحث عن هوية جديدة تتضمن في صلبها مفهوم المواطنية.
كتب كثير من رجال السياسة السوريين مذكراتهم، كخالد العظم رئيس وزراء سورية لأكثر من خمس مرات، أو عفيف البزري أحد قادة الانقلاب على مصر، أو سامي الجندي، البعثي المرتد، أو جمال الأتاسي المعارض الديمقراطي أو مصطفى طلاس وزير الدفاع الأسبق، أو غيرهم...
ربما لا يتحمّس الشباب كثيراً لقراءتها، ليس لأنهم لا يهتمون بتاريخ بلدهم السياسي، بل لأنهم سيجبرون على مواجهة السؤال غير الضروري:
ماذا سنكتب في مذكراتنا عندما نكبر؟
فعلى عكس جيل الخمسينات والستينات، لا يصنع اليوم الشباب تاريخهم الخاص، بل إن أغلبهم لا يشارك في صياغة تاريخ بلده وحاضرها.
يتحدث تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003 عن "الاكتئاب السياسي" في صفوف الشباب الناجم عن "قتل الرغبة في الإنجاز والسعادة والانتماء" على يد "التهميش"من جهة، واصطدام الشباب بصمود المكانة الموروثة وغلبتها على الكفاءة المكتسبة من جهة أخرى، ومن هنا تهيمن "ثقافة الإحباط والرفض".
لقد استقال جيل الشباب من العمل السياسي، عندما تبلورت درجتان من المواطنة، وعندما أصبح لها اشتراطاتها، وتقسيماتها وولاءاتها، وهي التي لا تقبل التقسيم والتوزيع.
فالمواطنة تمثل رباطاً سياسياً بين المواطن والدولة، يكون من شأنه ترتيب مجموعة من الحقوق والواجبات العامة لعل أهمها انفراد المواطنين بالحق في اختيار ممثليهم من خلال انتخابات دورية حرة ونزيهة، وأن يكون لهم دورهم في الرقابة من خلال الرأي العام والمنظمات والأحزاب وهيئات المجتمع المدني، وأن يكون لهم حق في الانتماء لمجموعات تدافع عن مصالحهم.
إن المواطنة تمثل العنصر الجوهري المشترك بين كل الأفراد المنتمين إلى وطن واحد حيث تعبّر عن القدر المشترك الذي ينبغي أن يتحكم بسلوك الجميع من حيث هم كائنات سياسية، فهي تعبير عن وعي راقٍ يتجاوز كل أشكال الوعي الطائفي والعشائري والقبلي والعائلي والمناطقي والعرقي، أي إنها التجربة السياسية والاجتماعية لتمتع الفرد بحقوق مع غيره من المواطنين وتأديته لواجبات متساوية معهم.
ولعلنا في البحث عن معنى "المواطنة" نبحث عن حلم جيلنا بحياة مؤسسة على قيم أخلاقية في صُلبها، وأن نكون جزءاً فاعلاً في الجماعة، وفي الوقت ذاته أفراداً مستقلين قادرين على التفكير الحر دون شروط مسبقة أو قوالب مسبقة الصنع.
الحزبية كمدخل لتكريس المواطنة
هل تثق أحزاب الجبهة الوطنية بنفسها..وهل يثق بها أحد؟!!
