-
عرض كامل الموضوع : بدر شاكر السياب
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
أو شرفتان راح ينأى عنهما المطر
عيناك حين تبسمان تورق الكروم
و ترقص الأضواء كالأقمار في نهر
يرجه المجذاف وهنا ساعة السحر
كأنما تنبض في غوريهما النجوم
و تغرقان في ضباب من أسى شفيف
كالبحر سرح اليدين فوقه المساء,
دفء الشتاء فيه و ارتعاشة الخريف
و الموت, و الميلاد, و الظلام و الضياء
فتستفيق ملء روحي رعشة البكاء
و نشوة وحشية تعانق السماء
كنشوة الطفل اذا خاف من القمر!
كأن أقواس السحاب تشرب الغيوم
و قطرة فقطرة تذوب في المطر...
و كركر الأطفال في عرائش الكروم,
و دغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودة المطر...
مطر...
مطر...
مطر...
تثاءب المساء, و الغيوم ما تزال
تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال
كأن طفلا بات يهذي قبل أن ينام:
بأن أمه- التي أفاق منذ عام
فلم يجدها,ثم حين لج في السؤال
قالوا له: " بعد غد تعود.."-
لابد أن تعود
و إن تهامس الرفاق أنها هناك
في جانب التل تنام نومة اللحود
تسفّ من ترابها و تشرب المطر,
كأن صيادا حزينا يجمع الشّباك
و يلعن المياه و القدر
و ينثر الغناء حين يأفل القمر.
مطر...
مطر...
أتعلمين أي حزن يبعث المطر؟
و كيف تنشج المزاريب اذا انهمر؟
و كيف يشعر الوحيد فيه بالضياع؟
بلا انتهاء- كالدم المراق, كالجياع,
كالحب, كالأطفال, كالموتى- هو المطر !
و مقلتاك بي تطيفان مع المطر
و عبر أمواج الخليج تمسح البروق
سواحلَ العراق بالنجوم و المحار,
كأنها تهم بالشروق
فيسحب الليل عليها من دم دثار.
أصيح بالخليج:" يا خليج
يا واهب اللؤلؤ و المحار و الردى!"
فيرجع الصدى
كأنه النشيج:
" يا خليج
يا واهب المحار و الردى..."
أكاد أسمع العراق يذخر الرعود
و يخزن البروق في السهول و الجبال
حتى اذا ما فض عنها ختمها الرجال
لم تترك الرياح من ثمود
في الواد من أثر.
أكاد أسمع النخيل يشرب المطر
و أسمع القرى تئن, و المهاجرين
يصارعون بالمجاذيف و بالقلوع,
عواصف الخليج , و الرعود, منشدين:
" مطر...
مطر...
مطر...
و في العراق جوع
و ينثر الغلالَ فيه موسم الحصاد
لتشبع الغربان و الجراد
و تطحن الشوان و الحجر
رحىً تدور في الحقول... حولها بشر
مطر...
مطر...
مطر...
و كم ذرفنا ليلة الرحيل من دموع
ثم اعتللنا – خوف أن نلام- بالمطر...
مطر...
مطر...
و منذ أن كنا صغارا,كانت السماء
تغيم في الشتاء
و يهطل المطر,
و كل عام –حين يعشب الثرى- نجوع
ما مر عام و العراق ليس فيه جوع
مطر...
مطر...
مطر...
في كل قطرة من المطر
حمراء أو صفراء من أجنة الزهر
و كل دمعة من الجياع و العراة
و كل قطرة تراق من دم العبيد
فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد
أو حُلمة توردت على فم الوليد
في عالم الغد الفتي..واهب الحياة!
مطر...
مطر...
مطر...
سيعشب العراق بالمطر..."
أصيح بالخليج:" يا خليج
يا واهب اللؤلؤ و المحار و الردى!"
فيرجع الصدى
كأنه النشيج:
" يا خليج
يا واهب المحار و الردى..."
و ينثر الخليج من هباته الكثار,
على الرمال: رغوة الأجاج و المحار
و ما تبقى من عظام بائس غريق
من المهاجرين ظل يشرب الردى
من لجة الخليج و القرار,
و في العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
من زهرة يرشها الفرات بالندى
و أسمع الصدى
يرن في الخليج
" مطر...
مطر...
مطر...
في كل قطرة من المطر
حمراء أو صفراء من أجنة الزهر
و كل دمعة من الجياع و العراة
و كل قطرة تراق من دم العبيد
فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد
أو حُلمة توردت على فم الوليد
في عالم الغد الفتي..واهب الحياة."
و يهطل المطر...
بصراحة......
ذكرتني بالبكلوريا :wink:
HashtNasht
08/01/2004, 06:46
لمسيح بعد الصلب
بعدما أنزلوني ، سمعت الرياح
في نواح طويل تسف النحيل
و الخطى وهي تنأى . إذن فالجراح
و الصليب الذي سمروني عليه طوال الأصيل
لم تمتني . و أنصت : كان العويل
يعبر السهل بيني و بين المدينه
مثل حبل يشد السفينه
وهي تهوي إلى القاع . كان النواح
مثل خيط من النور بين الصباح
.و الدجى ، في سماء الشتاء الحزينه
.ثم تغفو ، على ما تحس ، المدينه
حينما يزهر التوت و البرتقال
حين تمتد جيكور حتى حدود الخيال
حين تخضر عشباً يغني شذاها
،و الشموس التي أرضعتها سناها
،حين يخضر حتى دجاها
.يلمس الدفء قلبي ، فيجري دمي في ثراها
قلبي الشمس إذا تنبض الشمس نورا
،قلبي الأرض ، تنبض قمحا ، و زهرا ، وماء نميرا
قلبي الماء ، قلبي هو السنبل
.موته البعث ، يحيا بمن يأكل
في العجين الذي يستدير
ويدحى كنهد صغير ، كثدي الحياه
.مت بالنار : أحرقت ظلماء طيني ن فظل الإله
.كنت بدء ، وفي البدء كان الفقير
،مت ، كي يؤكل الخبز باسمي، لكي يزرعوني مع الموسم
كم حياة سأحيا : ففي كل حفره
،صرت مستقبلا ، صرت بذره
صرت جيلا من الناس ، في كل قلب دمي
.قطرة منه أو بعض قطره
..هكذا عدت ، فاصفر لما رآني يهوذا
فقد كنت صره
كان ظلا ، قد اسود مني ، وتمثال فكره
جمدت فيه واستلت الروح منها
خاف أن تفضح الموت في ماء عينيه
عيناه صخره)
(راح فيها يواري عن الناس قبره
.خاف من دفئها ، من محال عليه ، فخبر عنها
- " أنت ؟ أم ذاك ظلي قد ابيض وارفض نورا؟
.أنت من عالم الموت تسعى ؟ هو الموت مره
" هكذا قال آباؤنا ، هكذا علمونا ، فهل كان زورا ؟
.ذاك ما ظن لما رآني ، وقالته نظره
قدم تعو ، قدم ، قدم
القبر يكاد بوقع خطاها ينهدم
أترى جاءوا ؟ من غيرهم ؟
قدم .. قدم .. قدم
،ألقيت الصخر على صدري
.أو ما صلبوني أمس ؟ .. فها أنا في قبر
فليأتوا - إني في قبري
من يدري أني .. ؟ من يدري ؟
ورفاق يهوذا ؟ من سيصدق ما زعموا ؟
..قدم
.قدم
: ها أنا الآن عريان في قبري المظلم
،كنت بالأمس ألتف كالظن ، البرعم
،تحت أكفاني الثلج ، يخضل زهر الدم
كنت كالظل بين الدجى و النهار
.ثم فجرت نفسي كنوزا فعريتها كالثمار
حين فصلت جيبي قماطا وكمي دثار
حين دفأت يوما بلحمي عظام الصغار
حين عريت جرحي ، وضمدت جرحا سواه
.حطم السور بيني و بين الإله
فاجأ الجند حتى جراحي ودقات قلبي
فاجأوا كل ما ليس موتا و إن كان في مقبره
فاجأوني كما فاجأ النخلة المثمره
.سرب جوعى من الطير في قرية مقفره
أعين البندقيات يأكل دربي
شرع تحلم النار فيها بصلبي
إن تكن من حديد ونار ، فأحداق شعبي
من ضياء السموات ، من ذكريا وحب
تحمل العبء عني فيندى صليبي ، فما أصغره
.ذلك الموت ، موتي ، وما أكبره
بعد أن سمروني و ألقيت عيني نحو المدينه
: كدت لا أعرف السهل و السور و المقبره
،كان شئ ، مدى ما ترى العين
،كالغابة المزهره
.كان ، في كل مرمى ، صليب و أم حزينه
قدس الرب
.هذا مخاض المدينه
للاستماع الى بعض قصائد السياب بصوته انقر الرابط في الأسفل
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
ما فيني قوا غير رااااااااااااائع
لا أستطيع القول سوى راااااااااااااااااااااااا ااااااااااائع جدا
we are the best
عاشق من فلسطين
03/01/2005, 19:38
أحلى hashtnasht بالعالم لك أنا هلا شفت هالقصائد بالصفحات القديمة ..
ليش ما عاد شاركتو بهيك مشاركات ..
والله هدول العالم السياب عدوان الماغوط درويش فؤاد نجم أمل دنقل زكريا تامر..
كل هدول لازم يبقوا بالذاكرة وبالقلب..
ولازم دائما" نمتع غيرنا بقراءة كتاباتون ونمول المنتدى دائما" بهيك كتابات ..
