-
دخول

عرض كامل الموضوع : كتب من الأدب السوداني الجديد


مأمون التلب
27/07/2008, 02:27
أحاول أن أسد فجوة لاحظتها من خلال تصفحي للمكتبة، وهي انعدام وجود كتب سودانية جديدة، ومن خلال هذا الخيط، سأحاول أن أسحب إليكم ما أملكه من كتب، وبموافقة كتابها، فقد كنت من مؤسسي مبادرة في السودان لطباعة أعمال كتاب غير معروفين في السودان، وخارج السودان، لذلك تمكنت، ومن خلال عملي كمحررٍ لهذه الكتب برفقة كتابها، أن أجمع مكتبة متواضعة من الكتب الجديدة.
الكتاب الأول بعنوان (غرقى في المياه الجميلة) للشاعر خالد حسن عثمان.

هنا

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

سأعود

اسبيرانزا
27/07/2008, 17:45
بتفق معك ان الادب السودانى للاسف مغيّب بصورة كبيرة ع الساحة الروائية ....مو بس بالمكتبة:sosweet: ,,,وانتم السبب:lol:
على اى حال بشكرك على ازاحة الستار عن ادب اؤمن كثيرا بثراءه
ميرسى ع الغرقى وبنستنى العودة بشغف :D

مأمون التلب
28/07/2008, 00:55
أهلاً اسبرانزا، أتفق معك أيضاً على أننا السبب، لكنني أعتقد بأن بعض المساهمات، هنا وهناك، وبمبادرات جديّة من كتاب جدد، أصبحت هنالك اضاءات خفيفة وخافتة، ولكنها جيّدة، وما يضيف أملاً هو تعامل الكتاب مع الانترنت بصورة أكبر وأوسع.
سأعود مرة أخرى مع كتاب (جناين الهندسة)، لمحمد الصادق الحاج

اسبيرانزا
28/07/2008, 01:09
بتسمحلى ,,,قبل الانترنت وغيروا,,,وقبل المبادرات من الكتاب الجدد ,,,الطيب صالح كان الشمعة الاولى التى بدئت تظهر ان للسودان ادبا
وبرغم ذلك ,,لا يحظى من ابداعه بالترحيب الكبير عندكم الا موسم الهجرة ,,,لانها اصبحت رواية عالمية
هلا فيكم تبذلوا مجهودات اكثر لتظهروا ادابكم اكثر :D

مأمون التلب
29/07/2008, 15:57
هنالك الكثير من الجدل في هذا الأمر، ولكن هذا الرأي المسبق بعدم احتفاء السودان بالطيب صالح هو خاطئ في حقيقة الأمر، منذ خمسة سنوات وحتى الآن، تعتبر جائزة للرواية السودانية، والمعنونة بـ(جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي)؛ تعتبر أكبر جائزة، من ناحيةٍ أخرى فقد تدافع العديد من الكتاب لهذه الجائزة وطبعت من رحمها العديد من الكتب، وخرجت أسماء، وكان الطيب صالح حاضراً في افتتاحها، من ناحيةٍ أخرى، فقد كرمت الحكومات المتوالية على السودان، منذ أكثر من 20 عاماً وحتى الآن، الروائي الطيب صالح لأكثر من مرة. أمر آخر، وهو شغف الأجيال التي أعقبت الجيل الذي تجاهل الطيب صالح، برواياته العميقة، رغم اختلافهم معه في مضمون أفكار الروايات، وانحيازها لمجموعة من الأفكار التي تعتبر الآن منقرضة لرفض الواقع لها، ولتغولها (على مستواها السياسي) على حقوق وحيوات البشر.
لكن، كما تعرف/تعرفين، فإن الاختلاف في (الأفكار) لا يفسد لجمال الأدب تأثيره.
أما عن الحديث، غير المنطقي، عن انحياز الجميع لرواية (موسم الهجرة) فقد كان ذلك من الماضي، ولا أجد مقياساً منطقياً، أو إثباتاً لحديثٍ كهذا، ولكن
هل هذه هي القضية حقيقةً؟ إن كان الطيب قد تم تجاهله أم لا؟ وهل تعتبر هذه الحادثة جريرة لكل الأجيال لتحامن عليها كما تفعل/تفعلين أنت الآن؟
ألا تعتبر هذه المحاولة ضمن محاولات أخرى للتعريف؟ وتسيتطيع الكتب القادمة أن تجيب على سؤالك حول
( هلا فيكم تبذلوا مجهودات اكثر لتظهروا ادابكم اكثر؟)
عموماً، أن أتفق معك، جملةً وتفصيلاً، مرةً أخرى، على أن مشكلة الانتشار والإظهار هي بسبب احجام الكتاب عادةً وانعدام الجهد.. ولكن، إن كنت لا تعرف/تعرفين مجهودات الغير، فهذا لا ينفي أنها موجودة، أليس كذلك؟
تحياتي وشكراً على المداخلات والأسئلة

