-
دخول

عرض كامل الموضوع : اعلن الآن موتي/ للشاعر غسان مطر


philip
17/07/2004, 03:05
فاتَنا الصبحُ يا صاحبي،
فاتنا غدُنا،
فَلْنَعُدْ مثل كلّ اليتامى إلى نومنا
وَلْنَدَعْ كلَّ أحلامنا خلفنا.

يبس العطرُ في وردة القلب يا صاحبي
فاتنا الشعرُ
واحترقتْ كلُّ أوراقنا
والحروفُ التي كانت النارُ تسكنُها احترقتْ،
هجرتْنا حبيباتُنا قبل أن يبدأ العرسُ
وانكسرتْ كلّ أشواقنا

لم نعدْ نرسمُ الشمسَ،
جفّتْ أصابعُنا
ومضينا نُعِدُّ التقاريرَ عن موتِنا
ونَعُدُّ الضحايا: ثلاثونَ هذا المساءْ،
وعشرون أمسِ،
وألفٌ غداً...
هل تبقّى رجالٌ لحفر القبور
وهل جثثٌ كلُّ ما حولنا؟
لم يَعُدْ بيننا رَجُلٌ واحدٌ
والشهيدُ الذي يَسقطُ الآنَ
يحملُ آخرَ أسمائِنا.


**********



مُدُنٌ في العراء ِ ولا مَن يُدَفِّئُـها.
مُدُنٌ تستغيثُ وغرناطةٌ تملأ الذاكرهْ
غير أنّـا نسينا البكاءَ
وصرنا نمرُّ بها مثلَ زائرة ٍ عابرهْ.
مُدُنٌ... هل نُسمّي لِنَخْجَلَ
أم هانتِ الروحُ وانطفأتْ؟
مَنْ يجيبُ إذا قلتُ:
"بغدادُ ينهشُها الوحشُ
والقدسُ مسبيةٌ
وجنينُ تئنُّ
وتكتمُ أحزانَها الناصرهْ "؟
لم يَقُمْ بيننا غاضبٌ
لم يقم بيننا عاتبٌ
كلُّ ما كان أنَّـا مضينا
نُعِدُّ التقاريرَ عن موتِنا
ونَعُدُّ الضحايا
ونغرقُ في اللعبةِ الخاسرهْ

هل سماءٌ هنا نستجيرُ بها؟
هل يرى اللهُ أن البلادَ التي اختارها الأنبياء ُ
تُذَلُّ، وتنهارُ أسوارُها الطاهرهْ؟

لم يكنْ بيننا قاتل ٌ.
كان برجان يتّكئان على وجع ِ الفقراء ِ،
وكانا عميقَينِ مثلَ قبور ِ الهنود ِ
ومسترسلَيْن كآهات ِ أهلي الثكالى،
وكانا حكايةَ هذا الزمان ِ وأحلامِه ِ الكافره ْ
عندما انفجرا كلُّ نفس ٍ بكت ْ
وصرخْنا: " نيويورك، أيتُها الوردةُ المستباحة ُ "
وانتفضَ الطفلُ في مهدِه ِ،
وهرعْنَا إلى كتبِ الصلوات ِ
نُهدّئُ أحزانَنا الثائرهْ ،

... قبل أن ينجلي الصبحُ
كُنّا نُساقُ إلى موتِنا.
حاصرتْنا الذئابُ وصرنا نُهَمْهِمُ كالقطط ِ الحائره ْ
وصرخْنا:
"نيويورك، أيتُها القحبةُ الفاجره ْ "

**********

" ينتهي غدُكُم قبل أن تبدأوا يومَكُم ".
هكذا قال مولى الشياطين ِ
سيّدُ كلِّ الرعاع ِ الذين انحنوا مثلَنَا
تحتَ أقدامِه الحاقده ْ...
هكذا تنتهي الأمّةُ ـ الجثَّةُ الهامِدَهْ

جالساً فوق كرسيِّهِ ،
رافعاً قدميهِ ليحجبَ خارطةَ الأرضِ ،
يحرسه كلبُهُ، والكلابُ التي دُرِّبَتْ لافتراسِ البشرْ
والمسدسُ في يدِهِ.
كلما أَنَّ طفلٌ من الجوع ِ
أو أَنّتِ امرأةٌ من تدفُّقِ شهوتِها
أَطلق النارَ ،
واستنفرَ الأطلسيَّ لدرء ِ الخطرْ.
... هكذا يحكمُ الأرضَ " راعي البقرْ "