ومع ذلك أحلى hashtnasht
عاشق من فلسطين
10/01/2005, 16:18
بويب
بويب
أجراس برج ضاع في قارة البحر
الماء في الجرار، و الغروب في الشجر
وتنضج الجرار أجراسا من المطر
بلورها يذوب في أنين
" بويب .. يا بويب"
فيدلهم في دمي حنين
إليك يا بويب
يا نهري الحزين كالمطر
أود لو عدوت في الظلام
أشد قبضتي تحملان شوق عام
في كل إصبع كأني أحمل النذور
إليك من قمح و من زهور
أود لو أطل من أسرة التلال
لألمح القمر
يخوض بين ضفتيك يزرع الظلال
و يملأ السلال
بالماء و الأسماك و الزهر
أود لو أخوض فيك أتبع القمر
و اسمع الحصى يصل منك في القرار
صليل آلاف العصافير على الشجر
أغابة من الدموع أنت أم نهر؟
و السمك الساهر هل ينام في السحر؟
و هذه النجوم هل تظل في انتظار
تطعم بالحرير آلاف من الإبر ؟
و أنت يا بويب
أود لو غرقت فيك ألقط المحار
أشيد منه دار
يضيء فيها خضرة المياه و الشجر
ما تنضح النجوم و القمر
و أغتدي فيك مع الجزر إلى البحر
فالموت عالم غريب يفتن الصغار
وبابه الخفي كان فيك يا بويب
بويب .. يا بويب
عشرون قد مضين كالدهور كل عام
و اليوم حين يطبق الظلام
و استقر في السرير دون أن أنام
و ارهف الضمير دوحة إلى السحر
مرهفة الغصون و الطيور و الثمر
أحس بالدماء و الدموع كالمطر
ينضحهن العالم الحزين
أجراس موتى في عروقي ترعش الرنين
فيدلهم في دمي حنين
إلى رصاصة يشق ثلجها الزؤام
أعماق ، كالجحيم يشعل العظام
أود لو عدوت أعضد المكافحين
اشد قبضتي ثم أصفع القدر
أود لو غرقت في دمي إلى القرار
لأحمل العبء مع البشر
و أبعث الحياة ، إن موتي انتصار
شكو زولو
15/01/2005, 18:14
الله عليك بدر شاكر السياب من الشعراء المميزين
الله يقويك
عاشق من فلسطين
16/01/2005, 14:16
الله عليك بدر شاكر السياب من الشعراء المميزين
الله يقويك
مشكور على القراءة شكوزولو الغالي.. :D
فوضى الحواس
08/09/2007, 11:54
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ ،
أو شُرفتانراح ينأى عنهما القمر .
عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ
وترقصالأضواء ... كالأقمار في نهَرْ
يرجّه المجذاف وهْناً ساعة السَّحَر
كأنما تنبض في غوريهما ، النّجومْ ...
وتغرقان في ضبابٍ من أسىًشفيفْ
كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساء ،
دفء الشتاء فيه وارتعاشةالخريف ،
والموت ، والميلاد ، والظلام ، والضياء ؛
فتستفيق ملءروحي ، رعشة البكاء
ونشوةٌ وحشيَّةٌ تعانق السماء
كنشوة الطفل إِذاخاف من القمر !
كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ
وقطرةً فقطرةً تذوبفي المطر ...
وكركر الأطفالُ في عرائش الكروم ،
ودغدغت صمتالعصافير على الشجر
أنشودةُ المطر ...
مطر ...
مطر ...
مطر ...
تثاءب المساء ، والغيومُ ما تزالْ
تسحُّ ما تسحّمن دموعها الثقالْ .
كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام :
بأنَّأمّه – التي أفاق منذ عامْ
فلم يجدها ، ثمَّ حين لجّ في السؤال
قالوا له : "بعد غدٍ تعودْ .. "
لا بدَّ أن تعودْ
وإِنْتهامس الرفاق أنهَّا هناكْ
في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ
تسفّمن ترابها وتشرب المطر ؛
كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
ويلعنالمياه والقَدَر
وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ .
مطر ..
مطر ..
أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر ؟
وكيف تنشجالمزاريب إِذا انهمر ؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع ؟
بلا انتهاء – كالدَّم المراق ، كالجياع ،
كالحبّ ، كالأطفال ، كالموتى – هو المطر !
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ
سواحلَ العراق بالنجوم والمحار ،
كأنها تهمّ بالشروق
فيسحبالليل عليها من دمٍ دثارْ .
أَصيح بالخليج : " يا خليجْ
يا واهباللؤلؤ ، والمحار ، والرّدى ! "
فيرجعُ الصّدى
كأنّه النشيجْ :
" يا خليج
يا واهب المحار والردى .. "
أكاد أسمع العراقيذْخرُ الرعودْ
ويخزن البروق في السّهول والجبالْ ،
حتى إِذا مافضَّ عنها ختمها الرّجالْ
لم تترك الرياح من ثمودْ
في الوادِ منأثرْ .
أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر
وأسمع القرى تئنّ ،والمهاجرين
يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع ،
عواصف الخليج ، والرعود ،منشدين :
" مطر ...
مطر ...
مطر ...
وفي العراقجوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
رحىً تدور في الحقول ... حولها بشرْ
مطر ...
مطر ...
مطر ...
وكم ذرفنا ليلة الرحيل ،من دموعْ
ثم اعتللنا – خوف أن نلامَ – بالمطر ...
مطر ...
مطر ...
ومنذ أنْ كنَّا صغاراً ، كانت السماء
تغيمُ فيالشتاء
ويهطل المطر ،
وكلَّ عام – حين يعشب الثرى – نجوعْ
ما مرَّ عامٌ والعراق ليس فيه جوعْ .
مطر ...
مطر ...
مطر ...
في كل قطرة من المطر
حمراءُ أو صفراء من أجنَّةالزَّهَرْ .
وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراة
وكلّ قطرة تراق من دمالعبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد
أو حُلمةٌ تورَّدتْ علىفم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة !
مطر ...
مطر ...
مطر ...
سيُعشبُ العراق بالمطر ... "
أصيحبالخليج : " يا خليج ..
يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "
فيرجع الصدى
كأنَّه النشيج :
" يا خليج
يا واهبالمحار والردى . "
وينثر الخليج من هِباته الكثارْ ،
على الرمال ، : رغوه الأُجاجَ ، والمحار
وما تبقّى من عظام بائسٍ غريق
منالمهاجرين ظلّ يشرب الردى
من لجَّة الخليج والقرار ،
وفي العراقألف أفعى تشرب الرَّحيقْ
من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى .
وأسمعالصدى
يرنّ في الخليج
" مطر ..
مطر ..
مطر ..
في كلّ قطرة من المطرْ
حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ .
وكلّ دمعة من الجياع والعراة
وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد
أو حُلمةٌ تورَّدت على فمالوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة . "
ويهطل المطرْ
وشم الجمال
08/09/2007, 16:09
اتعلم اننا ما زلنا نعيش قصيدة المطر التي خطها الشاعر بدر من زمن طويل !! نعم فما زالت الالام ترتخي فوق احسادنا التي انهكها العمر والزمن والمستعمر وانفسنا
وانا في مرحلة البكالوريا اخدنا قصيدة المطر للحفظ والنقد احببناها كثيرا وكانت معلمتنا تقول مع مرور الزمن ستفهموها اكثر ولم تخطئ ابدا لاننا نعيشها الان بكل حيثياتها
cold vampire
08/09/2007, 16:16
ما احلاها هي القصيده زكرتني بايام التوجيهي
شكرا فوضى يسلمو ايديك :D
اسبيرانزا
25/12/2007, 19:23
السياب شاعر الالم والمعاناة والعمر القصير ... لا ادرى لما هذه ظاهرة ... رحيل المبدعين فى زمن قصير .. فى ريعان الشباب
رحل السياب فى سن ال38 وهو نفس السن الذى رحل فيه لوركا وديلان توماس وبوشكين
اليكم قصيدة له رائعة كتبها قبل وفاته بوقت قصير
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
الباب تقرعه الرياح
الباب ما قرعته غير الريح في الليل العميق
الباب ما قرعته كفك
أين كفك و الطريق
ناء بحار بيننا مدن صحارى من ظلام
الريح تحمل لي صدى القبلات منها كالحريق
من نخلة يعدو إلى أخرى و يزهو في الغمام
الباب ما قرعته غير الريح
آه لعل روحا في الرياح
هامت تمر على المرافيء أو محطات القطار
لتسائل الغرباء عني عن غريب أمس راح
يمشي على قدمين و هو اليوم يزحف في انكسار
هي روح أمي هزها الحب العميق
حب الأمومة فهي تبكي
:
"آه يا ولدي البعيد عن الديار
ويلاه كيف تعود وحدك لا دليل و لا رفيق
!!!"
أماه, ليتك لم تغيبي خلف سور من حجار
لا باب فيه لكي أدق, و لا نوافذ في الجدار
كيف انطلقت على طريق لا يعود السائرون
من ظلمة صفراء فيه كأنها غسق البحار
!!!
كيف انطلقت بلا وداع فالصغار يولولون
يتراكضنون على الطريق و يفزعون فيرجعون
و يسائلون الليل عنك و هم لعودك في انتظار
!!!