مأمون التلب
31/07/2008, 20:39
إليكم (جناين الهندسة) لمحمد الصادق الحاج

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

اسبيرانزا
03/10/2008, 12:59
الشعر فى السودان:D

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

مأمون التلب
03/10/2008, 13:23
العزيزة اسبيرانزا
تحية طيبة، مرة أخرى، وشكراً على الكتاب، سأطالعه وربما أتقدم بأفكار حول هذا الكتاب.
هنا ورقة قدّمتها بمركز الدراسات السودانية خلال هذا الشهر، حول الكتابة الحالية في السودان. أرجو أن تكون مُفيدة.

ما بعد المادّة

مراجعات لدراسات حول الكتابة الحالية في السودان

مأمون التّلب


مُقدّمة:
مالذي أعنيه بـ(ما بعد المادّة) في هذه الكتابة القاصرة؟، هل أعني (ميتافيزيكس)، الخرافي، اللامرئيّ؟، بالتأكيد لا، ولكنه اشتقاقٌ للمعنى من كل ما ذكرت، كما تُشتقُّ أفعالٌ من كلماتٍ بغرضٍ خبيثٍ هو تحوير معناها بوضعها بجانب مشتقاتٍ أخرى ربما تنسف قيمة المعنى في الكلمة المُستَغلّة، هذا هو، باختصار، الوجه العام للكتابة الحالية في السودان، والذي يمكن أن يُذكر.
أبتعد عن مصطلحات (جيل، جديد، شباب...إلخ) بسبب العداء الذي أُكنّه لهذه الكلمات الزمانية، _رغماً عن التناقض الواضح لوجودي هنا في هذه الندوة، واستخدامي لكلمة "الحالي"_ العداء الذي طرحته في العديد من الكتابات المنشورة في الصحف، وفي أماكن أخرى بالطبع، كاللسان!. وهذه الكتابة ستكون عن قضايا عامّة تواجه الكاتب اليوم، إضافةً لتجميعات من بعض ما كتبت في الفترة السابقة حول هذه الكتابات، والذي أجده قاصراً حتّى بعد فزلكته هنا في هذه الورقة، كما أنني تخلّيت عن بعض الآراء السابقة نسبةً للتطورات التي تحدث، يومياً، في ما أقرأ من كتاباتٍ لم ولن تُنشر في الصحف والملاحق الثقافية، هذه التطورات اليومية هي التي تنسف (اليوم)، أي الزمان، وتُخرج هؤلاء الكتاب من عباءة الشباب والجدّة؛ وحتى التجديد. وبمناسبة التجديد، دعوني أفتتح هذه الورقة بمقطعٍ محببٍّ إلى نفسي للكاتب الفرنسي جان جنيه، يقول:
(لا أفهم جيداً ما يدعى، في الفن، بِمُجَدِّد. هل يعني ذلك أن عملاً فنياً يتحتم أن تفهمه الأجيال المقبلة؟ لكن لماذا؟ وعلام سيدلُّ ذلك؟ هل يعني أن تلك الأجيال ستستطيع أن تستعمله؟ في أيّ شيء؟، لا أتبين من ذلك.. إلا أنني أتبين بوضوح أفضل _وإن كان ما يزال جد غامض_ أن كل عمل فني، إذا أراد أن يدرك التناسب الأكثر فخامة، فإن عليه، من خلال صبر ومثابرة لا محدودين ومنذ لحظات تشييده، أن ينزل إلى آلاف السنين، وأن يلتحق، إذا كان ممكناً، بالليلة العريقة في القدم الممتلئة بالموتى الذين سيتعرَّفون على أنفسهم في هذا العمل الفنيّ) (1).

