مالك الحلبي
18/05/2008, 15:26
أدَلفتُ وأدُلفتْ
الضجيج وما يفعله بنا ؟
نقرأ صباحا الأخبار وكالعادة لا نفاجئ , أي , كل حال على حال , لم يتغير قيد أنملة ...
ما شاء الله .
كل الأمور مستتبة وطبيعية تسبح على أمواج هادئة بعيدة عن دوامات البحر
أتوقع تكلمت عن الضجيج !!! هكذا كان الموضوع ..
إن كان يوجد موضوع !! لكني لا أحدث ضجة ..
أريدك أن ترتاح وتسير وراء القافلة بكل روية وأحكام وهدوء بال
تعال معي نأخذ أجازة يومية في الحافلة
لتنفيذي قرار بركن سيارتي أمام المنزل والتعلق بخيوط ربان الحافلة , هذا القرار اتخذته بعد دراسة مستفيضة محكمة وبينت لنفسي جميع الايجابيات والسلبيات التي يقينا أثلجت صدري في تلك الحقبة الزمنية !
من يومين أبدلت زيت السيارة فأتى سائق تكسي سائلا المصلح عن مثلث برمودا يريد مثلثان , قلت لنفسي الله يستر إذا طلب فرجار مثلا!!! لكان خرمنا تخريما ...
فالموضوع أنه يريد مثلثين + طفاية حريق + علبة إسعافات أولية فربما يشعل بنفسه عود ثقاب من موضوع أتاه طعنا من الراكب
أتسأل بيني وبين نفسي أن سائق التاكسي يوميا يتعرض إلى مئة قضية وقضية , تراه ساعات مسمرا وراء المقود ممارسا رياضة اليوغا التأملية من بعض المداخلات , أكثرهم يفتقون جراحه , أصلا هو لم يندمل له جرح بعد...
في عام 1990 كنت بمدينة هامبورغ استقيت تكسي وكان من النوع الأودي والسائق له معالم أسيوية
المهم , بعد أن إيصالي لمكاني المطلوب أنفجر العداد على مبلغ وقدره 40$ آنذاك , عندما كان الدولار له هيبته أي معالي الدولار
ففوارق الأسعار بيننا وبينهم يعود إلى المداخل بيننا وبينهم .
ونظامهم يقال إنه مدروس 100% طبعا أتحدث من باب الأجور , لكن دعونا من هذا الموضوع كيلا ندخل أنفسنا بسم الخياط ...!
نرجع إلى الضغط ووعاء الضغط !
في الحافلة أجلس أو أقف ممسكا بأحد أعمدة قصور حضرموت !
أنيخ عيني على الطابور الأيمن فأرى :
رجلا بلغ الستين من العمر, جلد مجعد , شعر غير مهذب , سترت حملت تاريخ 1970 , نظرات يتلقفها من خلال النافذة على الدنيا حاملا كيس أحتوى على بضع حبات طماطم و باذنجان وبضع بيضات , أراه مهاجرا إلى بيته وقصره الذي يؤويه , إلى زوجته التي حبت معه على كل أنواع الدروب , يقينا له زيارات دورية إلى قسم التقاعد , يحاول مستميتا الابتعاد عن الأطباء وهلوستهم وتشدقهم ...
أمامه يوجد كرسيان ...
تجلس عليهما
فتاتان واحدة صبغت شعرها بلون بيزنطة , حاملة حقيبة كتب , لها حذاء ذو كعب متوسط , سروال أسود , بلوزة زرقاء شفافة فوق قميص أبيض , حول رقبتها طوق من الذهب ناعم كنعومتها له رسمة قلب , تتكلم مع صديقتها ربما أنهوا الدورة التعليمية التي يرتادونها قاصدين البيت .
