VivaSyria
16/07/2008, 21:33
إن كان الرقص لغة تعبّر عن المشاعر، فإنَّ الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أدّيا رقصة تانغو بدائيّة ومميزة في آن، على إيقاع احتفالات الدولة الفرنسيَّة بعيدها الوطنيّ في يوم الإثنين الماضي. واتسم الآداء بالبدائيَّة لأنّه لم يعكس أيّ احتراف، فتضمّن مواقف كوميديَّة متعثّرة حينًا وغريبة أحيانًا. أما المميّز في الآداء فكان الإنجاز الذي وعلى الرغم من أنَّه لم يلب طموحات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، إلا أنّه حصد وصفه بـ"التاريخيّ" لأنّها المرّة الأولى التي يجتمع فيها مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى كأولمرت مع قادة عدد كبير من الدول العربيَّة تحت سقف واحد وعنوان موحد "القمة المتوسطية". ففي النتيجة، فصلت بين الأسد وأولمرت بضع خطوات، أو مترا واحدا على الأكثر، ووجه الزعيمان التحية الى زعماء آخرين من دون أن يسهو أي منهمها عن وجود الآخر في محيطه.
كانت الرقصة ثنائيَّة جمعت بين الأسد وأولمرت. وتوخياً "للدقّة" في التشبيه - والدقة مسألة نسبيَّة بجميع الأحوال - وكي لا تكون بمثابة تهمة ترمى جزافًا، يمكن وصفها بـ"التانغو الكريولو"، وهي رقصة انتشرت بين العامين 1880- 1890وشكلت مزيجاً بين التانغو الأندلسي والرقص الشعبي الكوبي والأرجنتيني. ويمثل هذا النوع رقصات زوجية يؤديها الراقصان بعيدين كل منهما عن الآخر... ما يعيدنا مجددًا إلى إطلالة الزعيمين.
وتأتي الرقصة بعد أن جمعت طاولة مستديرة بين الأسد وأولمرت، وحامت فوقها نظرات وابتسامات بين "ألد" الأعداء نظريّاً - لأنّ العداوة مسألة نسبية كذلك - وقد تبشّر برقصة التانغو الأرجنتينية التي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر، ويؤديها الراقصان وهما بالوضع القريب.
والملفت في مجال فنون الرقص عادة راجت مؤخّرًا، تختصر بتدريبات مقتضبة على بضع خطوات من رقصة يختارها شخصان، ويتدرّبا عليها قبل حفل الزواج أو الخطوبة. وإن أردنا الربط - بطريقة رومنسية وبعيدًا عن المغالاة بين المشهدين مجددا، فيمكننا ان نستبشر بحفل "علاقة مباشرة" مرتقبة بين سوريا وإسرائيل، مهّد لها وسيط تركيّ وباركها الكون بأسره، وتسير حاليّاً على إيقاع رقصة التشاتشا السريع (وهي رقصة كوبيَّة في الأصل تمّ تطويرها).
وفي القمّة المتوسطية، رأينا الأسد وأولمرت، الأوّل يذهب يسارًا، فينجذب الآخر في الاتجاه ذاته. وفجأة يتظاهر أحدهما وكأنّ الآخر لم يكن موجودًا ويتصرّف على هذا الأساس. وتخلّل هذه المشاهد التي بدت غريبة بعض الشيء، تحركا للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون باتجاه أولمرت وكأنّه يريد منه أن يتقدّم باتجاه الأسد لمصافحة تاريخيَّة، إلا أنَّ الأخير رفع يداه وكأنه يقول "انّ لم يبدي الاسد اهتمامًا فلن أكون مهتمًا أيضاً".
وفيما كان اولمرت يعانق الرئيس المصري حسني مبارك، مرّ الأسد مباشرة من خلفه. وشكّلت هذه اللحظة الفرصة التي ينتظرها المصورون لالتقاط صورة "تاريخيَّة" على مرمى عدساتهم... فتعالت صرخة قائلة "أو لا لا "، لم تنجح بلفت انتباه أولمرت أو الأسد. وبالتالي لم يلفتا.
ولأنَّ كل شيء في السياسة وارد، تبقى المشاهد غير مقيدة بالشرح أو التشريح... وتفسيرها وربطها وفكها ووضعها بأطر تفاؤلية أو تشاؤمية مسألة شخصية غير مقيدة إلا بخلفية وانتماء كل فرد.
سمر عبد الملك - إيلاف
كانت الرقصة ثنائيَّة جمعت بين الأسد وأولمرت. وتوخياً "للدقّة" في التشبيه - والدقة مسألة نسبيَّة بجميع الأحوال - وكي لا تكون بمثابة تهمة ترمى جزافًا، يمكن وصفها بـ"التانغو الكريولو"، وهي رقصة انتشرت بين العامين 1880- 1890وشكلت مزيجاً بين التانغو الأندلسي والرقص الشعبي الكوبي والأرجنتيني. ويمثل هذا النوع رقصات زوجية يؤديها الراقصان بعيدين كل منهما عن الآخر... ما يعيدنا مجددًا إلى إطلالة الزعيمين.
وتأتي الرقصة بعد أن جمعت طاولة مستديرة بين الأسد وأولمرت، وحامت فوقها نظرات وابتسامات بين "ألد" الأعداء نظريّاً - لأنّ العداوة مسألة نسبية كذلك - وقد تبشّر برقصة التانغو الأرجنتينية التي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر، ويؤديها الراقصان وهما بالوضع القريب.
والملفت في مجال فنون الرقص عادة راجت مؤخّرًا، تختصر بتدريبات مقتضبة على بضع خطوات من رقصة يختارها شخصان، ويتدرّبا عليها قبل حفل الزواج أو الخطوبة. وإن أردنا الربط - بطريقة رومنسية وبعيدًا عن المغالاة بين المشهدين مجددا، فيمكننا ان نستبشر بحفل "علاقة مباشرة" مرتقبة بين سوريا وإسرائيل، مهّد لها وسيط تركيّ وباركها الكون بأسره، وتسير حاليّاً على إيقاع رقصة التشاتشا السريع (وهي رقصة كوبيَّة في الأصل تمّ تطويرها).
وفي القمّة المتوسطية، رأينا الأسد وأولمرت، الأوّل يذهب يسارًا، فينجذب الآخر في الاتجاه ذاته. وفجأة يتظاهر أحدهما وكأنّ الآخر لم يكن موجودًا ويتصرّف على هذا الأساس. وتخلّل هذه المشاهد التي بدت غريبة بعض الشيء، تحركا للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون باتجاه أولمرت وكأنّه يريد منه أن يتقدّم باتجاه الأسد لمصافحة تاريخيَّة، إلا أنَّ الأخير رفع يداه وكأنه يقول "انّ لم يبدي الاسد اهتمامًا فلن أكون مهتمًا أيضاً".
وفيما كان اولمرت يعانق الرئيس المصري حسني مبارك، مرّ الأسد مباشرة من خلفه. وشكّلت هذه اللحظة الفرصة التي ينتظرها المصورون لالتقاط صورة "تاريخيَّة" على مرمى عدساتهم... فتعالت صرخة قائلة "أو لا لا "، لم تنجح بلفت انتباه أولمرت أو الأسد. وبالتالي لم يلفتا.
ولأنَّ كل شيء في السياسة وارد، تبقى المشاهد غير مقيدة بالشرح أو التشريح... وتفسيرها وربطها وفكها ووضعها بأطر تفاؤلية أو تشاؤمية مسألة شخصية غير مقيدة إلا بخلفية وانتماء كل فرد.
سمر عبد الملك - إيلاف