الباب تقرعه الرياح لعل روحا منك زار
هذا الغريب هو ابنك السهران يحرقه الحنين
أماه ليتك ترجعين
شبحا و كيف أخاف منه و ما امحت رغم السنين
قسمات وجهك من خيالي
أين أنت أتسمعين
صرخات قلبي و هو يذبحه الحنين إلى العراق
الباب تقرعه الرياح تهب من أبد الفراق
من ليالي السهاد
اسبيرانزا
25/12/2007, 19:26
قصيدة سفر أيوب
لك الحمد مهما استطال البلاء
ومهما استبدّ الألم
لك الحمد، إن الرزايا عطاء
وإن المصيبات بعض الكرم
ألم تُعطني أنت هذا الظلام
وأعطيتني أنت هذا السّحر؟
فهل تشكر الأرض قطر المطر
وتغضب إن لم يجدها الغمام؟
شهور طوال وهذي الجراح
تمزّق جنبي مثل المدى
ولا يهدأ الداء عند الصباح
ولا يمسح اللّيل أوجاعه بالردى
ولكنّ أيّوب إن صاح صاح:
لك الحمد، إن الرزايا ندى
وإنّ الجراح هدايا الحبيب
أضمّ إلى الصّدر باقاتها
هداياك في خافقي لا تغيب
هداياك مقبولة. هاتها
أشد جراحي وأهتف
بالعائدين:
ألا فانظروا واحسدوني
فهذى هدايا حبيبي
جميل هو السّهدُ أرعى سماك
بعينيّ حتى تغيب النجوم
ويلمس شبّاك داري سناك
جميل هو الليل أصداء يوم
وأبواق سيارة من بعيد
وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد
أساطير آبائها للوليد
وغابات ليل السُّهاد الغيوم
تحجّبُ وجه السماء
وتجلوه تحت القمر
وإن صاح أيوب كان النداء:
لك الحمد يا رامياً بالقدر
ويا كاتباً، بعد ذاك، الشّفاء
موضوع كتير حلو..الباب تقرعه الرياح قصيدة تعلمناها كتير كتير حلوة ومؤثرة :cry:
بس انتي متاكدة يا ايمان انو رحل بسن ال 38 انا بعتقد كان اكبر من هيك..بس انو مات وهو عندو شلل بالاطراف :cry: وكان مغترب بلندن و دائما يحن للعراق ولأمو اللي توفت وهو زغير !!
يسلمو جميعا عالشعر :D
اسبيرانزا
25/12/2007, 19:31
قصيدة (إتبعيني)
أتبعيني
فالضحى رانت به الذكرى على شط بعيد
حالم الأغوار بالنجم الوحيد
وشراع يتوارى واتبعيني
همسة في الزرقة الوسنى وظل
من جناح يضمحل
في بقايا ناعسات من سكون
في بقايا من سكون
في سكون !
هذه الأغوار يغشاها خيال
هذه الأغوار لا يسبرها إلا ملال
تعكس الأمواج في شبه انطفاء
لونه المهجور في الشط الكئيب
في صباح ومساء
وأساطير سكارى ... في دروب
في دروب أطفأ الماضي مداها
وطواها
فاتبعيني .. إتبعيني
اتبعيني ... ها هي الشطآن يعلوها ذهول
ناصل الألوان كالحلم القديم
عادت الذكرى به ساج كأشباح نجوم
نسي الصبح سناها والأفول
في سهاد ناعس بين جفون
في وجوم الشاطيء الخالي كعينيك انتظار
وظلال تصبغ الريح وليل ونهار
صفحة زرقاء تجلو في برود
وابتسام غامض ظل الزمان
للفراغ المتعب البالي على الشط الوحيد
اتبعيني في غد يأتي سوانا عاشقان
في غد حتى وإن لم تتبعني
يعكس الموج على الشط الحزين
والفراغ المتعب المخنوق أشباح السنين
أمس جاء الموعد الخاوي وراحا
يطرق الباب على الماضي على اليأس عليا
كنت وحدي .. أرقب الساعة تقتات الصباحا
وهي ترنو مثل عين القاتل القاسي إليا
أمس.. في الأمس الذي لا تذكرينه
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
واختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا
وتناءت في ارتخاء وتوان
غمغمات مجهدات وأغاني
وتلاشت تتبع الضوء الضئيلا
أقبلي الآن ففي الأمس الذي لا تذكرينه
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
واختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا
اسبيرانزا
25/12/2007, 19:33
قصيدة (سوف امضي)
سوف أمضي أسمع الريح تناديني بعيداً
في ظلام الغابة اللفّاء .. والدّرب الطويل
يتمطي ضجراً، والذئب يعوي، والأفول
يسرق النجم كما تسرق روحي مقلتاك
فاتركي أقطعلا اللليل وحيدا
سوف أمضي فهي ما زالت هناك
في انتظاري
سوف أمضي. لا هدير السيل صخّبا رهيبا
يغرق الوادي، ولا الأشباح تلقيها القبور
في طريقي تسأل الليل إلى أين أسير
كل هذا ليس يثنيني فعودي واتركيني
ودعيني أقطع اللليل غريبا
إنها ترنو إلى الأفق الحزين
في انتظاري
سوف أمضي حوّلي عينيك لا ترني إليّا
إن سحراً فيهما يأبى على رجلي مسيرا
إن سراً فيهما يستوقف القلب الكسيرا
وارفعي عني ذراعيك ... فما جدوى العناق
إن يكن لا يبعث الأشواق فيّا ؟
اتركيني ها هو الفجر تبدى، ورفاقي
في انتظاري
اسبيرانزا
25/12/2007, 19:36
وصية من محتضر
يا صمت يا صمت المقابر في شوارعها الحزينه
أعوي أصيح أصيح في لهفٍ فأسمع في السكينه
ما تنثر الظلماء من ثلجٍ وقار
تصدي عليه خطىً وحيداتٍ و تبتلع المدينة
أصداءُهُنَّ كأن وحشا من حديد من حجار
سف الحياة فلا حياة من المساء إلى النهار
أين العراق ؟ و أين شمس ضحاه تحملها سفينة
في ماء دجلة أو بويب ؟ و أين أصداء الغناء
خفقت كأجنحة الحمام على السنابل و النخيل
من كل بيت في العراء
من كل رابية تدثرُها أزاهير السهول
إن مت يا وطني ففبرٌٌ في مقابرك الكئيبة
أقصى مناي و أن سلمت فإن كوخا في الحقول
هو ما أريد من الحياة فدى صحاراك الرحيبة
أرباض لندن و الدروب و لا أصابتك المصيبة
أنا قد أموت غدا فإنّ الداء يقرض غير وانٍ
حبلا يشدُّ إلى الحياة حطام جسم مثل دار
نخرت جوانبها الرياح و سقفها سيل القََََطار
يا إخوتي المتناثرين من الجنوب إلى الشمال
بين المعابر و السهول و بين عالية الجبال
أبناءَ شعبي في قراه و في مدائنه الحبيبة
لا تكفروا نِعمَ العراق
خير البلاد سكنتموها بين خضراء و ماء
الشمس نور الله تغمرها بصيف أو شتاء
لا تبتغوا عنها سواها
هي جنة فحذار من أفعى تدب على ثراها
أنا ميت لا يكذب الموتى و أكفر بالمعاني
إن كان غير القلب منبعها
فيا ألق النهار
أغمر بعسجدك العراق فإنّ من طين العراق
جسدي و من ماء العراق
** ولكم ان تلاحظوا كيف نبرة الموت واضحة فى شعره كانه كان يعرف قدره:pos:
اسبيرانزا
25/12/2007, 19:38
القصيدة والعنقاء
جنازتي في الغرفة الجديدة
تهتف بي أن أكتب القصيدة
فأكتب
ما في دمي وأشطب
حتى تلين الفكرة العنيدة
وغرفتي الجديدة
واسعة أوسع لي من قبري
إذا اعتراني تعب
من يقظة فالنوم منها أعذب
ينبع حتى من عيون الصخر،
حتى من المدفأة الوحيدة
تقوم في الزاوية البعيدة.
***
وترفع الجنازة اليابسة المهدمة
من رأسها ترنو إلى الجدران
والسقف والمرآة والقناني
.
ما للزوايا مظلمة
كأنهن الأرض للإنسان
تريد أن تحطمه
بالمال والخمور والغواني.
والكذب في القلب وفي اللسان،
تريد أن تعيده
للغابة البليدة؟
وصفحة المرآة ما لها تطل خاوية
ما أثمرت بغانية،
بالشفة المرجان
تنيرها كالشفق العينان
كهذه المرآة
ستصبح الأرض بلا حياة.
وفي الليالي الداجية،
في ذلك السكون ليس فيه
إلا الريح العاوية
***
وهكذا الشاعر حين يكتب القصيدة
فلا يراها بالخلود تنبض،
سيهدم الذي بني، يقوض
أحجارها ثم يمل الصمت والسكونا.
وحين تأتي فكرة جديدة،
يسحبها مثل دثار يحجب العيونا
فلا ترى. إن شاء أن يكونا
فليهدم الماضي فالأشياء ليس تنهض
إلا على رمادها المحترق
منتثرا في الأفق...
وتولد القصيدة
اسبيرانزا
25/12/2007, 19:41
موضوع كتير حلو..الباب تقرعه الرياح قصيدة تعلمناها كتير كتير حلوة ومؤثرة :cry:
بس انتي متاكدة يا ايمان انو رحل بسن ال 38 انا بعتقد كان اكبر من هيك..بس انو مات وهو عندو شلل بالاطراف :cry: وكان مغترب بلندن و دائما يحن للعراق ولأمو اللي توفت وهو زغير !!