أما صديقتها فتلبس قبعة بلون الورد وغرة شعرها كثة ونصف رأسها يستقبل أشعة شموس الشبان على خدودها بودرة حمراء فوق آرق أساسي , خطت شفتها باللون الأحمر القاني الذي يناديك حتى إذا كنت أصم , فوق الشفتان هناك أنف أسيل يتركز تحت عينين تبرقان ببياض ثلج وسواد حدقة , الجفن طرز بلون كحل فالق , الجبين ساحة وغى لا يرفض أي فارس من تقبيله أبدا , بداخل الفم هناك مضغة والمضغة سكنت بي للحظات علني أتذوق طعم مبسمها , الرقبة مرمر كبلت بسبع أدوار من الطوق الهندي المخضب لونا ورائحة وكأنه حمل تمائم بني كندة , بين البلوزة والطوق هناك نجمة صغيرة بحجم حبة القرنفل أصابتني بإعياء كامل و خفقان بين الأرجل , تلبس بلوزة ضيقة وقد ضاقت الدنيا علي وبكل أنفسي , صدر وخصر وثدي كأنها لوحة لرسام رسم أخر مسمار لقبره الذي صنعه بيده , شي كالخيال , سبحانك يا الله ما هذا النوع من الخلق , بالشطر الثاني من الجسد هناك سروال والسروال خبره تحت الركبة بمسافة خمسة أعين من عيوني ومبتدأه باعد بخمسين عين جفول بين البلوزة والسروال لونه بني وله سم ونقش كأنه نقش على جسدي بالحناء , لطالما وددت أن أطبع السم على ورق زبد جسدي كنت لأتحسس بعض النحت , الساق بمخيلتي بيضاء غضة كأنها موزه طويلة لا تشوبها شائبة !!!
وتحمل أيضا كتائب من الكتب قالت لصديقتها وأنا أسمع
قالت: سأدعه ينبطح على أرضي كي يتعلم من أنا , لا يمكن لي أن أهدأ إلا بجعله كغبار طلع في شتاء أسود !
أجابت صديقتها : لا يمكنك تعذبيه هكذا !!! , إنه يحبك ...
قالت : أريد تخميره وقطافه قبيل التخمير بآخر هذيان له !
أجابت صديقتها : إذا كنت تحبيه فكفى تعذيب !!!!
قالت : إن كنت تعلمين فهذه مصيبة وإن كنت لا تعلمين فالمصيبة أهون ! , أريده وحش هائجا يخرج من خنوعه لكي يروض جمح فراستي , سأجعله فارسا على ساحتي , دعيه يشوى قليلا بنار العشق فإن لغدائي ناظره قريب !
أجابت صديقتها : هذه طبيعتك , تريديه عاصفا , أرِقا, مزلزلا , لينا , صخر, عقابا ينتظر الانقضاض على نفسه من غيبوبة وضعت له .
صمتوا قليلا !!!
أنحت رأسي على الكرسي الأمامي
رأيت رجلان معممان بغبار الحجر على أيديهما ووجههما رسم الزمان خطوطه الصلبة , لهم قوتهم حبة طماطم وحبة بصل وبيضتان مسلوقتان , هذا القوت يصيح بالساعة الثانية عشر ظهرا بعد عمل دام ثماني ساعات متواصلة بنحت حجرة حجرة , لا يقبل بأي خطأ بالنحت فهو يطارح حجرة من صخرة مكابرة ليتم تركيبها غطاء للبناء فهم القلائل الذين يصنعون الحجر بأنفسهم من غير ماكينة مستحدثة , مهنة ورثوها عن أبيهم لم ولن يقبلوا بجديد العصر, يخرج رسمت تتحدى دافنتشي ويبدأ بالنقر إلى الحجر كعصفور ينظف رداءه , جاثيا على ركبتين أدمنا هذه الجلسة منذ ثلاثون عاما. ظهر أنحنى احتراما لهذا العمل الأصيل , أدواته المطرقة والأزميل وورق خشن للخطوط الحمراء , أنظر إلى أصابعه تراهم فاقوا جمال نحاتي العالم , يعمل صيفا ويختبئ شتاء من زغاريد المطر وعصف الأجواء , لا يملكان دكانا , لهم منزل تؤمه قوافل أثرياء هذا - الزمن- الهامش , هذا المنزل ورثاه عن أبيهما منزل عربي يضم أطفالا كالياسمين يلعبون بألعاب هي ورثة ألعاب أبائهم وأجدادهم , لباسهم أيضا موروث لحمله ريح الماضي قصرا وماض الماضي جبرا .
توقفت الحافلة , فجأة وأنزلوني بكل هدوء عدت إلى هز قصبتي متحسسا جدران الشوارع إلى أن وصلت إلى بيتي , أخرجت مفتاحي وقد علق بطوق ناري حول رقبتي وبدأت التحسس خرم العالم ...........وأدَلفتُ وأدُلفتْ ...
