..AHMAD
07/08/2008, 05:36
صيحات الملازم تلاحقه , ترن في اذنيه , تحدث في نفسه جرحاً يوجع ..!
- "صحح ولاك" .. وحين لا يأخذ الملازم النتيجة المرجوة,يصرخ ثانياً ,
- "ولاك ..كرر يا حمار!".
والمجند جمال متحيّر في أمره.. يحاول تنفيذ ما يملى عليه ,فيخبط رجله اليسرى بالأرض ثم يكررها بالرجل اليمنى.. ويكررها مرّات ومرّات , لكن دونما جدوى! وحين لا يستقيم له الأمر.. يتوقف, مستعيذا بالله من الملازم اللعين..! لو يتركونه يتحلل من هذا الحذاء الثقيل لهان عليه الأمر.. فكل المشكلة تكمن في حذائه الضخم الذي لم تعتده قدماه..!
قدماه اللتان عاشتا حرتين متحررتين , تحملان جسمه الطليق بخفة ورشاقة حيثما شاء ومتى أراد .. تجريان به خلف شوارد القطيع , وغزلان البراري,وحتى خلف الوحوش المتربصة ..!
وإن كان ينسى فهو لا ينسى يوم كوم ذئباً بضربة واحدة من عصاه الغليظة ,ثم سلخ جلده متخذا منه فروة وما تزال كلمات الرجال تنعش روحه
- "جمال رجال"
- "وحده جمال يستعيد الفرس والجمال الجافلة"
- "جمال يسبق الفرسان راكباً أو راجلاً,إنه "وشهلا" فرسا رهان "
وها هو الآن . لا يحسن المشي فيتلقى توبيخ الملازم القاسي..!
- ولاك يا حيوان.. متى ستتعلم المشي المظبوط.. متى..!؟
صرخ الملازم في أذنيه ثانية,, قاطعاً عليه شرودة وتأملات أمجاده السابقة .. مضاعفاً من وجعه الداخلي,ومما زاد عليه الأمر سوءاً ,أن الملازم لم يكتفي هذه المرة بكلماته المعتادة.. بل سمح لكفه الغليظ ان يهوي فوق رقبة جمال بكل ما اعطاه الله من قوة مرفقةً بشتائم قاسية لم يسمعها من قبل
- "إلى متى يا ابن الـ...ألخ"
كل ذلك جعل المجند جمال ينتفض كالملسوع متجها نحو الملازم وعيناه تقدخان شرراً ودون ان ينبس بكلمة واحدة شبك بكفيه الاثنتين رقبة العريف واخذ يضغط عليها مدفوعا بكل ما تراكم في نفسه من حقد وغضب والملازم جامد, مصعوق, لا يتحرك او يقاوم!
وقد احمرَّ وجهه واتسعت فتحتا منخريه وتدورتا,وبرزت حدقتا عينيه,ثم غابتا,وهكذا إلى أن انثنت ركبتاه وأخذ جسمه بالتراخي والانهداد..
شعر جمال بخطورة ما يقوم به.. فرفع يديه مكرهاً عن رقبة الملازم..
تحرك الملازم ببطء ثم قام يهرول باتجاه غرفة العميد وهو يبربر:
- سيدي .. المجند جمال يريد قتلي.. والله يريد قتلي..! ولما صار امام العميد لم يفطن إلى تقديم التحية النظامية .. كان مشغولاً بشرح مشكلته.
- انظر يا سيدي .. لقد حاول خنقي..!
نظر العميد إلى رقبة الملازم التي اصطبغت بخدوش حمراء .. فهرع مباشرة الى مبنى المجندين تحدثه نفسه بدوافع ما جرى وتساءل:
"أتراه الملازم يقول الحقيقة؟ ولكن ما الذي فعله بـ جمال حتى تطاول عليه الى هذه الدرجة..! " ثم أردف لنفسه : "طالما تناوش هذا الملازم الأحمق مع المجندين الأغرار إن قذارة لسانه ستظل تقوده إلى ما هو أسوء وأفظع"
حين اقترب العميد من المبنى تعالت اصوات المجندين تقول :
- سيدي لقد أهان الملازم المجند جمال .. شتم له أمه وضربه ..
وأردف البعض ..
- إنه دائماً يشتمنا..!