يسلمو جميعا عالشعر :D
فعلا مروة مات مشلول :pos: تقريبا معلومة انو مات فى ال38 مؤكدة
اسبيرانزا
25/12/2007, 19:45
وهذا مقال جيد عن السياب حياته .. شعره
السياب: قصائد قليلة أطلقت الشعر العربي في أفق فسيح
رحل عن 38 عاما في نفس العمر الذي غاب فيه بوشكين ولوركا وديلان توماس
فاضل السلطاني
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
اليوم، الرابع والعشرون من ديسمبر /كانون الأول، رحل الشاعر العراقي بدر شاكر السياب قبل أربعين عاماً، وحيداً إلا من نفر من الأصدقاء، ودفن في مقبرة الحسن البصري شبه وحيد ومهجور ومعدم تماماً. لقد امتلأت حياة رائد الشعر العربي الحديث بالمفارقات العجيبة، لكن موته كان المفارقة الكبرى، وكأنه بعث من جديد، بينما خفتت أصوات كثيرة ارتفعت لحين حتى غطت على صوته. من أين تستمد قصيدة السياب أسباب قوتها، وعلى ماذا يستند حضور السياب القوي حتى بعد أربعين سنة من غيابه المفجع؟ ثم ماذا بقي من السياب، وسيبقى؟
هنا مساهمات تحاول الإجابة على هذه الأسئلة الأساسية.
قال أدونيس مرة: ان بيت شعر من السياب يعادل ديواناً كاملاً للبياتي. واذا نزعنا صيغة المبالغة عن هذا القول، ووسعناه بقولنا ان قصائد للسياب تعادل دواوين كاملة لشعراء جايلوه، وآخرين أتوا بعده، لصح هذا القول، وربما على صاحبه ايضاً.
على مدى اربعين سنة منذ رحيلة المبكر عن ثمانية وثلاثين عاماً وهو عمر رحل فيه عمالقة آخرون مثل بوشكين ولوركا وديلان توماس وآخرين، وهو موضوع محير، بحاجة ربما الى دراسة خاصة. صدرت آلاف آلاف الدواوين الشعرية، ثم اختفت، ربما هي واصحابها، من ذاكرتنا، لكن بقيت قصائد مثل «انشودة المطر» و«النهر والموت»، و«غريب على الخليج» و«الأسلحة والأطفال»، وغيرها شواهد خاصة في الذاكرة، ولنسمها الذاكرة الشعرية وكأنها كتبت في الأمس فقط.
كان اوكتافيو باث، الغزير الانتاج، يقول انه سيكون ممتناً لله لو بقيت منه خمس أو ست قصائد. ولا شك ان السياب يشكر الله مرتين. فترة أربعين سنة هي اختبار اكثر من كاف لقوة القصيدة، في فترة عربية تعددت فيها الاتجاهات والمدارس، وكثرت فيها الانقلابات الشعرية وغير الشعرية، وسادت الفوضى وكثر المدعون والمتطفلون. لكن القصيدة ـ القصيدة تبقى عادة دائماً كرغيف الخبز الذي خرج لتوه من التنور حتى لو كانت مكتوبة قبل آلاف السنين. القصيدة ـ القصيدة لا تختمر، وليست محكومة مثل اصحابها بقوانين الزمن. كأن مطر السياب لا يزال يهطل لحد الآن، وكأن عراقه لا يزال هو هو، ونهيره «بويب» ما زال حزيناً كالمطر، و«مومسه العمياء» لا تزال «المومس العمياء» و«المسيح» لا يزال يجر صليبه في المنفى.
لكن من أين تنبع قوة القصيدة؟ هل تستطيع قصيدة ان تحفر نخاعك العظمي، بينما لا تصل أخرى حتى إلى قشرة جلدك؟ من الصعب الاجابة عن هذا السؤال، فلا أحد يعرف، عن ارشيبالد مكليش، اميركيا، الذي كتب عن هذا الموضوع في كتابه الرائد «الشعر والتجربة» الى يوسف اليوسف، عربياً، الذي خصص كتاباً كاملاً عن الموضوع نفسه بعنوان «ما الشعر العظيم!»، ما الذي يجعل الشعر العظيم عظيماً، ولا أحد يمكن أن يكشف لنا سرّ بقاء، إن لم نقل خلود الأعمال الأدبية والفنية. من الممكن بالطبع مقاربة بعض جوانب الموضوع، غير انه من المستحيل القبض على السر ذاته.
أهو زواج التناقضات المستحيل كما يذهب مكليش، أم تلك القدرة، النادرة على ابتكار «الصورة المفكرة»، حيث تتزاوج الفكرة مع الصورة، والصورة مع الفكرة، ويصبح المجرد حساً، والحس تجريداً، كما يذهب هيغل، وهو شيء لم يحققه سوى شعراء معدودين عبر التاريخ، هم الشعراء ـ الشعراء! حقق السياب شيئاً من ذلك في قصائده الباقية وهي قليلة كما عند اغلب الشعراء العظام، ولم تسعفه حياته العاصفة لتطوير عناصره التي كانت جديدة فعلاً على الشعر العربي الذي ادخله في افق فسيح، بعدما ضاق به حتى عنق الزجاجة.
ومن الملاحظ ان بزوغ عبقريات فنية وأدبية عديدة قد حصل في المنعطفات البشرية الحادة، أو الانتقالات الاجتماعية الكبرى، والأمثلة كثيرة في تاريخ الابداع الانساني.
لقد اغتنت الحياة العربية بمضامين واشكال جديدة بعد الحرب العالمية الثانية، ونكبة فلسطين. وتزعزعت القيم التقليدية السابقة في المجتمع العربي لتحل محلها قيم جديدة آخذة بالتشكل على المستوى الاجتماعي والسياسي، وعلى مستوى البناء الفوقي وتعبيراته، ومنها التعبير الثقافي.
وكان لا بد لهذه المتغيرات من حساسية فريدة لالتقاطها، وتمثلها، وبالتالي عكسها فنياً. وهذا ما فعله السياب، هذا الجسر الذهبي الذي ربط بين القديم والجديد، كما يقول الجواهري، بموهبته الشعرية الفذة.
كان السياب هو المفجر الحقيقي لهذه الثورة في الشعر العربي بشكله ومضمونه، وهذا لا يعني، بالطبع، نفي الرواد الآخرين: نازك الملائكة ـ التي تكون قد كتبت قصيدتها «الكوليرا» قبل قصيدة «هل كان حباً» للسياب ـ أو البياتي أو بلند. ان ما يميز السياب هي شاعريته الفذة التي ساهمت، كما قلنا، عوامل كثيرة في تكوينها، منها سيرة حياته نفسها، وهي سيرة تبدو، من نواح كثيرة، كسير كثير من العظماء في تاريخ الأدب الانساني.
لم يكن السياب في مرحلته الأولى التي يسميها نقاده بالمرحلة الرومانسية متميزا عن مجايليه، بل اننا لو قارنا قصائده في هذه المرحلة بقصائد كتبت في الفترة نفسها ـ ونعني قصائد «أباريق مهشمة» للبياتي ـ لوجدنا الاخيرة متقدمة عليها من الناحية الفنية والفكرية، وتمثلها لمفاهيم الشعر العربي الجديدة، وقد نستثني من ذلك قصائد مثل «في السوق القديم» و«اتبعيني» و«اساطير». ولو قارنا، ايضا، قصيدته الأولى «هل كان حباً»، بقصيدة «الكوليرا» للملائكة، لوجدنا الاخيرة اقرب لروح الشعر الحديث.
ولكن السياب قفز قفزته الكبرى، وقفز بالشعر العربي، في مجموعته «انشودة المطر».
مثلت هذه المجموعة نموذجا رائعا لما ندعوه بالالتزام ـ بالمعنى الواسع للكلمة ـ الالتزام النابع من الذات حين تتوافق مع الموضوع. اختلفت اللغة، هنا، عن لغة قصائده في مراحله الاخرى. الفن العظيم حقا هو تعبير عن الموضوع من خلال الذات، تعبير عن الحركة الخفية لمجتمع ما، تراها عين الفنان وحده، في لحظة صعوده أو انكفائه.
اعاد السياب الى القصيدة العربية ارتباطها بالناس من خلال تحشيده الهائل لتفاصيل حيواتهم. ودخلت الحياة بكل نبضها الحي في جسد قصيدته، وحتى البحور التي استخدمها السياب في تلك الفترة، خاصة «الكامل» جاءت متوافقة مع طبيعة تلك المرحلة، وتشابكها، وجلالها، وتحولاتها الضخمة: «غريب على الخليج» و«انشودة المطر»، و«النهر والموت» و«حفار القبور» و«المخبر» و«المومس العمياء» و«الأسلحة والأطفال»... الخ.
كانت لغة السياب في هذه المرحلة لغة حديثة فعلا، ونعني باللغة الحديثة اقترابها من لغة الناس اليومية، وابتعادها عن المفردة القاموسية الميتة، وادخال احاديث الناس البسطاء الى الشعر، وتناول قضاياهم بالفاظهم هم، ولعل هذا هو اثمن ما جاء به الشعر العربي الحديث، اعادة الشعر الى الناس الذين يكتب من اجلهم هذا الشعر، فلم تكن ثورة الشعر الحديث ثورة جمالية فقط، ولذلك سرعان ما انتشر انتشارا كبيرا.