غامض
أن (ينزل!) إلى آلاف السنين، يعني أن لا يكون شاباً، جيلاً، أن لا يمثّل "نحنٌ" ما، يعني أن يصغر بسنّه ويتجاوز ولادته ويسقط في كهولةٍ ما ليصغر منها ويكون شابّاً ويعود طفلاً ويسقط من رحمٍ... وهكذا دواليك. كل هذه المراحل ليست إلا لحظات؛ لحظات تأملٍ يوميٍّ مثابرٍ وصابرٍ، قراءةٍ ومراقبة ما يتفوّه به الأصدقاء والانتباه للشعرية الكامنة في عناوين الأخبار الفجّة واستخلاصها بعملياتٍ جراحيّةٍ لا محدودة لأجل المتعة فقط. المتعة هي خلاص الكاتب من مضايقات الواقع، المعروف باسم الحياة، ستمنحه القدرة على تجاهل التجريح المتعمّد من قبل البشر وغير المتعمّد؛ كظروف نشر، نهب حقوق، سخرية سياسيين أو شلّة شبابٍ يجلسون القرفصاء في "الجنّة"، أعني جنة النيل القريبة من أسوار جامعة الخرطوم بالتأكيد. قال جينيه: (أن يلتحق)، إنه يلتحق بالماضي وليس بالمستقبل. وكلمة "غامض"، التي تخفّت داخل مقطع جان جنيه كجملة اعتراضية، هي الكلمة المحورية في ما قاله، على حسب اعتقادي، وللأسف هي ذات الكلمة التي يعتقد بعض النقاد، هنا في السودان، أنها الأمثل للتمثيل بأجساد الشعر الحية (المنشورة) في الصحف والكتب، ولا أزيد. لأنني أودّ أن أتحدث عن قضايا حول الشعر الحالي الذي لا أعتقد أنه، باستطاعتي، أن أتحدث عن محتواه بشكلٍ عام، لأنهم يتفلّتون من يدي كلما فكرت في كتابةِ أحدهم وتناقضها، صراعها وتجريحها لكتابة الآخر؛ رفضها بالأحرى لما يكوَّن كتابة آخرين، لأنهم انتبهو لبعض النقاط الجوهرية، أهمها زيف القاموس اللغوي السياسي المطروح على الساحة كسفينةٍ على يابسة، لقد لاحظوا، تحديداً، أن لا بحر أسفل هذه السفينة!، ما دفعهم إلى الضحك والسخرية من هذا القاموس الذي يُصاب رُكاب سفينته بدوار البحر، على اليابسة.