في خيمة الملازم قال مجند جمال وهو يرتشف الشاي. أقول لك الحقيقة سيدي !! المشكلة كلها في هذا البوط الملعون..! سيدي إنه ثقيل على قدماي .. يعيق حركتهما.. دعوني أخلعه وسوف ترون جمال يا سيدي .. يسابق ريم الفلا!
ضحك العميد,لكنه عاد وأخذ هيئة الجدّية وقال:
- اسمع يا مجند جمال, انتبه الى ما سأقوله لك ولتحفظه جيداً .. الحذاء يا جمال .. أقصد البوط هو والسلاح شيئ واحد , كلاهما يدفع عنك الاذى , والبوط يا جمال اكثر اهمية واعتباراً , إنه حياة الجندي كلها فالبسطار يا جمال أقصد البوط ( أترى .. إن له أكثر من اسم .. وهذا عائد لمكانته العالمية ! ) أقول : البوط يا جمال لا يحمي قدميك من حر الصيف وبرد الشتاء فحسب! بل إنه يقيهما من الأشواك التي في الارض .. والحصى المدبب .. بل للبسطار فوائد اكثر اهمية .. واهمها هو قدرته على تثبيت القدمين في الأرض خصوصا عند الضرورة القصوى أعني عند مهاجمة العدو , الثبات يا جمال يبداً من الأقدام الثقيلة خصوصا في المعارك .
وختم العميد نصائحه متسائلاً :
- هل فهمت يا جمال ؟؟
- "نعم يا سيدي " أجابه جمال .
وقبل أن يأمره بالانصراف .. سأله ثانيةً :
- ما هي فوائد البوط يا جمال ؟؟
اجاب جمال على الفور :
- تثبيت الأقدام في الأرض يا سيدي وخصوصا وقت المعركة .
- عظيم غظيم .. صاح العميد مهللاً مشيراً بيده إلى جمال بالانصراف .
كان فترة التدريب قد انتهت فذهب جمال إلى خيمته مباشرةً خلع بسطاره , امسك بفردتيه الاثنتين تمعن فيهما جيداً , قربهما من أنفه . فشم رائحة كريهة, قام الى حقيبته, فأخرج منها زجاجة عطر , دلق في كل فردة جرعة و رجّهما بقوة ثم اتى بعلبة "البويا" ففرش المعجون الأسود على وجه الحذاء , وحرك فوقه شعر الفرشاة الناعم حركات سريعة , وفي كل الاتجاهات . صار الحذاء يلمع مثل المرآة , ركزه أمامه , تأمله طويلاً , عدد فوائده ومنافعه , اكتشف فيه ميزات جديدة لم يذكرها العميد من قبل , ثم خطرت له أفكار جديدة ... ماذا لو البس مهره الصغير بسطاراً .. لا شك في أنه سوف يركض على نحو أفضل واجمل بل ماذا لو فصل لافراد القطيع كلها بساطيراً ,, وتخيل نفسه يدرب القطيع كله على المشي المنظم.
وقطع عليه سلسلة أفكاره وتخيلاته.. إنذار الخطر .. الذي نشب بسبب حدوث معركة في الخارج , فركض مأخوذا بهول المفاجأة مع من ركض باتجاه الخندق القريب, ولكنه بعد ان صار على باب الخندق , أحس بقدميه العاريتين , فصاح مذعوراً :
- البســـــــــطار!!!
وقفز من الخندق مجدداً وركض باتجاه خيمته يريد البسطار, مقدراً أن الوضع غير عادي,, وهكذا كان في الواقع, لكن القذيفة المجنونة كانت تنتظر جمال, إذ استطاعت أن تتمكن منه وأن تحول ما بينه وبين بسطاره ..!
ذلك باختصار كل الذي كان يتذكره جمال..! أما كيف نقل الى المشفى وكيف اجريت له عملية بتر الساقين فذلك أمر لا يعرف عنه شيئاً وهنا كانت مفاجأة أهله اللذين أحاطو بسريره لحظة استيقاظه من تأثير العملية إذ سألهم بعد أن تحسس ركبتيه ..!
- أين البسطار؟؟؟
ولما رأى وجوههم ونظراتهم البائسة اليه والى بعضهم سأل مجدداً:
- لماذا تنظرون إلي هكذا..؟! كيف لي أن أثبت قدمي في الأرض دون البسطار ؟؟!!