واكتنزت هذه اللغة، وتعددت دلائلها باستخدام السياب الواسع للأسطورة، وهي ظاهرة جديدة ايضا ادخلها السياب الى القصيدة الحديثة متأثرا بالشعر الغربي الحديث، خاصة اليوت. ولكن هذا الاستخدام لم يكن، في رأينا، موفقا. فقد ظلت الاسطورة في شعره «اطارا خارجيا» ولم تصبح جزءا من نسيج القصيدة العضوي، اضافة الى ان معظم الاساطير التي استخدمها لم تكن اساطير محلية لها دلالاتها الرمزية والنفسية في ذهن القارئ العربي، ونعتقد ان خليل حاوي قد نجح في تلافي ذلك وكذلك ادونيس في بعض محاولاته.
أما على مستوى البنية الايقاعية، فقد ظل السياب ملتزما، عموما، بما تسميه نازك الملائكة في كتابها «قضايا الشعر المعاصر» بـ «البحور الصافية» اي التي تتكون من تفعيلة واحدة. هذه التجارب الجريئة في شكل الشعر العربي الحديث، وهو ما زال في بدايته، تعكس موهبة السياب الكبيرة، وتمكنه من عمود الشعر، الأمر الذي أتاح له تطويره في ما بعد. والغريب ان هذه التجارب في ايقاع الشعر العربي ماتت بموت السياب، ما عدا المزاوجة بين بحرين كما عند ادونيس وسعدي يوسف الذي استخدم، ايضا، بحر الطويل في قصيدة واحدة هي «الألوية الأربعة عشر» حسب ما نتذكر، فقد اقتصرت القصيدة الحديثة عموما على وزنين أو ثلاثة هي المتقارب والمتدارك وحمار الشعراء الرجز على امتداد خمسة اجيال تقريبا. أما الكامل الذي ساد في فترة الخمسينات في معظم القصائد ـ بتأثير من السياب نفسه ـ فقلما نرى انفسنا نخوض الآن في هذا البحر الجليل باستثناء محمود درويش، وهذا يصح ايضا على «الرمل».
حققت كل هذه الانجازات، وما قلنا في البداية انه سر الشعر، مكانة متميزة للسياب في خريطة شعرنا الحديث، ونعتقد ان قصائد كثيرة منه ستبقى لأمد طويل لأنها تلبي حاجة روحية عميقة في دواخل اي انسان بغض النظر عن المكان والزمان: الحاجة الى الشعر.
الله يرحمك يا بدر شاكر السياب
لو ما مات وهو تحت الاربعين كان صار رائد الشعر الحديث
أنا كتير بحب قصائدو خصوصاً انشودة المطر
بحس فيها روعة وشفافية
بحس السياب عاطفي كتير ورومنسي لما بيحكي عن واقع أليم
للأسف هالقصيدة ما درسونا ياها بالبكالوريا متل ما لازم أوعطوها الاهمية اللي بتستاهلها
على فكرة اليوم أول مرة بشوف صورتو اللي فاجئتني شوي، مدري لي كنت احسو كتير حلو، يمكن لأن كلماتو بتسحرني :oops:
شكراً كتير عالموضوع
:D
كتير حلوة
شكرا اخي على الكلمات الحلوة
وشم الجمال
08/04/2008, 19:21
الى مخبر
أنا ما تشاء : أنا الحقير.
صبَّاغ أحذية الغزاة ، وبائع الدم والضمير
للظالمين . أنا الغراب
يقتات من جثث الفراخ . أنا الدمار ، أنا الخراب !
شفة البفيّ أعفّ من قلبي ، وأجنحة الذباب
أنقى وأدفأ من يديّ . كما تشاء ... أنا الحقير !
لكنَّ لي من مقلتيّ – إذا تتبَّعتا خطاك
وتقرّتا قسمات وجهك وارتعاشك – إبرتينِ
ستنسجان لك الشراكْ
وحواشيَ الكفن الملطَّخ بالدماء ، وجمرتينِ
تروّعان رؤاك إن لم تحرقاكْ !
وتحول دونهما ودونك بين كفيّ الجريده
فتندّ آهتك المديده
وتقول : "أصبح لا يراني" ... بيد أن دمي يراك
إني أحسّك في الهواء وفي عيون القارئين.
لِمَ يقرأون : لأنَّ تونسَ تستفيق على النضال ؟
ولأن ثوّار الجزائر ينسجون من الرمالْ
ومن العواصف والسيول ومن لهاث الجائعين
كفنَ الطغاة ؟ وما تزال قذائف المتطوعين
يصفرن في غسق القنال ؟
لِمَ يقرأون وينظرون إليَّ حيناً بعد حين
كالشامتين ؟
سيعلمون من الذي هو في ضلالْ
ولأيّنا صدأُ القيود ... لأيّنا صدأ القيود ..
لأيّنا ...
نهض الحقير
وسأقتفيه فما يفرّ ، سأقتفيه إلى السعير.
أنا ما تشاء : أنا اللئيم ، أنا الغبيّ ، أنا الحقود
لكنَّما أنا ما أريد : أنا القويّ ، أنا القدير.
أنا حامل الأغلال في نفسي ، أقيِّد من أشاءُ
بمثلهنّ من الحديد ، واستبيح من الخدود
ومن الجباه أعزُهنَّ . أنا المصير ، أنا القضاء.
الحقد كالتنور فيَّ : إذا تلهَّب بالوقود
- الحبر والقرطاس – أطفأ في وجوه الأمَّهاتْ
تنورهنّ ، وأوقف الدم عن ثديّ المرضعات .
في البدء كان يطيف بي شبَحٌ يقال له : الضمير
أنا منه مثل اللص يسمع وقع أقدام الخفير .
شبَحٌ تنفَّس ثمّ مات
واللص عاد هو الخفيرْ .
في البدء لم أكُ في الصراع سوى أجير
كالبائعات حليبهنّ ، كما تؤجَّر – للبكاء
ولندب موتى غير موتاهنّ – في الهند النساء .
قد أمعن الباكي على مضضٍ ، فعاد هو البكاء !
وشم الجمال
08/04/2008, 19:21
ألخوف والدمُ والصغَّار. فأي شيء أرتجيه ؟
فعلى يديَّ دمٌ وفي أذنيْ وهْوهة الدماء
وبمقلتيَّ دمٌ ، وللدّم في فمي طعمٌ كريه !
أثقل ضميرك بالآثام فلا يحاسبك الضمير
وانسَ الجريمة بالجريمة والضحية بالضحايا .
لا تمسح الدم عن يديك فلا تراه وتستطير
لفرط رعبك أو لفرط أساك .. واحتضن الخطايا
بأشدّ ما وسع احتضانٌ تنجُ من وخز الخطايا .
قوتي وقوتُ بنيّ لحمٌ آدمي أو عظام
فليحقدنّ علي كالحمم المتعرّة ، الأنام
كي لا يكونوا إِخوةً لي آنذاك ، ولا أكون
وريث قابيل اللعين سيسألون
عن القتيل فلا أقول :
" أأنا الموكّل ، ويلكم بأخي ؟ " فإن المخبرين
بالآخرين موكّلون !
سحقاً لهذا الكون أجمع وليحلّ به الدمارْ !
مالي وما للناس؟ لست أباً لكل الجائعين
وأريد أن أروي وأشبع من طوىً كالآخرين
فلينزلوا بي ما استطاعوا من سباب واحتقار
لي حفنة القمح التي بيدي ودانية السنين
- خمسٌ وأكثر .. أو أقلّ – هي الربيع من الحياة
فليحلموا هم بالغد الموهوم يبعث في الفلاة
روحَ النماء ، وبالبيادر وانتصار الكادحين
فليحلموا إن كانت الأحلام تشبع من يجوع.
إني سأحيا لا رجاء ولا اشتياق ولا نزوع ،
لا شيء غير الرعب والقلق الممض على المصير
ساء المصير !
ربّاه إن الموت أهون من تَرقُّبهِ المرير
ساء المصير :
لِمَ كنت
verocchio
11/04/2008, 19:15
القصيدة عبارة عن دراسة نفسانية عميقة لشخصية المخبر دراسة علمية مكثفة في اطار شعري حافظ على البعد الجمالي للقصيدة
انها تعبر بشكل لافت عن عبقرية السياب الشعرية
وعبقرية اختياراتك وشم الجمال
:D
LiOnHeArT.3LA2
11/04/2008, 19:55
راااااااااائعة جدا
السياب مزج فيها قصص الانبياء ببطولات الشهداء وذل الحقراء
مشكورة جدا على النقل سراب
:D
وشم الجمال
11/04/2008, 20:00
القصيدة عبارة عن دراسة نفسانية عميقة لشخصية المخبر دراسة علمية مكثفة في اطار شعري حافظ على البعد الجمالي للقصيدة
انها تعبر بشكل لافت عن عبقرية السياب الشعرية
وعبقرية اختياراتك وشم الجمال
:D
عندما تحدث السياب عن المخبر جعل من نفسي بعضا من بركان لاني احتاج كثيرا لان اكتب فيهم ولكني لم اتمكن من تجسيد ما اشعر به....وهذا ما افلح به السياب....