تحقيق : راما نجمة
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
- قليل من الأحزاب تتكابر على الاعتراف أنها لا تجد شباباً ينضمون إليها
-مع فقدان علاقة أحزاب الجبهة مع الشباب، صارت نخباً سياسية جامدة تعيش على الماضي وتفقد القدرة على التجدد
- الأكثرية اختارت الانضمام لحزب قمنا نحن بخلقه وهو حزب اللامبالاة أو الانتماء السلبي
على امتداد جسر الرئيس في قلب دمشق، يمكن أن تتسوّق يومياً "سلعاً سياسية" يُسمح لها بالتواجد هناك، رغم أن القانون لا يسمح لها بافتراش الأرصفة، إلى جانب بعض تاجرات "أوروبا الشرقية"... بسطات من الصور والسيديات والأشرطة، وبعض "علاقات المفاتيح"، سيديات البورنو بالقرب من أفلام عمليات المقاومة، وأشرطة علي الديك، تزاحم أشرطة الداعية عمرو خالد، وصور هيفاء ومروى، إلى جانب صور السيد الرئيس وحسن نصر الله وغيفارا، و"بورتكليه" عليها اسم الحبيبة، مع ما كتب عليه "بحبك يا فلسطين"، وأعلام فريق الوحدة البرتقالية، إلى جانب علم سورية، وحول هذه البسطات يتزاحم بعض الشباب، من الصعب حقاً معرفة ما الذي يشترونه، لكن لا غرابة بالفعل أن يشتروا هذين الصنفين من السلع معاً.
صورة فوتوغرافية لإحدى هذه البسطات، التقطها سائح عابر في شارع ساروجة بدمشق، تربّعت على غلاف كتاب صادر في فرنسا يتحدث عن "سورية اليومية"، التي اختلطت فيها السياسة بالحياة، دون أن تنتج فعلاً سياسياً يومياً...
تبدو الخلطة الغريبة، أقل غرابة كل يوم، فالتسييس من حيث هو لا سياسة، يصبح شرطاً أكثر حدّة يوماً بعد يوم في حياة الشاب السوري، حتى أن حدود الجماعة السياسية السورية لم تتقاطع حتى الآن مع حدود المواطنة السورية، إلا في هوامش ضيقة.
كثير من الجماعات السياسية سواء كانت أحزاب أو تيارات أو حركات، سلطوية أو معارضاتية، موجودة سراً أو علناً، على أرض هذا الوطن، لكن وإن كان الشباب ورثوا عن آبائهم تناول حديث السياسة كفنجان القهوة الصباحي، إلا أنهم كانوا محصنين ضد أي "عدوى" من ممارسة السياسة كفعل يومي، فكان هناك، ومازال، الكثير من النميمة السياسية والقليل من النشاط السياسي.
جاءت الإجابة سريعة من شاب يقف تحت جسر الرئيس، ينتظر باص النقل الداخلي الذي تأخّر نصف ساعة، "لست سبب المشكلة، لكني نتيجتها حتماً... السياسة تكرس مبدأ اللامشاركة منذ عقود... والآن لن أفكر أن أنتظر باصاً لم يسمح لي بصعوده سابقاً".
لا يفكر معظم الشباب السوري بالالتحاق بالموكب السياسي الذي تأخر كثيراً بالوقوف في محطتهم، عزوفٌ قسري من جانب البعض، وعزوف ذاتي من آخرين، لكنه في كل الأحوال له مبرراته الكثيرة...
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
كان أحد أساسيات ميثاق "الجبهة الوطنية التقدمية" حرمان القوى السياسية من العمل في صفوف الطلبة "المكون الأساسي لفئة الشباب" وكان هذا مفصلاً هاماً في تاريخ علاقة الشباب بالسياسة في سورية، وتنصّ الفقرة التاسعة من ميثاق الجبهة على (تحاشي أي نوع من أنواع التنازع بين الطلبة ومن أجل خلق الجو الإيجابي الملائم لوحدة التوجيه، وبالتالي وحدة القاعدة والأداء، فإن أطراف الجبهة من غير البعث تتعهد على أن تعمل على وقف نشاطاتها التنظيمية والتوجيهية في هذا القطاع بدءاً بإيقاف امتدادها والتنسيب لها)، وعلى مدى أربعين عاماً تبلورت نتائج هذا القرار في تجفيف الدم الشاب من أحزاب الجبهة، وابتعاد الشباب عن ممارسة النشاط السياسي من خلالها، أما حزب البعث فقد أخذ يزداد ويتضخم بضم العدد الأكبر من أبناء الجيل، خاصة من خلال ما سميّ بإعداد الجيل العقائدي، ليصل إلى أكثر من مليون ونصف مليون شخص.