سياسة
سخر العديد من الأشخاص عندما أوضحت سبب استقالتي من تنظيمٍ سياسيٍّ في الماضي، إذ كتبت أنني (أريد أن أكون كاتباً)؛ البعض الآخر وجد في الأمر لامنطقية مهولة إذ، وببداهة: يمكنك أن تكون كاتباً، ومنظّماً في ذات الوقت!. أعتقد أن في هذه الجملة بالذات تكمن الدونية البديهية، للأسف، التي ينظر بها السياسي للكاتب، والتي يخضع لها الكتاب أيضاً دون تدقيقٍ في محتوياتها، فالسياسي هنا يُحس بمركزيته التي تستطيع أن تستوعب الكل كفكرٍ يُمكن أن ينتمي إليه الفرد، وليس بإمكانه أن يفكّر بأن (الكتابة) ربما تكون انتماءاً كافياً وحياتياً للفرد. إنها ازدواجية، في رأيي، أن ينتمي فردٌ ما إلى منظومتين تختلفان في أساسهما عن بعضهما البعض، الكتابة تحوّلات واختلافات متواصلة مع الذات والعالم والآخرين والأفكار الأخرى، بينما الانتماء السياسي.. تعرفون.
كان ذلك في الماضي، الآن تغيّر كل شيء، العديد من كتاب اليوم كانوا محظوظين بوجود بعض الكتاب النّشطين في مجالات العمل الثقافي، والذين لم ينتموا سوى للكتابة كليّةً، فأخذت المشاريع الفاشلة تتوالى، وبالتأكيد، تنجح في لملمة شتات الكتاب. وأقول أنهم فشلوا في أن يصنعوا كياناً ما، بصورةٍ (طبيعية) لما ذكرته من اختلافاتٍ جذريةٍ بين كلّ فردٍ وآخر منهم، ولكنهم نجحوا في التخلّص، بتجمّعهم، من كوابيسٍ عديدةٍ وواهيةٍ وفجّة: القاموس السياسيّ الذي يهاجمهم بأشكالٍ عديدة، منذ (النكتة) والسخرية السطحية، مروراً بالونسة، النقاشات والحوارات، وصولاً للمقالات المنشورة، والتي تدور حول محورين، أو وصمتي عارٍ، أساسيَّتين: الأولى هي ابتعاد الكتابة عن الواقع وقضايا السياسة والمجتمع، والثانية هي الغموض. لن أناقش المحاور، لكن أشيرُ إلى تجاوز هؤلاء الكتاب لهذه القضايا الهامشيّة، وانشغالهم التّام بالانتاج والكتابة المستمرة والتفكير الخالص في الكتابة وقضاياها الداخلية، والتي لا شأن لها بأحد سوى بالكاتب نفسه.
بهذا انتبه الكتاب، أخيراً، إلى "خفّة" الرصيد الرمزي الممنوح لهم مقابل أن يضعوا أنفسهم كمعبّرين عن مجتمعٍ بأكلمه، أو تنظيمٍ سياسيّ، أو فكر؛ ناطقين باسمه، ومستعدّين أن يصمدوا (بالأصح يتجمّدوا) داخل منظوماته الأخلاقيّة والقيميّة التي تشبه، لحدٍّ بعيد، منظومات المجتمع بصورةٍ كبيرة. فالآن، نشهد (نشمت؟) في ساحة النقاش السيوف الموضوعة على أعناق شعراء كبار، رموز، لأنهم تراجعوا وتنازلوا عن مواقفهم السياسية والأخلاقية، حتّى وإن كانوا غير منظّمين سياسياً، لأن (أشكال المواقف، وأنواعها) وُضعت بتحالفٍ سريٍّ بين كافة تنظيمات المجتمع فيما بينها _وإن اختلفت وتناحرت_ والمجتمع نفسه.