تمت بعون الله 18/5/2008
الضجيج وما يفعله بنا ؟
نقرأ صباحا الأخبار وكالعادة لا نفاجئ , أي , كل حال على حال , لم يتغير قيد أنملة ...
ما شاء الله .
كل الأمور مستتبة وطبيعية تسبح على أمواج هادئة بعيدة عن دوامات البحر
أتوقع تكلمت عن الضجيج !!! هكذا كان الموضوع ..
إن كان يوجد موضوع !! لكني لا أحدث ضجة ..
أريدك أن ترتاح وتسير وراء القافلة بكل روية وأحكام وهدوء بال
تعال معي نأخذ أجازة يومية في الحافلة
لتنفيذي قرار بركن سيارتي أمام المنزل والتعلق بخيوط ربان الحافلة , هذا القرار اتخذته بعد دراسة مستفيضة محكمة وبينت لنفسي جميع الايجابيات والسلبيات التي يقينا أثلجت صدري في تلك الحقبة الزمنية !
من يومين أبدلت زيت السيارة فأتى سائق تكسي سائلا المصلح عن مثلث برمودا يريد مثلثان , قلت لنفسي الله يستر إذا طلب فرجار مثلا!!! لكان خرمنا تخريما ...
فالموضوع أنه يريد مثلثين + طفاية حريق + علبة إسعافات أولية فربما يشعل بنفسه عود ثقاب من موضوع أتاه طعنا من الراكب
أتسأل بيني وبين نفسي أن سائق التاكسي يوميا يتعرض إلى مئة قضية وقضية , تراه ساعات مسمرا وراء المقود ممارسا رياضة اليوغا التأملية من بعض المداخلات , أكثرهم يفتقون جراحه , أصلا هو لم يندمل له جرح بعد...
في عام 1990 كنت بمدينة هامبورغ استقيت تكسي وكان من النوع الأودي والسائق له معالم أسيوية
المهم , بعد أن إيصالي لمكاني المطلوب أنفجر العداد على مبلغ وقدره 40$ آنذاك , عندما كان الدولار له هيبته أي معالي الدولار
ففوارق الأسعار بيننا وبينهم يعود إلى المداخل بيننا وبينهم .
ونظامهم يقال إنه مدروس 100% طبعا أتحدث من باب الأجور , لكن دعونا من هذا الموضوع كيلا ندخل أنفسنا بسم الخياط ...!
نرجع إلى الضغط ووعاء الضغط !
في الحافلة أجلس أو أقف ممسكا بأحد أعمدة قصور حضرموت !
أنيخ عيني على الطابور الأيمن فأرى :
رجلا بلغ الستين من العمر, جلد مجعد , شعر غير مهذب , سترت حملت تاريخ 1970 , نظرات يتلقفها من خلال النافذة على الدنيا حاملا كيس أحتوى على بضع حبات طماطم و باذنجان وبضع بيضات , أراه مهاجرا إلى بيته وقصره الذي يؤويه , إلى زوجته التي حبت معه على كل أنواع الدروب , يقينا له زيارات دورية إلى قسم التقاعد , يحاول مستميتا الابتعاد عن الأطباء وهلوستهم وتشدقهم ...
أمامه يوجد كرسيان ...
تجلس عليهما
فتاتان واحدة صبغت شعرها بلون بيزنطة , حاملة حقيبة كتب , لها حذاء ذو كعب متوسط , سروال أسود , بلوزة زرقاء شفافة فوق قميص أبيض , حول رقبتها طوق من الذهب ناعم كنعومتها له رسمة قلب , تتكلم مع صديقتها ربما أنهوا الدورة التعليمية التي يرتادونها قاصدين البيت .