يقول الأمين العام المساعد بحركة الاشتركيين العرب (خارج الجبهة)، المحامي إدوارد حشوة "علاقة الأحزاب السياسية بالشباب تدهورت منذ أن احتكر حزب البعث هذه العلاقة، حيث قرر في ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية، أن يكون النشاط السياسي في قطاعي الجيش والطلاب حكراً عليه، وكل الأحزاب تأخذ من جيل الشباب والطلاب أبرز مريديها، وبهؤلاء تنمي كوادرها حركةً وتنظيماً وفكراً، وحين لا يكون هذا الأمر متاحاً، فإن هذه الأحزاب ستصاب بالضعف وتعيش على كوادرها القديمة، التي تساقطت بالتقادم وبالانقسامات، فلم تعد هذه الأحزاب قادرة على التوسع وتحولت تنظيمياً إلى ديكور تماماً كما تحولت في إطار الجبهة إلى ديكور سياسي".
ومع فقدان علاقة أحزاب الجبهة مع الشباب، صارت هذه الأحزاب نخباً سياسية جامدة تعيش على الماضي وتفقد القدرة على التجدد، إلا أن أحزاب الجبهة ترفض اتهامها بأنها اقتاتت خلال العقود السابقة على "الفتات السياسي" بهذا الشكل الإقصائي، وتقول إنها حاولت خلال حوالي ثلاثين عاماً التأقلم مع الظروف السياسية التي كانت في كثير من الأوقات ضاغطة، بدل اختيار "الموات السياسي".
تقول الأمين العام للحزب الشيوعي السوري (أحد الأحزاب المؤسسة للجبهة) وصال بكداش "لقد استمر الحزب يعمل، وكنا نعمل حتى في أوساط الطلبة، وتوجهنا لفئات شبابية أخرى في الأرياف والقطاعات العمالية، لم نكن سلبيين، واليوم لدينا قاعدة شبابية كبيرة، تظهر في مؤتمراتنا التي يأتي إليها آلاف من الشباب، ويمكن اليوم رؤية نشاطنا العلني بشكل جيد".
وكما هو معروف تم التراجع عن الفقرة التي تمنع أحزاب الجبهة من العمل بين الطلاب عام 2000، ومن ثم تم تعديل ميثاق الجبهة "رسمياً" قبل حوالي سنتين.
ويعقّب على ذلك إدوارد حشوة بالقول "حين سمحت السلطة بالنشاط السياسي بعد ربع قرن من المنع وجدت الشبيبة منصرفة عن السياسة وبعضهم فقدوا معرفتهم تاريخ البلد ورجالاتها والتيارات السياسية فيها، كأنهم طلّقوا العمل العام، وبعضهم تم الحاقه بجماعات متطرفة".
أما الشباب الكثيرين الملتحقين بالبعث، فلا يمكن الحديث عن نشاطهم وفاعليتهم السياسية دون كثير من إشارات الاستفهام، فحزب البعث اتخذ في عدة مراحل أفضلية للتنسيب الكمي على التنسيب الكيفي، ويعترف في حولياته بوجود تنسيب عشوائي واعتباطي أحياناً، كما كان للامتيازات التي مُنحت للبعثيين، في الجامعات وفي الوظائف الحكومية والنقابات أثر كبير في زيادة البعثيين بينما تراجع الإيمان الإيديولوجي والنضالي، وبالتالي المليون والنصف الموجودين في البعث لا يعكسوا درجة الفاعلية بل درجة الاستيعاب والتعبئة، وكان أن أصيب أبناء الجيل بأمراض اللامبالاة والانتهازية والفقر الفكري، والتشويش السياسي.