مأمون التلب
03/10/2008, 13:30
غير صالح للنشر
لتوضيح التحالف السريّ، وعلاقته بالكتابة والكُتّاب، فإن جملة (غير صالح للنشر) التي يعاني منها الكتاب الحاليين، والتي عايشتها في كل الصحف التي عملت من خلالها، لا تشابه الأسباب التي تُحجب بها الأعمدة السياسية. على الأقل، لكتاب الأعمدة والصحفيين عزاءٌ في وجود يدِ آخرٍ تمتدّ لتقتلع المواد في الليل، آخرٍ ينتمي لحكومة حالية، ماضية ومستقبلية، ففي اليوم التالي يمكنك أن ترى الزهو وفرح القلب في وجه الكاتب، فهو، في تلك اللحظة، يعرف تماماً موقعه من الوجود، دوره وقيمته. ولكن الكتاب الذين أتحدث عنهم، تُرفض أعمالهم من قبل الصحفيين أنفسهم، حتّى المتحررين منهم، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وأحياناً لا تُقدّم للنشر من قبلي أنا شخصياً، لقد أصبحتُ، بطريقةٍ مضحكة، أداةً أخرى من أدوات كبتهم كما ترون. فيكون تبريري لذلك هو (محاولة استغلال أكبر حدٍّ من الحريّة ليصل القليل جداً من هذه الأعمال للقارئ).
يمكنكم أن تسألوا: (ولكن النشر في الصحف يختلف عن النشر في الوسائط الأدبية المتخصصة؟)، نتفق على ذلك، ولكن، أليس هذا هو لبّ الموضوع؟، فالتحديد الأخلاقي والقيمي لا يخص الصحف السودانية وحدها، إنه أثرٌ عالميٌّ ومعمَّم، إمعاناً في (حماية المجتمعات). كنت أتأمل في هذا المثال من قبل: الأفلام السينمائية المعروضة في القنوات الفضائية المتاحة لكل من هبّ ونَظَر، لابدّ أن يشوبها التشذيب والتقطيع، فهي ليست اختياريّة، موجودة داخل كل بيت، أمام كل طفلٍ وامرأةٍ وشيخٍ وشابٍّ وشابَّة، وهم ليسوا ملزمين، جميعهم، برؤيتك للعالم كاملةً أيها المخرج العزيز، ولكن، في حال عُرض الفيلم في صالةٍ سينمائية، فأنت تتحمل نتيجة قرارك بالذهاب إلى السينما. طيِّب، على الكتاب الحاليين أن يصنعوا سينما اختياريّة للقراء، وكيف هذا؟ بالنشر في الكتب. أجد أن النظر لعملية (تراكمات النصوص غير الصالحة للنشر) في صدر الكاتب وأوراقه تشوبها نوع من الاستهتار بقسوة تأثيرها عليه وعلى مشروعه وتقييمه لذاته، إنه يتخلّى، كعامل في حقل الكتابة، عن الكثير من الأمور الطبيعية والأساسية في حياة البشر، (لن أذكرها لشهرتها) فضلاً عن كونه يعمل (مجّاناً) ويُطالب، فوق ذلك، بعملٍ آخرٍ مدرٍّ للمال، ليس ذلك فحسب، بل أن اعتكافه وتفرّغه لكتابة عملٍ ما، كتاب مثلاً، يُصنّف في خانة العطالة والاستهتار واللامسؤولية. حقيقةً، لن يستطيع أحد تصور الكم الهائل من الكتب المتراكمة في هذه اللحظة، النصوص غير الصالحة للنشر.

شباب
أعتقد أن التخلّص من مصطلح (الشعراء الشباب) أو (الكتاب الشباب) جديرٌ بالمناقشة، فكما هو بديهي، من المحتمل أن تكون اللحظة التي نتحدث فيها الآن عن الكتاب الشباب، هي لحظة تحوّل أحدهم من كونه شابّاً إلى مرحلةٍ أخرى، أو من كونه طفلاً إلى شاب، أو من كونه حيَّاً إلى ميّت!. هذا إن سلمنا أن التصنيف أصلاً من الممكن أن يُعتبر تصنيفاً. من ناحيةٍ أخرى، أجد أن هنالك ظاهرة أخرى وهي الأخذ بآراء بعض الكتاب المعروفين كمدافعين أو مناصرين للكتابة الحالية، على أنه معبّرٌ عن المجموع، أعتقد أن هذه القضية أيضاً هي محورية في الحديث زمانياً عن مجموعة من الكتاب. وأقول مجموعة من الكتاب، لأنني لا أتحدث، بالتأكيد، عن هذه الشريحة المسماة في هذه الندوة (الشعراء الشباب) جميعهم، أنا أتحدث تحديداً عن مجموعة من التجارب التي توفّر لي الاطلاع عليها، واكتشاف حيواتها وتجارب منتجيها الشخصيّة، حتى هؤلاء لا يمكن الحديث عنهم كجماعة.
إذاً، نزعة فردية هي ما يُمكن أن يقال، إن خضعنا للاسم، وهي محاولة قويّة، وناجحة، لتدمير السمعة السيئة المُلحقة للفردية من قِبَل القاموس السياسي الذي تحدّثت عنه، فيصنّف في العقل الجمعيّ أن العمل الفردي هو بالتأكيد سلبيّ، فبالقليل من الجمل المُفبركة يمكنك أن تقهر النّازع الفردي بـ(جريمته هذه)، كالسؤال مثلاً عن علاقة الفردية بالحداثة وما بعد الحداثة!. فكل محاولات العزل التي مارسها المجتمع الثقافي والسياسي على الكتاب (بالسؤال المستمر مثلاً عن سبب عزلة كتابتهم عن الجمهور!) لم تكن ذات تأثيرٍ عليهم، واصل الكتاب انتاجهم بنشاط واختلاف ومراجعات مستمرة ونقد، ودفعوا به، بشجاعة، إلى ساحات النشر، واستطاعوا أن يخلقوا مبادراتهم ومحاولاتهم لتثبيت الوجود دون الالتفات لردّ الفعل السلبي والإيجابي، ودون انتظار شهرةٍ، دون الخضوع لمتطلبات سوق الجمال العام، أو سوق البطولة العام؛ هذه الأسواق المفتوحة للجميع،ذات الكسب السهل والسريع. ببساطة، كوّنوا سلطتهم كجدارٍ سميكٍ، من خلفه يكتبون.