عزيزي محمد.... انت الذواقة الرائع ليس الا
راااااااااائعة جدا
السياب مزج فيها قصص الانبياء ببطولات الشهداء وذل الحقراء
مشكورة جدا على النقل سراب
:D
وانت مشكور اكثر ايها التائه...السياب بالرغم من بعض الانتقادات الموجهة لشعره الا انه هنا تميز بقصيدته...:D
وشم الجمال
12/04/2008, 13:16
و تراجع الطوفان لملم كل أذيال المياه
و تكشف قمم التلال سفوحها و قرى السهول
أكواخها و بيوتها خرب تناثر في فلاه
عركت نيوب الماء كل سقوفها و مشى الذبول
فيما يحيط بهن من شجر فآه
آه على بلدي عراقي : أثمر الدم في الحقول
حسكا و خلف جرحة التتري ندبا في ثراه
يا للقبور كأن عاليها سفلا و غار إلى الظلام
مثل البذور تنام ظلم الثمار و لا تفيق
يتنفس الأحياء فيها كل وسوسة الرغام
حتى يموتوا في دجاها مثلما اختنق الغريق
جثث هنا ودم هناك
وفي بيوت النمل مد من الجفون
سقف يقرمده النجيع و في الزوايا
صفر العظام من الحنايا
ماذا تخلف في العراق سوى الكآبه و الجنون
أرأيت أرملة الشهيد
الوزج مد عليه من ترب لحافا ثم نام
متمددا بأشد ما تجد العظام
من فسحة سكنت يداه على الأضالع
و العيون
تغفو إلى أبد الإله إلى القيامة في سلام
رمت الرداء العسكري و نشرته على الوصيد
لثمته فانتفض القماش يرد برد الموت
برد المظلمات من القبور
يا فكرها عجبا ثقبت بنارك الأبد البعيد
يا فكر شاعرة يفتش عن قواف للقصيد
ماذا وجدت وراء أمسي و عبر يومّك من دهور
الثأر يصرخ كل عرق كل باب
في الدار يا لفم تفتّح كالجحيم من الصخور
من كل ردن في الرداء من النوافذ و الستور
من عيني ابنك يا شهيد تسائلان بلا جواب
عنك الأسرة و الدروب و تسألان عن المصير
مذ ألبسته الأم ثوبك في معاركك الأثير
و يداه في الردنين ضائعتان و الصدر الصغير
في صدرك الأبوي عاصفة تغلف بالسحاب
ورنا إلى المرآة
أبصرت فيه شخصك في الثياب
أبني كان أبوك نبعا من لهيب من حديد
سوراً من الدم و الرعود
ورماه بالأجل العميل فخر واها كالشهاب
لكن لمحا منه شع وفض اختام الحدود
و أضاء وجه الفوضوي ينز بالدم و الصديد
و كأن في أفق العروبة منه خيطا من رغاب
و تنفس الغد في اليتيم و مد في عينيه شمسه
فرأى القبور يهب موتاهن فوجا بعد فوج
أكفانها هرئت
و لكن الذي فيها يضم إليه أمسه
ويصيح يا للثار يا للثار
يصدى كل فج
و ترنّ أقيبة المساجد و المآذن بالنداء
و ينام طفلك و هو يحلم بالمقابر و الدماء
طابت ايامكم أختي الكريمة :
لن نتكلم عن القصيدة لأنها لبدر
بدر الشعر العربي
ولكن نشكر ناقلتها فهي لاتقل روعة عن قائلها
واسال الأخوة الكرام :
ايهما أشعر : الشاعر أم الذواقة؟
وشكرا
achelious
29/09/2008, 05:17
:D:D ..
اسبيرانزا
07/11/2008, 12:01
المومس العمياء
بدر شاكر السياب - العراق
الليل يطبق مرة أخرى، فتشربه المدينه
والعابرون، إلى القرارة... مثل أغنية حزينه.
وتفتحت كأزاهر الدفلي، مصابيح الطريق،
كعيون "ميدوزا"، تحجر كل قلب الضغينه،
وكأنها نذر تبشر أهل "بابل" بالحريق
من أي غاب جاء هذا الليل؟ من أي الكهوف
من أي وجر للذئاب؟
من أي عش في المقابر دف أسفع كالغراب؟
"قابيل" أخف دم الجريمة بالأزاهر والشفوف
وبما تشاء من العطور أو ابتسامات النساء
ومن المتاجر والمقاهي وهي تنبض بالضياء
عمياء كالخفاش في وضح النهار، هي المدينة،
والليل زاد لها عماها.
والعابرون:
الأضلع المتقوسات على المخاوف والظنون،
والأعين التعبى تفتش عن خيال في سواها
وتعد آنية تلألأ في حوانيت الخمور:
موتى تخاف من النشور
قالوا سنهرب، ثم لاذوا بالقبور من القبور!
أحفاد "أوديب" الضرير ووارثوه المبصورن.
(جوكست) أرملة كأمس، وباب "طيبة" ما يزال
يلقي "أبو الهول" الرهيب عليه، من رعب ظلال
والموت يلهث في سؤال
باق كما كان السؤال، ومات معناه القديم
من طول ما اهترأ الجواب على الشفاه.
وما الجواب؟
"أنا" قال بعض العابرين...
وانسلت الأضواء من باب تثاءب كالجحيم
يبحثن في النيران عن قطرات ماء... عن رشاش.
لا تنقلن خطاك فالمبغى "علائي" الأديم:
اسبيرانزا
07/11/2008, 12:06
أبناؤك الصرعى تراب تحت نعلك مستباح،
يتضاحكون ويعولون.
أو يهمسون بما جناه أب يبرؤه الصباح
مما جناه، ويتبعون صدى خطاك إلى السكون
الحارس المكدود يعبر متعبات، النون في أحداقهن يرف كالطير السجين،
وعلى الشفاه أو الجبين
تترنح البسمات والأصباغ ثكلى، باكيات، متعثرات بالعيون وبالخطى والقهقهات،
أوصال جندي قتيل كللوها بالزهور،
وكأنها درج إلى الشهوات، تزحمه الثغور
حتى تهدم أو يكاد. سوى بقايا من صخور.
جيف تستر بالطلاء، يكاد ينكر من رآها
أن الطفولة فجرتها ذات يوم بالضياء
كالجدول الثرثار - أو أن الصباح رأى خطاها
في غير هذا الغار تضحك للنسائم والسماء،
ويكاد ينكر أن شقا لاح من خلل الطلاء
قد كان - حتى قبل أعوام من الدم والخطيئة -
ثغرا يكركر، أو يثرثر بالأقاصيص البريئه
لأب يعود بما استطاع من الهدايا في المساء:
لأب يقبل وجه طفلته الندي أو الجبين
أو ساعدين كفرختين من الحمائم في النقاء.
ما كان يعلم أن ألف فم كبئر دون ماء
ستمص من ذاك المحيا كل ماء للحياء
حتى يجف على العظام - وأن عارا كالوباء
يصم الجباه فليس تغسل منه إلا بالدماء
سيحل من ذاك الجبين به ويلحق بالبنين -
والساعدين الأبيضين، كما تنور في السهول
تفاحة عذراء، سوف يطوقان مع السنين
كالحيتين، خصور آلاف الرجال المتعبين
الخارجين خروج آدم، من نعيم في الحقول
تفاحة الدم والرغيف وجرعتان من الكحول
والحية الرقطاء ظل من سياط الظالمين
أتريد من هذا الحطام الآدمي المستباح
دفء الربيع وفرحة الحمل الغرير مع الصباح
ودواء ما تلقاه من سأم وذل واكتداح
المال، شيطان المدينه
إبر تسل بها خيوط من وشائع في الحنايا
وتظل تنسج، بينهن وبين حشد العابرين،
شيئا كبيت العنكبوت يخضه الحقد الدفين:
حقد سيعصف بالرجال
والأخرىات، النائمات هناك في كنف الرجال
والساهرات على المهود وفي بيوت الأقربين
حول الصلاء بلا اطراح للثياب ولا اغتسال
في الزمهرير، ودون عد لليالى والسنين!
ويمر عملاق يبيع الطير، معطفه الطويل
حيران تصطفق الرياح بجانبيه، وقبضتاه
تتراوحان: فللرداء يد وللعبء الثقيل
يد، وأعناق الطيور مرنحات من خطاه
تدمي كأثداء العجائز يوم قطعها الغزاه
خطواته العجلي، وصرخته الطويلة "يا طيور
هذي الطيور، فمن يقول تعال..."
أفزعها صداه
اسبيرانزا
07/11/2008, 12:08
عمياء تطفئ مقلتاها شهوة الدم في الرجال.
وتحسسته كأن باصرة تهم ولا تدور
في الراحتين وفي الأنامل وهي تعثر بالطيور،
وتوسلته: "فدى لعينك - خلني. بيدي أراها".
ويكاد يهتك ما يغلف ناظريها من عماها
قلب تحرق في المحاجر واشرأب يريد نور!
وتمس أجنحة مرقطة فتنشرها يداها،
وتظل تذكر - وهي تمسحهن - أجنحة سواها
كانت تراها وهي تخفق... ملء عينيها تراها:
سرب من البط المهاجر، يستحث إلى الجنوب
أعناقه الجذلى... تكاد تزيد من صمت الغروب
صيحاته المتقطعات، وتضمحل على السهوب
بين الضباب، ويهمس البريد بالرجع الكئيب
ويرج وشوشة السكون
طلق... فيصمت كل شيء... ثم يلغط في جنون.
هي بطة فلم انتفضت؟ وما عساها أن تكون؟
ولعل صائدها أبوك، فإن يكن فستشبعون.
وتخف راكضة حيال النهر كي تلقى أباها:
هو خلف ذاك التل يحصد. سوف يغضب إن رآها.
مر النهار ولم تعنه... وليس من عون سواها
وتظل ترقى التل وهي تكاد تكفر من أساها.
........... يا ذكريات علام جئت على العمى وعلى السهاد؟
لا تمهليها فالعذاب بأن تمري في اتئاد.