أما الأحزاب خارج السلطة سواء كانت معارضة أم لا، فتقول أنها اقتحمت قطاع الشباب ولكن بصعوبة وضمن قطاعات ضيقة، فلا يوجد أي سقف قانوني لعملها، بل إنه قانونياً يعتبر "غير شرعي"، ويمكن ملاحقة ومقاضاة أي شاب ينتمي لأحد هذه التنظيمات، وبالطبع فإن هذا الوضع المستمر حتى الآن لم يشجّع على حراك شبابي فعلي، وأدى غياب الشباب عن العمل السياسي إلى تمركز الممارسة السياسية لدى القيادات التقليدية في أحزاب الجبهة، ولدى النخبة السياسية في أحزاب المعارضة، ولدى قادة الصف الأول في البعث، ونظرة بسيطة تكفي لملاحظة أن أي دوران للنخبة المسيطرة في هذه الأحزاب، لم يحدث، فأغلب قيادات هذه الأحزاب السياسية هرمة، مما قاد بشكل فعلي إلى أزمة ثقة وانعدام تواصل مع الشباب إضافة إلى انعدام القدرة على تجدد الدم وتجديد الروح النابضة للحراك السياسي، ومع عدم توافر مساحة معقولة من حرية الرأي وبسبب الخوف، فإن اختراق لامبالاة الشباب بالعمل السياسي بقي محدوداً.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
يقول حسن عبد العظيم الأمين العام للاتحاد الاشتراكي الديمقراطي ورئيس التجمع الوطني الديمقراطي المعارض "إعادة دور الشباب والطلاب للحياة السياسية كما كان الأمر في الخمسينات، لا يمكن أن يتم إلا بصدور قانون للأحزاب ديمقراطي وعصري، بحيث تتوفر الحرية في العمل العام، في إطار قانون لا يعاقب على العمل بالوسائل السياسية، ويشجع على دفع الشباب للاهتمام بشؤون بلدهم وقضاياهم، والعمل من خلال إطار الأحزاب وهو الإطار الأفضل للعمل السياسي".
ويعتقد التجمع الوطني الديمقراطي أن "الأزمة التي تراكمت عناصرها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأخلاقية وتشابكت، أضحت أزمة عامة وشاملة، والمخرَج منها لا يمكن أن يكون إلا مخرجاً سياسياً، يعيد بناء الحياة السياسية في البلاد على أساس المواطنة التي لا تقبل التفاضل والتفاوت".
وتشترك كثير من الأحزاب في اعتبار أن إصلاح الشكل القانوني للأحزاب في إطار من الإصلاح السياسي، سيعيد الشباب لساحة العمل السياسي، ويتيح لهم ممارسة حقهم بالانتماء وومارسة مواطنتيهم دون أسقف من الخوف أو اللامبالاة أو التسلق، وسيبقى سقف الوطن هو المحدد لآفاق هذا العمل، وكما يصف الأمر ادوارد حشوة فإن "العطالة الموجودة في قطاع الشباب هي عطالة مؤقتة، ما إن يتاح لها حرية العمل حتى تنطلق لتكون تياراً سياسياً مثقفاً ومعتدلاً ومؤمناً بالحرية كقاعدة لعمل الجميع".
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
بينما يرى قدري جميل (حركة قاسيون) أن أحد أسباب ابتعاد الشباب عن الأحزاب هو في جزء كبير منه مسؤولية هذه الأحزاب نفسها؛ "هذه الأحزاب لا تحدد هدفها وبالتالي لا يمكن أن تتواصل مع المجتمع، ولا تستطيع تشكيل حلقة الوصل بين الفكر والسياسة، فالفكر يتحول إلى إنشاء والسياسية تصبح تبريرية، الشباب سيأتون عندما تقدم لهم عمقاً في الرؤية، وصدقاً بالطرح، هم يريدون أجوبة على أسئلتهم، على إحساسهم بالاغتراب، على رغبتهم المعلقة بالاندماج، على حاجتهم للشحنات الإيجابية وليس السلبية، وحاجتهم لتكوين وعي معرفي بالدرجة الأولى". والحقيقة أن قليلاً من الأحزاب تتكابر على الاعتراف أنها لا تجد شباباً ينضمون إليها ويعملون فيها، فعملياً شرعية أي حزب الواقعية، تأتي من قاعدته الاجتماعية، وهذه القاعدة تعتمد على الشباب حتماً، إلا أن أغلب الشباب يقرّون ببساطة، أنهم لا يلهثون خلف أي حزب، دون أن يعني هذا أن "عدم ممارسة حقهم بالعمل السياسي، لا يشغلهم":
(منير-21سنة) طالب في كلية الآداب، غير منتمٍ ولا يفكر بالانتماء "لم أشهد تجربة سياسية ناجحة، قابلة للاستمرار، جيلي لا يعرف من العمل السياسي إلا هذا النموذج الفاشل من الأحزاب، التي كانت تعتمد في نشر أفكارها على الثقافة التعبوية، بمعنى تعبئة الجماهير، وتحشيدها، كرعية لها وظيفة قد تتلخص بالتصفيق".