مأمون التلب
03/10/2008, 13:33
مراجعات:
أريد أن ألخّص بعض الأفكار الماضية (2) حول مجموعة التجارب التي توفرت لي من هذه الكتابات:
1- القضايا الإنسانية، في هذه التجارب، لا تُصنَّف على أُسس العدل والحرية والمساواة (الخير باختصار)، بالعكس؛ فهي في حالة فحص دائم لهذه الكلمات، وهي خيانة هذه الكلمات عن طريق الحياة في الطَّرف الآخر (الشرّ) والمُخاطبة من موقفه، من داخله، من انفعاله، ومهاجمة الخير ودك حصونه ومعاقله الجَّبارة التي سوَّغت لكل أفعال القهر والظلم والامتهان أن تدوم وتستمر مادام الخير موجوداً ككلمات ومعانٍ ومصطلحات.
ولكن الأمر لا يتعلق بالكلمات فقط وصياغة الكتابة باللغة المغايرة والمختلفة، والداخلة ضمن تحالفات قوى الظلام وبواطن النفوس، فالأمر يتعلَّق في الأصل بخوض التجربة حياتياً، وتماماً مثلما كتب محمد الصادق الحاج:
(الْهُرُوبُ من كُلِّ ما يَجِب.
مُغَادَرَةُ كُلَّ ما هو واقعٌ أو مُتَوَقَّع.
إهْمَالُ كُلَّ ما يُحَاصِرُ بالحتميَّة.
خِيانةُ المجتمع.
استكمال الصِّفْر.
الدُّخُولُ في السَّالِب.
...
يَسُرُّنِي أَفْعَل).

وكما قال أحمد النشادر أيضاً:
(كَمْ هُوَ مُؤْذٍ أَنْ نَتَجَرَّدَ مِنَ الأَحْقَادِ والأَطْمَاعِ والشَّهَوَاتِ الذَّاتِيَّةِ
لأَجْلِ أَنْ نُتَابِعَ تَفْكيرَنَا أو نَتَخَلَّصَ من تَفْكيرِنَا في أمْرٍ ما بِنَزَاهَة).

فإن تجردنا من (الأحقاد والأطماع والشهوات الذاتية) في تفكيرنا، مالذي يتبقى إذاً من إنسانيتنا؟ مالذي يتبقى من الذات المفكرة؟ سوى ذاتٍ منساقةٍ إلى نهرِ التعميمات الخيِّرة، والكلمات الرنَّانة العادلة والأخلاقية التي ساقت العالم إلى هذا المستنقع النتن الذي نعيش فيه؟ ذاتٍ لا ترى من أمر نفسها سوى غواية الآخر بمنحها مجداً أو بطولة؟.
(العَمَلِيَّةُ الَّتِي افرَزَتْنِي: امْنَحِ الشَّحَاذ صَفْعَتَكَ كَي يَتَمَجَّد)
رندا محجوب