قصي عليها كيف مات وقد تضرج بالدماء
هو والسنابل والمساء -
وعيون فلاحين ترتجف المذلة في كواها
والغمغمات: "رآه يسرق"... "واختلاجات الشفاه
يخزين ميتها، فتصرخ يا إلهي، يا إلهي
لو أن غير "الشيخ"، وانكفأت تشد على القتيل
شفتين تنتقمان منه أسى وحبا والتياعا
وكأن وسوسة السنابل والجداول والنخيل
أصداء موتى يهمسون رآه يسرق في الحقول
حيث البيادر تفصد الموتى فتزداد اتساعا
....... وتحس بالدم وهو ينزف من مكان في عماها
كالماء من خشب السفينة، والصديد من القبور،
وبأدمع من مقلتيها كالنمال على الصخور
أو مثل حبات الرمال مبعثرات في عماها
يهوين منه إلى قرارة قلبها آها فآها.
ومن الملوم وتلك أقدار كتبن على الجبين؟
حتم عليها أن تعيش بعرضها، وعلى سواها
من هؤلاء البائسات وشاء رب العالمين
ألا يكون سوى أبيها - بين آلاف - أباها
وقضى عليه بأن يجوع
والقمح ينضج في الحقول من الصباح إلى المساء
وبأن يلص فيقتلوه... (وتشرأب إلى السماء
كالمستغيثة وهي تبكي في الظلام بلا دموع)
والله - عز الله - شاء
أن تقذف المدن البعيدة والبحار إلى العراق
آلاف آلاف الجنود ليستبيحوا، في زقاق
دون الأزقة أجمعين
(ذاك اسم جارتها الجديد، فليتها كانت تراها
هل تستحق اسما كهذا: ياسمين وياسمين؟)
يا ليت حمالا تزوجها يعود مع المساء
بالخبز في يده اليسار وبالمحبة في اليمين.
لكن بائسة سواها حدثتها منذ حين
عن بيتها وعن ابنتيها، وهي تشهق بالبكاء
كالغيمة السوداء تنذر بالمجاعة والرزايا،
أزراره المتألقات على مغالق كل باب
مقل الذئاب الجائعات ترود غابا بعد غاب
وخطاه مطرقة تسمر، في الظلام، على البغايا
أبوابهن، إلى الصباح - فلا تجاهر بالخطايا
ويظل يخفرهن من شبع وينثر في الرياح
أغنية تصف السنابل والأزاهر والصبايا،
وتظل تنتظر الصباح وساعديه مع الصباح
تصغى - وتحتضن ابنتيها في الظلام - إلى النباح
وإلى الريح تئن كالموتى وتعول كالسبايا
وتجمع الأشباح من حفر الخرائب والكهوف
ومن المقابر والصحاري بالمئات وبالألوف..
فتقف من فزع وتحجب مقلتيها بالغطاء،
ويعود والغبش الحزين يرش بالطل المضاء
سعف النخيل... يعود من سهر يئن ومن عياء
- كالغيمة اعتصرت قواها في القفار، وترتجيها
عبر التلال قوي تجوع - لكي ينام إلى المساء:
اسبيرانزا
07/11/2008, 12:13
عيش أشق من المنية، وانتصار كالفناء
وطوى يعب من الدماء وسم أفعى في الدماء
وعيون زان يشتهيها، كالجحيم يشع فيها
سخر وشوق واحتقار، لاحقتها كالوباء
والمال يهمس أشتريك وأشتريك فيشتريها
........ ........
يا ليتها إذن انتهى أجل بها فطوى أساها!
لو أستطيع قتلت نفسي.. همسة خنقت صداها
أخرى توسوس: والجحيم؟ أتبصرين على لظاها؟
وإذا اكفهر وضاق لحدك، ثم ضاق، إلى القرار
حتى تفجر من أصابعك الحليب رشاش نار
وتساءل المكان فيم قتلت نفسك يا أثيمه؟
وتخطفاك إلى السعير تكفرين عن الجريمه.
أفتصرخين أبي فينفض راحتيه من الغبار
ويخف نحوك وهو يهتف قد أتيتك يا سليمه؟
حتى اسمها فقدته واستترت بآخر مستعار
هي - منذ أن عميت - "صباح"...
فأي سخرية مريره!
أين الصباح من الظلام تعيش فيه بلا نهار
وبلا كواكب أو شموع أو كوى وبدون نار؟
أو بعد ذلك ترهبين لقاء ربك أو سعيره؟
القبر أهون من دجاك دجى وأرفق، يا ضريره
يا مستباحة كالفريسة في عراء يا أسيره
تتلفتين إلى الدروب ولا سبيل إلى الفرار؟
...........
وتحس بالأسف الكظيم لنفسها: لم تستباح؟
ألهر نام على الأريكة قربها... لم تستباح؟
شبعان أغفى، وهي جائعة تلم من الرياح
أصداء قهقهة السكارى في الأزقة، والنباح
وتعد وقع خطى هنا وهناك: ها هو
هو ذا يجيء - وتشرأب، وكاد يلمس ... ثم راح
وتدق في أحد المنازل ساعة... لم تستباح؟
الوقت آذن بانتهاء والزبائن يرحلون.
كالدرب تذرعه القوافل والكلاب إلى الصباح؟
الجوع ينخر في حشاها، والسكارى يرحلون،
مروا عليها في المساء وفي العشية ينسجون
حلما لها هي والمنون:
عصبات مهجتها سداه وكل عوق في العيون،
والآن عادوا ينقضون -
خيطا فخيطا من قرارة قلبها ومن الجراح -
ما ليس بالحلم الذي نسجوا ما لا يدركون ...
شيئا هو الحلم الذي نسجوا وما لا يعرفون،
هو منه أكثر: كالحفيف من الخمائل والرياح،
والشعر من وزن وقافية ومعنى، والصباح -
من شمسه الوضاء... وانصرفوا يضحكون!
ستعيش للثأر الرهيب
والداء في دمها وفي فمها. ستنفث من رداها
في كل عرق من عروق رجالها شبحا من الدم واللــ
شبحا تخطف مقلتيها أمس، من رجل أتاها
سترده هي للرجال، بأنهم قتلوا أباها
وتلقفوها يعبثون بها وما رحموا صباها،
لم يبتغوها للزواج لأنها امرأة فقيره،
واستدرجوها بالوعود لأنها كانت غريره،
وتهامس المتقولون فثار أبناء العشيره
متعطشين - على المفارق والدروب - إلى دماها.
وكأن موجة حقدها ورؤى أساها.
كانت تقرب من بصيرة لبها صورا علاها
صدأ المدينة وهي ترقد في القرارة من عماها:
كل الرجال؟ وأهل قريتها؟ أليسوا طيبين؟
كانوا جياعا - مثلها هي أو أبيها - بائسين،
هم مثلها - وهم الرجال - ومثل آلاف البغايا
بالخبز والأطمار يؤتجرون، والجسد المهين
هو كل ما يتملكون، هم الخطاة بلا خطايا
ليس الذين تغصبوها من سلالة هؤلاء:
كانوا مقطبة الجباه من الصخور
ثمتص من فزع الضحايا زهوها ومن الدماء
متطلعين إلى البرايا كالصواعق من علاء!
وتحس، في دمها، كآبة كل أمطار الشتاء
اسبيرانزا
07/11/2008, 12:16
من خفق أقدام السكارى، كالأسير وراء سور
يصغي إلى قرع الطبول يموت في الشفق المضاء.
هي والبغايا خلف سور، والسكارى خلف سور،
دميت أصابعهن: تحفر والحجارة لا تلين،
والسور يمضغهن ثم يقيئهن ركام طين:
وطلول مقبرة تضم رفات "هابيل" الجنين!
سور كهذان حدثوها عنه في قصص الطفوله:
"يأجوج" يغرز فيه، من حنق أظافره الطويله
ويعض جندله الأصم، وكف "مأجوج" الثقيله
تهوي، كأعنف ما تكون على جلامده الضخام.
والسور باق لا يثل... وسوف يبقي ألف عام،
... الطفل شاب وسورها هي ما يزال كما رآه
من قبل يأجوج البرايا توأم هو للسعير!
لص الحجارة من منازل في السهول وفي الجبال
يتواثب الأطفال في غرفاتها ويكركرون...
والأمهات يلدن والآباء للغد يبسمون،
لم يبق من حجر عليها فهي ريح أو خيال.
وأدار من خطم البلاد رحى، وساط من البطون
ما ترتعيه رحاه من لحم الأجنة والعظام،
وكشاطئين من النجوم على خليج من ظلام
يتحرقان ولا لقاء ويخمدان سوى ركام -
شق الرجال عن النساء سلالتين من الأنام
تتلاقيان مع الظلام وتفصلان مع الشروق:
لو يقطعون الليل بحثا والنهار - على سواها
في حسنها هي؟ في غضارة ناهديها أو صباها
وبسعرها هي ؟ أي شيء غير هذا يبتغون؟
عمياء أنت وحظك المنكود أعمى يا سليمه.
.... وتلوب أغنية قديمه
في نفسها وصدى يوشوش: يا سليمه، سليمه
نامت عيون الناس. آه... فمن لقلبي كي ينيمه؟
ويل الرجال الأغبياء، وويلها هي، من عماها!
لم أصبحوا يتجنبون لقاءها؟
عيونها، فيخلفوها وحدها إذ يعلمون
بأنها عمياء؟ فيم يكابرون ومقلتاها
أدري وتعرف أي شيء في البغايا يشتهون
بنظرة قمراء تغصبها من الروح الكسيره
لترش أفئدة الرجال بها، وكانوا يلهثون
في وجهها المأجور، أبخرة الخمور، ويصرخون
كالرعد في ليل الشتاء
ولعل غيره "ياسمين" وحقدها سبب البلاء
فهي التي تضع الطلاء لها وتمسح بالذرور
وجها تطفأت النواظر فيه....