:D
- "صحح ولاك" .. وحين لا يأخذ الملازم النتيجة المرجوة,يصرخ ثانياً ,
- "ولاك ..كرر يا حمار!".
والمجند جمال متحيّر في أمره.. يحاول تنفيذ ما يملى عليه ,فيخبط رجله اليسرى بالأرض ثم يكررها بالرجل اليمنى.. ويكررها مرّات ومرّات , لكن دونما جدوى! وحين لا يستقيم له الأمر.. يتوقف, مستعيذا بالله من الملازم اللعين..! لو يتركونه يتحلل من هذا الحذاء الثقيل لهان عليه الأمر.. فكل المشكلة تكمن في حذائه الضخم الذي لم تعتده قدماه..!
قدماه اللتان عاشتا حرتين متحررتين , تحملان جسمه الطليق بخفة ورشاقة حيثما شاء ومتى أراد .. تجريان به خلف شوارد القطيع , وغزلان البراري,وحتى خلف الوحوش المتربصة ..!
وإن كان ينسى فهو لا ينسى يوم كوم ذئباً بضربة واحدة من عصاه الغليظة ,ثم سلخ جلده متخذا منه فروة وما تزال كلمات الرجال تنعش روحه
- "جمال رجال"
- "وحده جمال يستعيد الفرس والجمال الجافلة"
- "جمال يسبق الفرسان راكباً أو راجلاً,إنه "وشهلا" فرسا رهان "
وها هو الآن . لا يحسن المشي فيتلقى توبيخ الملازم القاسي..!
- ولاك يا حيوان.. متى ستتعلم المشي المظبوط.. متى..!؟
صرخ الملازم في أذنيه ثانية,, قاطعاً عليه شرودة وتأملات أمجاده السابقة .. مضاعفاً من وجعه الداخلي,ومما زاد عليه الأمر سوءاً ,أن الملازم لم يكتفي هذه المرة بكلماته المعتادة.. بل سمح لكفه الغليظ ان يهوي فوق رقبة جمال بكل ما اعطاه الله من قوة مرفقةً بشتائم قاسية لم يسمعها من قبل
- "إلى متى يا ابن الـ...ألخ"
كل ذلك جعل المجند جمال ينتفض كالملسوع متجها نحو الملازم وعيناه تقدخان شرراً ودون ان ينبس بكلمة واحدة شبك بكفيه الاثنتين رقبة العريف واخذ يضغط عليها مدفوعا بكل ما تراكم في نفسه من حقد وغضب والملازم جامد, مصعوق, لا يتحرك او يقاوم!
وقد احمرَّ وجهه واتسعت فتحتا منخريه وتدورتا,وبرزت حدقتا عينيه,ثم غابتا,وهكذا إلى أن انثنت ركبتاه وأخذ جسمه بالتراخي والانهداد..
شعر جمال بخطورة ما يقوم به.. فرفع يديه مكرهاً عن رقبة الملازم..
تحرك الملازم ببطء ثم قام يهرول باتجاه غرفة العميد وهو يبربر:
- سيدي .. المجند جمال يريد قتلي.. والله يريد قتلي..! ولما صار امام العميد لم يفطن إلى تقديم التحية النظامية .. كان مشغولاً بشرح مشكلته.
- انظر يا سيدي .. لقد حاول خنقي..!
نظر العميد إلى رقبة الملازم التي اصطبغت بخدوش حمراء .. فهرع مباشرة الى مبنى المجندين تحدثه نفسه بدوافع ما جرى وتساءل:
"أتراه الملازم يقول الحقيقة؟ ولكن ما الذي فعله بـ جمال حتى تطاول عليه الى هذه الدرجة..! " ثم أردف لنفسه : "طالما تناوش هذا الملازم الأحمق مع المجندين الأغرار إن قذارة لسانه ستظل تقوده إلى ما هو أسوء وأفظع"
حين اقترب العميد من المبنى تعالت اصوات المجندين تقول :
- سيدي لقد أهان الملازم المجند جمال .. شتم له أمه وضربه ..
وأردف البعض ..
- إنه دائماً يشتمنا..!