2- التعبير بجزيئات العالم، هو من أهم الخصائص الملاحظة في هذه الكتابات (...) أو (الحركة الفردية لجزيئات العالم) (...) إذ يتم في بداية الأمر تجريد الشيء، وفحص كل عاداته ودلالاته، ومن ثم ربطه مع موادٍ أخرى ليست بقريبةٍ منه في الواقع، ولن تجد فرصة بأن تلتقيها إلا عبر الكلمات، مواد لم تخضع من قبل لسلطة عاداته وأفعاله (الشيء المُعبَّر به). ومحاولة (تجريبه) مع تلك الأشياء البعيدة عنه هي التي تُنبتُ المعنى وتجعله غريباً عن أرض الخيال الإنساني والإدراك، ولكن بمجرد التعود ومتابعة مسيرة المجرب (الكاتب) نستطيع أن ندرك عالمه، ولن يحدث هذا ما لم نتخلص من صراعات الاشكال، وإن كان هذا شعراً أم لا، وأنا أحبذ بالطبع أن لا يكون شعراً، وأن لا يرتبط بأي تصنيف سابق. وما هي ميزة أن يكون هذا شعر أم لا؟ وما الذي تضيفه التسمية والتصنيف للنص سوى التزلُّف للنَّمط والقراءات القديمة؟.
نعود ونقول أن أهم جزء من أجزاء التعبير بجزيئات العالم، والذي يميز هذه الكتابات أيضاً، أنها تحتقر المجاز من خلال تعبيرها، وتحوِّله لنوعٍ من الأشباح غير المرئية، وتُبطِل دوره. وبذات الصورة تحتقر التشبيه، ولهذا تبدو بعيدة عن الشعر نوعاً ما، إذ تبدو العوالم والكائنات والأشياء موجودةً بصورةٍ مطلقة، أي أنها لا تدخل ضمن خطاب الخيال كخيال، إنها لا تلتمس لوجودها شرعية من الواقع، كالحمار ذو الأجنحة عند محمد الصادق أو ثيران أمير شمعون الأسطورية، أو أعضاء أحمد النشادر التناسلية التي ترتفع لمستوىً تصبحُ معه كائنات مستقلة عن البشر، مكتفيَّةً بذاتها، تعبِّرُ عن أحلامها وأشواقها وحروبها مع العالم بصورةٍ مستقلّة تماماً. لا نجد التشبيه كثيراً، أي جملة (مادة "ك" مادة) _هذه المعادلة التي تميِّز الشعر_ لا نجد المجاز إلا خفياً. يقول أمير شمعون:
(المجاز نكران التّجريد
والأفقُ؛ الأفقُ هذا دجّالٌ مغبونٌ من كُفْرِ الْهَول
والكيانُ-هذا البَغْل- يتَسَوَّلُ ملائكتي قشورَ الخيال
حتّى الخيال سَرَقته الأراملُ، لبّسْنَه الفساتين ودَهْنَّهُ بلعابِ الأولياء فساقَهنُّ عارياتٍ لزرائبي
والحبُّ- يا لِلْحمار- مُرْخياً كرشه يتسّول في دكاكينِ اللحم حريمَ الرُّسُل وشِعْرَ المحايات.
والموت-يا للكذبة- جمالٌ يتلوّى مصروعاً فوق كفِّ الوحدة وسط تهليلِ الرّسامين،
وجمالٌ في الحانات يتلوّى ساخراً من الموت وهو يأكلُ أصابعه نَدَماً بعد الجّماع.
والحرامُ عيونٌ مُخيّطةٌ في المعاجم؛ المعاجم الغريقة في طمث اللامعنى
القيامةُ-يا للموسيقى- أمومةٌ فارّةٌ من سيطانِ المعنى
وأنا يا مُلحدين مُذ تقاسمتُ والزّمان ألمَ التّجريد وفررتُ بإتجاه الحنان وباعني النّورُ
في أسواق الكِتمان، ومذ سلبتني الأبديّةُ أسبابي، ومذ السّمار يا مُلحدين وأنا أُهشُّ
بناتي العمياوات؛الأيام وهنّ يتزاحمْنَ فوق ضروعي المليئة بالموتى،أنا تجريدُكم
المُحْتَضر فوق عناقريب اللامعنى) .