وأنا راكعٌ، حاضناً رأسَ طفلٍ قتيلْ
نادباً: " وَاعِرَاقَاهْ، ماتَ أبي
وأنا وحديَ الآن مستوحشٌ
مثل ذئبٍ عليلْ ،
مَنْ يُعِيدُ إلى وطني قلبَهُ
يومَ بغدادُ أجملُ مِنْ وردة ٍ
في الزمان ِ الجميل ْ !
رَبِّ، خُذْنِي ولا تَتَّخِذْنِي دليلاً
إلى موت ِ أهلي
ولا شاهداً فوقَ قبرِ النخيلْ "

**********

قامتِ المومياءاتُ من نومِها
قرَّرَتْ أن نموتْ ،
ثمَ نامتْ
ومُتنا.
انقضى ألفُ ليل ٍ وليل ٍ ،
وَمَرَّ صباحٌ غريبٌ على بابِنَا
لم يجدْ أحداً في البيوتْ
لم يجدْ غيَر ما نسجَ العنكبوتْ " .
الرجالُ حبالٌ من الصمت ِ ،
أَوَّلُهُمْ عند باب ِ المدينة ِ يمضغُ قاتاً
وآخرهُمْ عند بابِ المقابِرِ يغفو
وتغفو على فخذهِ امرأةٌ خائبهْ

الرجالُ تلالٌ تلالٌ
وما بينهم واحدٌ يتثاءبُ
أو تتمرَّدُ في صدرِهِ نبضةٌ شاحبه ْ
أيها الموتُ، يا ربَّـَنا الأزليَّ،
متى تُطلِعُ الأرضُ نيرانَها؟
ومتى تُطلِقُ الريحُ أشباحَها الغاضبهْ؟
ومتى يولَدُ العربُ الحالمونَ
وينقرضُ العربُ العاربَهْ !

**********

مرَّ بي طائرٌ من دمشقَ يُحمّلُني حُزنَهُ
كُنتُ أكْتُبُ مَرْثِيَتي ، وأُكَفِّنُ روحي
وأَسكُبُ آخرَ دمعي على أهليَ الطيبينْ

حَطَّ فوقَ يدي وبكى.
قُلتُ :" قُم نتشاركْ أسانا
كما نتشاركُ أحلامنا مِن ألوف السنينْ

مَن سِوانا يعانِدُ أقدارَهُ ؟ "
قال: أتْعَبَني ليلُ هذي الصحارى
وجرَّحني الصمتُ في أهلِها الصامتينْ

أَتْعَبَتَني تعاويذُهم ،
كيف تحمِلُني الريحُ والريحُ سوداءُ
جوّالةٌ في العراق ِ ،
وحمراءُ جوّالةٌ في جِِنينْ
وأرى العسَسَ القابضين على صمتهم
يُقفلون نوافذَ أرواحِهِم ،
يمنَعون الهواءَ المضرّجَ بالحزنِ
أنْ يتسَّربَ نحوَ أسّرتهم في
المساء ِ الحزينْ "

مِلْتُ عَنْهُ إلى آهتي .
قُلتُ : " لولا بقايا من الضوءِ في صوتِكَ المُستغيثِ
ولولا الحياءُ
لَناديتُ شارونَ : يا أرْحَمَ القاتلينْ " .

**********

فاتَنَا الصبحُ يا صاحبي
وأنا مثل أهليَ
أحملُ قبري وأَنزفُ
لكنّني لا أبوحُ

مثلُهُمْ أتلمَّسُ موتيَ منتظراً ألفَ معجزة ٍ
كي يعودَ الهواءُ إلى رئتي
وتطيبَ الجروحُ ،

مثلُهم أتهاوى،
وأشعرُ أني يتيمٌ ،
وأنَّ الزهورَ التي سوَّرَتْ بيتَنا لا تفوحُ

مثلُُُهُمْ أَحفرُ الليلَ
أحفُرُ جدرانَ زنزانتي وَأَصيحُ

مثلُهُم أَتَعَالَى
وَأَحْلُم أَنّي رأيتُ العروشَ تميدُ
وأني رأيتُ السجونَ تميدُ

وأحلمُ أني رأيتُ النبيَّ يعودُ إلى مكة ٍ
ورأيتُ فلسطينَ تقرعُ أجراسَها لرجوع ِ النبيِّ
وَتُعْلِي مآذِنَهَا كي يصلّي المسيحُ.

mhmary
17/07/2004, 07:14
:D

Mr.yosef
29/07/2004, 20:16
:D

marchella
29/07/2004, 22:56
رائــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــعه :D :x :x :x :x :x

عبير
30/07/2004, 12:17
حلوة :D :D