في خيمة الملازم قال مجند جمال وهو يرتشف الشاي. أقول لك الحقيقة سيدي !! المشكلة كلها في هذا البوط الملعون..! سيدي إنه ثقيل على قدماي .. يعيق حركتهما.. دعوني أخلعه وسوف ترون جمال يا سيدي .. يسابق ريم الفلا!
ضحك العميد,لكنه عاد وأخذ هيئة الجدّية وقال:
- اسمع يا مجند جمال, انتبه الى ما سأقوله لك ولتحفظه جيداً .. الحذاء يا جمال .. أقصد البوط هو والسلاح شيئ واحد , كلاهما يدفع عنك الاذى , والبوط يا جمال اكثر اهمية واعتباراً , إنه حياة الجندي كلها فالبسطار يا جمال أقصد البوط ( أترى .. إن له أكثر من اسم .. وهذا عائد لمكانته العالمية ! ) أقول : البوط يا جمال لا يحمي قدميك من حر الصيف وبرد الشتاء فحسب! بل إنه يقيهما من الأشواك التي في الارض .. والحصى المدبب .. بل للبسطار فوائد اكثر اهمية .. واهمها هو قدرته على تثبيت القدمين في الأرض خصوصا عند الضرورة القصوى أعني عند مهاجمة العدو , الثبات يا جمال يبداً من الأقدام الثقيلة خصوصا في المعارك .
وختم العميد نصائحه متسائلاً :
- هل فهمت يا جمال ؟؟
- "نعم يا سيدي " أجابه جمال .
وقبل أن يأمره بالانصراف .. سأله ثانيةً :
- ما هي فوائد البوط يا جمال ؟؟
اجاب جمال على الفور :
- تثبيت الأقدام في الأرض يا سيدي وخصوصا وقت المعركة .
- عظيم غظيم .. صاح العميد مهللاً مشيراً بيده إلى جمال بالانصراف .
كان فترة التدريب قد انتهت فذهب جمال إلى خيمته مباشرةً خلع بسطاره , امسك بفردتيه الاثنتين تمعن فيهما جيداً , قربهما من أنفه . فشم رائحة كريهة, قام الى حقيبته, فأخرج منها زجاجة عطر , دلق في كل فردة جرعة و رجّهما بقوة ثم اتى بعلبة "البويا" ففرش المعجون الأسود على وجه الحذاء , وحرك فوقه شعر الفرشاة الناعم حركات سريعة , وفي كل الاتجاهات . صار الحذاء يلمع مثل المرآة , ركزه أمامه , تأمله طويلاً , عدد فوائده ومنافعه , اكتشف فيه ميزات جديدة لم يذكرها العميد من قبل , ثم خطرت له أفكار جديدة ... ماذا لو البس مهره الصغير بسطاراً .. لا شك في أنه سوف يركض على نحو أفضل واجمل بل ماذا لو فصل لافراد القطيع كلها بساطيراً ,, وتخيل نفسه يدرب القطيع كله على المشي المنظم.
وقطع عليه سلسلة أفكاره وتخيلاته.. إنذار الخطر .. الذي نشب بسبب حدوث معركة في الخارج , فركض مأخوذا بهول المفاجأة مع من ركض باتجاه الخندق القريب, ولكنه بعد ان صار على باب الخندق , أحس بقدميه العاريتين , فصاح مذعوراً :
- البســـــــــطار!!!
وقفز من الخندق مجدداً وركض باتجاه خيمته يريد البسطار, مقدراً أن الوضع غير عادي,, وهكذا كان في الواقع, لكن القذيفة المجنونة كانت تنتظر جمال, إذ استطاعت أن تتمكن منه وأن تحول ما بينه وبين بسطاره ..!
ذلك باختصار كل الذي كان يتذكره جمال..! أما كيف نقل الى المشفى وكيف اجريت له عملية بتر الساقين فذلك أمر لا يعرف عنه شيئاً وهنا كانت مفاجأة أهله اللذين أحاطو بسريره لحظة استيقاظه من تأثير العملية إذ سألهم بعد أن تحسس ركبتيه ..!
- أين البسطار؟؟؟
ولما رأى وجوههم ونظراتهم البائسة اليه والى بعضهم سأل مجدداً:
- لماذا تنظرون إلي هكذا..؟! كيف لي أن أثبت قدمي في الأرض دون البسطار ؟؟!!
:D