ومن أمثلة احتقار المجاز والتشبيه وخلق العوالم التي لا تتوسَّل الواقع لتكون حيَّةً، لا تطلب قوانينه؛ هذا المقطع من نص (في وصف العدم كاملاً) لرندا محجوب:
(الحَاضِنَاتُ في الخَزَفِ البَارِّ يَتَشَقَّق:
هَمْهَمَةٌ مرتدَّةٌ مِن دَلالٍ سَالَ على خَدٍّ بطيءٍ سائبٍ ولم تُلْحَظ
حِزَامٌ في الْمَدَارِ الْمَصْدُومِ على يَسَار الهَوْل
أمْشِي وأمْشِي وأمْشِي ويصحو الْمَشْيُ على الهُوَّةِ تَتَكَسَّر
أما بيننا:
كُلُّ الجينْز العَاجِز عن نَارِهِ
الأمْعَاءُ الغليظةُ التي تَتَفَمَّمُ بقُنَيَّاتٍ دَقِيْقَةٍ قَذِرة (وهذا رَخِيصٌ لأنه يَتَقَوْلَب)
العَدَمُ الرِّجْسُ الذي يَمْرَض في عُرْفِ إجْمَاليِّ الشَّكِّ الخَانةِ الدُّميَةِ اليَكْ
المجنانينُ يُكتِّفُونَ أياديهم، يُنصِتون في عَنْبَر تشيخُوف القَاضِي
الْمَاءُ الزُّلالُ المُتهشِّمُ من شدَّةِ ما لامَسَ القِيْلَ والقَال، السَّيْلُ احْتَمَل الإسْفَنجَ كُلَّه
الإسفنج نوعٌ من البَشَر تَوَاجُدُهم واجِبٌ ولو على سَبِيْلِ الحِبْر
الصَوْتُ السريُّ وراءَ البَاب، رِهَانٌ يَخْسَرُ، نَصْلٌ يَثْمَلُ.. مُكَرَّر ـ ـ مُكرَّر
الفَرَاغُ البَدِيْنُ.. الهُرَاوَات.. عِقَابٌ نَاجِزٌ.. كقولهم: وصَلَتْ.
ما دُمْنَا لم نَنْتَحِر) .

السيرة النَّاجزة عند كلٍّ منهم عن عالمه، والذي يشابه العالم الواقعي في بعض الأسس، (كالبحث عن بدايةٍ ونهايةٍ، كتفسير الخير والشرّ، مثلاً) ولكن الأمر يكون قاطعاً ومحسوماً بالنسبةِ لكل منهم، فلا تجد تردداً وشكاً في رؤيته لبداية العالم ونهايته، لا يشبه هذا عالم الواقع، والذي يتجادل فيه البشر عن من هو نبيّ الحقيقة، وأي دينٍ هو الحق، وأي فكرٍ هو الأكثر انسانيةً والأصلح لواقع ما.
فتنمحي ثنائيات (ذكر/أنثى) (خير/ شر) (عدالة/ظلم) وغيرها، لينشأ عالمٌ هو _بما أنه كُتب_ موجودٌ داخل الذات البشرية لا ريب، وهو ما يجعله مربكاً وخارج سيطرة النقاد والأكاديميين الآن، حتَّى القراء، وهو لا يرجو كذلك أن يقبضوا عليه يوماً (وياريت يوم شكرو ما يجي ونحنا حيين نرزق).

3- يسرني أن أقول، بعد هذا الشرح، وإيراد بعض النماذج، أنني لا أرى أن هذه الملاحظات حول مشاريع بعض الكتاب هي شاملة، ولذلك لم أخض في تفاصيلٍ أكثر، فرؤيتي لا تتعدَّى ملاحظة مسحةٍ عامَّةٍ، ولكنها _وهو الأهم_ لا تتعلق بالأسلوب المختلف لكلٍّ من هؤلاء الكتاب، بل هي تؤكد أيضاً أن لكلٍّ منهم نظرة خاصة ومتفردة لهذه الموضوعات والأفكار، وهو ما لن يبرر وضعهم كلهم في صورةٍ جماعية: (الكتاب الجدد)، أو (كتاب الحداثة) (كتاب قصيدة النثر) إلخ.


هوامش:
(1)من كتاب (الجرح السرّي).
(2)المراجعات من كتابة بعنوان (صفحة بيضاء ومرض) ديسمبر 2007م.

SelavI
03/10/2008, 14:23
كم احب السودان
والشعب السوداني الطيب
والفن السوداني والشعر والادب السوداني

ودون مجاملة برأي ان السودان هي اقوى رابطة عربية

شكرا على الكتب سأحاول قرائتهم