كيف هو الطلاء؟
وكيف أبدو؟
- وردة ... قمر... ضياء!
زور.. وكل الخلق زور،
والكون مين وافتراء
لو تبصر المرآة - لمحة مقلتيها - لو تراها
- لمح النيازك - ثم تغرق من جديد في عماها!
برق ويطفأ... ثم تحكم فرقها بيد، وفاها
بيد، وترسم بالطلاء على الشفاه لها شفاها
شفتاك عارية وخدك ليس خدك يا سليمه،
ماذا تخلف منك فيك سوى الجراحات القديمه؟
وتضم زهرة قلبها العطشى على ذكرى أليمه:
تلك المعابثة اللعوب... كأنها امرأة سواها!
كالجدولين تخوض ماءهما الكواكب - مقلتاها،
والشعر يلهث بالرغائب والطراوة والعبير
وبمثل أضواء الطريق نعسن في ليل مطير،
تقتات بالعسل النقي وترتدي كسل الحرير.
ليت النجوم تخر كالفحم المطفأ والسماء
ركام قار أو رماد، والعواصف والسيول
تدك راسية الجبال ولا تخلف في المدينة من بناء!
أن يعجز الإنسان عن أن يستجير من الشقاء
حتى بوهم أو برؤيا، أن عيش بلا رجاء...
أو ليس ذاك هو الجحيم؟ أليس عدلا أن يزول؟
شبع الذباب من القمامة في المدينة، والخيول
سرحن من عرباتهن إلى الحظائر والحقول،
والناس ناموا -
اسبيرانزا
07/11/2008, 12:18
هذا الذي عرضته كالسلع القديمة: كالحذاء،
أو كالجرار الباليات، كأسطوانات الغناء...
هذا الذي يأبي عليها مشتر أن يشتريه
قد كان عرضا - يوم كان - ككل أعراض النساء!
كان الفضاء يضيق عن سعة، وترتخص الدماء
إن رنق النظر الأثيم عليه. كان هو الإباء
والعزة القعساء والشرف الرفيع. فشاهديه
يا أعين الظلماء، وامتلئي بغيظك وارجميه
بشواظ عارك واحتقارك يا عيون الأغبياء!
للموت جوعا، بعد موتي - ميتة الأحياء - عارا.
لا تقلقوا.. فعماي ليس مهابة لي أو وقارا.
مازلت أعرف كيف أرعش ضحكتي خلل الرداء
كالقمح لونك يا ابنة العرب،
كالفجر بين عرائش العنب
أو كالفرات، على ملامحه
دعة الثرى وضراوة الذهب.
عربية أنا: أمتى دمها
خير الدماء... كما يقول أبي.
تجري دماء الفاتحين. فلوثوها، يا رجال
أواه من جنس الرجال... فأمس عاث بها الجنود
الزاحفون من البحار كما يفور قطيع دود
يا ليت للموتى عيونا من هباء في الهواء
ترى شقائي
إلا العفاة المفلسين.
أنا زهرة المستنقعات، أعب من وحل وطين
وأشع لون ضحى...
وذكرا بجعجعة السنين
سعالها. ذهب الشباب!!
ذهب الشباب!! فشيعيه مع السنين الأربعين
ومع الرجال العابرين حيال بابك هازئين.
وأتي المشيب يلف روحك بالكآبة والضباب،
فاستقبليه على الرصيف بلا طعام أو ثياب،
يا ليتك المصباح يخفق ضوءه القلق الحزين
في ليل مخدعك الطويل، وليت أنك تحرقين
دما يجف فتشترين
سواه: كالمصباح والزيت الذي تستأجرين.
عشرون عاما قد مضين، وشبت أنت، وما يزال
يذرذر الأضواء في مقل الرجال.
لو كنت تدخرين أجر سناه ذاك على السنين
أثريت..
ها هو ذا يضيء فأي شيء تملكين؟
ويح العراق! أكان عدلا فيه أنك تدفعين
سهاد مقتلك الضريره
ثمنا لملء يديك زيتا من منابعه الغزيره؟
كي يثمر المصباح بالنور الذي لا تبصرين؟
عشرون عاما قد مضين، وأنت غرثى تأكلين
بنيك من سغب، وظمأى تشربين
حليب ثديك وهو ينزف من خياشيم الجنين!
وكزارع له البذور
وراح يقتلع الجذور
من جوعه، وأتى الربيع فما تفتحت الزهور
ولا تنفست السنابل فيه...
ليس سوى الصخور
سوى الرمال، سوى الفلاه -
خنت الحياة بغير علمك، في اكتداحك للحياه!
كم رد موتك عنك موت بنيك. إنك تقطعين
حبل الحياة لتنقضيه وتضفري حبلا سواه،
حبلا به تتعلقين على الحياة: تضاجعين
ولا ثمار سوى الدموع، وتأكلين،
وتسهرين ولا عيون، وتصرخين ولا شفاه،
وغدا. وأمس ... وألف أمس - كأنما مسح الزمان
حدود ما لك فيه من ماض وآت
ثم دار، فلا حدود
ما بين ليلك والنهار، وليس، ثم، سوى الوجود....
سوى الظلام، ووطء أجساد الزبائن، والنقود،
ولا زمان، سوى الأريكة والسرير، ولا مكان!
لم تسحبين ليالى السأم المسهدة الرتيبه؟
ما العمر؟ ما الأيام؟ عندك، ما الشهور؟ وما
السنين؟
ماتت "رجاء" فلا رجاء ثكلت زهرتك الحبيبه!
بالأمس كنت إذا حسبت فعمرها هي تحسبين.
كانت عزاءك في المصيبه،
وربيع قفرتك الجديبه.
كانت نقاءك في الفجور، ونسمة لك في الهجير،
وخلاصك الموعود، والغبش الكبير!
ما كان حكمه أن تجيء إلى الوجود وأن تموت؟
ألتشرب اللبن المرنق بالخطيئة واللعاب:
أو شال ما تركته في ثدييك أشداق الذئاب؟ ............. مات الضجيج وأنت، بعد، على انتظارك
تتنصتين، فتسمعين
رنين أقفال الحديد يموت، في سأم، صداه:
الباب أوصد
ذاك ليل مر...
فانتظري سواه.
اسبيرانزا
07/11/2008, 22:01
هياى كونغاى كونغاى
ما زال ناقوس أبيك يقلق المساء
بأفجع الرثاء
هياي كونغاي كونغاي
فيفرقع الصغار في الدروب
و تخفق القلوب
و تغلق الدّور ببكّين و شنغهاي
من رجع كونغاي كونغاي
فلتحرقي و طفلك الوليد
ليجمع الحديد بالحديد
و الفحم و النحاس بالنضار
و العالم القديم بالجديد
آلهة الحديد و النحاس و الدّمار
أبوك رائد المحيط نام في القرار
من مقلتيه لؤلؤ يبيعه التجار
و حظك الدموع و المحار
و عاصف عات من الرصاص و الحديد
و ذلك المجلجل المرن من بعيد
لمن لمن يدق كونغاي كونغاي
أهم بالرحيل غي غرناطة الغجر
فاحضرت الرياح و الغدير و القمر
أم سمر المسيح بالصليب فانتصر
و أنبتت دماؤه الورود في الصخر
أم أنها دماء كونغاي
و رغم أن العالم استسر و اندثر
ما زال طائر الحديد يذرع السماء
و في قرارة المحيط يعقد القرى
أهداب طفلك اليتيم حيث لا غناء
إلا صراح البابيون زادك الثرى
فازحف على الأربع فالحضيض و العلاء
سيان و الحياة كالفنار
سيان جنكير و كونغاي
هابيل قابيل و بابل كشنغهاي
وليست الفضّة كالحديد
هياي كونغاي كونغاي
الصين حقل شاي
و سوق شنغهاي
يعجّ بالمزارعين قبل كل عيد
هياي كونغاي كونغاي
اسبيرانزا
07/11/2008, 22:04
الى اللقاء وانطوى الموعد
و ظل الغد
غد الثائرين القريب
يدا بيد من غمار اللهيب
سنرقى إلى القمة العالية
و شعرك حقل حباه المغيب
أزاهير القانية
نرى الشمس تنأى وراء التلال
و بين الظلال
قد رف مثل الجناح الكسير
على كومة منحطام القيود
على عالم بائد لن يعود
سناها الأخير
تقولين لي هل رأيت النجوم
أأبصرتها قبل هذا المساء
لها مثل هذا السّنا و النّقاء
تقولين لي هل رأيت النجوم
و كم أشرقت قبل هذا المساء
على عالم لطخته الدماء
دماء المساكين و الأبرياء
تقولين لي هل رأيت النجوم
تطل على أرضنا و هي حرّه
لأول مرّة
نعم أمس حين التفتّ إليك
تراءين كالهجس في مقلتيك
و إذ يستضيء المدى بالحريق
فيندكّ سجن و يجلى طريق
و يذكي بأطيافه الدافئة
محيّاك باللهفة الهانئة
تقولين نحن ابتداء الطريق
و نحن الذين اعتصرنا الحياة
من الصّخر تدمى عليه الجباه
و يمتص ريّ الشفاه
من الموت في موحشات السجون
من البؤس من خاويات البطون
لأجيالها الآتية
لنا الكوكب الطالع
و صبح الغد الساطع
وآصاله الزاهيه
اخوية نت
بدعم من : في بولتـين الحقوق محفوظة ©2000 - 2015, جيلسوفت إنتربـرايس المحدودة