أما صديقتها فتلبس قبعة بلون الورد وغرة شعرها كثة ونصف رأسها يستقبل أشعة شموس الشبان على خدودها بودرة حمراء فوق آرق أساسي , خطت شفتها باللون الأحمر القاني الذي يناديك حتى إذا كنت أصم , فوق الشفتان هناك أنف أسيل يتركز تحت عينين تبرقان ببياض ثلج وسواد حدقة , الجفن طرز بلون كحل فالق , الجبين ساحة وغى لا يرفض أي فارس من تقبيله أبدا , بداخل الفم هناك مضغة والمضغة سكنت بي للحظات علني أتذوق طعم مبسمها , الرقبة مرمر كبلت بسبع أدوار من الطوق الهندي المخضب لونا ورائحة وكأنه حمل تمائم بني كندة , بين البلوزة والطوق هناك نجمة صغيرة بحجم حبة القرنفل أصابتني بإعياء كامل و خفقان بين الأرجل , تلبس بلوزة ضيقة وقد ضاقت الدنيا علي وبكل أنفسي , صدر وخصر وثدي كأنها لوحة لرسام رسم أخر مسمار لقبره الذي صنعه بيده , شي كالخيال , سبحانك يا الله ما هذا النوع من الخلق , بالشطر الثاني من الجسد هناك سروال والسروال خبره تحت الركبة بمسافة خمسة أعين من عيوني ومبتدأه باعد بخمسين عين جفول بين البلوزة والسروال لونه بني وله سم ونقش كأنه نقش على جسدي بالحناء , لطالما وددت أن أطبع السم على ورق زبد جسدي كنت لأتحسس بعض النحت , الساق بمخيلتي بيضاء غضة كأنها موزه طويلة لا تشوبها شائبة !!!
وتحمل أيضا كتائب من الكتب قالت لصديقتها وأنا أسمع
قالت: سأدعه ينبطح على أرضي كي يتعلم من أنا , لا يمكن لي أن أهدأ إلا بجعله كغبار طلع في شتاء أسود !
أجابت صديقتها : لا يمكنك تعذبيه هكذا !!! , إنه يحبك ...
قالت : أريد تخميره وقطافه قبيل التخمير بآخر هذيان له !
أجابت صديقتها : إذا كنت تحبيه فكفى تعذيب !!!!
قالت : إن كنت تعلمين فهذه مصيبة وإن كنت لا تعلمين فالمصيبة أهون ! , أريده وحش هائجا يخرج من خنوعه لكي يروض جمح فراستي , سأجعله فارسا على ساحتي , دعيه يشوى قليلا بنار العشق فإن لغدائي ناظره قريب !
أجابت صديقتها : هذه طبيعتك , تريديه عاصفا , أرِقا, مزلزلا , لينا , صخر, عقابا ينتظر الانقضاض على نفسه من غيبوبة وضعت له .
صمتوا قليلا !!!
أنحت رأسي على الكرسي الأمامي
رأيت رجلان معممان بغبار الحجر على أيديهما ووجههما رسم الزمان خطوطه الصلبة , لهم قوتهم حبة طماطم وحبة بصل وبيضتان مسلوقتان , هذا القوت يصيح بالساعة الثانية عشر ظهرا بعد عمل دام ثماني ساعات متواصلة بنحت حجرة حجرة , لا يقبل بأي خطأ بالنحت فهو يطارح حجرة من صخرة مكابرة ليتم تركيبها غطاء للبناء فهم القلائل الذين يصنعون الحجر بأنفسهم من غير ماكينة مستحدثة , مهنة ورثوها عن أبيهم لم ولن يقبلوا بجديد العصر, يخرج رسمت تتحدى دافنتشي ويبدأ بالنقر إلى الحجر كعصفور ينظف رداءه , جاثيا على ركبتين أدمنا هذه الجلسة منذ ثلاثون عاما. ظهر أنحنى احتراما لهذا العمل الأصيل , أدواته المطرقة والأزميل وورق خشن للخطوط الحمراء , أنظر إلى أصابعه تراهم فاقوا جمال نحاتي العالم , يعمل صيفا ويختبئ شتاء من زغاريد المطر وعصف الأجواء , لا يملكان دكانا , لهم منزل تؤمه قوافل أثرياء هذا - الزمن- الهامش , هذا المنزل ورثاه عن أبيهما منزل عربي يضم أطفالا كالياسمين يلعبون بألعاب هي ورثة ألعاب أبائهم وأجدادهم , لباسهم أيضا موروث لحمله ريح الماضي قصرا وماض الماضي جبرا .
توقفت الحافلة , فجأة وأنزلوني بكل هدوء عدت إلى هز قصبتي متحسسا جدران الشوارع إلى أن وصلت إلى بيتي , أخرجت مفتاحي وقد علق بطوق ناري حول رقبتي وبدأت التحسس خرم العالم ...........وأدَلفتُ وأدُلفتْ ...
تمت بعون الله 18/5/2008