(أكرم-32سنة) مهندس كانت له تجربة الانضمام لأحد الأحزاب الجبهوية "تركت الحزب، بعد سبع سنين، سحرتني في بدايتها أفكار النضال الطبقي، حتى اكتشفت فساد الطبقة السياسية التي تدير الحزب المناهض للفساد، هذا عدا عن غياب الحياة الديمقراطية الداخلية، وغياب مفهوم النقد والنقد الذاتي في الممارسة السياسية"
(فادي-سنة18)، طالب بكالوريا، ابن أحد القيادات المعارضة "الأكثرية اختارت الانضمام لحزب قمنا نحن بخلقه وهو حزب اللامبالاة أو الانتماء السلبي، وأنا منهم وحتى ما تسمى بالمعارضة بقيت أسيرة فئات محددة مقصيّة عن المجتمع، متعلقة بالكاريزما الشخصية لبعض رجالاتها أكثر ما تتعلق ببرامج العمل، مثلما تنطلق من مواقع معارضة أكثر مما تنطلق من مواقف معارضة".
(عبد الله-29سنة) بعثي لا يحضر الاجتماعات "اعترف أني انتمي لجيل تربى على رؤية أحادية للواقع قائمة في كثير من جوانبها على مجموعة شعارات وقوالب، ترتكز معرفته على الأدلجة أكثر من المعرفة، وعلى نفعية العمل السياسي أكثر ما تستند على الانتماء والمواطنة، أعترف لكني أرفض الإدانة".
على الضفة الأخرى وبعيداً عن المكتئبين والمتشائمين، هناك شباب مهتمون بالفعل بالشأن العام ولديهم رغبة بالانخراط به، لكنهم لا يجدون الأطر المناسبة، ورغم وجود منظمات شغلها تسييس الشباب، إلا أن هناك شعوراً عاماً بأن الشباب غير مسيسين وبعيدون عن الحياة السياسية.
وهناك منظمات شبيبة حزبية، مثل "اتحاد شبيبة الثورة" و"الاتحاد الوطني لطلبة سورية"، "اتحاد الشبيبة الشيوعية السورية ــ شبيبة خالد بكداش"، و"اتحاد الشباب الديمقراطي"، إلا أن هذه المنظمات تنتمي إلى صيغة سياسية لإدارة المجتمع مرتبطة بالسلطة الحزبية، فهي منظمات بلا فعالية ذاتية، دون الرجوع إلى المرجعية الحزبية ولإنجاز أي فعالية ضمن المؤسسة يجب الإحالة للمرجعية الأعلى...
وبسبب عدم وجود أي حماية قانونية لأي مبادرات شبابية، لا يتمكن الشباب من إيجاد أطرهم الخاصة، بالإضافة لموضوع انعدام الخبرة لأن الشباب سيبدؤون من نقطة الصفر، في غياب التواصل مع تجربة سابقة لهم.
إلا أن المؤكد أن هناك شباباً ينتظرون فرصة حقيقية للمشاركة، وسيصعدون المراكب التي تمرّ بهم، إلا أنهم يبحثون اليوم عن نواة صلبة غير متوافرة في الاحزاب الشائخة، هذا الشباب لا يبحث فقط عن حزب يوفر له إطار للعمل السياسي بل يبحث عن هوية جديدة تتضمن في صلبها مفهوم المواطنية.